أشار محمود واعظي، رئيس مكتب الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، في مقابلة أجريت معه، إلى عدم رغبة المرشد علي خامنئي، في تعيين علي شمخاني أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي في عام 2013. وقد نُشرت هذه المقابلة عشية فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية في إيران.
وتحدث واعظي في هذه المقابلة، التي نشرت على موقع "انتخاب"، عن الخلاف العميق بين روحاني وعلي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي آنذاك، بشأن إحياء الاتفاق النووي.
وبحسب قول واعظي، فبينما كان حسن روحاني يحاول إحياء الاتفاق النووي في إدارته الثانية، لم تكن أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي، برئاسة علي شمخاني، متوافقة مع استراتيجية روحاني هذه، بل وعرقلت إحياء الاتفاق النووي.
وقال إنه لو كانت أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي مع روحاني، لكان من الممكن إحياء الاتفاق النووي في الحكومة الثانية عشرة.
ويكشف هذا الخلاف بين روحاني كرئيس للمجلس الأعلى للأمن القومي وشمخاني كأمين لهذا المجلس، عن عمق الخلافات في أعلى مؤسسة لصنع القرار وتنسيق السياسات الأمنية والخارجية للنظام الإيراني.
خلافات سابقة بالمجلس الأعلى للأمن القومي
وهذا هو المثال الثالث والخلاف الأعمق في المجلس الأعلى للأمن القومي الذي ينكشف خلال 35 عاما من عمر هذه المؤسسة.
الخلاف الأول أصبح علنيا في عام 2005، عندما تم انتخاب محمود أحمدي نجاد للرئاسة، وكان هناك خلاف مع حسن روحاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي آنذاك، حول كيفية إدارة القضية النووية.
وقال روحاني في كلمة له، إن محمود أحمدي نجاد طلب منه حينها الاتصال بمحمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية آنذاك، وإبلاغه بأن إيران مستعدة لدفع كافة نفقات الوكالة للتأثير على قراراتها.
وأكد روحاني أنه أبلغ أحمدي نجاد أن أمراً كهذا غير ممكن، وأنه لا يستطيع الاستمرار في العمل كأمين للمجلس الأعلى للأمن القومي في مثل هذه الظروف، ومن الأفضل أن يعين أحمدي نجاد شخصاً آخر مكانه.
محمود واعظي وعلي شمخاني
الخلاف الواضح الثاني بين أمين المجلس الأعلى للأمن القومي ورئيس الجمهورية حدث مرة أخرى خلال رئاسة أحمدي نجاد.
ولم يستقل علي لاريجاني، الذي تم تعيينه في منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي بدلاً من روحاني، من هذا المنصب إلا بعد عامين من العمل فيه (2005-2007)، بسبب خلاف عميق مع أحمدي نجاد، وتم استبداله بسعيد جليلي، الذي كان متفقاً مع أحمدي نجاد.
وكانت نتيجة تعاون هذين الشخصين (جليلي ونجاد) موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على 6 قرارات بفرض عقوبات ضد إيران.
وبعد بدء رئاسة حسن روحاني عام 2013، كان يُعتقد أن اقتراح علي شمخاني لمنصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، رافقه قبول المرشد علي خامنئي، لأن شمخاني خدم قبل ذلك 6 أعوام بأمر مباشر من خامنئي، وفي الفترة من 1989 إلى 1997، كقائد مشترك للقوات البحرية للجيش والحرس الثوري الإيراني.
وكان شمخاني أيضًا وزيرًا للدفاع في حكومة خاتمي لمدة 8 سنوات بين عامي 1997 و2005. ولم يكن مثل هذا الأمر ممكنا من دون موافقة خامنئي.
رفض المرشد تعيين شمخاني وتمسك روحاني
لكن الآن كشف محمود واعظي- للمرة الأولى- في مقابلته أن خامنئي لم يرحب باقتراح روحاني تعيين شمخاني أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي.
ويقول واعظي إن خامنئي لم يوافق على شمخاني مرة أو مرتين، وقال لروحاني إنه من الأفضل اختيار شخص آخر لهذا المنصب.
كان علي شمخاني، إلى جانب أشخاص مثل محسن رضائي وغلام علي رشيد، عضواً في المجموعة الخوزستانية للحرس الثوري الإيراني، التي حكمت الحرس الثوري الإيراني في الثمانينيات والنصف الأول من التسعينيات.
ومن المعروف أنه خلال الحرب الإيرانية العراقية، لم تكن علاقة خامنئي جيدة مع قادة الحرس الثوري الإيراني، الذين كان معظمهم أعضاء في فريق خوزستان، وكان أقرب إلى الجيش.
علي شمخاني
وفي عام 1985، عندما حاول علي خامنئي إقالة مير حسين موسوي من رئاسة الوزراء، كان محسن رضائي، قائد الحرس الثوري الإيراني، هو الذي كتب رسالة إلى روح الله الخميني، المرشد الإيراني في ذلك الوقت، قائلاً إن هذه القضية تضعف معنويات المقاتلين في الحرب، ومنع إقالة موسوي.
ولم ينس خامنئي أبدًا موقف قادة الحرس الثوري الإيراني ضده. على الرغم من أنه بعد بداية قيادة خامنئي عام 1989، أصبح هو والحرس الثوري الإيراني قريبين من بعضهما بعضا، وقرأ علي شمخاني إعلان ولاء قادة الحرس الثوري الإيراني لخامنئي في نفس صيف عام 1989، ولكن بعد استقالة محسن رضائي من قيادة الحرس الثوري الإيراني عام 1997، لم يمنح خامنئي أبداً منصب قيادة الحرس لأعضاء آخرين في فريق خوزستان، وهم علي شمخاني وغلام علي رشيد، بينما كان هذان القائدان الكبيران يخدمان في الحرس.
وتكرر هذا النهج في عام 2016 عندما تم انتخاب رئيس جديد لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة بدلاً من حسن فيروز آبادي. وفي حين كان غلام علي رشيد نائبا لرئيس الأركان العامة لمدة 17 عاما من عام 1999 إلى عام 2016 وكان من المتوقع أن يتم انتخابه لهذا المنصب، إلا أن الرئاسة أعطيت لشخص من خارج الفريق الخوزستاني للحرس الثوري الإيراني، وهو اللواء محمد باقري.
الاختلاف بين روحاني وشمخاني
ورغم أن رفض خامنئي تعيين شمخاني أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي حسم بإصرار روحاني، إلا أن محمود واعظي كشف سراً آخرا.
فقد أكد واعظي أن روحاني، خلال إدارته الثانية، اختلف مع شمخاني بشأن إحياء الاتفاق النووي، وبينما كان روحاني يحاول إحياء الاتفاق، كان شمخاني في الواقع يعرقله.
وأضاف واعظي أنه لهذا السبب حاول روحاني عدة مرات إقالة شمخاني، لكن ذلك كان يتطلب موافقة المرشد والرئيس، ولم يوافق خامنئي على إقالة شمخاني.
وليس هناك شك في أن كبار قادة الحرس الثوري الإيراني كانوا ضد الاتفاق النووي، ومنذ اليوم الأول للتوقيع على الاتفاق في عام 2015، حاولوا تعطيل تنفيذه، وأطلقوا صواريخ تحمل كتابات بعنوان تدمير إسرائيل، وهو ما تناقلته الأخبار واعتبرته الدوائر السياسية معارضة للاتفاق النووي.
إن تصريحات واعظي لا تكشف فقط الخلافات بين روحاني وشمخاني، والاختلافات بين خامنئي وروحاني، ولكنها تكشف أيضًا عن قضية أكثر أهمية، وهي الخلافات الواسعة والاستراتيجية في المجلس الأعلى للأمن القومي باعتباره أعلى هيئة لصنع القرار، وتنسيق الشؤون السياسية والدفاعية والأمنية للنظام الإيراني.
وتظهر هذه الخلافات، إلى جانب الخلافات القوية بين روحاني وقادة الحرس الثوري الإيراني بشأن طريقة الإعلان عن إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية، مدى عمق الخلافات في المجلس الأعلى للأمن القومي.
إن المجلس الأعلى للأمن القومي، ومجلس الأمن القومي، باعتباره فرعاً منه، هما المؤسستان المسؤولتان عن تحديد مستوى القمع في الاحتجاجات الشعبية.
الكشف عن الأسرار والترشح للرئاسة
والسؤال هو: هل كبار المسؤولين في النظام الإيراني الذين أظهروا أنهم متحدون عندما يتعلق الأمر بقمع الاحتجاجات مثل احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 و2022، هل هم متحدون حقًا، أم أن اختلافاتهم حول كيفية التعامل مع مطالب المحتجين ظلت مخفية؟
والسؤال الآخر هو: هل لهذه المقابلة التي أجراها محمود واعظي، والتي نشرت قبيل تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية، علاقة باحتمال ترشح علي شمخاني في هذه الانتخابات؟ وهل ينوي خصوم شمخاني التلميح إلى أنه غير مقبول لدى المرشد؟
أطلقت وسائل الإعلام الإيرانية، دعاية واسعة النطاق، حول خاتم إبراهيم رئيسي، الذي كان في يده وقت الحادث، بعد العثور على جثته في موقع تحطم المروحية، التي كانت تقله ومرافقيه.
وانتشر فيديو "لحظة العثور" على هذا الخاتم بوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث أظهره أحد الأشخاص أمام الكاميرا، ويعد نشر هذا الفيديو هو أحدث مثال على استخدام النظام الإيراني للخواتم كأداة للدعاية السياسية.
لكن كيف دخل الخاتم إلى الدعاية في إيران، وكيف يستخدمه مسؤولو النظام بما يتماشى مع أهدافهم السياسية؟
من خاتم قاسم سليماني إلى خاتم إبراهيم رئيسي إن نشر صور خاتم إبراهيم رئيسي ذكّر المواطن الإيراني على الفور بخاتم قاسم سليماني. في عام 2020، وفي حالة مماثلة، أطلقت الجمهورية الإسلامية دعاية واسعة النطاق حول خاتم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في ذلك الوقت، بعد مقتله في العراق بأمر من الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب.
وفي ذلك الوقت، انتشرت صورة خاتم سليماني في يده المقطوعة على نطاق واسع في وسائل الإعلام وحسابات المستخدمين لمؤيدي النظام على شبكات التواصل الاجتماعي.
ووصلت الدعاية حول هذا الخاتم إلى حد أنه بعد عامين، عندما تم اختراق موقع صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، والذي نسب إلى قراصنة مرتبطين بإيران، تم وضع صورة على الصفحة الأولى من هذا الموقع، وكانت هناك إشارة إلى خاتم قاسم سليماني.
في تلك الصورة تم رسم صاروخ يطلق من خاتم (تذكر بخاتم يد قاسم سليماني المقطوعة) باتجاه مكان يرمز لموقع ديمونا النووي الإسرائيلي، ودونت هذه الجملة من سليماني موجهة إلى إسرائيل: "نحن أقرب إليكم مما تظنون، في الموقع الذي لا تتخيلونه". ووصلت الدعاية الواسعة لخاتم قاسم سليماني إلى مرحلة "التسويق"، حيث يقوم بعض تجار المجوهرات في إيران ببيع خواتم محفور عليها صورة قاسم سليماني، على سبيل المثال.
دور خامنئي في تضخيم موضوع الخاتم كان المرشد الإيراني روح الله الخميني، يرتدي خاتمًا مثل غيره من المتدينين، لكن علي خامنئي، خليفته، هو الذي أدخل الخاتم في الدعاية السياسية للنظام. وفي أحدث مثال على ذلك، "بارك" خامنئي، خلال زيارته معرض الكتاب في طهران قبل أسابيع، خاتم امرأة، وأعطاه لأحد أصحاب الغرف في المعرض ليعطيه لمريضة.
وسبق أن أهدى المرشد الإيراني، خاتما في العديد من المناسبات لمن يأتون لزيارته بشكل رسمي.
ويستخدم خامنئي هدايا الخواتم بشكل خاص لإرسال رسائل سياسية وقبل بضع سنوات، أعطى خاتمًا من عقيق إلى علي رضا كريمي، المصارع الإيراني الذي، بناء على طلب مدربيه، تعمد الخسارة أمام منافسه الروسي على خلال البطولة البولندية، حتى لا يواجه منافسًا إسرائيليًا في الجولة التالية للبطولة.
وفي مثال آخر، في عام 2019 وبعد أن استهدفت القوات المسلحة الإيرانية طائرة أميركية مسيرة في المياه الخليجية قام المرشد بإهداء خاتم لمن قيل أنه ضغط على زر الصاروخ الذي أسقط المسيرة.
كما يقوم المسؤولون الآخرون بتقليد خامنئي في عادة إهداء الخواتيم ويقدمون لأتباعهم هدايا على شكل خواتم بهئيات وصور مختلفة.
وبعد الثورة الإيرانية عام 1979، وبالتزامن مع زيادة عدد الأضرحة والمراقد زاد أيضًا بيع الخواتم بشكل كبير.
إذا كانت فرضية "إزالة رئيسي" عن الحكم في إيران حقيقة، فالسؤال هو، وفق أي خطة قامت "المافيا" التي لم تعد ترغب بوجود "رئيسي"، بإزاحته عن السلطة؟
في أول تعليق له بعد مصرع الرئيس الإيراني قال رئيس السلطة القضائية، محسني إيجه إي، إن رئيسي "كان عنصراً تتفق عليه التيارات المختلفة".
في الأنظمة الاستبدادية، يتم تحديد الأدوار والخطط المستقبلية دائمًا خلف الكواليس، ولا مكان للمواطنين للتدخل واختيار الأدوار وخلقها، حيث نقرأ في تقارير مختلفة أن لجنة في مجلس الخبراء هي التي تقرر من هو المرشد المستقبلي، ولا أحد يعلم بقرارات تلك اللجنة إلا المرشد ودائرته الصغيرة الموثوقة.
لكن العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية في العقود الأخيرة تظهر أنه حتى تلك اللجنة ليست صاحبة القرار الرئيس، وأن "المافيا" المكونة من عسكريين ورجال دين معينين، تحت إشراف علي خامنئي، تحدد المرشد المستقبلي "وفقا لمعايير خاصة" وتبلغ الخبراء بذلك، والخبراء بمثابة آلة للتوقيع على ذلك القرار والتعيين.
وقد تم أيضًا تنفيذ عمليات استبعاد واسعة النطاق لضمان عدم قيام أي متطفل بتعطيل آلة التوقيع هذه، مثلما حدث باستبعاد الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني على سبيل المثال من انتخابات مجلس خبراء القيادة.
ولكن ما الشرط الخاص لتعيين خليفة المرشد؟ الشرط هو استمرار وتأمين المصالح الاقتصادية والعسكرية لتلك المافيا.
إذا قبلنا هذه الصورة، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل معنى تصريح إيجه إي.
كان رئيسي "العنصر المتفق عليه" من مختلف عناصر تلك المافيا. فإذا كان مصرع رئيسي نتيجة حادث طبيعي بعيدا عن المؤامرات، فلا بد أن تصل المافيا إلى "عنصر آخر متفق عليه"، أما إذا كان مصرع "رئيسي" نتيجة "مؤامرة" وليس حادثا طبيعيا، فهذا يعني أن هناك خلافاً بين المافيا ولم يعد رئيسي "متفقا عليه".
بمعنى آخر، إذا كانت فرضية "إزالة رئيسي" عن السلطة في إيران حقيقة، فالسؤال هو، وفق أي خطة قامت المافيا التي لم تعد ترغب بوجود رئيسي، بإزاحته عن السلطة؟
وإذا كانت تلك الحادثة طبيعية، فلا يزال السؤال مطروحا، على من ستتفق المافيا؟
إن "حكومة المافيا" التي تتخذ كافة القرارات بعيداً عن أعين المواطنين، لم تترك سبيلاً للوصول إلى الحقائق، ونتيجة لذلك فإن الإجابة على هذا السؤال غير واضحة؛ ولكن من بين كل هذه الشكوك والتساؤلات، هناك شيء واحد واضح وهو: في العقدين الماضيين، لم يتم نفي شائعة خلافة مجتبى خامنئي للمرشد رسمياً ولو بسطر واحد.
وفي نظام يعلق مرشده حتى على تفاصيل مثل "إرسال معسكر طلابي إلى جزيرة كيش" ويمنع ذلك، وأحياناً يتفاعل مع أصغر الشائعات، فإن مثل هذا الصمت ليس طبيعياً على الإطلاق.
وهذا الصمت في حد ذاته يمكن أن يكون حقيقة، خاصة إذا اعتقدنا أن "السكوت علامة الرضا" في مثل هذه الحالة الحساسة.
أدى مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في منتصف فترة ولايته الرئاسية إلى بدء عملية إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في إيران.
وهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها النظام السياسي الإيراني مثل هذا الوضع بعد ثورة 1979.
وفي السابق، أدت وفاة المرشد روح الله الخميني عام 1989 وانتخاب الرئيس آنذاك علي خامنئي لمنصب المرشد إلى تقصير الفترة الثانية لرئاسة خامنئي بمقدار شهرين.
وقد استقال خامنئي من الرئاسة فور انتخاب الرئيس الجديد في أغسطس (آب) من ذلك العام.
ومع ذلك، منذ وفاة الخميني وحتى الانتخابات الرئاسية، لم يتم انتخاب رئيس بالوكالة، وكان علي خامنئي رئيسًا ومرشداً مؤقتًا في نفس الوقت.
وفي عام 1981 أيضاً، تسببت إقالة أبو الحسن بني صدر ومقتل محمد علي رجائي، بفارق أشهر قليلة، في عدم تمكن هذين الرئيسين من إكمال فترة ولايتهما الرئاسية.
ما هو وضع إيران؟
وجاء مصرع إبراهيم رئيسي في وقت تتزايد فيه الاحتجاجات في الداخل الإيراني بسبب سلسلة من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
من الناحية السياسية، أجرت إيران مؤخراً انتخابات شهدت نسبة إقبال منخفضة للغاية، وهو ما يدل على أن غالبية الإيرانيين لا يثقون في صناديق الاقتراع.
ومن الناحية الاقتصادية أيضًا، أدى ارتفاع الأسعار والتضخم إلى جعل الحياة اليومية صعبة على الإيرانيين.
وتواجه سلطات النظام الإيراني ضغوطا دولية بسبب برنامج طهران النووي المثير للجدل، وتعميق العلاقات العسكرية مع روسيا خلال حرب أوكرانيا.
وفي المجال العسكري أيضًا، أدت حرب غزة إلى زيادة التوترات بين إيران وإسرائيل.
من هو الرئيس المؤقت؟
وفقًا للمادة 131 من دستور إيران، "في حالة وفاة الرئيس أو إقالته أو استقالته أو غيابه أو مرضه لأكثر من شهرين، أو في حالة انتهاء فترة ولايته ولم يتم انتخاب الرئيس الجديد بعد بسبب عوائق، أو أمور أخرى، يتولى المساعد الأول للرئيس صلاحياته ومسؤولياته بموافقة المرشد".
والآن يواجه محمد مخبر، المساعد الأول للرئيس الإيراني، مهمة جديدة من المرشد علي خامنئي.
وكتب خامنئي في رسالة، يوم الاثنين 20 مايو (أيار)، أن مخبر يتم تعيينه في منصب إدارة السلطة التنفيذية وفقا للمادة 131 من الدستور.
وبذلك وافق خامنئي على أن يصبح مخبر رئيسا مؤقتاً.
وقال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور إنه منذ يوم الأحد (19 مايو/أيار)، "عندما وقع ذلك الحادث تم إبلاغ المساعد الأول للرئيس بالأمور اللازمة، وأخذ يقوم بتسيير الأمور".
والآن ما هي عملية الانتخابات المقبلة؟
بحسب المادة 131 من الدستور الإيراني، وبعد أن تولى المساعد الأول للرئيس صلاحيات ومسؤوليات الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، "يلتزم مجلس يتكون من رئيس مجلس النواب ورئيس السلطة القضائية والمساعد الأول للرئيس بترتيب انتخاب رئيس جديد خلال مدة أقصاها 50 يوما".
كما أكد هادي طحان نظيف، المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، يوم الاثنين 20 مايو (أيار)، على تطبيق هذا القانون، وقال: "لا توجد مشكلة قانونية في هذا الصدد، والعملية ستتم وفق القانون".
وأشار نظيف إلى تصريح خامنئي قبل العثور على جثة رئيسي عندما قال: "لا ينبغي لشعب إيران أن يقلق، لن يكون هناك أي خلل في إدارة البلاد".
وقال محمد صالح جوكار، رئيس لجنة الشؤون الداخلية والمجالس، في مقابلة مع وكالة "برنا" للأنباء: "نظراً لبقاء عام واحد على ولاية الحكومة الـ13، فإن السؤال المطروح هو ما إذا كان الرئيس الذي سيتم انتخابه ستكون فترته سنة أو 4 سنوات".
وأضاف: "في هذا السياق فإن القانون قد حدد ما ينبغي فعله، وسيتم انتخاب الرئيس لولاية مدتها 4 سنوات". وتعتبر مسألة مشاركة الشعب في الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران قضية أساسية، لأن تجربة الانتخابات السابقة أظهرت أن الناس ليس لديهم رغبة كبيرة في المشاركة في الانتخابات في الوضع الحالي.
مَن هم المرشحون المحتملون لمنصب الرئيس؟
ويتيح مصرع رئيسي فرصة للتيار الأصولي والإصلاحيين لتقديم مرشحيهم.
ومن بين أعضاء الحكومة الحالية، فإن احتمال ترشيح محمد مخبر هو الأعلى، لأن أمامه 50 يوما ليظهر نفسه على أنه الشخص الثاني في البلاد.
وفي التسعينيات نشأ مخبر في دائرة المؤسسات التابعة لمكتب المرشد من خلال عمله في مؤسسة المستضعفين وحظي بثقة المرشد.
وسيكون محمد باقر قاليباف، الرئيس الحالي للبرلمان الإيراني، أحد المرشحين المحتملين الآخرين.
وسبق أن حاول قاليباف عدة مرات الوصول إلى هذا المنصب من خلال الترشح لرئاسة الجمهورية، لكنه في كل مرة كان يفشل لسبب ما.
وداخل البرلمان، يواجه قاليباف معارضين من التيار الأصولي، وقد يكون هناك المزيد من الفضائح ضده من أجل منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية.
ومن بين المعتدلين، يمكن أن يكون حسن روحاني ومحمد جواد ظريف مرشحين محتملين.
لكن في الآونة الأخيرة، رفض مجلس صيانة الدستور أهلية روحاني للترشح في انتخاب مجلس خبراء القيادة، وقد احتج روحاني بشدة على هذا الاستبعاد.
وقد أعلن مجلس صيانة الدستور أن التنفيذ "غير الصحيح" للاتفاق النووي يعد أحد أسباب استبعاد حسن روحاني وقد قال حسن روحاني في هذا الصدد إنه في ضوء لائحة الاتهام التي وجهها مجلس صيانة الدستور، لم يعد الرؤساء في المستقبل قادرون على التمتع بالحرية السياسية.
وقبل روحاني، كان مجلس صيانة الدستور قد رفض أيضًا علي لاريجاني، الرئيس السابق للبرلمان الإيراني، في الانتخابات الرئاسية السابقة.
وبعد استبعاده من الانتخابات، طلب علي لاريجاني عدة مرات من مجلس صيانة الدستور إعلان أسباب استبعاده علناً، إلا أن هذا المجلس لم يبلغه بذلك إلا في رسالة سرية، نُشر نصها على شبكات التواصل الاجتماعي بعد فترة.
ومن المتوقع أيضاً أن يواجه ظريف صعوبات مماثلة لما واجهه حسن روحاني ولاريجاني في مجلس صيانة الدستور.
وكما هو الحال في الانتخابات السابقة، من المتوقع أيضًا أن يظهر مرشحون لا يمتعون بحظوظ كبيرة مثل محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري.
تحطمت مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، يوم الأحد 19 مايو (أيار)، وبعد حوالي 17 ساعة تم الإعلان عن مقتله ومرافقيه، بمن فيهم وزير الخارجية، حسين أمير عبد اللهيان، مما طرح الكثير من التساؤلات لدى الرأي العام أهمها.. ماذا سيحدث الآن بعد وفاة رئيسي؟
في نظام الجمهورية الإسلامية، لم يكن إبراهيم رئيسي الشخص الأول الذي لم يكمل ولايته الأولى كرئيس. فقبله لم يكمل أبو الحسن بني صدر الولاية الأولى للرئاسة بسبب الإقالة والهزيمة على يد الفصيل المنافس (22 يونيو/حزيران 1981)، ومحمد علي رجائي الذي قتل في تفجير نسب إلى منظمة مجاهدي خلق (30 أغسطس/آب 1981).
وباستثناء هؤلاء الثلاثة، أكمل جميع الرؤساء الستة الآخرين فترتين متتاليتين.
وتعتبر خسارة ثلاثة رؤساء خلال 45 عاماً رقماً مرتفعاً مقارنة بالعديد من الدول، وهو مؤشر على عدم الاستقرار المزمن، خاصة بالنظر إلى طريقة مواجهته وعواقبه.
وفقا لدستور النظام الإيراني، فإن طريق العمل واضح وقد تم اتباعه مرتين، على الرغم من أنه بسبب التغيير في أحكام المادتين 130 و131 من الدستور خلال تعديلات عام 1989، فإنه ستكون هناك اختلافات هذه المرة في التنفيذ.
تنص المادة 131 من الدستور الإيراني على ما يلي: "في حالة وفاة الرئيس أو عزله أو استقالته أو غيابه أو مرضه لأكثر من شهرين، أو في حالة انتهاء فترة ولاية الرئيس وعدم انتخاب رئيس جديد بسبب عوائق أو غير ذلك من الأمور، يتولى المساعد الأول للرئيس، بموافقة المرشد، صلاحياته ومسؤولياته، ويقوم مجلس يتكون من رئيس مجلس النواب ورئيس السلطة القضائية والمساعد الأول للرئيس باتخاذ الترتيبات اللازمة لانتخاب رئيس جديد خلال مدة أقصاها 50 يوماً".
وفي حالة وفاة المساعد الأول أو غيرها من الأمور التي تمنعه من أداء مهامه، وأيضاً إذا لم يكن للرئيس مساعد أول، يقوم المرشد بتعيين شخص آخر بدلاً منه".
لكن المشكلة هي أن القضية لن تكون بهذه البساطة، وقد مضى وقت طويل في الجمهورية الإسلامية لم تعد تسير فيه الأمور وفق نفس الدستور. لا شك أن وفاة إبراهيم رئيسي تخلق اضطراباً كبيراً في النظام. وما إذا كان هذا الاضطراب سوف ينعكس في المجتمع فهذه نقطة أخرى سأناقشها في النهاية.
تؤكد الأحداث التاريخية في إيران أن من هم في السلطة يزيحون منافسيهم إذا لزم الأمر. وبحسب رأي البعض، فإن كلاً من رئيسي ومجتبى خامنئي (نجل المرشد الإيراني) كانا آخر المرشحين الرئيسيين لخلافة المرشد علي خامنئي، وبالتالي فإن وفاته تغذي النظريات حول إمكانية التخلص منه، وبالنظر إلى تاريخ النظام الإيراني في إزاحة المنافسين، سيكون من الصعب على الحكام إنكار هذه الفرضية.
ولكن إذا كانت وفاة رئيسي حدثا غير متوقع، فيمكن أن تؤدي إلى عواقب مختلفة، ليست مواتية للغاية لنظام ولاية الفقيه.
بعد الانتخابات الرئاسية (عام 2021) وانتخابات البرلمان ومجلس خبراء القيادة (2024) اللتين أجريتا بمقاطعة- غير مسبوقة- من الإيرانيين وأدنى نسبة مشاركة، فإن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يشكل مشكلة وتحدياً مفاجئا للنظام الحاكم.
وفي ظل هذه المقاطعة فإن محاولة إقناع المواطنين بالتصويت ليس بالأمر السهل بالنسبة للنخبة الحاكمة في النظام الإيراني، لكنه ضروري- في الوقت نفسه- لإظهار أن النظام لا يزال يتمتع بالشرعية في نظر الشعب.
ليس هناك شك في أن هذا الصراع على السلطة، لاسيما على منصب الرئاسة سيكون أكثر حدة. ويمكن لهذه المنافسة الشرسة أن تخلق مساحة لأولئك الذين تم استبعادهم، بل وربما ستعطي قوة جديدة للحركة الاحتجاجية في الداخل.
إن وفاة إبراهيم رئيسي وحدها لا تزيد من قوة المهمشين والمستبعدين من قبل نظام المرشد، لكنها يمكن أن تخلق الحركة فيهم، وتجعلهم يسعون للمطالبة بحصة من السلطة مرة أخرى، ومحاولة فتح مجال للتنفس، ولعب دور في الحكم.
وسيحاولون السير في هذا الاتجاه من خلال التحدث إلى الرأي العام، ومن خلال تسليط الضوء على الصراعات الداخلية للطبقة الحاكمة. ومن المرجح دائمًا أن تؤدي الأحداث غير المتوقعة إلى نتائج غير متوقعة.
إن النهج الذي يتبعه قادة النظام الإيراني فيما بينهم للاستيلاء على السلطة والحفاظ عليها يجعل جميع الخيارات مطروحة دائمًا على الطاولة: من الاحتيال إلى الحبس إلى التصفية الجسدية.
ولديهم بالطبع كل الخيارات على الطاولة في مواجهة الشعب وأولئك الذين يحتجون على السلطة؛ من التقييد إلى القمع والسجن والقتل.
إن وفاة إبراهيم رئيسي، في حد ذاتها، لا تحدث تغييرا كبيرا في هذا الوضع، لكنها توفر بيئة مواتية للغاية يمكنها أن تؤدي إلى تغييرات كبيرة.
جاء تحطم طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي أدى لمقتله والوفد المرافق له، كحدث غير متوقع فاجأ الرأي العام المحلي والدولي.
هذا الحدث المميت سيكون له تأثير على توازن القوة داخل نظام الجمهورية الإسلامية، بغض النظر عما إذا كان تحطم الطائرة ناتجا عن سوء الأحوال الجوية أو مؤامرة داخلية أو خارجية.
هذا التأثير يظهر في ظل تساؤل كان يدور خلال الفترة الماضية عما إذا كان رئيسي هو من سيخلف المرشد الإيراني علي خامنئي أم كان يتم إعداد شخصية أخرى لهذا المنصب؟
وإذا كان الظهور المفاجئ لإبراهيم رئيسي في السياسة الإيرانية خلال السنوات الثماني الماضية سياسة واعية ومدروسة من قبل النواة الصلبة للسلطة لتولي الإدارة العليا للنظام في مرحلة ما بعد خامنئي، فإن وفاة رئيسي المفاجئة تعتبر خسارة للنظام، وقد تؤدي إلى نوع من الارتباك المحدود حتى إشعار آخر.
لكن لو كان رئيسي كان أحد الخيارات المطروحة فحسب، فإن الموضوع لن يكون بهذه الحساسية، خاصة إذا كانت هناك خيارات أخرى.
وتظهر سجلات رئيسي أنه كان إحدى القوى الموثوقة في النواة الصلبة لنظام الجمهورية الإسلامية، وأحد الشخصيات الأمنية والقضائية المهمة في هذا النظام. وكان له دور فعال في هيكل القمع بشكل مستمر، ونما تدريجياً في هرم هيكل السلطة.
كان الرئيس الراحل ينتمي إلى الاتجاه الراديكالي للنظام، الذي أصر على الحفاظ على صورة كلاسيكية، ومساحة سياسية ثقافية مغلقة، وإجراءات أمنية صارمة، ومقاومة أي نوع من المطالبة بالإصلاح.
في الوقت نفسه، لم يكن رئيسي يتمتع بمكانة خاصة في السلطة التنفيذية يصعب استبدالها. المشكلة الوحيدة بالنسبة للنظام هي عدم الاستعداد لإجراء انتخابات جديدة بعد أشهر قليلة من الانتخابات النيابية.
كما أن اتخاذ قرار بشأن الرئيس التاسع قبل أحد عشر شهراً من انتخابات الدورة الرئاسية الرابعة عشرة هو وضع غير سار يضع النظام في حالة طوارئ.
وبما أن غالبية الشعب الإيراني أصبحت غير مبالية بالانتخابات في إيران منذ عام 2019، فمن غير المرجح أن تحظى الانتخابات الرئاسية المبكرة باهتمام خاص بينهم.
كما أنه من غير المتوقع أن تسمح النواة الصلبة للسلطة بالحد الأدنى من المنافسة في الانتخابات المقبلة، أو أن تصبح أجواء الانتخابات أكثر انفتاحًا مما كانت عليه في عام 2021، حتى أنه من الوارد أن يصبح تنظيم الانتخابات صوريا على غرار ما حدث بعد مقتل محمد علي رجائي في اختيار المرشحين في انتخابات الدورة الرئاسية الثالثة.
ومن غير المرجح أن يجد الإصلاحيون والمعتدلون فرصة للظهور. وبدلاً من التعبير عن السعادة بتعاطفهم الحالي مع رئيسي، فإن النواة الصلبة للسلطة ستظهر سجلات تعاملاتهم السابقة، وستنفخ في أتون عداء ولاية الفقيه لهم.
لكن عنق الزجاجة الرئيسي للنظام في الفترة الانتقالية هو القضايا التنفيذية.
وإلى أن يتم إجراء انتخابات جديدة وتشكيل الحكومة الرابعة عشرة، فإن السلطة التنفيذية معلقة فعليا. ونظراً للتحديات المختلفة التي تواجهها البلاد وأزمات النظام، فقد تصبح هذه القضية عاملاً مزعزعاً للاستقرار.
لذلك، قال خامنئي، في أول رد فعل له، إن غياب رئيسي لن يسبب تعطيلاً لمؤسسات الحكم والأنشطة الحكومية! في الواقع، يحاول خامنئي إدارة عواقب وفاة رئيسي غير المتوقعة، وآثارها الصادمة على تراجع الثقة في المستقبل بين كوادر النظام الحاليين، حتى يمكن إدارة الانتقال من الحكومة الثالثة عشرة إلى الفترة المقبلة بهدوء.
ويظهر نمط سلوك خامنئي في السنوات الماضية أنه سيتم تعيين خلف محتمل لرئيسي خلف الكواليس وقبل التصويت، لكن اختيار هذا الشخص وإعداد كتلة السلطة لقبوله على المدى القصير، في ظل الارتباك الذي ظهر في المعسكر الأصولي في الانتخابات البرلمانية الثانية عشرة، ليست بالمهمة السهلة، رغم عدم وجود صعوبة كبيرة في تكريس الخيار المنشود.
ومن خلال تأجيج الأجواء العاطفية و"استشهاد" رئيسي، سيحاول النظام وضع شخص منه على رأس السلطة التنفيذية، من حيث المواقف والولاء والطاعة الخالصة لخامنئي.
كما يمكن لتدخل خامنئي أن يرمم الفوضى التي نشأت في صفوف الأصوليين في الأفق الزمني للانتخابات المبكرة، بشكل مؤقت وسلطوي.
كان الناتج الدائم لرئيسي، الذي أثار أداؤه الضعيف العديد من الاحتجاجات داخل القاعدة الاجتماعية للأصوليين، هو جعل الرئاسة بلا معنى وخفض رتبتها إلى المساعد التنفيذي للمرشد الأعلى. ويبدو أن هذا الإرث سيستمر في إطار التطورات السياسية والخطابية داخل النظام.
لكن وفاة رئيسي، سواء كان الخيار المفضل لخلافة خامنئي أم لا، يعزز موقع البديل لنجل المرشد الإيراني مجتبى خامنئي.
إن خيارات خلافة خامنئي محدودة، ونظراً لعمر خامنئي واحتمال وفاته في السنوات المقبلة، فإن تربية شخص معتدل وترقيته في فترة عدة سنوات مهمة مستحيلة، إلا إذا تجاوز عمر خامنئي تسعين عاماً.
في هذه الحالة، يتم النظر في الخيارات المتاحة. وبالإضافة إلى من يعتبر مجتبى خامنئي يتمتع بالصفات والخصائص اللازمة ويعتبرونه الخيار "الأفضل"، فسيكون هناك أيضا من يقدمه على أنه الخيار الحتمي، ويدافعون عن خلافته باعتباره الخيار الوحيد المتاح.
وبطبيعة الحال، بما أن خامنئي أرسل هذا العام ابنه الأكبر مصطفى إلى ضريح الإمام الرضا في مشهد نيابة عنه في بداية العام، فمن المحتمل أنه هو المرشح الرئيسي الذي وجد الآن وضعًا أفضل في غياب رئيسي.
وأخيرا، تجدر الإشارة إلى أنه لا تزال هناك عقبات في نظام الجمهورية الإسلامية أمام توريث ولاية الفقيه، لكن خروج إبراهيم رئيسي من المسرح قلل من حدتها وقوتها، على الأقل نسبيا.
وهناك عقبة خطيرة أمام خلافة أبناء خامنئي، وهم رجال دين مثل غلام حسين محسني إيجه إي في صفوف كبار المسؤولين الحاليين في النظام، الذين يشكل افتقارهم إلى السيادة (من سلالة النبي) نقطة ضعفهم، لكنها لا تشكل رادعاً للخلافة.
وإذا لم تصبح ولاية الفقيه وراثية، أو لم يحز أصحاب العمائم البيضاء منصب ولي الفقيه الثالث، أو لم يحدث وضع استثنائي حيث يستعيد حسن الخميني منصب جده، فمن الممكن أن يصبح أحد أصحاب العمائم السوداء من قوى النظام المعتدلة مرشدا رمزياً مثل الخلفاء من بني العباس منذ منتصف حكمهم إلى آخره، والذين كانت تيارات مؤثرة خلفهم تسيطر على مصادر السلطة الرئيسية.
والآن لا يمكن التكهن بشكل قاطع بهذا الأمر، ولكن يمكن القول بدرجة شبه عالية من اليقين إنه بعد وفاة رئيسي، أصبح توريث ولاية الفقيه أكثر جدية من ذي قبل.