أحدهما سابق.. أحكام بالسجن على برلمانيين إيرانيين بعد تصريحات حول "شكدم" وحرب الـ 12 يوما

أصدرت السلطة القضائية الإيرانية أحكامًا بالسجن ضد العضو السابق في البرلمان، مصطفى كواكبيان، والنائب الحالي، أبو الفضل ظهره وند، بسبب تصريحاتهما.

أصدرت السلطة القضائية الإيرانية أحكامًا بالسجن ضد العضو السابق في البرلمان، مصطفى كواكبيان، والنائب الحالي، أبو الفضل ظهره وند، بسبب تصريحاتهما.
وأعلنت وكالة "ميزان"، التابعة للسلطة القضائية الإيرانية، يوم السبت 18 أكتوبر (تشرين الأول)، أن عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، أبو الفضل ظهره وند، حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر ويوم واحد، بتهمة "الإدلاء بتصريحات ضد الأمن القومي"، مع تعليق تنفيذ الحكم لمدة ثلاث سنوات.
كما حُكم عليه بـ "منع النشاط الإعلامي وإجراء المقابلات ونشر أي مواد لمدة عامين".
وذكرت وكالة "ميزان" أن سبب صدور هذا الحكم هو تصريحات ظهره وند "فيما يتعلق بحرب الـ 12 يومًا في مقابلة عبر الإنترنت"، كما حُكم على المدير المسؤول عن الوسيلة الإعلامية، التي نشرت هذه التصريحات، بدفع غرامة مالية.
ولم تحدد الوكالة أي التصريحات أدت إلى الحكم، لكن ظهره وند كان قد صرح بأن "الحكومة تعمل على إغلاق ملف الثورة الإسلامية وتنوي إنهاء النظام".
صدور الحكم ضد كواكبيان
كما أصدرت السلطة القضائية حكمًا بالسجن لمدة 14 شهرًا ضد النائب السابق، مصطفى كواكبيان، مع تعليق التنفيذ لمدة أربع سنوات. وحُكم عليه أيضًا بالمنع من النشاط الإعلامي لمدة عامين، سواء من خلال المقابلات مع التلفزيون والإذاعة أو نشر أي مواد في وسائل الإعلام.
وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، ذكر المتحدث باسم هيئة المحلفين للمحاكم السياسية والإعلامية بأن الهيئة قضت بأن كواكبيان مذنب بـ "نشر الرذائل، ونشر الأكاذيب، وتداول أخبار غير صحيحة" بشأن العلاقة الجنسية لكاثرين شكدم مع مسؤولين رئيسين في إيران، ولا يُعتبر مستحقًا للتخفيف.
وكان كواكبيان قد ذكر في لقاء بالتلفزيون الرسمي الإيراني، في 10 يوليو (تموز) الماضي، أن "شكدم كانت على علاقة جنسية مع 120 من الشخصيات المهمة في البلاد".
وردت شكدم، في مقابلة مع بودكاست "عين على إيران"، الذي تبثه "إيران إنترناشيونال"، على تصريحات كواكبيان بوضوح، وقالت: "هذه التصريحات غير صحيحة، مستحيلة، وغير واقعية تمامًا".
وكانت كاثرين بيريز شكدم، التي وُصفت بأنها باحثة في الإسلاميات، قد أقامت علاقات وثيقة مع كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين في إيران بين عامي 2011 و2021 بسبب اعتناقها الإسلام.
وذكرت وكالة "ميزان" أن المحكمة حكمت أيضًا على مدير المسؤول عن الوسيلة الإعلامية التي نشرت تصريحات كواكبيان بدفع غرامة مالية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأحكام قابلة للاستئناف أمام المحكمة.

أعلن الرئيس السابق لهيئة الإذاعة والتلفزيون في إيران، عزت الله ضرغامي، أن "دوريات الإرشاد" باتت مهجورة، مثل قانون "حظر الأقمار الصناعية" مشيرًا إلى أن "جميع المخلصين للثورة يعترفون بخطئها وعدم فاعليتها".
وكتب ضرغامي، الذي كان وزير التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية في حكومة الرئيس الإيراني الراحل، إبراهيم رئيسي، في مقال بصحيفة "إيران": "قانون حظر الأقمار الصناعية اليوم مهجور ولم يعد يُعمل به. قبل سنوات، منع المرشد أي تدخل أو دخول لعناصر الشرطة إلى منازل الناس أو مصادرة ممتلكاتهم أو اعتقالهم. وكما هو الحال اليوم، فإن دوريات الإرشاد باتت مهجورة، وجميع المخلصين للثورة يعترفون بخطئها وعدم فاعليتها".
ضرغامي: الالتزام بالحجاب في المجتمع تلاشى فعليًا
ذكر ضرغامي، في مقاله: "بعد وفاة مهسا أميني وموجة الاحتجاجات، تلاشى عمليًا الالتزام بالحجاب الإسلامي لدى جزء من النساء في المجتمع، رغم أن الأغلبية، خصوصًا في المدن والقرى، ما زلن يحافظن على هذه النعمة الإلهية الثمينة ويتمسكن بها".
وأضاف أن "عدم تطبيق قانون العفاف والحجاب بسبب بعض نقاط الضعف لا يعني معارضة المبدأ الإسلامي للحجاب".
وتأتي هذه التصريحات في وقت قال فيه المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، أصغر جهانغير، يوم الثلاثاء 14 أكتوبر (تشرين الأول)، ردًا على سؤال حول تطبيق قانون الحجاب: "قوانين الحجاب ما زالت سارية المفعول، وسيُطبّق قانون العقوبات الإيراني، والعقوبات المنصوص عليها فيه ستُنفّذ وفقًا للقانون".
وكان عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محمد رضا باهنر، قد قال في مناظرة مع موقع "انتخاب" حول "ليونة النماذج الفكرية في النظام الإيراني": "انتهى زمن إدارة البلاد بقانون الحجاب الإجباري".
وأضاف: "لقد تم تجميد لائحة الحجاب من قِبل المجلس الأعلى للأمن القومي، ولم تعد قابلة للمتابعة. ومن وجهة نظر النظام، لم يعد هناك أي إلزام بتنفيذ قانون الحجاب، أو فرض الغرامات المالية المتعلقة به".
وبعد ردود الفعل على تصريحاته، تراجع باهنر عن موقفه عبر التلفزيون الرسمي، واصفًا مسألة الحجاب بأنها "ضرورة اجتماعية"، ودعا إلى معاقبة المعارضين للحجاب الإجباري.
وخلال الأسابيع الماضية، نُشرت تقارير عديدة عن إغلاق محال تجارية، بما في ذلك المقاهي والمطاعم، في مدن مختلفة، بذريعة عدم الالتزام بالحجاب الإجباري.
وأكدت قيادة الشرطة الإيرانية أن جميع الوحدات التجارية والأماكن العامة في البلاد ملزمة بتطبيق الحجاب، وهددت المخالفين بالإغلاق أو إلغاء التراخيص.
وفي سياق الضغوط المستمرة التي يمارسها النظام الإيراني لفرض الحجاب الإجباري على النساء، أعلن أمين "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في محافظة طهران تشكيل "غرفة متابعة العفة والحجاب" ونشر أكثر من 80 ألف عنصر من المسمَّين بـ "الآمرين بالمعروف"، كقوة مكلّفة بمراقبة الالتزام بالحجاب الإجباري.

كشف مغني الراب المنتمي إلى عرب الأهواز في إيران المعروف باسم "رشّاش"، عبّاس دغاغله، عما تعرّض له من تعذيب وضغوط نفسية وجسدية أثناء فترة اعتقاله، وذكر في حسابه على "إنستغرام"، بعد الإفراج عنه، أنه سيكتب عن جميع الذين يتعرضون للتعذيب.
وقال "رشّاش" في منشوره: "سأكتب عن كل من يتعرض للتعذيب لمجرد قوله (لا)، عن الذين لم يُسمح لهم حتى بأن يصرخوا".
وكان مغني الراب الأهوازي قد اعتُقل قبل نحو أسبوعين على يد قوات الأمن التابعة للنظام الإيراني، وكتب في "ستوري" على "إنستغرام" بالعربية والفارسية: "لم أكن أريد التحدث عمّا حدث، لكن الصمت أمام الظلم نوع آخر من الخيانة. خيانة لأولئك الذين ما زالوا هناك، خلف الأبواب المغلقة، يُعذَّبون فقط لأنهم أرادوا أن يعيشوا أحرارًا".
وأضاف: "في الزنازين تعلّمت معنى الألم الحقيقي؛ فالتعذيب ليس مجرد ضرب أو صراخ، بل هو محاولة لقتل الإنسان في داخلك، وكسر إرادتك، وزرع الشك في نفسك وفي كل ما تؤمن به".
وأشارت منظمة "كارون" لحقوق الإنسان، التي كانت أول من أعلن اعتقال "رشّاش"، إلى أن أعماله الغنائية كانت تتناول قضايا الفقر، والتمييز، والعنصرية، والحرمان المفروض على المواطنين العرب في الأهواز.
واعتُقل هذا الفنان البالغ من العمر 22 عامًا، يوم الجمعة 10 أكتوبر الجاري، في منزله على يد قوات الأمن الإيرانية، التي صادرت أيضًا هاتفه المحمول ومعدات تسجيله الموسيقية.
وفي "ستوري" آخر على "إنستغرام"، كتب رشّاش: "حاولوا إسكات صوتي، أرادوا أن أجعل من الصمت توقيعي، أن أتعهد بألّا أغني عن الألم أو أتحدث عن معاناتنا. لكنهم لم يعلموا أن الصوت الذي يُولد من الأرض لا يمكن خنقه".
وتابع قائلاً: "خرجت بجسد متعب، لكن بروح أقوى. رأيت وجوهًا لا تُنسى، وسمعت أنينًا سيبقى في قلبي ما حييت. لذلك، لن أكتب فقط عن نفسي، بل عن كل من يتعرضون للتعذيب لأنهم قالوا (لا)، وعن أولئك الذين لم يُسمح لهم حتى بأن يصرخوا"
واستخدم رشّاش في قصته وسم (هاشتاغ) #حسن_ساعدي، الناشط العربي الأهوازي، الذي قُتل تحت التعذيب في معتقل دائرة الاستخبارات في الأهواز، وكذلك اسمي #دِلو و#مشكي، وهما اثنان من مغني الراب معتقلان أضًا، وأضاف قائلاً: "لا أقول إنني بخير، لكنني ما زلت واقفًا، وما زال في صدري ما يستحق أن يُقال".
وأفادت منظمة "كارون" لحقوق الإنسان، نقلاً عن مصادر محلية في الأهواز، بأن رشّاش كان أثناء احتجازه في سجن تابع لأحد الأجهزة الأمنية في طهران، وتعرض خلال التحقيق لـ "ضغوط لتسجيل اعترافات وللتوقيع على تعهد بالصمت".
قمع مغني الراب في إيران
خلال الأيام الماضية، اُعتقل ما لا يقل عن اثنين من مغني الراب في إيران ومُلحن واحد، وهم: آرش صيادي، وأشكان شكاريان مقدم، ورسّام سهرابي (ملحن).
وذكرت السلطات الإيرانية أن سبب الاعتقال هو "شجار لفظي وجسدي في مكان عام"، لكن بعد اعتقالهم أُجبروا على تقديم اعترافات قسرية.
وفي مقاطع الفيديو، التي بثّها الإعلام الإيراني، ظهر الفنانون الثلاثة عراة الصدر، حليقي الرؤوس، وهم يقرأون نصًا موحدًا يتضمن "اعتذارًا وندمًا".
وقد أثارت هذه المقاطع رد فعل غاضبًا من مغني الراب المعارض، توماج صالحي.
وفي وقت لاحق، بثّت وسائل الإعلام الإيرانية مقاطع جديدة أعلنت فيها اعتقال ثلاثة آخرين من مغني الراب، هم: دانيال فرجي الملقب بـ "مشكي"، وأردلان الملقب بـ "دِلو"، وسجاد شاهِي، وذلك بتهمة "نشر محتوى غير لائق وأعمال مثيرة للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي".
ويُذكر أن دانيال فرجي له أعمال سياسية سابقة، وقد أُجبر في فيديو اعترافاته على الاعتذار من المرشد الإيراني، علي خامنئي.
اعترافات قسرية ممنهجة
إن بثّ الاعترافات القسرية من قِبل النظام الإيراني ظاهرة قديمة تعود إلى ما بعد ثورة 1979، كما أن النظام منذ ظهور موسيقى الراب في إيران يتعامل معها كظاهرة متمرّدة يجب قمعها.
وفي الأربعاء 15 أكتوبر الجاري أصدر أكثر من 900 ناشط سياسي ومدني بيانًا مشتركًا بعنوان "أوقفوا الاعترافات القسرية"، جاء فيه: "لا يمكن لأي اعتراف أو تصريح أو حوار يتم تحت التهديد أو الضغط أو الحرمان من الحقوق الأساسية أن يتمتع بأي شرعية أخلاقية أو قانونية".
وجاء في البيان، الذي حصلت "إيران إنترناشيونال" على نسخة منه: "إن تجارب العقود الماضية أثبتت أن بثّ الاعترافات التلفزيونية وتصريحات أشخاص محتجزين في ظروف من العزلة والضغط النفسي والجسدي، لا يساعد في كشف الحقيقة، بل هو انتهاك واضح لمبادئ المحاكمة العادلة والحقوق المدنية".

طالبت نقابة عمّال شركة حافلات طهران وضواحيها السلطات الإيرانية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن سيسيل كوهلر وجاك باريس، وهما ناشطان نقابيان فرنسيان معتقلان في إيران، بعد صدور أحكام ثقيلة بالسجن ضدهما تجاوزت 60 عامًا.
وأعربت النقابة في بيان، صدر يوم الجمعة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، عن "قلقها العميق" إزاء الأحكام التي وصفتها بـ "الظالمة"، مؤكدة أن الاتهامات الموجهة إليهما من قِبل الأجهزة الأمنية والقضائية الإيرانية لا أساس لها من الصحة، وقد رُفضت سابقًا من قِبل النقابات العمالية في فرنسا وعلى المستوى الدولي.
وأضاف البيان أن استمرار احتجازهما يشكّل "انتهاكًا صارخًا لأبسط المبادئ الإنسانية وللحقوق الأساسية المعترف بها دوليًا".
وكانت وكالة "ميزان"، التابعة للسلطة القضائية الإيرانية، قد أعلنت يوم الثلاثاء 14 أكتوبر الجاري، صدور أحكام سجن طويلة بحق مواطنَين فرنسيين بتهم تتعلق بـ "التجسس"، دون الكشف عن اسميهما، قبل أن يتبيّن لاحقًا أنهما كوهلر وباريس.
وبحسب الوكالة، فقد حُكم على أحد المتهمين بالسجن 31 عامًا، والآخر 32 عامًا، بتهم تتضمن "التجسس لصالح الاستخبارات الفرنسية"، و"التآمر ضد الأمن القومي الإيراني"، و"التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل"، واعتُبرت الأخيرة في حكم "المحاربة".
وتُعد سيسيل كوهلر عضوًا في الاتحاد الوطني للتعليم والثقافة التابع لنقابة القوى العاملة الفرنسية، فيما يشغل جاك باريس منصب الأمين العام السابق للقسم التعليمي في النقابة نفسها. وقد اعتُقلا في طهران عقب لقائهما عددًا من المعلمين والناشطين النقابيين الإيرانيين.
وأعقبت ذلك حملة اعتقالات واسعة شملت عددًا من المعلمين والناشطين النقابيين في طهران ومدن أخرى، مما أثار موجة تنديد دولية من النقابات العمالية ومنظمات المعلمين في مختلف الدول، التي أكدت أن اللقاءات بين النشطاء النقابيين من دول مختلفة تندرج ضمن الحقوق المشروعة، التي تضمنها اتفاقيات منظمة العمل الدولية.
وشددت النقابة الإيرانية، في بيانها، على تضامنها مع عائلتَي كوهلر وباريس، معتبرة أن "الاعتقال التعسفي وإصدار أحكام قاسية ضد النشطاء النقابيين والمدنيين يمثل عملاً غير إنساني، ويناقض مبدأ حرية التنظيم والعمل النقابي".
كما دعت إلى ضمان أمن وحرية النشطاء النقابيين والمدنيين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك إيران، بعيدًا عن الصراعات السياسية أو الصفقات بين الحكومات.
وطالبت النقابة المنظمات العمالية الدولية والمدافعين عن حقوق العمال بممارسة ضغط فعّال على السلطات الإيرانية "لمنع استمرار مثل هذه الانتهاكات" والدفاع عن حقوق النشطاء النقابيين في كل مكان.
وأشار البيان إلى أن كوهلر وباريس يعيشان ظروفًا "غير إنسانية" داخل السجن، وأن المعلومات الصادرة عن عائلتيهما تكشف عن تدهور خطير في حالتيهما الصحية والنفسية؛ حيث قالت كوهلر في رسالة مسرّبة: "إن تحمّل أسابيع أخرى في السجن صار فوق قدرتي، أشعر بأن الموت يقترب مني".
ومن جانبها، نددت وزارة الخارجية الفرنسية، يوم الخميس 16 أكتوبر، بهذه الأحكام، ووصفتها بأنها "عقوبات تعسفية مبنية على اتهامات باطلة"، مطالبة بالإفراج الفوري عنهما.
وقال المتحدث باسم الوزارة، باسكال كونفافرو: "تمت إدانتهما بطريقة تعسفية، والاتهامات الموجهة إليهما لا أساس لها إطلاقًا. نطالب بالإفراج الفوري عنهما".
وفي مؤتمر صحافي بباريس، قالت عائلتاهما ومحاموهما إن ما جرى في المحكمة لم يكن سوى "عرض هزلي للعدالة"، مؤكدين أن المحاكمة افتقرت إلى أدنى معايير النزاهة والشفافية.
ويُذكر أن فرنسا وعددًا من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اتهمت السلطات الإيرانية بانتهاج سياسة "احتجاز الرهائن"، واستخدام الأجانب كورقة ضغط سياسية، وهو ما تنفيه طهران، مؤكدة أن الاعتقالات "تجري وفق القانون".
وتأتي هذه التطورات في ظل توتر دبلوماسي بين البلدين، بعد تصريحات لمسؤولين في طهران حول احتمال تبادل السجينين الفرنسيين بمواطنة إيرانية محتجزة في فرنسا، تُدعى مهدية أسفندياري، بتهمة "تمجيد الإرهاب" ودعم حركة "حماس"، وهو ما لم تؤكده باريس رسميًا.

في اليوم الخامس من الإضراب عن الطعام في سجن "قزل حصار"، أعربت الناشطة الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، نرجس محمدي، عن دعمها للمضربين؛ احتجاجًا على تنفيذ أحكام الإعدام، مؤكدة أن السجناء أرسلوا رسائل قالوا فيها إن "ملاذهم وأملهم هو الشعب الإيراني".
وقالت محمدي، في مقطع فيديو نشرته يوم الجمعة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، إن عددًا من السجناء المضربين في عنابر 2 و3 و4 بسجن "قزل حصار" يعانون تدهور حالتهم الصحية، ويحتاجون إلى رعاية طبية. وأضافت أن "الأجهزة الأمنية تسعى لقمع السجناء المحتجين ونشر الخوف بينهم"، مشيرة إلى أن المعتقلين مصرّون على الاستمرار حتى يتم إلغاء أحكام الإعدام بحقهم.
ودعت محمدي عبر حسابها في "إنستغرام" إلى أن يكون الإيرانيون "صوت آلاف المحكومين بالإعدام، الذين يخاطرون بحياتهم من أجل الحق في الحياة"، مطالبة المنظمات الحقوقية الدولية بدعم المعتقلين، وإنهاء موجة الإعدامات في إيران.
تضامن نساء سجن "إيفين"
أصدرت مجموعة من السجينات السياسيات في سجن "إيفين"، يوم الخميس 16 أكتوبر، بيانًا أعربن فيه عن دعمهن للمضربين في "قزل حصار"، ورفضهن لعقوبة الإعدام، واعتبرن ما يجري في السجن "نقطة تحوّل في نضال الشعب الإيراني ضد القمع وعقوبة الموت".
وأكدن أن الجرائم، التي تؤدي عادة إلى أحكام الإعدام- كالقتل وجرائم المخدرات والسرقة والاعتداء- هي نتيجة مباشرة للسياسات الاقتصادية والسياسية للنظام.
رد فعل السلطات الإيرانية
مع استمرار الإضراب في سجن "قزل حصار"، زار معاون مدعي عام كرج، روح الله حسين زاده، السجن محاولًا إنهاء الإضراب عبر وعود مؤقتة، منها "تأجيل تنفيذ الأحكام لثلاثة أشهر"، قبل أن يهدد السجناء لاحقًا بتنفيذ "إعدامين شهريًا بمعدل 30 شخصًا في كل دفعة" إذا لم ينهوا الإضراب، وفق ما أفاد به معتقلون.
وتجمعت خلال الأيام الماضية عائلات عدد من المحكومين بالإعدام أمام سجن "قزل حصار"؛ احتجاجًا على تزايد تنفيذ الأحكام. ويُعد هذا السجن من أكثر السجون الإيرانية تنفيذًا للإعدامات،؛ حيث ذكر تقرير منظمة "هرانا" الحقوقية أنه خلال عام واحد فقط (من أكتوبر 2023 إلى أكتوبر 2024) نُفذ أكثر من 1537 حكم إعدام في إيران، بينها 183 حالة في "قزل حصار " وحده.
دعوات دولية للتحرك
أكد نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "العفو الدولية"، حسين بائومي، أن على دول الأمم المتحدة "التحرك العاجل لمواجهة الموجة الصادمة من الإعدامات في إيران".

في استمرارٍ لحملات الضغط التي تمارسها السلطات الإيرانية لفرض الحجاب الإجباري على النساء في إيران، أعلن روح الله مؤمن نسب، أمين لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في طهران، عن تشكيل "غرفة مراقبة العفّة والحجاب".
وأضاف المسؤول الإيراني عن عزم السلطات نشر أكثر من 80 ألف عنصر ممن يُعرفون بـ"الآمرين بالمعروف".
وقال مؤمن نسب في مؤتمرٍ صحافي إن النهج الأساسي للجنة "ثقافي، اجتماعي، نخبوي وشعبي"، مضيفًا أن هدفها هو "مواجهة العلمانية واللامبالاة الاجتماعية".
وأوضح أن أولوية اللجنة في المرحلة الجديدة هي "تدريب وتنظيم وتفعيل أكثر من 80 ألف آمرٍ بالمعروف، إلى جانب 4,575 مدربًا وضابطًا قضائيًا"، معلنًا كذلك عن تشكيل "غرفة الوضع الخاصة بالعفّة والحجاب" بمشاركة مؤسسات ثقافية وأمنية.
وأضاف: "من خلال تفعيل 80 ألف عنصر مدرّب من الآمرين بالمعروف، يمكن إحداث تحول كبير في محافظة طهران".
وكان محمد حسين طاهري أكرَدي، أمين لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على مستوى البلاد، قد قال في15 أكتوبر 2025 إنّ: "ما يجري حاليًا في المجتمع يتجاوز مسألة الحجاب أو سوء الحجاب".
وفي السنوات الأخيرة، انتشرت تقارير عديدة عن اعتداءات أو اشتباكات بين "الآمرين بالمعروف" والمواطنين بسبب تدخلهم في سلوك الأفراد وأنماط حياتهم وملابسهم في الأماكن العامة، وهي ممارسات وُصفت بأنها انتهاك صارخ للخصوصية الفردية واستخدام للأدوات الدينية لفرض السيطرة على أجساد الناس وحرياتهم الشخصية.
وفي مواجهة الانتقادات الموجّهة لتدخّل اللجنة في الجامعات والأماكن العامة، قال مؤمن نسب: "لا توجد وسيلة مقدّسة أو غير قابلة للتغيير، والمبدأ الأساسي بالنسبة لنا هو احترام العدالة والكرامة الإنسانية".
وأضاف أن عملهم سيكون "ذكيًا ومتعدد الطبقات ويستند إلى البيانات. ومن خلال غرفة مراقبة العفّة والحجاب، سيتم رصد وتحليل تحرّكات العدو وتصميم حلول ثقافية وإعلامية وقانونية تُرسل إلى المؤسسات المعنية".
كما أعلن عن الرقابة على المحتوى "المخالف للمعايير" في شبكات التواصل الاجتماعي ومنصات العرض المنزلي، مشيرًا إلى أن اللجنة تعمل بالتعاون مع النيابة العامة وشرطة الإنترنت (فتا) على وضع "آليات رقابية أسرع" لملاحقة منتجي المحتوى "المنحرف".
ويرى العديد من الخبراء والناشطين في مجال حقوق الإنسان أنّ مشروع "الأمر بالمعروف" يشكّل تدخّلًا سافرًا في الحياة الشخصية للمواطنين، وقد حذّروا مرارًا من تصاعد العنف الاجتماعي نتيجة لتوسّع أنشطة هؤلاء العناصر في الشوارع والأماكن العامة.
ورغم تصاعد الضغوط الحكومية لفرض الحجاب الإجباري وزيادة عدد من تُطلق عليهم السلطات لقب "الآمرين بالمعروف"، تواصل النساء الإيرانيات مقاومتَهنّ لهذا الإكراه، مؤكدات أن حقّهنّ في حرية اللباس والاختيار لا يمكن مصادرته بالقوة أو باسم الدين.