الهند تتولى إدارته 10 سنوات.. عقبات لوجيستية وسياسية تواجه تطوير ميناء تشابهار الإيراني
بعد الإعلان عن تولي الهند إدارة وتطوير ميناء تشابهار الإيراني لمدة 10 سنوات، برزت تساؤلات عن الأسباب التي دفعت نيودلهي وطهران لتوقيع هذا الاتفاق، ومدى تأثيره في حركة التجارة بآسيا الوسطى، خاصة وأن تشابهار منافس لميناء غوادار الباكستاني، الأمر الذي قد يسبب قلقا مع باكستان والصين.
حصلت "إيران إنترناشيونال" على معلومات حصرية تظهر أن قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد رضا زاهدي، الذي قُتل في الهجوم على دمشق المنسوب لإسرائيل، ذهب إلى دمشق من اللاذقية لتجنب الهجوم الإسرائيلي.
وقد تم قتل محمد رضا زاهدي، الملقب بأبي مهدي، رئيس المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا ولبنان، في هجوم إسرائيلي على قنصلية إيران في دمشق الساعة 5:00 مساءً يوم 1 أبريل بالتوقيت المحلي.
وفي هذا الهجوم قتل خمسة أعضاء آخرين في فيلق القدس، ومستشار إيراني، وستة أعضاء سوريين فيما يسمى بجبهة المقاومة، وعضو في حزب الله اللبناني.
جدير بالذكر أنه خلال التسعينيات، اشترت إيران 11 طائرة أنتونوف 74، أربع منها من سلسلة N وتم تسليمها إلى الحرس الثوري.
وتعود ملكية هذه الطائرات لشركة طيران "ياس إير" التابعة للحرس الثوري الإيراني، والتي تحطمت إحداها في مطار مهرباد في ديسمبر 2006 وقُتل فيها 38 شخصًا.
وفي عام 2012، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على "ياس إير" بسبب دورها في تهريب الأسلحة إلى المنطقة. وتم توفير ثلاث طائرات أخرى من طراز أنتونوف-74 لهذه الشركة في هذه السنوات، ينقل بها الحرس الثوري الإيراني الأسلحة إلى سوريا ويرسل قادة فيلق القدس إلى المنطقة.
ويوم الثلاثاء 7 مايو(أيار)، أحيا النظام الإيراني في طهران وأجزاء أخرى من إيران، الذكرى الأربعين لمقتل قادة الحرس. وفي هذه المراسم، ادعى حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري، أن إسرائيل آيلة للزوال، وقالت زينب سليماني، ابنة قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري أنه فقط من خلال تدمير إسرائيل يمكن الثأر لدماء محمد رضا زاهدي وغيرهم من قادة الحرس الثوري الذين قتلوا في المنطقة بمن فيهم محمد هادي حاجي رحيمي، ورضي موسوي ورفاقهم.اجمت إيران إسرائيل بأكثر من 300 صاروخ كروز وصواريخ باليستية وطائرات مسيرة. وكان هذا أول هجوم مباشر لطهران على تل أبيب.
ورداً على العمليات العسكرية الإيرانية، استهدفت إسرائيل قاعدة شكاري الجوية الثامنة في أصفهان صباح يوم 19 أبريل(نيسان).
وبعد وفاة زاهدي، أثيرت تكهنات مختلفة حول كيفية كشف أمره. وحصلت "إيران إنترناشيونال"، بالتعاون مع حساب "إنتيلي تايمز" الإخباري، الذي ينشر الأخبار الأمنية المتعلقة بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، على أحداث اليوم الأخير من حياة قائد فيلق القدس في تحقيق مشترك.
ففي مساء يوم 31 مارس(آذار)، كان زاهدي في مسقط رأسه، أصفهان، وذهب مع صديقه مسيح توانكر لزيارة أحد رفاقه السابقين. وبحسب وسائل إعلام إيرانية، قال توانكر لزاهدي: "أخاف عليك في إيران أكثر من سوريا ولبنان، فهي ملوثة وأنت تسافر بسهولة شديدة".
وقال زاهدي إنه وجه التحذير نفسه لعماد مغنية، القائد الكبير في حزب الله، قبل سنوات. وقُتل مغنية في انفجار بالعاصمة السورية دمشق عام 2008.
وأكد زاهدي لتوانكر إنه سيتوجه إلى سوريا غدا.
وتشير وكالات الأنباء الإيرانية أيضًا إلى أنه بعد هذا الاجتماع، ذهب القائد الكبير للحرس الثوري إلى مشهد لزيارة قبر الإمام الشيعي الثامن. وهناك، أخبر أحمد مروي، المسؤول عن العتبة الرضوية، وشخصًا آخر، أنه يريد الذهاب إلى سوريا.
وقالت مصادر إعلامية لـ "إيران إنترناشيونال" إنه توجه من مشهد إلى طهران وإلى مطار مهر آباد في الساعة الواحدة صباحا، حيث يوجد لدى الحرس الثوري الإيراني محطة مخصصة لنقل الأسلحة إلى سوريا والعراق. وتتم إدارة هذه المحطة تحت إشراف وحدة فيلق القدس 190 التابعة للحرس الثوري الإيراني بقيادة بهنام شهرياري.
من طهران إلى اللاذقية
وبينما كان يُعتقد سابقًا أن زاهدي ذهب مباشرة إلى دمشق، اكتشفت "إيران إنترناشيونال"، بمساعدة مصادر استخباراتية وفي تحقيق مشترك مع "إنتيلي تايمز"، أنه ذهب من طهران إلى ميناء اللاذقية في شمال غرب سوريا بطائرة أنتونوف 74.
وهبطت هذه الطائرة في قاعدة حميميم الجوية، وهو مطار تسيطر عليه روسيا، وبالتالي فإن سماءها محمية بنظام الدفاع الصاروخي إس 300، ولا تهاجم إسرائيل ذلك المكان.
وتقول وسائل إعلام إقليمية إن الحرس الثوري الإيراني يسلم الأسلحة، التي تجلبها طائرات الأنتونوف من إيران، إلى الوحدة 4400 التابعة لحزب الله في لبنان باستخدام الطرق البرية والبحرية. وهذه الوحدة تدار بإشراف الشيخ فادي واسمه الحقيقي محمد جعفر قصير. وقد سافر إلى طهران مع بشار الأسد في مارس 2019، وكما تظهر صور وسائل الإعلام الرسمية، ذهب أيضًا للقاء علي خامنئي.
وفي القاعدة الجوية الروسية في اللاذقية، توجد أيضًا محطة للرحلات الداخلية. ذهب محمد رضا زاهدي إلى دمشق بنفس الطائرة من طراز أنتونوف 74. لكنها لم تهبط في المطار الدولي بالعاصمة السورية. وبحسب المعلومات التي قدمتها المصادر الاستخباراتية، هبطت الطائرة الصغيرة التي تقل زاهدي في إحدى قاعدتي مزة وبيلي العسكريتين.
ولم تتمكن "إيران إنترناشيونال" من معرفة أي من هاتين القاعدتين العسكريتين ذهب إليها زاهدي. المسافة بين قاعدة مزة ومبنى قنصلية إيران خمس دقائق بالسيارة.
ووفقا لـ "بلومبرغ"، قبل دقائق قليلة من الهجوم، وصل زاهدي أخيرا إلى القنصلية، وذهب إلى الطابق الثاني. وقبل ساعات من الهجوم المنسوب إلى إسرائيل، تم نقل سكان السفارة والقنصلية الإيرانية إلى مجمع سكني في نفس الشارع، حيث يعيش شقيقا بشار الأسد أيضًا.
ووفقا لقول سفير إيران، أطلقت مقاتلات إسرائيلية من طراز إف-35 ستة صواريخ على القنصلية عند الساعة الخامسة مساء.
وبحسب "بلومبرغ"، تم خلال الهجوم تدمير فرع قيادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا؛ وكان من بين من قتلوا زاهدي، الذي وصفه حسن نصر الله بأنه رئيس المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا ولبنان.
وفتح موته الباب أمام إيران لتوجيه عملية عسكرية ضد إسرائيل.
وفي مساء يوم 13 أبريل(نيسان)، هاجمت إيران إسرائيل بأكثر من 300 صاروخ كروز وصواريخ باليستية وطائرات مسيرة. وكان هذا أول هجوم مباشر لطهران على تل أبيب.
ورداً على العمليات العسكرية الإيرانية، استهدفت إسرائيل قاعدة شكاري الجوية الثامنة في أصفهان صباح يوم 19 أبريل(نيسان).
يستمر سوق الإسكان في إيران بفرض أعباء مالية هائلة على المواطنين، وخاصة المستأجرين، حيث ترتفع الإيجارات بوتيرة متسارعة إلى مستويات غير مسبوقة، ما يجعل الكثيرين يكافحون من أجل تحمل تكاليف السكن.
وما لا يخفى أن السبب الرئيسي لارتفاع الإيجارات وأسعار العقارات هو استمرار ارتفاع التضخم، حيث ظل أعلى من 40 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية. وقد انخفضت العملة الوطنية، الريال، أكثر من 15 ضعفًا منذ عام 2018 عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وأعادت فرض العقوبات على صادرات النفط الإيرانية.
وقد شارك عظيمي، أحد سكان المنطقة الخامسة في بلدية طهران، الواقعة شمال غرب العاصمة، تجربته المؤلمة مع موقع "خبر أونلاين" الإخباري في طهران، حيث سلط الضوء على الواقع المرير الذي يواجهه عدد لا يحصى من الإيرانيين.
وقال عظيمي متأسفا: "لقد رفع صاحب منزلنا السعر أكثر مما أستطيع تحمله". وبعد زيادة الإيجار بنسبة 40 بالمائة التي طلبها المالك، وجد عظيمي نفسه غير قادر على تلبية هذا المبلغ الباهظ. وفي محاولة يائسة للحصول على بدائل، سعى إلى البحث عن أماكن إقامة أصغر حجمًا، لكنه قوبل بإيجارات أعلى بكثير لمساحات معيشة أصغر، فما كان له أي خيار قابل للتطبيق سوى الانتقال إلى منطقة أخرى.
وكشفت أحدث التقارير الصادرة عن صحيفة "دنياي اقتصاد" الاقتصادية الإيرانية اليومية عن زيادة مذهلة بنسبة 42 بالمائة في الإيجارات أبريل 2024 مقارنة بالعام السابق، مع توقعات تشير إلى مزيد من الارتفاعات في الأشهر المقبلة، ما يؤدي إلى تفاقم محنة المستأجرين الإيرانيين الذين يعانون بالفعل من الهشاشة المالية.
وشدد عظيمي على تكاليف الإيجار غير المتناسبة في منطقته، والتي تتراوح بين 4-5 مليارات ريال سنويًا، أي ما يقرب من 6510 دولارًا إلى 8140 دولارًا، بمتوسط حوالي 610 دولارات شهريًا، ما يجعل الإيجار في منطقته في غير متناول المواطن العادي. ومع حصول موظفي الخدمة المدنية والعمال العاديين على رواتب شهرية هزيلة لا تتجاوز 200 دولار إلا بالكاد، فقد وصل التفاوت بين الدخل وتكاليف السكن إلى مستويات مثيرة للقلق.
علاوة على ذلك، فإن الاحتمال الصعب لشراء منزل لا يزال بعيد المنال بالنسبة للكثيرين بما في ذلك عظيمي، حيث يبلغ متوسط تكلفة المتر المربع الواحد من الشقق في طهران ومعظم المدن الكبرى الأخرى أكثر من 1150 دولارًا.
وأضاف عظيمي: "أنا مستأجر في طهران منذ سنوات عديدة، لكنني لم أتمكن بعد من الحصول على قرض سكني".
وأعرب ساكن آخر من نفس المنطقة عن قلقه بشأن أزمة سوق الإيجار المتفاقمة، قائلًا: "على الرغم من وجود العديد من العقارات المتاحة للإيجار، تكمن المشكلة في أسعارها التي لا يمكن للمستأجرين المحتملين تحملها، ما يتركنا نتساءل من يمكنه تحمل تكاليفها بالفعل؟". وأضاف: "في الواقع، واجهنا ارتفاعًا في الإيجار بنسبة 100 بالمائة مقارنة بالعام الماضي، وليست هناك خطط متوقعة لمساعدتنا".
وأشار ناشط نقابي من المنطقة السابعة في طهران، إحدى المناطق الحضرية في العاصمة، إلى الزيادة المذهلة بنسبة 50 بالمائة في سوق الإيجارات وإلى ركود السوق العقاري بسبب تراجع القدرة الشرائية فيما يتعلق بملكية المنازل، مضيفا أنه "لا أحد قادر على شراء منزل، أسعار العقارات انخفضت بشكل طفيف، لكن انخفاض الأسعار لم يكن بسبب السيطرة على التضخم، بل بسبب الانخفاض الحاد في القوة الشرائية".
ووفقاً للإحصائيات الصادرة عن مركز الإحصاء الإيراني، شهد سوق الإسكان معدل تضخم سنوي يقارب 40 بالمائة في الأشهر الاثني عشر السابقة. علاوة على ذلك، في أواخر العام الماضي، كشفت صحيفة "دنياي اقتصاد" عن إحصائية مذهلة حيث إن متوسط الوقت الذي يحتاجه الناس لتوفير ما يكفي من المال لشراء منزل في طهران ارتفع إلى 112 عاماً.
وبينما يتحمل الإيرانيون الهجمة المتواصلة لارتفاع الإيجارات، فإن التدخل العاجل واتخاذ التدابير الشاملة أمر ضروري لمعالجة أزمة الإسكان. ومع ذلك، فإن ما يزيد من مشاكل المستأجرين الإيرانيين هو عدم التدخل والدعم الحكومي.
وعلى الرغم من وعد الرئيس إبراهيم رئيسي خلال حملته الرئاسية لعام 2021 بمعالجة أزمة الإسكان في إيران من خلال بناء مليون منزل بأسعار معقولة كل عام، إلا أنه لم يكن هناك ما يشير إلى تسليم أي مساكن جديدة. علاوة على ذلك، ففي عام 2022، ظهرت تقارير تفيد بأن البنوك الإيرانية ترفض منح القروض العقارية للمواطنين، على الرغم من وعد الحكومة بمساعدة العمال ذوي الدخل المنخفض.
وفي خضم معاناة الإيرانيين من معدل تضخم سنوي تجاوز 40 بالمائة على مدى السنوات الخمس الماضية، بالإضافة إلى انخفاض الأجور وانخفاض العملة الوطنية التي تتجاوز الآن 610 آلاف ريال مقابل الدولار الأميركي، يتعين عليهم الآن مواجهة التحدي الهائل المتمثل في تأمين سقف فوق رؤوسهم.
تستمر احتجاجات المعلمين الإيرانيين، كل عام، وفقًا للمبادئ الثلاثة الأساسية والمهمة المنصوص عليها في الدستور، وهي: "اتباع القانون والسلمية واللاعنف"، ودائمًا ما كان رد النظام هو القمع.
"الاحتجاج مسموح لكن الشغب محظور"
هذه هي الجملة، التي تتردد كثيرًا من السلطات العليا في نظام الجمهورية الإسلامية، عند مواجهة الأزمات والاحتجاجات، ومع ذلك، تقر المادة 27 من الدستور بحق المواطنين في تكوين تجمعات حرة، ووفقًا لهذا المبدأ القانوني، يمكن لأي شخص "لا يحمل سلاحًا" استخدام هذا الحق القانوني، إذا كان عمله "لا يخالف مبادئ الإسلام"، لكن النظام، في السنوات الماضية، قمع التجمعات القانونية النقابية والاحتجاجية، مدعيًا أنها أعمال "شغب".
وكان المجلس التنسيقي للمنظمات النقابية للمعلمين الإيرانيين قد أصدر دعوة لتجمع عام للمعلمين، يوم الخميس، الثاني من مايو (أيار) الجاري، وأكد أن هذه التجمعات تشكلت لتحقيق المطالب النقابية والسياسية وحركات المساواة في إيران.
وذكر المجلس أن "الغلاء والتضخم الناجم عن سوء الإدارة والعقوبات والفساد والاختلاس، أفرغ مائدة الشعب"، ونبه إلى أن هذا الوضع حرم المعلمين والتلاميذ من دافع التدريس والتعلم".
وقبل يوم من هذا البيان، استدعت أجهزة استخبارات النظام ما لا يقل عن 17 معلمًا وناشطًا في نقابة المعلمين بمدينة سنندج، غربي البلاد، وأخذت "تعهدًا" من المستدعين بعدم المشاركة في هذه المسيرة الاحتجاجية، لكن المعلمين شاركوا، وتم اعتقال عدد من المحتجين في بعض المدن.
ونشهد كل عام عقد تجمعات احتجاجية لهذه الفئة التعليمية ومتقاعدي البلاد؛ احتجاجًا على الأوضاع السيئة للتلاميذ وظروف المعلمين المعيشية، وذلك بعد تشكيل النقابات عام 1999، وإنشاء المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين.
ورغم أن هذه الاحتجاجات، مثل تجارب معظم دول العالم، شهدت صعودًا وهبوطًا من حيث الكم والكيف، فإن ما يجعل هذا النوع من الاحتجاجات مثيرًا للإعجاب للغاية، هو مراعاة واتباع المبادئ الثلاثة الأساسية والمهمة، وهي: "اتباع القانون والسلمية واللاعنف"، ليس فقط بالشعارات، بل في الممارسة العملية؛ حيث تمكن المجلس التنسيقي للمنظمات النقابية، بمساعدة أعضائه البارزين والناشطين النقابيين، من مأسستها في النشاط النقابي والميداني والشارع بين أعضائه وداعميه.
ولكن بدلًا من توفير الحقوق والاحتياجات الأساسية للمعلمين، في إيران، يستخدم نظام الجمهورية الإسلامية سياسات القمع والسيطرة للتعامل مع مطالبهم، وتبني الحكومة لهذا الأسلوب يمكن أن يكون له أسباب مختلفة، بما في ذلك أسباب أمنية واقتصادية.
إن بعض مطالب المعلمين في إيران، مثل "إلغاء حصة القبول في الجامعات المخصصة لأبناء الموالين للنظام، وإزالة التمييز التعليمي، وإلغاء أي تمييز بين الجنسين، والنظرة الذكورية في الكتب المدرسية"، تتعارض مع السياسات والأهداف الأيديولوجية للنظام.
ويرى المعلمون والنشطاء أن هيمنة المحتوى الأيديولوجي في التعليم في إيران أدى إلى تشويه التاريخ، وتجاهل الجوانب العلمية، وتعزيز معتقدات معينة، والحد من تنوع وديناميكية آراء التلاميذ، وإضعاف قدرة الطلاب على التحليل النقدي للمادة الدراسية، وعدم وجود التفاهم والتفاعل بين الثقافات في المجتمع.
من ناحية أخرى، وفي الظروف التي يواجه فيها النظام أزمة اقتصادية وضغوطًا مالية؛ بسبب الفساد الهيكلي والمغامرة الإقليمية، والتوتر المتزايد مع حكومات المنطقة والعالم، فإن جزءًا من مطالب المعلمين مثل "مجانية التعليم لجميع الطلاب، خاصة أن 930 ألف طالب تأخروا في التعليم" و"تأمين مساحات تعليمية لثلاثة ملايين طالب يدرسون في أماكن عالية الخطورة بسبب المباني التعليمية المتهالكة" و"منع خصخصة التعليم" و"المساواة في دفع رواتب المتقاعدين" و"رفع الرواتب فوق خط الفقر" يمكن أن يؤدي إلى زيادة في تكاليف التعليم وعجز أكبر في ميزانية الحكومة.
ولهذه الأسباب، يفضل النظام استخدام أساليب القمع والسيطرة، بدلًا من تلبية مطالب المعلمين والاستجابة لاحتياجاتهم؛ كي يحافظ على التوازن في الميزانية وسلطته السياسية، ويسيطر على النظام الاجتماعي في البلاد، وهو السلوك الذي أدى، في السنوات الماضية، إلى زيادة استياء المعلمين، وإضعاف البنية التعليمية، وعدم تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في إيران.
تكبر الضغوط على لبنان بشكل واسع سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو الدولي، وتظل الملفات عالقة بلا أي حلول بسبب ربط حزب الله الساحة اللبنانية بغزة.
تهديد إسرائيلي لهجته جديدة، يؤكد عزمها على احتلال مناطق لبنانية إن لم ينسحب حزب الله، حيث قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، لنظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه، إنه في حال لم ينسحب حزب الله فإن إسرائيل "ستكون قريبة من حرب شاملة" معه.
وتابع كاتس: "إسرائيل ستحارب حزب الله في كل أرجاء لبنان، وستحتل مناطق واسعة في الجنوب اللبناني، وستبقى هذه المناطق تحت سيطرة الجيش كمنطقة أمنية".
ملف جديد أيضا برز على الساحة اللبنانية، وهو الخوف من نقل قادة حماس إلى لبنان، بعد تخلي تركيا وقطر عنهم.
هذا ما عبر عنه قائد القوات اللبنانية السابق فؤاد أبو ناضر، في تصريح له عن "سماح حزب الله لحركة حماس مجدّداً بمعاودة إطلاق الصواريخ من الجنوب باتّجاه إسرائيل،" مشدّداً على "رفض بقاء الجنوب أرضاً سائبة للفلسطينيين وغيرهم، ويتصرّفون فيها كأنّها حماس لاند".
وقال: "نخشى ما نخشاه أن يكون حزب الله يُحضِّر الأرضية لانتقال مسؤولي حماس وكوادرها من قطر وغزة إلى لبنان".
تخوفات انتقال قادة حماس إلى لبنان
وحول التخوفات من انتقال حركة حماس إلى لبنان بعد رفض تركيا استقبالها؟ أكد الباحث والكاتب السياسي الدكتور ميشال الشّمّاعي لـ"إيران إنترناشيونال" أن مَن يقرّر في هذا السياق هو الحكومة اللبنانية؛ والكلّ يعلم أنّ هذه الحكومة مُسيطَرٌ عليها من قبل منظمة حزب الله، حليفة حماس.
وأضاف: احتمال موافقة الحكومة على مثل هذا الاقتراح وارد بنسبة كبيرة، وقد يكون المقترَح يقضي بحصر وجود حماس في أحد المخيمات الفلسطينية، على الأرجح مخيم عين الحلوة؛ لجعل هذا المقترح مقبولًا.
وأكد أن أي اقتراح من هذا النوع هو مرفوض جملة وتفصيلًا، وقد لا تقبل به المعارضة الوطنيّة اللبنانيّة؛ وباعتقادي سيواجَه بكلّ الوسائل السياسيّة المتاحة، وإن اقتضى الأمر قد يتحرّك الشارع المعارِض للضغط على الحكومة كي لا تقبل هذه المقترحات.
وتابع: حتّى التوجّه إلى المجتمع الدولي ممكن أيضًا في هذه الحالة، لتجنيب لبنان المزيد من "تقنين" الاعتداء عليه من قبل العدو الإسرائيلي خدمة لمحور الممانعة.
وأوضح الباحث والكاتب السياسي الدكتور ميشال الشّمّاعي أنه بنهاية المطاف، فأي اعتداء تتعرّض له الدولة اللبنانية من قبل العدو الإسرائيلي لن يكون في خدمة القضية الفلسطينية، القضية المحقّة والأسمى إنسانيًّا، ولا بالطبع في خدمة مشروع الدولة في لبنان، بل ذلك سيعزّز نظرية تدمير الدولة خدمة لمشروع "الدويلة" التي باتت بحدّ ذاتها هي الدولة نتيجة تضامن حلفائها اللبنانيين معها. من هذا المنطلق، أي ضربة للبنان ستكون ضربة معلّلة لأنّها ضربة لدولة حزب الله.
وأوضح الشّمّاعي أنه أمام هذه المستجدّات، نأخذ التهديد الإسرائيلي على محمل الجدّ، ولا سيّما أن العدو لم يعد يكترث لانسحاب جزئي لمنظمة حزب الله بضمانات دولية؛ وما عزّز هذه الفرضيّة أكثر هو نعي منظمة حزب الله المبادرة الفرنسيّة الثانية. وهذا ما سيدعم وجهة نظر العدو الإسرائيلي أكثر بالقضاء على بنية منظمة حزب الله العسكرية بالكامل، تماهيًا مع ما قام به مع حركة حماس في غزّة.
وأشار إلى أنه على ما يبدو فإنّ مشروع تصفية قادة الحزب الذي بدأ بعد إعلان هجوم السابع من أكتوبر الاستباقي- كما أسمته المنظمة- آيل إلى الاستكمال والتصعيد. ففرضية تكثيف الضربات مرتفعة جدًّا. ولا يمكن استبعاد فرضية أي دخول عسكري إلى جنوب لبنان. لكن باعتقادي أنّ ذلك لن يتمّ إلا قبل الانتهاء من عملية رفح التي باتت خطوطها واضحة.
وحذر من أنه في هذه الأثناء، قد يستمرّ العدو بتدمير ما يستطيعه من بنى تحتية عسكرية لمنظمة حزب الله، واغتيال قادتها، تمهيدًا للمرحلة التالية التي قد تكون الدخول العسكري.
وأكد الدكتور ميشال الشّمّاعي أنه يمكن تجنّب تجرّع هذه الكأس بالكامل في حال أعلنت منظمة حزب الله تسليم سلاحها بالكامل إلى الدولة اللبنانية تنفيذًا للقرار 1701، وهذا باعتقادنا يعتبر بمثابة انتحار وجودي لمنظمة حزب الله، لأنّه يناقض مشروعها الأيديولوجي وعلّة وجودها. لذلك نقول: حمى الله لبنان.
بابك زنجاني المتهم بأكبر ملف فساد في تاريخ قطاع النفط الإيراني ينال عفوا من المرشد علي خامنئي بعد 9 سنوات من إصدار حكم الإعدام بحقه.
في 5 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015، انعقدت الجلسة الثالثة لمحكمة قضية الفساد النفطي الكبرى في إيران، وتمت قراءة لائحة الاتهام للمتهمين في محكمة الثورة.
وكان باباك زنجاني المتهم الرئيسي في الملف أكثر ابتهاجا في هذه المرة من المحاكمات، مقارنة بما كان عليه في المرات التي سبقتها.
في بعض الأحيان، أثناء قراءة لائحة الاتهام، كان يدير رأسه نحو المتهمين الآخرين، مهدي شمس زاده وحميد فلاح هروي، ويضحك.
ولدى دخوله إلى قاعة المحكمة، ألقى التحية على أحد المحامين الحاضرين في الجلسة. فقال له المحامي أتمنى بعد انتهاء المحاكمة أن تضحك أنت والناس. وأجاب زنجاني: "كلنا نضحك، لا تشك في ذلك".
والآن، أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية أصغر جهانجير، أنه "بسبب التعاون الذي قدمه زنجاني أثناء سجنه خلال 10 سنوات قضاها في الحبس، تم تحديد ممتلكاته في الخارج، وتقييم قيمتها بعد إرسال الخبراء المختصين، وتمت إعادة ممتلكاته إلى البلاد، وبتقرير الجهات المختصة بشأن إعادة الممتلكات تم تقديم طلب العفو لبابك زنجاني من قبل القضاء، ومطالبة رئيس السلطة القضائية بذلك. وبموجب المرسوم، وبموافقة رئيس السلطة القضائية، وعفو المرشد علي خامنئي، تم إلغاء حكم الإعدام الصادر بحقه وتحويله إلى السجن لمدة 20 عاماً".
مَن هو بابك زنجاني؟
من مواليد عام 1974 والمتهم الأول في قضية الفساد الكبرى التي شهدها الاقتصاد الإيراني. وادعى هو نفسه أنه كان سائق رئيس البنك المركزي آنذاك أثناء خدمته العسكرية، وبهذه الطريقة كان يعمل في وساطة العملات لصالح البنك المركزي. وهي الرواية التي نفاها البنك المركزي.
والمعروف أنه بدأ تعاونه مع مقر خاتم الأنبياء، التابع للحرس الثوري الإيراني، من خلال بعض المعارف والوساطات.
في السابق، كان زنجاني ينشط في إنتاج العطور في جزيرة كيش، وتجارة جلود الأغنام المدبوغة وتصديرها، وبعد ذلك في نقل الأموال بين البلدان.
لكن أصل الحكاية بدأت عندما أصبح رستم قاسمي، القيادي في الحرس الثوري، قائدا لمقر خاتم الأنبياء عام 2007، والتقى ببابك زنجاني عبر وسطاء ومعارف.
في جلسات المحكمة في قضية الفساد هذه كان تتم الإشارة إلى اسم مختصر بعنوان "أ. و. د" باعتباره الداعم والممثل لبابك زنجاني في مجموعات الحرس الثوري الإيراني.
الاسم المذكور في المحكمة لم يكن سوى أحمد وحيد دستجردي، الرئيس التنفيذي السابق لمؤسسة "تعاون" التابعة للحرس الثوري الحرس الثوري الإيراني ونائب وزير الدفاع السابق.
ملف الفساد النفطي.. بابك ورستم والأصدقاء
بدأ تعاون بابك زنجاني مع وزارة النفط الإيرانية في عام 2010. وحينها، كانت العقوبات على بيع النفط الإيراني قد منعت تصدير أهم مصدر من مصادر الدخل للنظام الإيراني، وأصدر علي خامنئي أمرا يقضي بضرورة التحايل والالتفاف على العقوبات.
دخل بابك زنجاني مجال مبيعات النفط بعد تجربة نقل الأموال لمقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري الإيراني، وشراء بعض المعدات من الخارج.
وعندما تولى رستم قاسمي رئاسة وزارة النفط عام 2011، أصبح بابك زنجاني أهم ناشط في وزارة النفط لبيع النفط الإيراني.
ولاحقاً قام بشراء بنك إسلامي "FIIB" في ماليزيا لتحويل أموال النفط المباع، وتسديد دفعات وزارة النفط للمقاولين الأجانب بهذه الطريقة. كما قام أيضًا بإنشاء شبكة صرافة في الإمارات العربية المتحدة وطاجيكستان، جنبًا إلى جنب مع بنك ماليزيا، للمساعدة في استكمال هذه الشبكة المالية.
خلال هذه الفترة، كان يتلقى خطابات الاعتماد من مقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري الإيراني من خلال الفروع المختلفة لبنكي "ملي" و"ملت" في الداخل الإيراني، ويقوم بصرف العمولات واستلامها في الخارج من خلال شبكته المالية الخاصة.
وفي عام 2012 تم تحويل مبالغ مالية ضخمة في حساب بنكه الخاص بتوقيع من 3 وزراء ورئيس البنك المركزي في حكومة أحمدي نجاد، لتبدأ قضية أكبر ملف فساد شهدها الاقتصاد في إيران.
في العام ونصف العام الأخيرين من حكومة أحمدي نجاد، حصل بابك زنجاني على 14.5% من مبيعات النفط، بالإضافة إلى حصوله على بعض شحنات النفط للبيع في المياه الدولية. وفي النهاية ارتفعت نسبة ديونه إلى 2 مليار و967 مليونا و500 ألف يورو لوزارة النفط الإيرانية.
في تلك السنوات أقدم زنجاني على شراء شركة طيران "قشم"، كما استثمر في بعض الأفلام السينمائية، وامتلك نادي "راه آهن" في طهران، بالإضافة إلى العشرات من الأملاك والعقارات في طهران ولواسان وقشم وجزيرة كيش. كما اشترى زنجاني شركة "أنور إير" في تركيا.
لكن وبعد تغيير حكومة الرئيس الداعم لزنجاني، وتولي حسن روحاني رئاسة الجمهورية، وتعين وزير نفط جديد هو بيجن زنغنة، بدأت أزمة فساد زنجاني في الظهور، وطالبت الحكومة الجديدة زنجاني وشركاته بدفع ديونه لوزارة النفط.
زنجاني والباسيج
وقبل أشهر من اعتقاله كان زنجاني يعرف نفسه بأنه أحد عناصر الباسيج الناشطين في المجال الاقتصادي، كما انتشرت له صور في طائرته الشخصية وهو بجوار حسن ميركاظمي، أحد العناصر المقربين من الحرس الثوري، وهي صور أثارت جدلا واسعا آنذاك.
اعتقال بابك زنجاني
وأخيراً، وبعد توتر كبير بين حكومة روحاني وبابك زنجاني، تم اعتقال ملياردير النفط بابك زنجاني في 30 ديسمبر (كانون الأول) عام 2013.
وفي الفجوة الزمنية البالغة حوالي عامين بين الاعتقال وإجراء المحاكمات، كشف المسؤولون الحكوميون والبرلمانيون آنذاك عن معلومات متضاربة حول ملفه.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015 وبعد 26 جلسة من المحاكمات، قال المتحدث باسم السلطة القضائية في إيران آنذاك محسني إيجه إي: "بابك زنجاني ومتهمان آخران في قضية الفساد المالي، وبموجب الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية تمت إدانتهم كمفسدين في الأرض وحكم عليهم بالإعدام".
وأضاف: "إلى جانب عقوبة الإعدام، حكم على المتهمين في القضية بغرامة يجب ردها إلى المدعي، أي شركة النفط".
في 15 يناير (كانون الثاني) 2017، أُعلن أيضًا عن اعتقال "علي رضا زيبا حالت منفرد" باعتباره الصندوق الأسود لبابك زنجاني. وقد اتُهم بحيازة جزء من ممتلكات بابك زنجاني في ماليزيا ثم في جمهورية الدومينيكان، وتم تسليمه إلى إيران وحُكم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا.
تخفيف العقوبة
كان هناك بند في الحكم الصادر بحق بابك زنجاني يؤكد أنه "إذا تعاون في إعادة ممتلكات وديون وزارة النفط، فيمكن أن يحق له الحصول على تخفيف للعقوبة".
وخلال هذه السنوات، تمت مصادرة أجزاء من ممتلكاته مثل العديد من المنازل السكنية، ونادي "راه آهن" في طهران، وشركة طيران "قشم"، وما إلى ذلك، وتم تسليم هذه الأموال إلى وزارة النفط.
وبقي ملف زنجاني خلال هذه السنوات معلقا وسط تضارب في الأنباء حول مصيره، بين من يؤكد أنه سيعدم وبين من يقول إنه سيتم تخفيف عقوباته إذا أظهر تعاونا مع السلطات.
وبعد عود الحكومة الأصولية إلى الحكم بقياد الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي بدأت الكفة تميل إلى صالح زنجاني، وفي آخر التطورات المهمة في ملفه أعلن رئيس السلطة القضائية محسني إيجه إي في 19 فبراير (شباط) 2024 إن بابك زنجاني دفع ديونه لوزارة النفط، وهي ما تشكل خطوة في التخفيف عنه وإخلاء سبيله لاحقا كما يرى مراقبون.
ولم يكشف مسؤولو وزارة النفط والسلطة القضائية في إيران تفاصيل ومبلغ الديون المتبقية، والممتلكات التي يدعى أنها تمت إعادتها إلى إيران.
وعلى ما يبدو، فإن اليوم الموعود قد اقترب، وأعلن المتحدث باسم السلطة القضائية إن المرشد علي خامنئي وافق على العفو عن بابك زنجاني، وتم تغيير الحكم الصادر بحقه من الإعدام إلى السجن 20 عاما.
وقال محامي بابك زنجاني، رسول كوهبايه زاده، إنه "نظراً لمرور أكثر من 10 سنوات على مدة السجن، ووفقاً للقوانين واللوائح، فإن موكله لديه إمكانية الاستفادة من الإفراج المشروط وتنتهي فترة السجن الدائم".
وعلى مدى العقدين الماضيين واجه مشروع تطوير ميناء تشابهار العديد من العقبات، وفي السنوات الثماني الماضية استثمرت شركة "إیندیا پورتس غلوبال" نحو 85 مليون دولار في هذا الميناء، منها 25 مليون دولار تتعلق بمحطة شهيد بهشتي.
ما هي أهمية تشابهار بالنسبة للهند وإيران؟
هدف الهند هو تولي إدارة طويلة المدى لهذه المحطة لتصدير البضائع إلى دول آسيا الوسطى وأفغانستان؛ الأسواق المهمة التي ساهمت بنسبة 1% فقط من إجمالي التجارة الخارجية للهند، وتحتاج هذه الدولة إلى عبور بضائعها من الدولة المنافسة "الصين" أو الدولة المعادية "باكستان" للتبادلات التجارية مع هذه المنطقة.
وتعتزم الهند أيضاً جعل التجارة مع روسيا أكثر سلاسة عبر إيران؛ ورغم أن هذه المسألة تتطلب المزيد من التطوير للمشاريع الإيرانية اللوجستية؛ وخاصة استكمال خطي السكك الحديدية "تشابهار – زاهدان"، " ورشت –– آستارا"، اللذين ظلا في انتظار الاستثمار والتطوير منذ عقدين من الزمن.
تكمن أهمية تشابهار بالنسبة لإيران في زيادة الدخل من عبور البضائع الأجنبية. وهي مسألة لم تتحقق حتى الآن بسبب عدم استكمال خطي تشابهار للسكك الحديدية.
في العام الماضي، كان لدى إيران ما يقرب من 15 مليون طن من البضائع الأجنبية العابرة، منها 15 ألف طن فقط (واحد بالألف) تم نقلها من ميناء تشابهار.
ومع ذلك، تضاعفت واردات إيران وصادراتها من هذا الميناء خلال السنوات الماضية، ووصلت إلى أكثر من 4 ملايين طن في العام الماضي، والتي كانت لها حصة تزيد عن 2٪ في إجمالي تفريغ وتحميل بضائع الواردات والصادرات في البلاد عام 2023.
أهداف الهند
في السنة المالية الماضية (أي ما يعادل تقريبًا السنة الشمسية في إيران والتي انتهت في 19 مارس/آذار الماضي)، كان لدى الهند ما يزيد قليلاً عن مليار دولار من التجارة مع 5 دول في آسيا الوسطى، وحوالي مليار دولار من التجارة مع أفغانستان، والتي ظلت راكدة تقريبا، ولم تزد في السنوات القليلة الماضية.
كما أن معظم تجارة الهند مع آسيا الوسطى تتم عبر كازاخستان والصين.
ومن أجل تجارة السلع مع الدول المذكورة، يجب أن تكون الهند مرتبطة بها عن طريق الصين أو باكستان.
وتشهد باكستان نزاعًا إقليميًا مع الهند حول منطقة كشمير منذ عقود، ورغم أنها طريق تقليدي للتجارة بين الهند وأفغانستان؛ لكن لأول مرة فقط في عام 2022، صدر الإذن بعبور البضائع الهندية إلى أوزبكستان.
كما تعد الصين منافسًا تجاريًا للهند، وبالمناسبة، فقد قامت بتطوير ميناء "غوادار" الباكستاني القريب من تشابهار على مدار العقد الماضي، ووقعت عقودًا تزيد قيمتها على 50 مليار دولار لتطوير البنية التحتية للنقل والطاقة في باكستان، كما أنها تخطط لربط خطوط السكك الحديدية الباكستانية بأفغانستان.
وقد زادت الصين بشكل كبير من عبور البضائع من آسيا الوسطى إلى الغرب في السنوات القليلة الماضية.
وبالمقارنة بالتجارة التي تبلغ قيمتها مليار دولار بين الهند وآسيا الوسطى، تظهر إحصاءات الجمارك الصينية أن حجم التجارة مع هذه الدول بلغ 90 مليار دولار في العام الماضي، وهو ما يزيد بنسبة 27% عما كان عليه في عام 2022.
وأمام هذه التحديات تبحث الهند عن طرق بديلة لتطوير تجارتها. ففي العام الماضي، تم التوقيع على مذكرة تفاهم لتطوير مشروع العبور الضخم بين الهند والإمارات العربية والسعودية وأوروبا؛ لكن هذا الطريق لا يساعد النمو التجاري للهند وآسيا الوسطى أو أفغانستان.
وتمتلك دول آسيا الوسطى، وخاصة كازاخستان، موارد نفطية هائلة، وهي أسواق مستهدفة مهمة لحكومة نيودلهي.
وتشير إحصاءات صندوق النقد الدولي إلى أن 5 دول في آسيا الوسطى صدرت ما قيمته 143 مليار دولار، واستوردت ما قيمته 95 مليار دولار من السلع والخدمات العام الماضي. في حين أن حصة الهند من التجارة الخارجية لهذه البلدان، البالغة 238 مليار دولار، لا تمثل حتى نصف في المائة. وتبلغ حصة هذه الدول في التجارة الخارجية للهند حوالي نصف في المائة.
الموانع العقبات
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أعفت تطوير ميناء تشابهار الإيراني، بالتعاون مع الهند، من العقوبات، إلا أن بقاء إيران في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي (FATF)، وحظر وصولها إلى نظام "سويفت" المالي يشكل تحديا كبيرا أمام تطوير الميناء وتوسيعه.
من ناحية أخرى، وبسبب هذه العقوبات، لا تستطيع إيران تصدير النفط إلى الهند لتسوية ديونها، وشكلت وارداتها من الهند العام الماضي ما يقرب من ثلث صادراتها إلى نيودلهي، بعبارة أخرى، يبلغ الميزان التجاري غير النفطي بين البلدين نحو مليار دولار لصالح الهند.
مشكلات وتحديات التطوير
لكن هذه القضية تعد غيضا من فيض عند الحديث عن المشكلات والتحديات اللوجيستية التي تواجه فكرة توسيع وتطوير ميناء تشابهار الإيراني، جنوب شرقي البلاد.
لقد فشلت إيران في تطوير مشروع سكة حديد تشابهار- زاهدان في العقدين الماضيين، ما جعلها تواجه صعوبات كثيرة في نقل البضاعة من الهند وأفغانستان ودول آسيا الوسطى، بحيث أصبحت مضطرة إلى تفريغ الحمولات عدة مرات، وبعد النقل البحري، تقوم بنقلها إلى الدول المستهدفة.
وعملية النقل بهذه الطريقة المعقدة ضاعفت من التكاليف كما تستغرق العملية وقتا أطول بكثير.
ولا ترغب دول آسيا الوسطى في تحميل بضائع صادراتها عدة مرات.
وفي العام الماضي تم عبور 15 ألف طن فقط من البضائع من ميناء تشابهار، وهو ما يعادل 1 في الألف من إجمالي عبور البضائع الأجنبية عبر الأراضي الإيرانية.
كما أن خطوط السكك الحديدية الإيرانية لا تنقل سوى 10% من إجمالي عبور البضائع الأجنبية، في حين أن أهم مجال للنقل البري في العالم يرتبط بتوفر خطوط السكك الحديدية.
وإذا عقدنا مقارنة بين إيران وجمهورية أذربيجان في هذا الملف، نجد أن جمهورية أذربيجان تنقل ضعفي البضاعة المصدرة عبر الأراضي الإيرانية، وتصل هذه النسبة إلى 5 أضعاف في عبور البضائع الأجنبية عبر خطوط السكك الحديدية.
أما الوضع في دول آسيا الوسطى فهو أفضل بكثير منه في أذربيجان بسبب عبور البضائع الروسية والصينية.
وتتمحور فكرة ميناء تشابهار الرئيسية بالنسبة للهند في عبور البضائع عبر إيران؛ لكن إحصائيات البنك الدولي تظهر أن إيران تمتلك أسوأ مؤشر للكفاءة اللوجستية في المنطقة بعد أفغانستان، وحتى العراق يحتل مرتبة أعلى من إيران.
على أية حال، لا تزال الهند تأمل على المدى الطويل، من خلال توليها إدارة محطة بهشتي في ميناء تشابهار، أن تتمكن من رسم رؤية لتنمية تجارتها مع أفغانستان وآسيا الوسطى؛ خاصة وأن العقد المبرم بين إيران والهند لمدة 10 سنوات قابل للتجديد، ويمكن أن يستمر لعقود.
ومن خلال تولي إدارة ميناء تشابهار، تأمل الهند أيضًا في كسب المال من خلال وصول البضائع الأفغانية أو آسيا الوسطى إلى هذا الميناء وتحميلها إلى دول أخرى.
ويقتصر القسم الأكبر من البضائع القادمة من آسيا الوسطى عبر إيران حاليًا على نقل مادة الكبريت المنتج من تركمانستان إلى الأسواق العالمية، ويتم ذلك عبر خطوط السكك الحديدية التي تصل إلى بندر عباس؛ ولكن إذا تم الانتهاء من خط السكة الحديد زاهدان- تشابهار، فإن أقصر طريق سيكون ميناء تشابهار.