وأوضح غروسي أن هناك توافقًا واسعًا بشأن المواد النووية المُخصّبة الموجودة داخل إيران.
ومع بدء اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، جدّد غروسي، يوم الأربعاء 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، تأكيده أن الوكالة ليست في موقع يتيح لها التحقق من الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني.
وفي تقريره الفصلي حول اتفاق الضمانات التابع لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) مع إيران، أعلن غروسي أن الوكالة لم تتلقَ بعد أي تقارير من إيران حول المنشآت المتضررة أو المواد النووية المرتبطة بها.
وشدّد غروسي على أن التقارير المتعلقة بالمواقع المتضررة وبمخزون اليورانيوم المخصّب في إيران يجب أن تُقدّم "دون تأخير"، تنفيذًا لالتزامات طهران في إطار اتفاق الضمانات.
وكان غروسي قد قال، في مقابلة مع صحيفة "نويه تسورخر تسايتونغ" السويسرية في 19 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن إيران تحتفظ بجزء كبير من مخزونها من اليورانيوم المخصّب داخل منشآت نووية معروفة لا يزال مفتشو الوكالة ممنوعين من الوصول إليها.
وكانت إسرائيل قد شنّت هجومًا مفاجئًا على إيران، في 13 يونيو (حزيران) الماضي، بينما كانت طهران وواشنطن في خضم محادثات لحل الخلافات النووية، وفي ما بعد، انضمت الولايات المتحدة إلى تلك العمليات العسكرية، واستُهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية في كل من "نطنز وفوردو وأصفهان".
ويُشار إلى أن إيران تمتلك أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب، وقد كثرت التكهنات حول مصير هذا المخزون بعد الهجمات الأميركية والإسرائيلية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أعلن في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي أن بلاده على علم بمواقع تخزين هذه المواد، وأنها شاركت هذه المعلومات مع واشنطن.
لا قدرة على التحقق من المنشآت النووية الإيرانية
أكد غروسي، في تقريره المقدّم إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوم الأربعاء 19 نوفمبر، أن الوكالة "لم تُجرِ أي عملية تحقق" في أي من المنشآت النووية الإيرانية التي تضررت بفعل الهجمات.
وقبل اجتماع المجلس بيوم واحد، أعلنت وزارة الخارجية الألمانية، يوم الثلاثاء 18 نوفمبر، أن جلسة المجلس ستبحث مدى التزام البرنامج النووي الإيراني بقرار مجلس الأمن 2231.
وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية لمراسل "إيران إنترناشيونال" في برلين: "إن الغموض بشأن مصير مخزون اليورانيوم عالي التخصيب يُعد أحد أهم خروق إيران لالتزاماتها".
محاولات استئناف التعاون
وكان غروسي قد بعث، في يوليو (تموز) الماضي، برسالة إلى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، طلب فيها عقد اجتماع واستئناف التعاون مع الوكالة لحل الخلافات العالقة، مؤكدًا أن استمرار عمليات التفتيش أمر "حيوي" لأي اتفاق دبلوماسي.
وقد التقى غروسي وعراقجي، في 9 سبتمبر (أيلول) الماضي في مصر، وأُعلن بعده التوصل إلى اتفاق جديد بين الجانبين، إلا أنه، وبعد تفعيل "آلية الزناد" وعودة العقوبات الأممية على طهران، قالت السلطات الإيرانية إن الاتفاق لم يعد قابلاً للتنفيذ.
وذكر غروسي في تقريره: "في 9 سبتمبر 2025، وقّعت في القاهرة مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اتفاقًا يحدد فهمًا مشتركًا لإجراءات التفتيش، والإبلاغ، وتنفيذ الضمانات في إيران بعد الهجمات العسكرية في يونيو. ومنذ ذلك الحين، سهّلت إيران وصول الوكالة- مع إشعار مسبق- إلى معظم المنشآت غير المتضررة في طهران، وهو أمر نرحّب به."
لكنه أشار إلى أن "تحقيق تعاون إضافي لا يزال ضروريًا. أدعو إيران إلى تيسير التنفيذ الكامل والفعّال لأنشطة الضمانات وفقًا لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ((NPT، وأؤكد استعداد الوكالة للتعاون مع طهران في هذا المجال".
ضرورة حسم وضع المخزون النووي فورًا
وأكد غروسي في ختام تقريره لمجلس المحافظين: "كما قلت سابقًا، تحديد الوضع الراهن لمخزون اليورانيوم منخفض التخصيب (LEU) واليورانيوم عالي التخصيب (HEU) في إيران يجب أن يُعالَج فورًا".
وأوضح أن خمسة أشهر من غياب وصول الوكالة إلى المواد النووية في إيران يعني أن "عملية التحقق، وفق إجراءات الضمانات القياسية، قد تأخرت كثيرًا".
وختم: "من الضروري للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تتمكن في أقرب وقت ممكن من التحقق من الوضع".
طهران وواشنطن.. واستعداد مشروط للتفاوض
وتأتي تصريحات غروسي، في حين أعلن كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، ومستشار المرشد الإيراني، علي خامنئي، في مقابلة مع شبكة" سي إن إن" الإخبارية الأميركية، نُشرت يوم الأربعاء 19 نوفمبر، أن طهران مستعدة لاستئناف المحادثات النووية مع واشنطن.
ولكنه شدد في الوقت نفسه على أن طهران "لن تتراجع" عن الشروط التي كانت قد طرحتها قبل الهجمات الأميركية والإسرائيلية خلال "حرب الـ 12 يومًا".
وقبل ساعات من نشر مقابلة خرازي، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في مؤتمر صحافي مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في واشنطن، إن إيران "تسعى بشدة" للتوصل إلى اتفاق، مضيفًا: "نحن نتحدث معهم".