تحت شعار "أميركا انتهت".. المتشددون في طهران ينساقون خلف خامنئي

ازدادت أصوات التيار المتشدد في طهران حدةً في رفضها تجديد أي مسار دبلوماسي مع الولايات المتحدة، وذلك بعد الخطاب التصعيدي الذي ألقاه المرشد الإيراني، علي خامنئي، هذا الأسبوع.
صحفي

ازدادت أصوات التيار المتشدد في طهران حدةً في رفضها تجديد أي مسار دبلوماسي مع الولايات المتحدة، وذلك بعد الخطاب التصعيدي الذي ألقاه المرشد الإيراني، علي خامنئي، هذا الأسبوع.

أعلنت السلطة القضائية في إيران أنه خلال الشهر الماضي (23 سبتمبر – 22 أكتوبر)، أُعدم ما لا يقل عن 236 شخصًا في سجون البلاد. وتشير هذه الإحصائية إلى أنه في الشهر الماضي، كان يُعدم يوميًا في المتوسط 8 أشخاص كل يوم، أي شخص واحد كل 3 ساعات تقريبًا.
وذكرت منظمة حقوق الإنسان "هرانا" في تقريرها الشهري الأحدث حول حالة حقوق الإنسان في إيران بتاريخ 23 أكتوبر أن الأيام الثلاثين الماضية (23 سبتمبر – 22 أكتوبر) شهدت، إلى جانب تنفيذ أحكام الإعدام، تسجيل ما لا يقل عن 12 حالة صدور حكم وسبع حالات تأييد أحكام إعدام للسجناء في إيران.
من بين الأشخاص الذين أُعدموا، كان هناك علي آقاجري ومحمدرضا شيهكي، وكان عمر كل منهما أقل من 18 عامًا عند ارتكاب الجريمة
ويعد إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام بحق الأطفال الجانحين انتهاكًا صارخًا للالتزامات الدولية للنظام الإيراني، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل، التي تُعد إيران من الموقعين عليها.
وقد أثار ارتفاع معدلات صدور وتأييد وتنفيذ أحكام الإعدام للسجناء في إيران خلال الأشهر الماضية احتجاجات واسعة داخل وخارج البلاد.
وفي تقريره الأخير إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 21 أكتوبر، قدم أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، صورة قاتمة عن حالة حقوق الإنسان في إيران، محذرًا من تصاعد الإعدامات، وتعذيب المحتجزين، وقمع الأقليات، وتزايد القيود على الحريات المدنية.
كما أفادت "هرانا" بتاريخ 9 أكتوبر، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، أن ما لا يقل عن 1,537 شخصًا أُعدموا في إيران خلال العام الماضي، وكان من بينهم ثلاثة أشخاص تقل أعمارهم عن 18 عامًا وقت ارتكاب الجريمة.
تدهور أوضاع السجناء
إلى جانب الإعدامات، ازدادت الأوضاع سوءًا بالنسبة للسجناء. ووفقًا لتقرير "هرانا"، سجل الشهر الماضي 102 حالة إضراب عن الطعام، و102 حالة حرمان من حق الاتصال، و42 حالة نقل إلى العزل الانفرادي، و41 حالة عدم وضوح مصير المحتجز، و24 حالة عدم تلقي الرعاية الطبية، و24 حالة انعدام المعلومات عن مصير المعتقلين.
كما وثقت "هرانا" خلال هذه الفترة 8 حالات ضغوط، وأربع حالات وفاة لسجناء مرضى، وأربع حالات حرمان من الوصول إلى محامٍ، وأربع حالات منع للزيارة، وثلاث حالات احتجاج من السجناء، وثلاث حالات ضرب، وثلاث حالات نقل قسري، وثلاث حالات اعتراف قسري، وحالتين لعدم فصل جرائم السجناء، وحالة واحدة للاستمرار في العزل الانفرادي.
تُظهر هذه البيانات صورة واضحة عن أنماط انتهاكات حقوق الإنسان وتأثيرها العميق على المجتمع الإيراني، وتبرز الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات دولية ومحلية فورية وفعالة للتصدي لهذه الانتهاكات وحماية الضحايا.
إن الزيادة المتزامنة في تنفيذ أحكام الإعدام، وتأييد وإصدار أحكام جديدة، إلى جانب التقارير المتعددة عن الإضرابات عن الطعام والحرمان من العلاج، تعكس بوضوح تصعيد القمع في سجون البلاد.
وتؤكد التحذيرات المتكررة من قبل منظمات حقوق الإنسان، وكذلك تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير، على خطورة هذا الاتجاه.
وفي ظل هذا الوضع، أصبحت الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة – بدءًا من وقف الإعدامات وضمان محاكمات عادلة، وصولًا إلى توفير الرعاية الطبية ووضع حد للانتهاكات النظامية – مطلبًا عاجلًا وواسع الانتشار.

حذّر رئيس مجلس مدينة أصفهان في إيران من احتمال مواجهة المدينة لأزمة مياه شرب خلال 45 يومًا إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف استخدام المياه غير المخصصة للشرب لأغراض غير أساسية وتسريع مشاريع نقل المياه المتأخرة منذ وقت طويل، وذلك في ظل تعمّق أزمة الجفاف.
وقال محمد نورصالحی، رئيس مجلس مدينة أصفهان، لوكالة أنباء العمال الإيرانية (إيلنا) إن سد زاينده رود- المصدر الرئيسي للمياه في وسط إيران- يصل إلى مستويات منخفضة بشكل خطير.
وأضاف: "إذا استمر الاتجاه الحالي، فإن مياه الشرب للمواطنين ستكون أيضًا في خطر خلال الـ45 يومًا القادمة".
وأوضح نورصالحی أن السد يفرغ عدة أضعاف كمية المياه التي يستقبلها، وأن جزءًا كبيرًا من هذه المياه لا يصل إلى محطة معالجة المياه الرئيسية في أصفهان بسبب تحويل جزء كبير منها أو فقدانها على طول الطريق، سواء من خلال عمليات قانونية أو غير قانونية.
وحذّر من أن أكثر من خمسة ملايين شخص في محافظات أصفهان ويزد وجهارمحال وبختیاری وقم يعتمدون على سد زاينده رود لتوفير مياه الشرب والزراعة والصناعة.
وقال: "هذه لم تعد مجرد مشكلة زراعية أو صناعية، مياه الشرب للناس في خطر"، داعيًا إلى التوقف الفوري عن استخدام المياه لغير الشرب.
وطالب نورصالحی الحكومة بتسريع مشاريع نقل المياه التي طال تأخرها، مثل نفق كوه رانغ-3 وخط أنابيب جنوب أصفهان، مؤكدًا أن عقودًا من التأخير زادت من حدة الأزمة.
وأضاف: "لو تم إنجاز هذه المشاريع في وقتها، لما كنا نواجه هذه الحالة اليوم".
كما حذر رئيس المجلس من عواقب بيئية شديدة، مشيرًا إلى أن الجفاف الكامل لمستنقع كاوخونی- الذي كان مدرجًا سابقًا ضمن مواقع التراث الطبيعي لمنظمة اليونسكو- يهدد التنوع البيولوجي في المنطقة.
وأشار إلى أن هبوط الأرض بات واضحًا في سهول أصفهان، محذرًا من أن استنزاف المياه الجوفية تسبب في هبوط الأرض في عدة أحياء شمالية، ما دفع إلى إخلاء بعض المدارس.
وقال: "إذا استمر هذا الوضع، فقد تواجه آثار أصفهان التاريخية القديمة تهديدات هيكلية خطيرة".
وقد أقرّ المسؤولون مؤخرًا بأن 19 سدًا رئيسيًا في إيران تقع تحت 20 في المائة من طاقتها الاستيعابية، مع اضطرار بعض محطات الطاقة الكهرومائية- بما في ذلك سد أمير كبير قرب طهران- إلى التوقف عن العمل.
ويقول الباحثون البيئيون إن البلاد تقترب من "إفلاس مائي"، بسبب عقود من الإفراط في الاستخدام، وبناء السدود دون أسس علمية، وسوء إدارة المياه.
الخريف جاف، والخزانات عند أدنى مستوياتها التاريخية
مرّ أول شهر من الخريف مع شبه انعدام للأمطار في معظم المحافظات، وفقًا للمنظمة الوطنية للأرصاد الجوية. وأشار المسؤولون إلى أن الهطول هذا العام انخفض بنسبة تصل إلى 45 في المائة عن المتوسط الموسمي، ما يترك العديد من المناطق أمام احتمال تقنين مياه الشرب.
وقال أحد مسؤولي مركز إدارة الأزمات المناخية والجفاف الوطني، اليوم الخميس، إنه "لا أمطار كثيرة متوقعة على الأقل خلال الأسابيع الثلاثة القادمة"، محذرًا من استمرار نقص المياه في المدن الكبرى، بما في ذلك طهران وأصفهان.
وأضاف: "حتى إذا جلب الشتاء أمطارًا فوق المعدل، فلن تعوض العجز الحالي".
وأظهرت بيانات الحكومة أن إجمالي المياه المخزنة في 193 سدًا رئيسيًا في إيران انخفض إلى 17.6 مليار متر مكعب- أي 34 في المائة فقط من السعة الكاملة، منخفضة بنسبة تقارب ربع ما كانت عليه العام الماضي.
وتراجعت كمية المياه الداخلة منذ بداية السنة المائية الجديدة بنسبة 39 في المائة، في حين انخفضت كمية المياه الخارجة من الخزانات بنسبة 29 في المائة.
ويبلغ مستوى سد زاينده رود في أصفهان حاليًا 13 في المائة فقط من سعته، وسد لار قرب طهران 2 في المائة، وسد الاستقلال في هرمزكان 6 في المائة، وفقًا لوزارة الطاقة.
وقد بلغت العديد من خزانات الجنوب والوسط مستويات "التخزين الميت"، مما يجعل المياه غير صالحة للاستخدام أو توليد الطاقة.
ويقول الخبراء إن الجفاف المتفاقم في إيران، إلى جانب تغير المناخ وسوء السياسات، يحوّل نقص المياه إلى قضية أمن قومي محتملة. وتعتمد مئات القرى الآن على توفير المياه بواسطة صهاريج، بينما اندلعت احتجاجات متفرقة بسبب النقص في عدة محافظات.

ذكرت صحيفة "شرق" الإيرانية، استنادًا إلى "إحصاءات مُجمَّعة"، أنّه بين عامَي 2011 و2023 نُفِّذ ما لا يقلّ عن 88 حكم إعدام علني في إيران. وأكدت الصحيفة، نقلًا عن اثنين من الحقوقيين وطبيب نفسي، أنّ الإعدامات العلنية لم تعد تملك أي أثر رادع.
وفي تقرير نُشر أمس الأربعاء بعنوان "عرض العقوبات القاسية في العلن"، أوضحت صحيفة "شرق" أنّ محافظات فارس وخراسان وكرمانشاه حظيت بأعلى نسبة من الإعدامات العلنية في البلاد.
ووفق التقرير، كان لمدنٍ أخرى مثل ياسوج وأراك والأهواز ومرودشت وأصفهان نصيب أقل. وأضافت الصحيفة أنّ "الإعدامات العلنية غالبًا ما تُنفَّذ في مراكز المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية أو في مناطق شهدت قضايا لاقت تغطية إعلامية واسعة"، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وبيّنت الصحيفة أنّ ذروة الإعدامات العلنية كانت في السنوات الثلاث الأولى من عقد 2010 حيث تجاوز عددها 30 حالة، قبل أن تبدأ بالانخفاض تدريجيًا، موضحةً أنّه في عام 2021 انخفض عددها إلى الصفر، لكن منذ عام 2022 عادت الأخبار عن الإعدامات العلنية إلى الظهور في وسائل الإعلام.
وأشار التقرير إلى إعدام علني لشخصين بتهمة القتل في أغسطس (آب) 2025 في كلٍّ من محافظة فارس ومحافظة غُلستان.
وأكدت الصحيفة أنّ الإعدامات العلنية لم تُسهم في الحد من الجرائم العنيفة، ونقلت عن خبراء في العلوم الاجتماعية وعلم النفس أنّها تؤدي إلى تطبيع العنف، وأنّ العلنية في العقوبة لا تساهم في الردع ولا في تحقيق السلم الاجتماعي، بل تأتي بنتائج عكسية.
ونقلت "شرق" عن عبد الصمد خرّمشاهي، المحامي والخبير القانوني، قوله إنّ الإعدامات في إيران يجب أن تُنفَّذ عادةً بعيدًا عن العلن.
وأوضح أنّ المادة الرابعة من قانون العقوبات الإسلامي تنص على أنّ تنفيذ الإعدام علنًا لا يجوز إلا في ظروف خاصة، وباقتراح من المدعي العام المنفّذ للحكم وموافقة النائب العام للبلاد.
وشدّد خرّمشاهي على أنّ الإعدامات العلنية قد تخلّف آثارًا نفسية واجتماعية سلبية عميقة، فهي ليست رادعة بل تعزّز السلوكيات العنيفة، وتؤثر سلبًا على الصحة النفسية للأطفال والمراهقين.
وأضافت الصحيفة أنّه في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، لم تعد الإعدامات العلنية وسيلة ردع، بل تحوّلت إلى عروض عامة تثير اهتمام جزء من المجتمع بدافع الفضول لا الوعي.
وقال أميرحسين جلالي ندوشن، الطبيب النفسي والاجتماعي، في حديثه للصحيفة، إنّ حضور الجمهور أثناء تنفيذ الإعدام قد يثير مشاعر الخوف والنظام مؤقتًا، لكنه لا يحدّ من العنف على المدى الطويل، لأنه لا يتماشى مع البنية الثقافية للمجتمع الإيراني.
وأضاف أنّ تكرار مشاهد الإعدام يُضعف الحسّ الإنساني العام، ويُنمّي حالة من اللامبالاة العاطفية تجاه الألم البشري، بحيث يصبح العنف أمرًا طبيعيًا في الوعي الجمعي.
وأشار إلى أنّ تحويل العقوبة إلى عرضٍ عام يخلق أنماطًا تقليدية من السلوك العنيف، تنتقل تدريجيًا من الفضاء العام إلى الأسرة والعلاقات الاجتماعية.
ونقلت "شرق" عن علي نجفي توانا، رئيس نقابة المحامين السابق، قوله إنّه رغم العقوبات الصارمة ضد المهرّبين والعصابات والمجرمين، لم ينخفض معدل الجريمة، بل ازداد.
وأشار إلى أنّ السجون مكتظّة، ما يجبر السلطات أحيانًا على الإفراج الدوري عن بعض السجناء لتخفيف الضغط.
وأكد أنّه لا توجد دولة في العالم استطاعت مكافحة الجريمة عبر الإعدام أو العقوبات الجسدية، وأنّ الطريق الحقيقي لمكافحة الجريمة هو الوقاية، واحترام الشعب، وضمان الحقوق المدنية.
وأضاف أنّ خفض معدلات الجريمة يستلزم توفير الحاجات الأساسية للمواطنين، مثل العمل والسكن والزواج والأمن الاجتماعي والطمأنينة النفسية، وأنّ غياب العدالة الاجتماعية والفقر واستئثار النخبة الحاكمة بالثروة يولّد نقمة شعبية تُضعف هيبة القانون وتجعل العقوبة بلا أثر رادع.
28 إعدامًا في 24 ساعة.. والحصيلة الشهرية ترتفع إلى 280
وبالتزامن مع تقرير "شرق"، أعلن مركز حقوق الإنسان في إيران يوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025 أنّه خلال يومَي 21 و22 أكتوبر، نُفّذت أحكام الإعدام بحق 28 سجينًا في مختلف سجون البلاد.
وبذلك، ارتفع العدد الإجمالي لعمليات الإعدام خلال أكتوبر 2025 إلى 280 حالة، أي بمعدل أكثر من 8 إعدامات يوميًا، أي إعدام كل ثلاث ساعات تقريبًا.
وتمّت هذه الإعدامات في سجون بيرجند، شيراز، أصفهان، طهران، كرمانشاه، تايباد، يزد، زنجان، قزوين، قزلحصار (كرج)، غُرغان، وقم.
ووصف المركز هذا الشهر بأنه "الأكثر دموية بالنسبة للسجناء منذ الإعدامات الجماعية عام 1988".
ومن بين المعدومين: إبراهيم عزيزي (سجن بيرجند)، نادر عبدي وعليرضا كاشاورز (سجن عادلآباد شيراز)، سامان طالبي وحبيب حق شناس (سجن دستكرد أصفهان)، ساسان لرستاني وشهرام ميرزايي (سجن ديزل آباد كرمانشاه)، خسرو وفادار (سجن قم)، ومنصور إيرواني (سجن قزلحصار كرج).
وذكرت التقارير أنّ معظم الإعدامات نُفّذت بتهم تتعلق بالمخدرات، وبعضها بتهم القتل، وأنّ من بين المعدومين ثلاثة مواطنين أفغان هم: سراج الدين أبي طالبي، محمد شمس، ومحمد إبراهيمي، وجميعهم أُعدموا بتهم تتعلق بالمخدرات أو القتل.
وأشار مركز حقوق الإنسان إلى أنّ بعض الإعدامات نُفّذت دون إخطار مسبق لعائلات الضحايا ودون السماح بالزيارة الأخيرة.
الأمم المتحدة و"العفو الدولية" تدينان التصعيد
في 21 أكتوبر 2025 حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تقريره المقدم إلى الجمعية العامة، من الارتفاع الكبير في أعداد الإعدامات والتعذيب وقمع الأقليات وتضييق الحريات المدنية في إيران.
وقال إنّه خلال النصف الأول من عام 2025 أُعدم ما لا يقلّ عن 612 شخصًا، بزيادة 119 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024 وأعرب عن أسفه لتجاهل السلطات الإيرانية الدعوات الدولية لوقف الإعدام والحد من الجرائم التي يُعاقب عليها بالموت.
وأكد أنّ الإعدام في العلن يُعدّ انتهاكًا لحظر التعذيب والمعاملة غير الإنسانية.
وفي 16 أكتوبر 2025 أعلنت منظمة العفو الدولية أنّ عدد الإعدامات في إيران منذ مطلع العام تجاوز الألف حالة، وطالبت بوقف فوري لتنفيذ هذه العقوبة.
وأشارت المنظمة إلى أنّ الإعدامات في إيران تُنفّذ بعد محاكمات غير عادلة، وغالبًا ما تُستخدم أداةً لقمع المعارضين والأقليات.
وفي وقتٍ سابق، أفاد موقع "هرانا" الحقوقي، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام (10 أكتوبر)، أنّه خلال عامٍ واحد فقط أُعدم ما لا يقلّ عن 1537 شخصًا في إيران.
ورغم التبريرات الرسمية، تكشف الأرقام والآراء القانونية والنفسية أنّ الإعدامات العلنية في إيران لم تحقق الردع المنشود، بل أصبحت أداة ترهيب جماعي تُكرّس ثقافة العنف والخوف، في وقتٍ تشهد فيه البلاد ارتفاعًا غير مسبوق في وتيرة الإعدامات منذ عقود.

قال هوشمند رمضاني بور، الناشط السياسي الإيراني الذي فرّ من بلاده بعد سنوات من النشاط ضدّ النظام الإيراني، في مقابلة مع قناة "إيران إنترناشيونال" إنه تعرّض للتعذيب وأصيب بجروح خطيرة في أحد مخيمات اللاجئين في اليونان بسبب دعمه لإسرائيل.
وتحدّث رمضاني بور بصوت هادئ وحذر من أحد مخيمات اللاجئين في صربيا عن تجاربه المؤلمة، قائلاً: "هنا يوجد مهرّبون. بصراحة، لقد متّ وعشتُ من جديد مرات عديدة، سواء في إيران أو هنا".
وأضاف الناشط السياسي البالغ من العمر 39 عامًا أنه أثناء إقامته في مخيم للاجئين في شمال اليونان، تم التعرف عليه بعد أن ارتدى قميصًا يحمل علم إسرائيل ودعا إلى تنظيم تجمع لدعم هذا البلد، ثم قام عدد من المهاجرين بتعذيبه حتى كاد أن يموت.
وقال بأسى: "ألعن نفسي ألف مرة في اليوم. ليتني لم أهرب، ومتُّ هناك بدلاً من أن أعيش هذا الألم المستمر".
وذكر أن مجموعة من اللاجئين أطلقت النار على ساقه، ثم سكبوا بلاستيكًا مذابًا على بطنه بينما كان ممددًا على الأرض. ولم يفصح رمضاني بور عن جنسية المهاجمين خوفًا من الانتقام.
وأوضح أنه ميكانيكي، وقد فرّ من إيران عام 2016 بعد سنوات من النشاط السياسي إلى جانب شخصيات معروفة مثل محمد نوري زاد. وفيما بعد، أقام في تركيا حيث تعاون بشكل طوعي مع إذاعة ناطقة بالفارسية تابعة لإسرائيل.
وتحدث رمضاني بور من مكان إقامته السري في صربيا قائلاً إنه ما زال يخشى أن يعثر عليه مهاجموه مجددًا، مضيفًا أن معاناته بدأت حين غادر تركيا عام 2023، حيث كان قد تلقى تهديدات من أعضاء منظمة "الذئاب الرمادية" القومية المتطرفة المعادية للمهاجرين.
وقال إنه بعد نقله إلى مخيم كافالا للاجئين في شمال اليونان، لاحظ وجود شعارات معادية لإسرائيل على الجدران، كما شهد في الأشهر الأخيرة حملات مؤيدة لحركة حماس في أنحاء المدينة.
وأضاف أنه منذ سنوات يكنّ تعاطفًا كبيرًا مع إسرائيل باعتبارها عدوًا شرسًا لحكام إيران الدينيين، ويرى أن الكثير من شعوب المنطقة تعرّضت "لغسيل دماغ" يدفعها لعداء إسرائيل.
وفي7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شنّت حركة حماس هجومًا على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص وخطف أكثر من 250 آخرين، معظمهم من المدنيين. وردّت إسرائيل بعملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، أسفرت- وفقًا لمصادر تابعة لحماس- عن أكثر من 68 ألف قتيل و170 ألف جريح.
وقد واجهت العملية الإسرائيلية في غزة انتقادات من عدد من الدول ومنظمات الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان بسبب العدد الكبير من الضحايا المدنيين.
وقال رمضاني بور في المقابلة: "قررت أن أشتري علم إسرائيل وأدخل به إلى المخيم. في البداية لم يضايقني أحد، لكن عندما رآني مدير المخيم أمر رجال الأمن بمصادرته، فرفضت".
وأضاف: "في اليوم التالي استدعوني وأجبروني على تسليم العلم. ثم هددني المدير قائلاً: إما أن تغادر أنت أو أغادر أنا، لأن المخيم لا يتسع لكلينا".
ويعيش عشرات الآلاف من اللاجئين في مخيمات تديرها جهات غير خاضعة بالكامل لسيطرة الحكومات، في مناطق مختلفة من أوروبا وما حولها، بانتظار الأمان ومستقبل أفضل بعيدًا عن أوطانهم.
وفي الدول الغربية، عادةً ما تُعطى الأولوية في قضايا اللجوء للأشخاص الذين يستطيعون إثبات أنهم مهددون فعليًا بسبب العِرق أو الدين أو التوجه الجنسي أو الرأي السياسي أو النشاط المدني.
محاولة لتنظيم مظاهرة دعمًا لإسرائيل في مخيم اللاجئين باليونان
وذكرت "إيران إنترناشيونال" أنها اطّلعت على وثائق تُظهر أن رمضاني بور تقدّم في مطلع أغسطس (آب) 2025 بطلب رسمي إلى السلطات المحلية في اليونان لتنظيم تجمع عام دعمًا لإسرائيل قرب مخيم اللاجئين، لكن التجمع لم يُعقد في النهاية.
كما فحصت الشبكة بعض التقارير الطبية التي تؤكد أن رمضاني بور أصيب بحروق من الدرجة الثانية والثالثة وكان في خطر شديد للإصابة بالعدوى.
وجاء في تقرير شرطة صربيا أن تهمة الإقامة غير القانونية الموجهة إليه أُسقطت نظرًا لتعاونه مع السلطات وظروف قضيته الخاصة.
ولم ترد في الوثائق أي تفاصيل عن هوية المهاجمين أو دوافعهم.
كما قالت القناة إنها اطلعت على صور ومقاطع فيديو أرسلها رمضاني بور تُظهر حالته الجسدية الحالية والظروف القاسية للمخيم الذي يعيش فيه.
وقال رمضاني بور: "في المبنى، أخرج أحد الرجال هاتفه ونظر إلى صورة، ثم نظر نحوي. كانت صورتي وأنا أرتدي قميص علم إسرائيل. قارَن الصورة بوجهي وقال للآخرين: "هو نفسه، ذلك اللعين".
وأضاف: "ربطوا يديّ خلف ظهري ووضعوا قطعة قماش في فمي، ثم أذابوا البلاستيك وسكبوه على جسدي، وأطلقوا النار على فخذي".
وقال إنه نجا أخيرًا بفضل سكان القرية الذين أبلغوا الشرطة، مضيفًا أن الشرطة عاملته بلطف. وأوضح أنه تمكن من تحديد هوية أربعة من بين خمسة عشر مهاجمًا، لكن الشرطة أخبرته أن المشتبه بهم فرّوا إلى البوسنة، وأن العلاقات المتوترة بين الشرطة الصربية والبوسنية تجعل احتمال اعتقالهم ضعيفًا.
وقالت مهشيد ناظمي، الناشطة في شبكة دعم اللاجئين "خانه إيران" (بيت إيران)، إن رمضاني بور تواصل معها عبر بعض اللاجئين لطلب المساعدة.
وأضافت في حديثها إلى "إيران إنترناشيونال": "كثير من اللاجئين لا يجدوننا إلا بعد أن يفقدوا كل مأوى. جروحه مصابة بعدوى ويعاني من ألم دائم. لا يستطيع المشي من دون مساعدة، ويعيش في خوف مستمر من أن يُعثر عليه مرة أخرى".
وأكدت أن قضيته ليست سوى مثال واحد من عشرات الحالات التي تُظهر المخاطر التي يواجهها اللاجئون في أوروبا، مشيرة إلى أن "اللاجئين يُضربون، يُغتصبون، ويُعادون قسرًا عبر الحدود. وعندما يغرقون في البحر، تتبادل تركيا واليونان الاتهامات، بينما لا يتحمل أحد المسؤولية".
واختتم رمضاني بور روايته بالقول إنه ما زال في مخيمه بصربيا يستيقظ ليلًا على كوابيس مؤلمة، يعيش لحظات العذاب مجددًا، ويخشى أن يجد مهاجموه طريقهم إليه مرة أخرى.

أعلن رئيس المجلس الأعلى لنظام التمريض في إيران، قاسم أبو طالبي، أن البلاد تعاني من نقص يبلغ 165 ألف ممرّض.
وفي الوقت نفسه، أرجع عباس عبادي، مساعد شؤون التمريض في وزارة الصحة، تأخير دفع مستحقات الممرّضين إلى سببين رئيسيين: عدم تخصيص سندات الميزانية وتأخر شركات التأمين في تسديد التزاماتها المالية.
وقال أبو طالبي، اليوم الأربعاء 22 أكتوبر، في مراسم "يوم الممرّض" بمدينة شيراز: "نسبة الممرّضين إلى الأسرّة في المستشفيات في إيران تبلغ تسعة أعشار، في حين كان من المفترض أن تصل إلى 1.8 مع نهاية الخطة التنموية السادسة."
وأضاف أن المعدّل العالمي المعياري هو ثلاثة ممرّضين لكل سرير في المستشفى، موضحًا: "حاليًا يعمل في البلاد نحو 165 ألف ممرّض، ومع هذا النقص الحاد، نحتاج إلى توظيف العدد نفسه من الممرّضين لتغطية العجز في المراكز العلاجية."
ووفقًا لقول أبو طالبي، فقد تم إعداد خطة لتوظيف 15 ألف ممرّض سنويًا في وزارة الصحة، وهي الآن في مراحل المصادقة النهائية.
وفي وقت سابق، في 6 أكتوبر، صرّح محمد شريفي مقدّم، الأمين العام لـ"نقابة التمريض الإيرانية"، بأن الظروف الصعبة للعمل، والضغوط النفسية، وعدم المساواة في الأجور، دفعت العديد من الممرّضين إلى النفور من مهنتهم والبحث عن طرق لترك المستشفيات.
ووصف شريفي مقدّم وضع التمريض في إيران بأنه أزمة حقيقية، مشيرًا إلى أنه في الوقت الذي يعاني فيه النظام الصحي من نقص حاد في الكوادر، هناك أكثر من 60 ألف ممرّض عاطل عن العمل، بينما تواصل كليات التمريض زيادة طاقتها الاستيعابية عامًا بعد عام.
تجمعات للممرّضين في كرمانشاه وخوزستان
ذكرت وكالة أنباء "إيلنا" يوم الأربعاء 22 أكتوبر أن الممرّضين في جامعة العلوم الطبية بمدينة كرمانشاه نظموا تجمعًا احتجاجيًا اعتراضًا على تأخر دفع مستحقاتهم وانخفاض رواتبهم، ونقلت عنهم قولهم إن تعرفة التمريض لم تُدفع منذ أكثر من تسعة أشهر، وإن العديد منهم يتقاضون رواتب تقل عن 20 مليون تومان (أقل من 200 دولار).
وفي الوقت نفسه، نظم ممرّضو خوزستان تجمعًا أمام مبنى المحافظة، مؤكدين ضرورة دفع مستحقاتهم وتحسين ظروف عملهم، وطالبوا المسؤولين بالاهتمام بمشكلاتهم المعيشية والمالية.
وقال عباس عبادي، معاون شؤون التمريض في وزارة الصحة، في تصريح لـ"إيلنا" إن سبب تأخر دفع مستحقات الممرّضين في كرمانشاه وخوزستان يعود إلى تأخر شركات التأمين في تسديد التزاماتها، وعدم تخصيص سندات مالية بقيمة 80 ألف مليار تومان لوزارة الصحة ضمن ميزانية عام 2025.
وقد نظم الممرّضون وأفراد الكادر الطبي في إيران خلال السنوات الأخيرة العديد من الاعتصامات والإضرابات والتجمعات الاحتجاجية، اعتراضًا على تجاهل مطالبهم ومشكلاتهم المهنية.
ويستمر النقص الحاد في أعداد الممرّضين وعدم الاستجابة لمطالبهم النقابية في وقت تشير فيه مؤشرات الصحة العالمية إلى أنه ينبغي أن يكون هناك ثلاثة ممرّضين لكل ألف نسمة، أو ممرّضان اثنان لكل سرير في المستشفى على الأقل.
ومع ذلك، تُظهر التقارير أن إيران لم تحقق سوى نصف هذه المعدلات المعيارية في أحسن الأحوال، وهو خلل ينعكس بوضوح في نوبات العمل الطويلة، والإرهاق المهني، وتراجع جودة الخدمات الطبية، ولا سيما في أقسام الطوارئ والعناية المركزة.
وقد قال خامنئي في كلمته: "إن الولايات المتحدة ليست في موقعٍ يسمح لها بتحديد من يحق له امتلاك القدرات النووية ومن لا يحق له ذلك"، مضيفًا أن صواريخ إيران "ما زالت جاهزة للاستخدام مجددًا إذا لزم الأمر".
وقد تم تضخيم هذا الخطاب سريعًا في وسائل الإعلام المحسوبة على التيار المتشدد داخل إيران.
إجماع إعلامي متشدد
وسائل الإعلام الرئيسة التابعة للتيار المتشدد، ومنها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (IRIB)، وصحيفة كيهان، المقرّبة من المرشد الإيراني، وصحيفة جوان التابعة للحرس الثوري، وصحيفة وطن امروز اليمينية المتشددة، كرّرت جميعها الرسالة ذاتها: "الانفتاح على واشنطن لم يعد مطروحًا على الطاولة".
وتواصل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (IRIB) مهاجمة أي دعواتٍ للحوار مع الولايات المتحدة باعتبارها "أوهامًا" لا يمكن أن تحل أزمات إيران الاقتصادية أو السياسية.
أما نشرة الأخبار الرئيسة في القناة الثانية، المعروفة بقربها من الأجهزة الاستخبارية، فقد كثّفت خطابها حول "تراجع الهيمنة العالمية للولايات المتحدة"، وصعود قوى جديدة مثل الصين وروسيا والهند وإيران نفسها.
أميركا انتهت!
في مقالة نُشرت يوم الخميس 23 أكتوبر (تشرين الأول)، وجّهت صحيفة جوان، التابعة للحرس الثوري الإيراني، انتقادات حادّة إلى وزير الخارجية، عباس عراقجي، بسبب ما وصفته بـ "مواقفه الملتبسة" تجاه واشنطن، متهمةً إياه بخلق "آمالٍ زائفة"، في احتمال تحسّن العلاقات مع الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة في افتتاحيتها: "الأسواق الإيرانية تتفاعل مع أبسط تلميحٍ إلى تقارب مع واشنطن".. منتقدة بشدة تصريحات عراقجي التي أبدى فيها استعدادًا للانخراط في محادثات إذا تخلّت واشنطن عن “مطالبها المفرطة”، كما ألمح إلى اتصالاتٍ غير مباشرة مع مبعوث ترامب لشؤون الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
وأضافت الصحيفة: "هذا الوضع يبقي إيران معلّقة، تنتظر أن تبادر أميركا بالتواصل. يجب أن ننسى صداقة الولايات المتحدة.. أميركا انتهت".
"كيهان": "ابقوا في أوهامكم"
كرّرت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، الرسالة نفسها في افتتاحية بعنوان "ابقوا في أوهامكم"، اقتبست فيها ردّ خامنئي على تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول إنهاء البرنامج النووي الإيراني.
وجاء في المقال: "قصف منشأة أو اغتيال عالم نووي لا يعني سوى قطع غصن من شجرة تمتد جذورها في عمق إيران".
وأكدت الصحيفة أن القدرات النووية الإيرانية منتشرة على نطاق واسع وتشمل أكثر من 20 جامعة، و70 مركزًا بحثيًا، و1500 خبيرٍ رفيع المستوى، ما يجعل "استئصالها مستحيلاً".
أما صحيفة "وطن امروز" فقد نشرت عنوانًا باللغة الإنجليزية موجهًا كما يبدو إلى ترامب نفسه: OK. In Your Dreams"!" )نعم، في أحلامك!).
وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة وصلت إلى نهاية استراتيجيتها لاحتواء إيران، مؤكدة أن تصريحات خامنئي "ليست شعارات بل بيانات استراتيجية مدروسة".
حملة منسّقة ورسالة واضحة
التناغم بين مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الرسمية الإيرانية، وصحف "جوان" و"كيهان" و"وطن امروز"، يدلّ على تنسيقٍ إعلاميٍ ممنهج هدفه تضخيم رسالة خامنئي: "أن إيران لا تفكر مطلقًا في تجديد الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وأنها تتهيأ لمزيدٍ من المواجهة والتصعيد في المرحلة المقبلة".