ماذا تعرف عن قاعدة "هشتم شكاري" المستهدفة في أصفهان بإيران؟

أشارت تقارير مختلفة، إلى أن إسرائيل هاجمت قاعدة أو اثنتين من القواعد العسكرية في إيران، يوم الجمعة؛ ردًا على هجوم طهران على إسرائيل.

أشارت تقارير مختلفة، إلى أن إسرائيل هاجمت قاعدة أو اثنتين من القواعد العسكرية في إيران، يوم الجمعة؛ ردًا على هجوم طهران على إسرائيل.
ووفقاً لهذه التقارير، فقد تم من قبل، إدراج أحد الأماكن المستهدفة في أصفهان على أنه "مركز القوات الجوية للجيش الإيراني".
وسُمعت أصوات انفجارات في قاعدة "هشتم شكاري" التابعة للجيش الإيراني، شمال غرب أصفهان، في صباح يوم الجمعة، 19 أبريل، لكن الحكومة أو الجيش الإسرائيلي لم يؤكدا أو ينفيا رسميًا الهجوم على إيران بعد.
وأفادت وكالة "فارس" للأنباء، عن مصادر إخبارية، بسماع ثلاثة انفجارات قرب قاعدة "هشتم شكاري" التابعة للجيش الإيراني، شمال غربي أصفهان، وتم تفعيل الدفاعات الجوية؛ ردًا على جسم يعتقد أنه طائرة صغيرة.
وأضافت الوكالة: قيل إن رادار الجيش كان أحد الأهداف المحتملة، وإن نوافذ العديد من مباني المكاتب في هذه المنطقة تحطمت.
الطائرات المقاتلة المتمركزة في قاعدة "شكاري" للجيش
ذكرت وكالة أنباء "إيرنا"، أنه في حوالي الساعة الرابعة من صباح اليوم، الجمعة، تصدت الدفاعات الجوية لقاعدة "هشتم شكاري" في أصفهان، وسُمِعَت أصوات انفجارات من شمال شرق أصفهان.
وقال القائد العسكري الكبير بالجيش الإيراني في أصفهان، سياوش ميهن دوست، لوكالة الأنباء هذه: "صوت الانفجار الذي سُمع في أصفهان كان بمثابة إطلاق الدفاع الجوي النار على جسم مشبوه، ولم نتعرض لأي أضرار أو حوادث".
وأكد قائد الجيش الإيراني، عبدالرحيم موسوي، الهجوم بواسطة "عدة أجسام طائرة"، وقال إنه تم "إطلاق النار عليها".
ولم يقدم أي معلومات عن حجم الأضرار المحتملة لقواعد الجيش.
أين تقع قاعدة "هشتم شكاري" وما مميزاتها؟
تمتلك القوات الجوية بالجيش الإيراني، 17 قاعدة جوية، وتقع قاعدة "شكاري عباس بابايي" بالقرب من أصفهان.
وكان عباس بابايي، أحد طياري القوة الجوية للجيش، ونائب قائد هذه القوة، خلا الفترة من 30 نوفمبر 1983 إلى 6 أغسطس 1987. وقُتل في الحرب العراقية الإيرانية عام 1987 بنيران صديقة أطلقها الحرس الثوري.
ويقول مراد ويسي، عضو هيئة تحرير "إيران إنترناشيونال"، إن قاعدة بابائي الجوية هي واحدة من أهم القواعد الجوية في إيران.
وكانت هذه القاعدة، في عام 1979، تضم كتيبتين مقاتلتين تكتيكيتين تتكونان من مقاتلات اعتراضية من طراز F-14A تُعرف باسم (Tomcats).
وكان من المخطط أنه بحلول عام 1980، سيتم تشكيل كتيبة من مقاتلات إف- 16 إلى جانب كتيبة تدريب متقدمة تتكون من طائرات تدريب إف- 5 بي، وثلاث كتائب تدريب أولي باستخدام طائرات التدريب الأولي، وطائرات إف- 33 بونانزا الخفيفة.
مقاتلات قاعدة "شكاري" للجيش
تضم هذه القاعدة حاليًا كتيبتين من طائرات F-14 وF7 الاعتراضية، إلى جانب كتيبة تدريب من طائرات FT7.
ولايزال العمود الفقري لأسطول المقاتلات الاعتراضية التابع للقوات الجوية للجيش الإيراني، هو طائرة F-14A Tomcat، التي يبلغ متوسط عمرها 40 عامًا على الأقل.
وقال مسؤولون عسكريون إيرانيون إنه إذا تم تسليم مقاتلة سوخوي-35 من روسيا، فسيتم الاحتفاظ بهذه الطائرات المقاتلة في تلك القاعدة.

لقد تسبب التوتر الناجم عن الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي شنتها إيران على إسرائيل في جولة جديدة من المخاوف بشأن حرب الروايات والغموض في قرار إسرائيل بشأن كيفية الرد على هذه الهجمات.
لم يعد الشعب الإيراني قلقًا بشأن طعامه أو أسلوب حياته فحسب، بل يتعين عليه أيضًا القلق بشأن الحرب بين الحين والآخر.
إن المرشد علي خامنئي في إيران وبنيامين نتنياهو في إسرائيل، رغم أنهما في هيكلين سياسيين مختلفين، إلا أنهما جعلا مصير شعبي البلدين والمنطقة رهينة لرغباتهما الشخصية.
أنا مواطن إيراني وبالطبع فإن خطابي موجه للنظام الإيراني.
لو كنت مواطناً إسرائيلياً، لقلت لحكومتي، كشخص ديمقراطي، إنها يجب أن تتجه نحو السلام من خلال قبول الحقوق القانونية للفلسطينيين في إطار قرارات الأمم المتحدة وحل الدولتين، حتى يتم تجفيف أحد جذور الحرب وانعدام الأمن في المنطقة.
لقد تسبب خامنئي وسياساته الخارجية اللاوطنية، والداخلية المناهضة للشعب في خلق جميع مشكلات الشعب الإيراني.
ورغم تحذيرات كل من يهمه أمر الشعب والوطن من المعارضة، شهدنا يوم السبت 13 أبريل (نيسان) قرار خامنئي بإطلاق الصواريخ.
نحن نعلم أن سياسة الحكم في إيران، بما في ذلك السياسة الخارجية، ليست ديمقراطية ولا فعالة؛ ولا يتفق معها غالبية الشعب، كما أنها لم تجلب الرخاء والأمن للإيرانيين.
لقد كان نظام الجمهورية الإسلامية دائما أسير شعاراته. يقول شعراً وتصعب عليه قافيته، وتعمل عقلانيته وحتى مصلحة نظامه بشكل متأخر. والنتيجة هي أخذ الرهائن، والحرب، والملف النووي، والسياسة المناهضة لأميركا، وشعار القضاء على إسرائيل، الذي أصبح أكثر تكلفة على شعبنا وبلدنا من كل ما سبقه من الشعارات.
مقياس ومعيار جميع البشر والحكومات الطبيعية هما التكلفة والمنفعة والمصالح الوطنية. لا يزال الحزب الشيوعي في السلطة في فيتنام. لقد كانوا، من قبل، في حالة حرب مع الأميركيين لسنوات. وقتل الأميركيون عدة ملايين من الفيتناميين، وقتل الفيتناميون عشرات الآلاف من الأميركيين، لكنهم الآن يتفاعلون مع الولايات المتحدة على أساس مصالحهم الوطنية. لكن مقياس ومعيار حكام النظام الإيراني مختلفان.
وبالطبع لا ينبغي أن نتجاهل عنصر العناد في شخصية خامنئي في مثل هذه القرارات. وكان خامنئي آخر من قال إنهم هاجموا أراضينا (هجوم إسرائيل على القنصلية الإيرانية).
في واقع الأمر، خامنئي حذر للغاية فيما يتعلق بمنفعة النظام. إنه ليس شخصاً يريد الصمود حتى النهاية مثل القذافي أو صدام. كما أن لديه تجربة حرب الثماني سنوات والاقتصاد المدمر. صحيح أن السياسة الخارجية للنظام الإيراني مناهضة لأميركا ومعادية لإسرائيل، وتسعى أيضاً إلى خلق "هلال شيعي"، لكن الحفاظ على النظام يعتبر أهم الواجبات. وهذا المبدأ ينقض المبدأين السابقين.
وبحسب إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد قُتل في عام 2023 ما مجموعه 152 من قوات الحرس الثوري الإيراني، وقُتل 123 منهم على يد الإسرائيليين في نفس الأشهر الثلاثة من عام 2024. وحتى الآن، لم ترد إيران بشكل مباشر على هذه الهجمات بصبر استراتيجي.
في رأيي، كانت هذه العملية في الأصل من أجل الراحة النفسية لنظام ولاية الفقيه ووكلائه واستعادة كرامة الجمهورية الإسلامية المهانة.
حرب الروايات
الآن نواجه الكثير من الأخبار الكاذبة في وسائل الإعلام التي تحكي عن النصر. وقد عبر البيانان الأول والثاني للحرس الثوري الإيراني، الذي ادعى أن العملية كانت ناجحة حتى قبل وصول الطائرات المسيرة والصواريخ إلى إسرائيل، عن هذه السياسة.
والآن انتهت العملية التي لا تختلف نتائجها عن "عملية عين الأسد"، والتي كانت أكبر قليلاً مما توقعه الجميع، وبدأت حرب الروايات.
وبحسب أخبار الجيش الإسرائيلي، فقد تم تحييد جميع الطائرات المسيرة وصواريخ كروز تقريبًا قبل وصولها إلى الهدف، وبالطبع، سقط عدد من الصواريخ الباليستية في إسرائيل، بما في ذلك قاعدة "نافاتيم"، التي يقول الإسرائيليون إنها لم تسبب ضرراً كبيراً.
ويأتي احتفال إيران بانتصارها بينما أصيبت فتاة عربية إسرائيلية صغيرة فقط في هذه العملية بسبب شظايا الصواريخ الإسرائيلية المضادة للصواريخ، وقد تفقد حياتها.
إن نظام ولاية الفقيه يتظاهر بالقوة ليقول للقوات الموالية له ووكلائه إننا رددنا أيضاً على إسرائيل التي قتلت قادتنا العسكريين، وبهذه الطريقة، استخدم دعاية مبالغ فيها، معظمها أكاذيب، على غرار ما فعله في الهجوم على "عين الأسد".
وكمثال على ذلك، فإن قناة "ضباط الحرب الناعمة" على "تليغرام" كتبت أن 44 ضابطا قتلوا في قاعدة "نافاتيم" في إسرائيل، وأن 18 شخصا في حالة خطيرة!
ومن ناحية أخرى، يعرف الرأي العام الإيراني بذكاء أن دعاية النظام الإيراني لا أساس لها من الصحة ويواجهها بالفكاهة.
يقول البعض إن خسائرنا في احتفال الأربعاء الأخيرة (جهارشنبه سوري) من السنة الإيرانية (انتهت في 19 مارس/آذار الماضي) كانت أكثر من هجوم طهران على إسرائيل، أو يقولون إن إيران لو صدرت سيارة "برايد" إلى إسرائيل لكانت قد تكبدت المزيد من الضحايا!
مَن المستفيد من هذا الهجوم؟
ورغم أن إيران تتظاهر بالقوة وتقول بشكل مبالغ فيه إنها طعنت إسرائيل طعنة عميقة، إلا أن ما فعلته يشبه البصق أو الصفع على وجه خصم قوي، وهو وإن لم يصبه بأذى، إلا أنه أهان كرامته.
ولم تتعرض سماء إسرائيل لهجوم بالصواريخ منذ عدة عقود. لقد مر شعب إسرائيل بليلة مخيفة. ويبدو أن الهجمات الواسعة بالطائرات المسيرة والصواريخ يصعب تحملها من قبل السلطات الإسرائيلية، التي كانت ترد دائماً بقبضة حديدية على كل من يختلس النظر إليها، واليوم تدعوها الولايات المتحدة وغيرها إلى التحلي بالصبر الاستراتيجي.
ومن النتائج السياسية لهذا الهجوم أن نتنياهو خرج جزئياً من وطأة الضغوط التي تعرض لها للقبول بوقف إطلاق النار في حرب غزة وعدم مهاجمة رفح، وبدأ الغربيون في دعم إسرائيل مرة أخرى. وداخل إيران، أخذ النظام الإيراني يمارس المزيد من الضغوط على النساء في الشارع.
وتظهر هاتان القضيتان أن الظروف غير العادية والصراع العسكري والحروب عادة ما تنتهي لصالح المتطرفين والديكتاتوريين.
والسؤال الرئيسي الآن هو: ما هي الخطوة التالية التي ستتخذها إسرائيل؟ إذا كانت الخطوة التالية لإسرائيل هي مواصلة الصراع (خاصة في وضع لم تحدث فيه أضرار جسيمة أو خسائر بشرية)، فهذا يشير إلى أن الهجوم الاستفزازي على قنصلية إيران كان فخًا، والآن يحاصر خامنئي إيران فيه.
ماذا سيحصل؟
الكرة الآن في ملعب الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو. وتمارس القوى الدولية، وخاصة الولايات المتحدة، الضغوط على إسرائيل لمنع استمرار هذا الصراع المدمر للمنطقة بأكملها.
ولعل الأهم من عملية إيران هي المواقف التي أعلنها رئيس هيئة الأركان المشتركة، وكذلك قائد الحرس الثوري الإيراني الذي قال: "لقد قررنا إنشاء معادلات جديدة. وأضاف: "من الآن فصاعدا، إذا اعتدى النظام الصهيوني على مصالحنا وممتلكاتنا وشخصياتنا ومواطنينا في أي وقت، فسنرد عليه من داخل إيران".
وهذا يعني فصلاً جديداً في الصراع المباشر بين إيران وإسرائيل.
إذا أراد الإسرائيليون الاستمرار في اغتيال قادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان، وفقًا للتصريح المهم الذي أدلى به حسين سلامي، القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني، باعتباره قرارًا استراتيجيًا جديدًا للنظام الإيراني، فإن هذا التحدي يمكن أن يتكثف تدريجيًا ويؤدي إلى مزيد من التوترات وحتى الحرب.
ربما لا يمانع نتنياهو وحكومته المتطرفة في استمرار هذا التوتر إذا كان يؤدي إلى إطالة عمر هذه الحكومة، لكن الضغوط العالمية تتجه إلى نتنياهو من أجل الصبر الاستراتيجي.
في هذه الأثناء، فُتح مجال جديد للمعارضة الإيرانية لاتخاذ موقف استراتيجي صحيح، بعيداً عن الصدامات العاطفية.
عارضت معظم القوى الوطنية الصراع العسكري والحرب. لكن لسوء الحظ، يرحب جزء من المعارضة بالصراع العسكري وتعزز الوهم بأن الحرب ستغير النظام.
ربما لو كان هناك حراك مليوني قوي في شوارع إيران لكانت الأحداث قد سارت في اتجاه مختلف، لكن الحرب في الوضع الحالي وتوازن القوى الاجتماعية في البلاد، ليس لها أي عواقب سوى مزيد من الدمار، والموائد الفارغة، وسبل العيش الأكثر صعوبة، والنظام الأكثر وحشية، والقمع الأكثر شدة للمجتمع المدني، وحركات الاحتجاج في الشوارع.
إن الشعار المناسب لكل القوى الوطنية الحقيقية يمكن الآن أن يكون: "السلام في المنطقة والحرية والديمقراطية لإيران".

تناول عدد من المحللين السياسيين، والخبراء في الشؤون الدولية، مآلات الهجوم الإيراني على إسرائيل، والتبعات التي سوف تترتب عليه، والمخاوف من اندلاع حرب واسعة في المنطقة.
وأكدوا أن الهجوم الإيراني، مساء أمس، السبت، شكَّل موجة من "تجديد التعهد الغربي بدعم وحماية إسرائيل".
وشنت إيران مساء السبت، 13 أبريل (نيسان)، هجومًا على إسرائيل، باستخدام عشرات الصواريخ والمُسيّرات.
وقدر مسؤولون إسرائيليون أن إيران استخدمت 185 مُسيّرة و36 صاروخًا من طراز كروز، و110 صواريخ أرض- أرض باتجاه إسرائيل، لكنها لم تلحق ضررًا سوى بقاعدة عسكرية إسرائيلية واحدة، في جنوب البلاد.
وجاء الهجوم الإيراني؛ ردًا على قصف إسرائيل مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، مطلع هذا الشهر، ومقتل قادة كبار في الحرس الثوري، من بينهم قائد فيلق القدس في سوريا والعراق، ونائبه.
هل كان الهجوم الإيراني ناجحًا؟
بدأ السؤال الملح يطرح نفسه على المحللين والمراقبين للشأن الدولي، عقب إعلان إيران إنهاء هجومها على إسرائيل، بعد ساعات قليلة من انطلاقه، لمعرفة ما إذا كانت إيران قد حققت الغاية من الهجوم وخلقت قوة رادعة في وجه إسرائيل، أم أن الهجوم كشف عن ضعف النظام الإيراني وخور منظومته العسكرية التي يتوعد بها منذ عقود؟
يكاد يجمع المراقبون، الذين أجرت قناة "إيران إنترناشيونال" مقابلات معهم، على أن الهجوم الإيراني على إسرائيل فتح الباب رسميًا أمام إيران للدخول في مرحلة جديدة من الصراع والتوتر.
وأشار الباحث في مركز "الشرق الأوسط والنظم العالمي"، شاهين مدرس، في مقابلته مع القناة، إلى "المأزق الجيوسياسي لإيران" أمام إسرائيل بعد الهجوم على مبنى قنصليتها في دمشق.
وقال: إن أي رد فعل عسكري مباشر في هذه الحالة يمكن أن يؤدي إلى سلسلة من التوترات العسكرية، لكن بما أن النظام الحاكم في إيران نظام "غير عقلاني"، فقد قرر أن يسلك طريق التصعيد.
ولفت رئيس حزب إيران الجديد، حامد شيباني راد، في مقابلته مع قناة "إيران إنترناشيونال"، إلى الإعلان عن الهجوم قبل بدء العملية، قائلًا: "أُرسلت إيران مئات الصواريخ والطائرات المُسيّرة على حساب الشعب، دون أن تجني أي فائدة منها.. واستغرق الأمر ساعات حتى تصل المقذوفات إلى وجهتها، لقد كان مجرد عرض وهمي".
وأكد الصحفي مهدي مهدوي آزاد، أيضًا، "التكلفة المالية الباهظة"، التي خلفها هذا الهجوم على الاقتصاد الإيراني، ووصفه بأنه "خطأ استراتيجي"، مثل الهجوم على باكستان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي لم يُعرف بعد ماهية الهدف والغاية من ورائه.
وأشار إلى أن التقارير الدولية خلصت إلى أن الهجمات الصاروخية والمُسيّرات التي شنها الحرس الثوري الإيراني على إسرائيل لم تكن ناجحة.. مؤكدًا أن مثل هذا النوع من الهجوم جعل إسرائيل تتخلص من
قلقها، الذي كان موجودًا منذ 4 عقود فيما يتعلق بموضوع القدرات العسكرية الإيرانية.
وأضاف آزاد، في تصريحه لـ "إيران إنترناشيونال"، أنه على الرغم من أن هذا الهجوم كان إعلانًا رسميًا بالحرب من قِبل إيران ضد إسرائيل، فإنه أظهر أن "استراتيجية هجوم النحل"، التي ظل المسؤولون الإيرانيون يتشدقون بها لفترة طويلة، لم تحقق أي شيء.
تعهد غربي بدعم إسرائيل أمام إيران
أكد الخبراء والمحللون أن الدعم والمساندة الغربية لإسرائيل في وجه إيران؛ من الخسائر التي حلت بطهران بعد هذا الهجوم؛ حيث أكدت العديد من الدول دعمها وتعهدها بالوقوف بجانب إسرائيل مقابل الهجمات الإيرانية "المتهورة".
وصرح رئيس حزب إيران الجديد، حامد شيباني راد، بأن هجوم إيران على إسرائيل كان "هزيمة أيديولوجية وسياسية وعسكرية" للنظام الإيراني وانتصارًا سياسيًا لإسرائيل؛ لأننا شهدنا ضغوطًا دولية ضد إسرائيل، في الأيام الأخيرة، بسبب هجماتها في غزة، ولكن منذ أمس نرى موقفًا دوليًا موحدًا وداعمًا لتل أبيب".
وتناولت وسائل إعلام أجنبية أيضًا هذا الموضوع، بالإضافة إلى هذه التحليلات والقراءات، ورأت أن إيران فشلت في هجومها على إسرائيل، وظهرت بمظهر ضعيف أمام خصمها التقليدي.
وقالت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، الأسبوعية، في تقرير لها، حول الهجوم الإيراني على إسرائيل، إنه يعد هزيمة من الناحية العسكرية، وأضافت: "قد تكون إيران وقعت في خطأ حسابي خلال الهجوم".
ووصف محرر الشؤون الدولية في قناة "فرانس 24" الإخبارية، فيليب تيريل، الهجوم الإيراني على إسرائيل، بأنه "لعب بالنار"، وقال إن إيران "قزم"، من حيث القدرات العسكرية، مقارنة بإسرائيل.
وأكد، في مقابلة مع هذه القناة، أن طهران، بعد الهجوم الإسرائيلي المميت على القنصلية الإيرانية في دمشق، ومقتل سبعة أعضاء الحرس الثوري، بينهم اثنان من كبار قادة فيلق القدس، أصبحت في موقف ضعيف، وكان ينبغي عليها التحرك لإثبات قدراتها العسكرية.
وقال تيريل: إن هناك احتمالًا أيضًا أن تكون إيران قد شنت هذا الهجوم، وهي تعلم القدرات الدفاعية الإسرائيلية.
هل ترد إسرائيل على هجوم إيران؟
السؤال الآخر، الذي لايزال مطروحًا في الأوساط السياسية المعنية بالشؤون الإيرانية والإقليمية، يدور حول موقف إسرائيل من الهجوم، وما إذا كانت تل أبيب تعتزم الرد على طهران أم لا؟ وما أبعاد ردها المحتمل وتبعاته؟
ورأى الباحث في مركز الشرق الأوسط والنظم العالمي، شاهين مدرس، في مقابلته مع قناة "إيران إنترناشيونال"، أن إسرائيل سوف ترد على الهجمات الإيرانية.
ويعتقد أن الولايات المتحدة لن يكون لها أوراق ضغط على إسرائيل لإقناعها بعدم الرد.
وقال مصدر إسرائيلي لـ "إيران إنترناشيونال"، إن الولايات المتحدة منعت الهجوم الإسرائيلي المخطط له، الليلة الماضية، على إيران، في اللحظة الأخيرة.
وأضاف هذا المصدر، أن الرد الإسرائيلي كان من المفترض أن يتم مباشرةً بعد هجوم إيران، لكن واشنطن عارضت هذا، وأوقفت العملية الإسرائيلية.
وأضاف محلل قضايا الشرق الأوسط، مهرداد فرهمند، لـ "إيران إنترناشيونال"، أن طهران تعول على الولايات المتحدة لمنع إسرائيل من الرد على الهجوم، الذي وقع مساء السبت، لكن احتمال شن هجوم على إيران ليس معدومًا.
ورأى أن رد إسرائيل، يهدد بشدة الوضع الاقتصادي للبلاد، بالإضافة إلى التسبب في أضرار جسيمة للمنشآت العسكرية الإيرانية.
وقال: "مثلما لا يمكننا التكهن بقرارات المسؤولين الإيرانيين، لا يمكننا القول على وجه اليقين إن إسرائيل لن ترد على هجمات إيران".
وقال الناشط السياسي، علي أفشاري، لـ "إيران إنترناشيونال": "لا يبدو محتملًا أن تنقل هذه التوترات مستوى الصراع من الحرب بالوكالة إلى حرب مباشرة أو شاملة، في الوقت الحالي"، مضيفًا: "لكن خطأً بسيطًا في الحسابات يمكن أن يشعل حربًا طويلة".
وقدر أنه من غير المرجح أن يحدث أي شيء جديد، حتى انعقاد الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن، بُناءً على طلب إسرائيل؛ لأن الأجواء في كلا البلدين عادت إلى طبيعتها، وتم رفع القيود المفروضة على الطيران والمرور.
وتم الإعلان في وقت سابق أن الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي سيُعقد على الأرجح اليوم، الأحد.

وصف الكاتب الصحفي، والمحلل السياسي اللبناني، يوسف دياب، في مقابلة خاصة مع "إيران إنترناشيونال"، الرد الإيراني على الضربة الإسرائيلية لقنصلية طهران في دمشق، بأنه رد "رفع العتب".
وأكد أن نتائج الضربة الإيرانية جاءت باهتة جدًا، ولم تُلحق ضررًا يُذكر بإسرائيل، بل كانت ضربة منسقة مع الولايات المتحدة الأميركية؛ لحفظ ماء الوجه؛ حتى لا تفقد إيران مصداقيتها؛ لأنني أعتبر استهداف قنصلية طهران في دمشق استهدافًا للأراضي الإيرانية.
وأوضح أن الهجوم الإيراني، عزز الوضع الشعبي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، داخل إسرائيل، وأعاد التعاطف الدولي والدعم الغربي لتل أبيب، وربما أعطى تفويضًا جديدًا لها؛ للتخلص من كل التهديدات التي تحيط بها، سواء في لبنان أو مع الحوثيين والفصائل الموالية لإيران في العراق.
وأشار دياب، ردًا على سؤال حول تداعيات الضربة الإيرانية على لبنان، إلى أن المعطيات تغيرت تمامًا، وأصبحت التحليلات تشير إلى اقتراب الحرب على بيروت لا محالة، لعدة أسباب، أولها أن إسرائيل باتت واثقة أنها إذا أشعلت الجبهة مع لبنان، فلن تكون هناك تهديدات خارجية؛ لأن إيران لن تفتح جبهة على إسرائيل؛ حيث إن النظام الإيراني، تلقى رسائل حاسمة أنه إذا تورط بالحرب مع إسرائيل ستكون لها تداعيات وخيمة، ولذلك ستتغير الحسابات، اليوم، بالنسبة للجانب الإيراني، أو الجانب الإسرائيلي، الذي يبدو أنه أصبح يمتلك تفويضًا دوليًا للاستمرار في العمليات العسكرية، سواء لإنهاء وضع رفح في قطاع غزة، أو الجبهة الشمالية للبنان.
أضاف، أن السبب الثاني هو نزوح أكثر من مائة ألف مستوطن إلى الداخل الإسرائيلي، واقتراب عودة الدراسة، التي تبدو مستحيلة قبل عودة الهدوء للوضع الأمني، إضافة إلى أن إسرائيل لن تبقي على الوضع كما كان قبل 7 أكتوبر؛ لأن هذا في ذهن الإسرائيليين هو طوفان أقصى جديد محتمل من لبنان؛ لذلك فإن إسرائيل عازمة على إنهاء هذا الوضع.
أشار إلى أن السبب الثالث هو أنه قبل الرد الإيراني كان هناك "فيتو أميركي" ضد فتح جبهة مع لبنان، واليوم بعد إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، صراحةً أنه سيدافع عن أمن إسرائيل، تغيرت الأولويات السياسية الأميركية، وهذا ما سيظهر في الأيام المقبلة.
وأكد دياب أن إسرائيل تريد الحرب مع لبنان؛ لتصل إلى حل سياسي، وإذا فشل الحل السياسي فقد هيأت الأرضية العسكرية لذلك؛ حيث قد قامت بالفعل بتدمير الكثير من المناطق الجنوبية والقرى اللبنانية؛ إذ إنها تعتمد سياسة الأرض المحروقة والمدمرة؛ لتقوم بغزو بري، كما حدث في غزة، وتدخل إلى منطقة شبه مُبادة تقريبًا، وهذا ما يسهِّل عليها عملية الاجتياح البري للبنان.
واستبعد دياب، قبول حزب الله بالحل السياسي؛ لأنه إذا قبل هذه الفرضية، سيتحتم عليه التراجع عن الجنوب، وبذلك تكون إسرائيل قد انتصرت، ومِن ثمَّ سيخسر حزب الله مبررات وجود سلاحه في جنوب لبنان لتحرير الأراضي اللبنانية وتحرير فلسطين والمجسد الأقصى، وهذا ما يصعِّب الموقف في لبنان، ولذلك أقول إننا في ظل أفق مسدود أمام الحل السياسي في لبنان، وهذا ما سيدفع إلى الحرب والحل العسكري أكثر من أي وقت مضى.
وحذر دياب من أن فتح جبهة مع لبنان سيجر إيران وأميركا وحلف "الناتو" إلى الحرب، وسنكون أمام حرب إقليمية لا مفر منها، إذا ما تورط لبنان؛ حيث تصر إسرائيل على أن هذه الحرب هي حرب وجودية وهي الحرب الأخيرة لها؛ لكي تتخلص من كل التهديدات المحيطة بها.
واختتم الكاتب الصحفي يوسف دياب حديثه لـ "إيران إنترناشيونال" قائلًا: إذا وُجِد حل سياسي بإقامة دولتين: فلسطينية وإسرائيلية، تحت رعاية دولية، بعد أحداث غزة، وقبلت به كل الفصائل الفلسطينية، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما، فأتوقع سقوط الأذرع الإيرانية ومبررات وجودها في المنطقة، خاصة أننا عندما نتحدث عن الحل في فلسطين فهو الحل أيضًا للمشكلة في لبنان؛ حيث إنه بعد ترسيم الحدود البحرية للبنان مع إسرائيل، لا شيء يمنع ترسيم الحدود البرية معها، مما سيفض إلى الطرح الآتي: يا حزب الله، القضية الفلسطينية حُلت وإسرائيل انسحبت من المناطق التي تطالب بتحريرها في لبنان، ومن ثمَّ لا مبرر لوجودك؛ فلتكن جزءًا من الدولة اللبنانية وسلِّم سلاحك، وذلك ما سيضعف حلفاء إيران في المنطقة.

ما مآلات عملية "الوعد الصادق" التي نفذتها إيران بإطلاق مئات الطائرات المُسيّرة وعدة صواريخ على إسرائيل؟
أخيرًا، بعد 12 يومًا من الهجوم الصاروخي القاتل المنسوب للجيش الإسرائيلي على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، تم تنفيذ العملية الانتقامية للنظام الإيراني.
وأطلقت منظمة "الجو فضائية" التابعة للحرس الثوري الإيراني، في هذه العملية، عددًا من الطائرات الانتحارية المُسيّرة، وصواريخ كروز، وصواريخ باليستية على أهداف في جنوب ووسط إسرائيل.
ولم يتم ذكر عدد الأسلحة المستخدمة في بياني الحرس الثوري الإيراني، اللذين زعما، قبل دخول جميع الطائرات المُسيّرة والصواريخ إلى الأجواء الإسرائيلية، أن الأهداف المقصودة قد تم تدميرها!
وقالت مصادر إسرائيلية مجهولة لصحيفة "نيويورك تايمز" إنه تم إطلاق 185 طائرة مُسيّرة، و36 صاروخ كروز، و110 صواريخ باليستية أرض- أرض من الأراضي الإيرانية إلى إسرائيل.
وبالإضافة إلى ذلك، تعرضت إسرائيل لهجوم بطائرات مُسيّرة متفجرة من داخل لبنان والعراق واليمن.
وتدور حرب إعلامية ونفسية بين الجانبين منذ بداية العملية، وهناك تناقض في تقييم نتائج العملية، وحرب الروايات هي المسيطرة حاليًا؛ ففي رواية إيران تعرضت قاعدة "نافاتيم" الجوية لأضرار جسيمة، وأصابت نصف الصواريخ الأهداف المحددة وأُصيب عدد من القوات العسكرية، كما زعم قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، في مقابلة مع مراسل الإذاعة والتليفزيون الإيراني، أن عملية "الوعد الصادق" كانت محدودة، وطالب الحكومة الإسرائيلية بتعلم الدرس، وعدم الهجوم داخل الأراضي الإيرانية، وإلا فإنها ستواجه ردًا أقسى.
وفي المقابل، زعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أنه تم اعتراض 99 بالمائة من الصواريخ والطائرات المُسيّرة بمساعدة القوات العسكرية الأميركية والبريطانية والفرنسية، ولم يتعرض سوى مركز عسكري واحد، "نافاتيم" على الأرجح، لأضرار طفيفة، كما نُقِل 12 شخصًا إلى المستشفى، أُصيب معظمهم بجروح أو بصدمة نفسية، ولم تُصَب سوى فتاة عربية تبلغ من العمر 10 سنوات من السكان البدو في صحراء النقب بجروح خطيرة وتتلقى العلاج.
وتشير التطورات إلى أن الصراع المستمر منذ 44 عامًا بين إيران وإسرائيل قد دخل في مرحلة جديدة يمكن أن تغيِّر قواعد اللعبة.
لقد أنهت إيران تجنب الصراع المباشر مع إسرائيل، وهو الأمر الذي لم يكن رغبتها الأصلية، بالطبع، كما أن شدة الرد الهجومي الإسرائيلي وتغيير سياستها باستهداف قادة الحرس الثوري الإيراني بدلاً من الوكلاء، وضعا النواة الصلبة للنظام في موقف يسمح لها بإعادة بناء الردع؛ لتنفيذ عمليات أكثر قوة، مقارنةً بالماضي.
وتجدر الإشارة إلى أن اقتصاد الشعب الإيراني ومعيشته، والقلق من تعريض سلامته وحياته للخطر، ليسا من العوامل التي تعيق النظام الإيراني؛ حيث إن الطبيعة القتالية لهذا النظام السياسي تجعله يرحب بالنزعة العسكرية.
لكن السؤال الخطير الذي يطرح نفسه هو: ما مدى تأثير عملية "الوعد الصادق" وإمكانية إعادة بنائها بشكل فعّال؟
الجواب الدقيق عن هذا السؤال يتطلب الحصول على مزيد من المعلومات، والتحقق من ادعاءات الطرفين، لكن في ضوء الملاحظات المتوفرة، فإن هذه العملية لم تحقق الأهداف الرادعة المرجوة.
وفي التحليل النهائي، يبدو أن عدد الطائرات المُسيّرة والصواريخ التي تم إطلاقها، ليس مهمًا، لكن نتيجتها النهائية من الدمار والقتل حاسمة من الناحية العسكرية والاستراتيجية.
ولم تقدم المصادر العسكرية والدفاعية الإيرانية حتى الآن مقاطع فيديو موثوقة لصواريخ تضرب إسرائيل، وكان هدف الطائرات المُسيّرة على ما يبدو هو تعطيل نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ والدفاع الجوي الإسرائيلي.
وإذا كان ادعاء إسرائيل صحيحًا؛ فهذا يعني تفوق إسرائيل في القوة الدفاعية ضد القوة الهجومية، وهو ما تم تحقيقه بالطبع بمساعدة أميركا وبريطانيا، ولا تمتلك إيران مثل هذه القوة الدفاعية، ومن غير المرجح أن تحظى بدعم روسيا والصين على الأقل في المدى القصير.
لذلك، فإن العملية التي تم تنفيذها، بالإضافة إلى أنها ليست مناورة قوة، تكشف أيضًا عن نقاط الضعف والأيدي الفارغة لدى النظام الإيراني، الأمر الذي يمكن بدوره أن يشجع إسرائيل على تكثيف نهجها الهجومي، وبذلك، لم يتم تحقق الردع الفعال.
وبطبيعة الحال، هناك أيضًا احتمال أن تكون العملية قد صُممت عمدًا؛ بحيث لا تسبب أضرارًا كبيرة وخسائر بشرية، وتكون "دفاعًا مشروعًا" في إطار القوانين الدولية، لكن تحييدها من قِبل نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي وحلفاء تل أبيب، يجعل من الصعب تصديق هذه الفرضية.
وفي هذه الظروف، فإن رواية إسرائيل عن انتقام إيران، تؤكد أن هذا الانتقام لا يتساوى مع مقتل سبعة من قوات الحرس الثوري الإيراني، اثنان منهم كانا من كبار المسؤولين العسكريين؛ لذلك لا يوجد سبب للرد، إلا إذا كان المقصود هو زيادة التكلفة لمنع تكرار الهجوم المباشر على إسرائيل. ومِن ثمَّ، إذا لم تمنع حكومة الولايات المتحدة ذلك، فهناك احتمال كبير بأن ترد إسرائيل مرة أخرى، وتشن سلسلة من العمليات المضادة.
وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يرحب باستمرار المناخ الأمني، واتساع التوتر بشكل مسيطر عليه، وأن المناخ الأمني أمر مرغوب فيه أيضًا بالنسبة للنظام الإيراني، بشكل عام، فإن كلا الجانبين، والشرق الأوسط والعالم، لا يريدون نشوب حرب تقليدية جديدة.
لذلك، لا يبدو أن توسع مستوى التوتر والانتقال من الحرب بالوكالة إلى حرب مباشرة محدودة أو حرب شاملة، أمر مرجح، في الوقت الحالي، لكن خطأً بسيطًا في الحسابات يمكن أن يشعل حربًا طويلة.
ومن غير المرجح أن يحدث أي جديد حتى انعقاد الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن بُناءً على طلب إسرائيل، وقد أصبحت الأوضاع طبيعية في كلا البلدين، وتم رفع القيود المفروضة على الطيران وحركة المرور.

تعرضت المنشآت النووية الإيرانية، خلال السنوات الأخيرة، لهجمات إلكترونية وهجمات بطائرات مسيرة عدة مرات، كما لقي بعض قادة الحرس الثوري الإيراني البارزين مصرعهم إثر غارات جوية في سوريا أو بوسائل أخرى في إيران.
ولا تقتصر الهجمات السيبرانية، التي تشنها إسرائيل، على المنشآت النووية الإيرانية، ولا تعلق إسرائيل عادة على هجماتها ضد إيران، ونادرًا ما أكدت تل أبيب أو نفت مثل هذه الهجمات.
وشكل انفجاران في خطوط أنابيب الغاز الطبيعي الإيرانية، في منتصف فبراير (شباط) الماضي، تهديدًا خطيرًا لأمن الطاقة في إيران؛ حيث حمَّل وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، إسرائيل مسؤولية انفجار خطوط أنابيب الغاز في محافظات: فارس وجهارمحال وبختياري، واصفًا إياه بالعمل الإرهابي.. وتبين لاحقًا أن هذه الانفجارات كانت نتيجة هجوم سيبراني.
7 أكتوبر وتزايد التوتر في المنطقة
دخل الشرق الأوسط، خاصة منطقة البحر الأحمر، مرحلة جديدة من التوتر والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة، بعد هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ولم تؤثر هجمات الحوثيين على السفن وناقلات النفط في البحر الأحمر وخليج عدن على أسواق الطاقة العالمية فحسب، في أعقاب الرد الإسرائيلي على هذه الهجمات، بل أدت أيضًا إلى زيادة مخاطر سلاسل التوريد العالمية.
وأظهر الحوثيون، باعتبارهم أحد وكلاء إيران، أنفسهم كعامل في المعادلات الإقليمية، من خلال خلق حالة من انعدام الأمن في هذه المنطقة، وسعت طهران بالمقابل من خلال الحوثيين إلى الحصول على تنازلات من الغرب.
مقتل قادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا
دخل التوتر في المنطقة، مرحلة جديدة بعد مقتل قادة كبار بالحرس الثوري الإيراني في هجوم إسرائيل على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، يوم الإثنين الأول من أبريل (نيسان). ويعتقد بعض الخبراء أن هذه الغارة الجوية تسببت في عودة اهتمام وسائل الإعلام والرأي العام من غزة إلى إيران لفترة من الوقت.
ويرى مراقبون أن تصفية قادة فيلق القدس والمجموعات التابعة لإيران في المنطقة، ليست نتيجة الأحداث التي تشهدها المنطقة، على سبيل المثال، لا تقتل إسرائيل قادة الحرس الثوري الإيراني ردًا على هجمات الصواريخ الباليستية الحوثية، لكن إسرائيل تستهدفهم وفقًا للخطط وبشكل تدريجي، حتى لا تتمكن الجمهورية الإسلامية من الرد على الهجمات الإسرائيلية بشكل قوي.
رد إيران المحتمل على مقتل قادة الحرس الثوري الإيراني بدمشق
بعد مقتل قاسم سليماني في بغداد، في يناير (كانون الثاني) عام 2020، إثر هجوم شنته القوات الأميركية، كان من المتوقع أن ترد إيران بقوة شديدة على هذا الهجوم، وكانت قاعدة عين الأسد، مقر القوات الأميركية في غرب العراق، هدفًا للهجمات الصاروخية للحرس الثوري الإيراني، رغم أن الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، أعلن لاحقًا أن إيران أبلغت الولايات المتحدة قبل تنفيذ هذه الهجمات، وأن هذه الهجمات كانت للاستهلاك المحلي فقط.
وكانت الهجمات على المصالح الإسرائيلية في المنطقة أحد خيارات إيران في السنوات الأخيرة، وزعم الحرس الثوري الإيراني، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أنه استهدف "مراكز تجسس" إسرائيلية في إقليم كردستان العراق بالصواريخ الباليستية.
وطالبت بعض الجماعات والتيارات السياسية الإيرانية، بمن في ذلك أعضاء سابقون بالبرلمان، باستهداف السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأذربيجانية، باكو، بعد حرب ناغورنو كاراباخ الثانية وضعف موقف إيران في القوقاز.
وعلى الرغم من أن العلاقات بين إيران وأذربيجان كانت متوترة في السنوات الأخيرة، فإن أي هجوم من قبل إيران على السفارة الإسرائيلية في باكو لن يؤدي إلى تفاقم العلاقات بين طهران وباكو فحسب، بل سيؤثر أيضًا على علاقات تركيا- حليفة أذربيجان- مع إيران.
الانتقام الصعب أم الصبر الاستراتيجي؟
إن دخول حرب شاملة مع إسرائيل أو أي دولة أخرى، ليس في مصلحة نظام الجمهورية الإسلامية، بالنظر إلى الوضع الاقتصادي السيئ لإيران واستمرار العقوبات.
وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إلى النظام الإيراني، لعدم رده على الهجمات الإسرائيلية والهجمات في كرمان خلال مراسم الذكرى السنوية لمقتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، إلا أنه يبدو أن قيادة النظام في الوضع الحالي ترجح ما بات يعرف بـ "الصبر الاستراتيجي" على الانتقام.
وعلى الرغم من تزايد التوتر الإقليمي الناجم عن توسع الصراعات، التي بدأت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، وبعد مقتل قادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا، فيبدو أن إيران تتمسك بما يعرف بـ "الصبر الاستراتيجي" أمام التحديات القائمة.
موقف أميركا من التطورات الإقليمية
واجهت سياسة استرضاء إدارة بايدن مع إيران، في السنوات الأخيرة، ردود فعل غاضبة من الجمهوريين في مجلسي الشيوخ والكونغرس الأميركيين. وتسببت أزمة الطاقة وارتفاع أسعار ناقلات الوقود في الولايات المتحدة وزيادة التضخم في إعطاء حكومة بايدن الضوء الأخضر لزيادة بيع النفط الإيراني في السوق، رغم استمرار العقوبات.
وأعلن وزير الخارجية الإيراني، أمير عبداللهيان، بعد الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، أنه بعث بـ "رسالة مهمة إلى أميركا"، وأكد أنه تم استدعاء القائم بأعمال السفارة السويسرية لإرسال هذه الرسالة.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، ردًا على تصريحات المسؤولين الإيرانيين وقادة الحرس الثوري: "لم يكن لنا أي دور في هجوم دمشق".
وبالنظر إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة والحاجة إلى استمرار الاستقرار في سوق الطاقة العالمية، فإن حكومة الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ بشأن الصراع بين إيران وإسرائيل، أو عملاء طهران في المنطقة، كما لا ترغب إيران بالدخول في صراع مباشر مع إسرائيل، رغم رفعها مستوى التهديدات ضد تل أبيب والايات المتحدة.
كيف سيكون الرد الإيراني المحتمل؟
إن تزايد التوتر بين إيران وإسرائيل سيفقد قضية غزة أهميتها في نظر الإعلام والمجتمع الدولي، وهذا لصالح حكومة نتنياهو، كما أن إسرائيل لا تريد صراعًا واسع النطاق مع إيران وتفضل ردودًا واضحة على السياسة الإقليمية للجمهورية الإسلامية من خلال استهداف قادة الحرس الثوري الإيراني وقادة الميليشيات التابعة لطهران من وقت لآخر. وبهذا الإجراء، سيتم تقليل حجم الهجمات المحتملة التي تشنها القوات التابعة للنظام الإيراني في المنطقة على مصالح إسرائيل.
ويبدو أننا سنشهد زيادة في الهجمات الصاروخية الحوثية على المواقع الإسرائيلية على المدى القصير؛ ومع ذلك، فإن معظم الهجمات الصاروخية التي يشنها الحوثيون لا يمكن أن تسبب أضرارًا كبيرة لإسرائيل؛ بسبب بُعد المسافة ونظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي.
والخيار الثاني قد يكون هجمات بطائرات مُسيّرة من قِبل الحوثيين وحزب الله على إسرائيل. ولم يدخل حزب الله اللبناني في صراع شامل مع إسرائيل منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، لأن إضعاف هذه المجموعة يعرض مصالح إيران في المنطقة للخطر.
وربما تفكر إيران، أيضًا، في شن هجمات صاروخية على إقليم كردستان العراق لتخفيف الضغط الشعبي والرد على الأصوليين، لكن على أي حال، فإن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الإيرانية لا تسمح بصراع عسكري شامل مع إسرائيل، ولذلك قد نشهد استمرار سياسة الصبر الاستراتيجي.