ينص ما يُسمى قانون "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في إيران، الذي اقترحه المرشح الرئاسي، مسعود بزشكيان، على فرض غرامات مالية ونفي وسجن المواطنين، عند مقاومة ومواجهة تدخل رجال الأمن في طريقة لباس المرأة وظهورها في المجتمع.
لقد حوّل الشعب الإيراني يوم 28 من يونيو (حزيران) عام 2024 إلى يوم عظيم وتاريخي، من خلال مقاطعة الانتخابات بشكل فاعل وواعٍ، وعدم التوجه إلى مراكز الاقتراع، وذلك للمرة الرابعة على التوالي فيما يسمى "الانتخابات"، وكانت نسبة المشاركة أقل من 50%.
وبحسب الإحصائيات، التي نشرتها وسائل الإعلام الحكومية، فإن نسبة المشاركة في الانتخابات، باستثناء الأصوات الباطلة، بلغت في أحسن الأحوال نحو 40%. ومع خصم الأصوات الباطلة والبيضاء، سيتم تخفيض هذا الرقم بسهولة إلى رقم أكثر إذلالاً لنظام الجمهورية الإسلامية.
ويودع علي خامنئي كل صوت في رصيد النظام، بغض النظر عمن أعطي له، ويعتبره دليلاً على "سمعة" و"صحة" و"ديمومة" الجمهورية الإسلامية. وانطلاقاً من المنطق نفسه، فإن كل صوت لم يتم الإدلاء به وكل مواطن لم يحضر التصويت يجب اعتباره معارضاً نشطاً لنظام الجمهورية الإسلامية.
كان قادة النظام الإيراني يأملون في تعويض هزيمتهم في الانتخابات الثلاث السابقة من خلال خلق منافسة مصطنعة ومسيطر عليها بالكامل، مستغلين الأجواء العاطفية بعد مقتل إبراهيم رئيسي، ومن خلال التلاعب بشخص من الطبقة الأكثر تهميشاً فيما يسمى "الجماعة الإصلاحية" في إيران. ومن خلال زيادة المشاركة، يتوصلون إلى النتيجة المرجوة في تحديد خليفة لرئيسي، ويتحدثون مرة أخرى عن قبولهم وشرعيتهم بين الإيرانيين.
لكن الشعب الإيراني، من خلال إظهار تضامنه الوطني، اتخذ إجراءً جماعيًا لمقاطعة الانتخابات الصورية، وبهذه الطريقة، لم يبدد آمال النظام فحسب، بل فرض أكبر فشل أمام أعين العالم على نظام غريب تماماً عن إيران والإيرانيين.
إن هذا النصر الكبير، خاصة بعد انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية"، له العديد من المعاني والنتائج المهمة، ويمكن أن يجعل طريق الشعب للانتقال من نظام الجمهورية الإسلامية وإقامة نظام سياسي ديمقراطي علماني قائم على حقوق الإنسان، أكثر سلاسة.
إن مقاطعة الانتخابات في الظروف التي تعيشها إيران اليوم ليس لها معنى وتفسير آخر سوى أن الشعب الإيراني قال بصوت عالٍ "لا" للجمهورية الإسلامية مرة أخرى. وهذا الرفض للنظام الذي جاء ليستخدم أصواتهم لمصلحته دون الالتفات إلى أبسط حقوق ومطالب الشعب الإيراني، سيحظى بلا شك باهتمام على الساحتين الإقليمية والدولية وسيزيد الضغوط على النظام الإيراني.
في المسيرة التي سار عليها الشعب الإيراني منذ يناير (كانون الثاني) 2017، واتباعه للشعار الاستراتيجي والحاسم "إصلاحي أصولي/ انتهت القصة"، فإن النتائج التي تحققت في 28 يونيو (حزيران) تعتبر نقطة تحول، يمكن أن تعيد الأمل والروح للشعب وتجعله مستعدًا لأعمال جماهيرية أخرى مثل الإضرابات والاحتجاجات على مستوى البلاد ضد النظام الفاسد والقمعي والمستبد.
لا تملك الجمهورية الإسلامية الإرادة ولا القدرة على حل مشاكل الناس في مجالات السياسة الداخلية والخارجية والاقتصاد والثقافة والبيئة وغيرها. وهذا يعني بطبيعة الحال أن الأرضية ستكون أكثر ملاءمة لاستمرار وتوسيع الاحتجاجات النقابية والمعيشية والمدنية والسياسية في السنوات الأخيرة.
ولهذا السبب فإن إحباط النظام، الذي جاء بكل قوته واستدعى كل قواه من الإصلاحيين إلى مختلف أطياف التيار الأصولي للتعويض عن إخفاقات السنوات الأخيرة في صناديق الاقتراع، يعطي حافزاً وقوة مزدوجة للانتفاضة الآخذة في الانتشار رغم القمع الدموي والوحشي الذي تتعرض له.
إن هذه المقاطعة وعواقبها لن تعيد الأمل والروح المعنوية إلى معسكر الشعب الإيراني فحسب، بل سيكون لها أيضا انعكاس كبير جداً في معسكر أنصار النظام الإيراني، وتمنع النظام من إمكانية إحداث استقطاب كاذب في المجتمع من خلال تمديد الانتخابات إلى الجولة الثانية.
ورغم أن مسعود بزشكيان حظي بدعم كامل من محمد خاتمي، الذي يشير إليه الإصلاحيون على أنه زعيم الإصلاحات، إلا أنه لم يتمكن من استقطاب نطاق واسع وفعال ممن انفصلوا فعلياً عن هذا الاتجاه، بما في ذلك مير حسين موسوي، وزهراء رهنورد، ومصطفى تاج زاده، وجر أنصارهم إلى صناديق الاقتراع، الأمر الذي يوضح أن ما كان يسمى ذات يوم بـ "الإصلاح في الجمهورية الإسلامية" لم يعد سوى جثة هامدة.
وعلى الرغم من أن الإصلاحيين فقدوا منذ فترة طويلة قاعدتهم الاجتماعية السابقة، التي اكتسبوها في غياب منافسين جديين، إلا أنهم كانوا يأملون في هذه السنوات أن يحظوا مرة أخرى باهتمام علي خامنئي وحصة من السلطة والفوائد الاقتصادية والسياسية الناتجة عن الجلوس على "طاولة الثورة".
لكن عندما اعتبر بزشكيان مراراً وتكراراً خلال المنافسات الانتخابية أن علي خامنئي هو "خطه الأحمر"، وقال إنه ليس لديه خطط وسياسات، وأن نيته هي تنفيذ السياسات التي أعلنها المرشد الأعلى، أصبح من الواضح أن ملف التيار الإصلاحي، بالاسم والتعريف السابقين، قد أُغلق في العلاقات داخل السلطة أيضاً، وعملياً لم تعد هناك حدود ومؤشرات يمكن على أساسها التعرف على الإصلاحيين وتمييزهم عن نظرائهم الأصوليين.
أما داخل الأصوليين، فإن الوضع مأساوي بنفس القدر. فالأصوليون الذين أظهروا عداوتهم مع بعضهم البعض قبل بضعة أشهر فقط خلال المنافسة على دخول البرلمان، فإنهم خلال المنافسة على مقعد إبراهيم رئيسي أيضاً، أظهروا عمق الخلاف بينهم.
إن عدم القدرة على التوصل إلى توافق حول وجود مرشح واحد، وطريقة مواجهة المرشحين وأنصارهم، لا سيما سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف، تظهر أنهم متعطشون للسلطة وليس عشاق الخدمة، على عكس الشعار الشائع في نظام الجمهورية الإسلامية.
وأياً كان الاسم الذي سيخرج من صناديق اقتراع النظام الإيراني، فإن هناك حقيقة كبيرة ستلقي بظلالها على رأس الحكومة ومستقبل نظام الجمهورية الإسلامية: لقد أظهر الشعب الإيراني إرادته ووعيه من خلال مقاطعة الانتخابات عدة مرات، فالجمهورية الإسلامية، بعد أن فشلت في أدائها، أصبحت أكثر هشاشة من أي وقت مضى، وينبغي لها أن تقلق بشأن المستقبل.
أعلنت 3 ميليشيات شيعية عراقية، هي حركة "النجباء" و"كتائب حزب الله" و"كتائب سيد الشهداء"، يوم الأحد 23 يونيو (حزيران)، استعدادها لإرسال قواتها إلى لبنان للمشاركة في حرب محتملة بين حزب الله وإسرائيل.
كما قال قائد القوات البرية للجيش الإيراني إن ما يسمى بقوات جبهة المقاومة لن تبقى صامتة في مواجهة حرب محتملة. ويبدو أن طهران قررت إرسال التسهيلات اللازمة إلى لبنان باستخدام الميليشيات العراقية.
لكن ما هي هذه الجماعات وما علاقتها بإيران؟
حركة "النجباء" جماعة وكيلة أم فرع لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني؟
حركة "النجباء" و"كتائب حزب الله" و"كتائب سيد الشهداء" هي ثلاثة من الركائز الأربع للمجلس التنسيقي لفصائل المقاومة التي تسيطر على السلطة في العراق. و"أنصار الأوفياء" هي الركن الرابع لهذا المجلس.
وأبرز هذه الجماعات حالياً هي حركة "النجباء"، التي عملت تحت عنوان "كتائب الإمام الكاظم" خلال الحرب الأهلية السورية.
تشكلت النواة المركزية لهذه الحركة في بغداد عام 2004، وفي عام 2013 أعلنت علنا عن وجودها من خلال انشقاقها عن جماعة "عصائب أهل الحق".
ومن هذا العام اختارت "عصائب أهل الحق" الدخول في النشاط السياسي، ومحاولة الفوز بمقاعد في البرلمان.
ورغم هذا الانقسام الذي جاء نتيجة الخلاف بين أكرم الكعبي الأمين العام لـ"النجباء"، وقيس الخزعلي زعيم "عصائب أهل الحق"، إلا أن هاتين المجموعتين ما زالتا تتمتعان بعلاقات جيدة مع بعضهما البعض.
وقال مصدر مقرب من الحشد الشعبي لـ"إيران إنترناشيونال" إن حركة "النجباء" تشكلت بإشراف مباشر من قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وبلغت الميزانية الأولية لهذه المجموعة 10 ملايين دولار، قدمها حزب الله اللبناني.
هيكلة هذه المجموعة كانت أيضاً من مسؤولية اللبنانيين. في ذلك الوقت، كان سليماني منزعجًا من "عصائب أهل الحق" لابتعادها عن الأنشطة العسكرية وتحولها إلى الأنشطة السياسية، وطلب من "النجباء" التركيز على الأنشطة العسكرية فقط.
وتمكنت "النجباء" من زيادة عدد قواتها بدعم مالي واسع النطاق من الحرس الثوري الإيراني.
خلال تلك الفترة، عندما كان كل جندي عراقي يتقاضى ما بين 300 إلى 400 دولار شهريا، كانت النجباء تدفع راتبا شهريا يعادل 1400 دولار. ويقدر عدد أعضاء هذه المجموعة بأكثر من 10 آلاف شخص.
وتعتمد "النجباء" بشكل كبير على فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، لدرجة أنه لا يمكن حتى وصفها بأنها مجموعة وكيلة.
في الواقع، "النجباء" هي جزء من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي يتمتع بعلاقة خاصة مع المرشد علي خامنئي.
ومحسن قمي، المساعد الدولي لمكتب خامنئي، هو جهة الاتصال الخاصة بهم.
ولهذه الجماعة كيان إعلامي وتنظيمي واسع في إيران ممول من قبل "اتحاد الإذاعة والتلفزيون الإسلامي" التابع لوزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية. فالقسم الفارسي في موقع "النجباء" وحسابات مستخدمي هذه المجموعة في شبكات التواصل الاجتماعي أحدث وأفضل من القسم العربي.
ولدى النجباء 12 مكتبًا في طهران وقم ومشهد، أحدها عبارة عن مبنى مكون من 8 طوابق في جنت آباد بطهران.
وتتدرب قوات "النجباء" في ثكنة بازوكي في طهران ومقر لواء الإمام الصادق 83 في قم.
وبحسب مصدر مقرب من الحرس الثوري الإيراني، فإن الحرس أنشأ كيانا اقتصاديا لـ"النجباء"، التي لها مكاتب في الصين والإمارات العربية المتحدة وتبيع النفط لصالح الحرس الثوري الإيراني. وفي الواقع، يقوم الحرس الثوري الإيراني بإجراء جزء من معاملاته المالية، التي لا يرغب في تسجيلها، من خلال "النجباء".
وقال هذا المصدر إن "النجباء" تعيد أموال النفط المبيع إلى فيلق القدس، لأن الحرس الثوري الإيراني يدفع كافة نفقات هذه المجموعة.
وتتم الأنشطة العسكرية "للنجباء" تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، وتقوم القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري الإيراني بمراقبة إطلاق صواريخ هذه المجموعة على أهدافها.
ويدير عملية المراقبة حميد فاضلي، الرئيس السابق لمنظمة الفضاء الإيرانية ورئيس "الوحدة 340" في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وقال مصدر مقرب من الحشد الشعبي لـ"إيران إنترناشيونال" إن فيلق القدس أنشأ مصنعا "للنجباء" لتصنيع الأسلحة في العراق، ويتم إرسال جزء مهم من هذه الأسلحة إلى لبنان.
أكرم الكعبي، الأمين العام "للنجباء"، يعيش في إيران منذ فترة طويلة، ويذهب إلى العراق بـ"بطاقة ميثاق" وجواز سفر إيرانيين.
و"بطاقة ميثاق" هي بطاقة تُعطى للأشخاص البارزين في الخطوط الأمامية للمقاومة. وتصدر هذه البطاقات كتيبة اسمها "كتيبة الميثاق"، ويمكن لحامليها التنقل بسهولة عبر المطارات ومحاور النقل.
وبحسب مصدر مقرب من الحشد الشعبي، فإن أكرم الكعبي البالغ من العمر 47 عاماً لديه 3 زوجات و9 أطفال يعيشون في منزليه في جنت آباد والقرية الأولمبية.
وهو يظهر في الأوساط السياسية الإيرانية، والتقى بالعديد من السياسيين الإيرانيين، من إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني الراحل، إلى أحمد علم الهدى، خطيب جمعة مشهد، ومحسن رضائي، أمين مجلس التنسيق الاقتصادي الأعلى.
"النجباء" تتكون من 4 مجموعات أصغر
مجموعة "قاسم الجبارين"، وهي المسؤولة عن الهجوم على مطار أربيل. كما أن "سرايا أبابيل" قوية أيضًا في قطاع الطائرات المسيرة، ويعيش بعض أعضائها في مرتفعات الجولان. و"أصحاب الكهف" و"سرايا أولياء الدم" هما قسمان آخران من "النجباء".
وكانت مجموعة "أصحاب الكهف" تنتمي إلى "عصائب أهل الحق"، وكان عماد مغنية، القائد الكبير السابق لحزب الله، أحد مؤسسيها. وكانت المجموعة متخصصة في البداية في تنفيذ عمليات ضد الأميركيين باستخدام القنابل المزروعة على الطرق، لكنها ركزت في السنوات الأخيرة بشكل أساسي على الأنشطة الاستخباراتية ومراقبة الأهداف.
تأسست "سرايا أولياء الدم" أساسًا للعمل ضد القواعد الأميركية في الدول الخليجية، كما نفذت عدة عمليات في بحر عمان. هذه المجموعة، التي يتمركز معظمها في البصرة والفاو، تساعد حاليًا الحوثيين، الميليشيات الشيعية اليمنية المدعومة من إيران.
قبل 7 سنوات، أعلنت النجباء تشكيل جيش تحرير الجولان. وتقول هذه المجموعة إنها مستعدة لاستعادة هضبة الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل بناء على طلب سوريا.
بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي وبدء حرب غزة، حاولت حركة "النجباء" مهاجمة إسرائيل. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن شن هجوم صاروخي على ميناء إيلات في إسرائيل.
كتائب حزب الله جذورها في فيلق بدر
أما المجموعة الثانية التي أعلنت استعدادها للحرب مع إسرائيل فهي "كتائب حزب الله". هذه الميليشيا التي تعد من أقوى عناصر جماعات المقاومة الإسلامية في العراق، أسسها أبو مهدي المهندس عام 2003.
وأعلنت هذه المجموعة في البداية أن هدفها هو محاربة تواجد القوات الأميركية في العراق، لكن بعد انسحاب هذه القوات دخلت الحرب الأهلية السورية وقاتلت لصالح بشار الأسد، الدكتاتور السوري.
وأعلنت الولايات المتحدة هذه الجماعة إرهابية في عام 2009.
وقال مصدر مقرب من الحشد الشعبي لـ"إيران إنترناشيونال" إن أصل هذه المجموعة يعود إلى "فيلق بدر" العراقي الذي قاتلت قواته على الجبهة الإيرانية خلال حرب العراق ضد إيران.
وقام أبو المهندس بتشكيل "كتائب حزب الله" باستخدام مجموعات عائلية من "فيلق بدر". ولهذا السبب، لم تكن هذه الجماعة بحاجة إلى حزب الله لبناء هيكل لها.
وكانت هذه المجموعة الأولى التي ترسلها إيران إلى سوريا لمساعدة بشار الأسد في قمع معارضيه في الشوارع.
وقُتل أبو مهدي المهندس، مؤسس هذه الجماعة، في هجوم شنته الولايات المتحدة في 3 يناير (كانون الثاني) 2020، على السيارة التي كانت تقله هو وقاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وبعد ذلك تولى أحمد الحميداوي قيادة هذه الجماعة.
كما تقدم إيران مساعدات مالية لكتائب حزب الله، لكن هذه المجموعة لديها نشاط اقتصادي واسع النطاق، فهم يشترون الأراضي في الدول الأوروبية، ويبيعون النفط، ووفقاً لمصدر عراقي، فقد اشتروا أسهماً في العديد من المصافي في إيران.
وتجني هذه المجموعة ما يقارب 100 مليون دولار من تصدير الأسمدة الكيماوية من إيران إلى العراق.
وفي فبراير (شباط) الماضي، قتلت الولايات المتحدة أبو باقر الساعدي، أحد أبرز قادة هذه الجماعة المسلحة، في هجوم بطائرة مسيرة.
وبعد ذلك هرب زعيم هذه الجماعة أحمد حميداوي وإخوته الثلاثة أسد وأرقد وأخلد إلى إيران ويعيشون الآن هناك.
وسبق أن أُعلن أن أبو مهدي المهندس يعيش مع زوجته الإيرانية في شارع كلستان 1 بطهران.
وزعمت "كتائب حزب الله" أنها نفذت أكثر من 150 هجوما ضد القوات الأميركية منذ بداية حرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
كتاب سيد الشهداء.. مقاولون لسليماني
كتائب "سيد الشهداء" هي الأصغر بين الميليشيات الثلاث التي أعلنت استعدادها لنقل قواتها إلى لبنان.
وأعلنت هذه المجموعة عن وجودها عام 2013؛ عندما قُتل 3 من عناصرها في ريف دمشق.
وكانت كتائب "سيد الشهداء" تنشط بشكل رئيسي في سوريا، وتقول إنها أرسلت 500 جندي إلى هذا البلد، وهم موجودون بشكل رئيسي في دمشق والغوطة الشرقية.
وبحسب مصدر مقرب من الحشد الشعبي فإنهم كانوا يتعاونون مع قاسم سليماني في الحرب السورية.
على سبيل المثال، مقابل الحفاظ على محور والتقدم 5 كيلومترات، حصلوا على مليوني دولار.
وقد حاولت هذه المجموعة مؤخراً جذب المزيد من الاهتمام من خلال مهاجمة أهداف أميركية.
ورحب زعيم هذه الجماعة، أبو آلاء الولائي، بوصول رئيسي إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، وقال إن فوز رئيسي سيعزز الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني.
ويبلغ عدد أفراد "كتائب سيد الشهداء" نحو 3 آلاف شخص.
ويتم تمويل هذه المجموعة أيضًا من قبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني؛ وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية تدفع أيضًا لكتائب سيد الشهداء، وهي عضو في الحشد الشعبي، إلا أن هذه المجموعة لها علاقة وثيقة جدًا مع حزب الله اللبناني، وتتلقى مساعدة مالية وإعلامية من هذه المجموعة.
وقد أعلنت الولايات المتحدة "كتائب سيد الشهداء" جماعة إرهابية في الخريف الماضي.
انتهت اليوم المناظرة الخامسة والأخيرة للمرشحين الستة للانتخابات الرئاسية المبكرة في إيران، وهم: الإصلاحي مسعود بزشكيان ومصطفى محمدي والأصوليون الأربعة، سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف وعلي رضا زاكاني وقاضي زاده هاشمي.
تحدثوا جميعهم خلال المناظرات الخمسة، بطريقة غير مسبوقة للمسؤولين الإيرانيين حول حقيقة بلدهم خلال السنوات الثلاث الماضية، في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، شملت قضايا النساء وحرية الصحافة والإنترنت والملف النووي.
وفي مثل كل مناظرات انتخابية في العالم، شهدت المناظرات الرئاسية الإيرانية وعودا قد لا يتحقق معظمها، لا سيما في مجال السياسة الخارجية التي يسيطر عليها المرشد علي خامنئي بمساعدة مؤسساته العسكرية والأمنية.
هذا ما أكده المرشحون، وعلى رأسهم الإصلاحي بزشكيان الذي قال إنه سيكون مطيعا لأوامر المرشد في القضايا السيادية.
لكن المثير في ما سمعناه من المرشحين الستة ليس هذا فحسب، وهو أمر جلي لمن يتابع الشأن الإيراني، بل إن المرشحين- ورغم طلب خامنئي نفسه ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون التي أشرفت على المناظرات بعدم التطرق إلى القضايا الجدلية والتي تؤثر سلبا على المجتمع- هو تأكيدهم أن النظام فشل في كل مشاريعه الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية في الداخل والخارج، على الرغم من أن المرشحين الستة تولوا خلال مسيرتهم مسؤوليات سياسية وأمنية كبيرة مثل رئاسة البرلمان والملف النووي وقيادة الحرس الثوري.
على سبيل المثال لا الحصر، قال الإصلاحي بزشكيان مخاطبا المرشحين المنتمين للتيار الأصولي: أنتم لا تعيرون أي اهتمام لتوظيف الخبراء في جميع المجالات لهذا خسائرنا فادحة، ليردوا على الفور:“ إنكم (أي الإصلاحيين) كنتم على سدة الحكم لأربع فترات (محمد خاتمي لفترتين وحسن روحاني لفترتين) ولم تحققوا شيئا، بل نحملكم جميع الهزائم السياسية حيث ذهبتم للتطبيع مع الغرب، ولم تحصلوا على شيء“.
ويعيد بزشكيان مهاجمته لمنافسيه الأربعة بالقول في المناظرة قبل الأخيرة: أنتم من سببتم قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول، وإغلاق السفارات بعد الهجوم على السفارة والقنصلية السعوديتين. وهنا يرد عليه قاضي زاده، الذي تحول خلال المناظرات إلى خصم مباشر ضد بزشكيان، إن "الهجوم وقع في فترة رئاسة حسن روحاني المقرب والمدعوم من الإصلاحيين، وكان هو الأجدر بمعالجة الأزمة، وليس الأصوليون".
تعهد جميع المرشحين مثل سابقيهم بمكافحة الفساد الاقتصادي، الفساد الذي تسبب بإزاحة الطبقة الوسطى، كما قالها محمدي، وووسّع من رقعة الفقر في البلاد. ورد عليه جليلي أن محمدي كان المسؤول الأول في القضاء لمواجهة الفاسدين لفترة طويلة، وأضاف مهددا: "ستكون يا محمدي أول من يٌسأل في حال أصبحت رئيسا للبلاد".
بزشكيان كان الأكثر جرأة بين المرشحين الستة خلال المناظرات، وهو ما فسره المراقبون أنه يسعى عبر هذه الفرصة الوقتية الممنوحة له ولرفاقه من قبل النظام إلى استرجاع سمعة الإصلاحيين المفقودة، حيث بات الشعب يهتف في كل فرصة للاحتجاج: "أيها الإصلاحيون والأصوليون انتهت صلاحياتكم ونريد غيركم".
في آخر مناظرة وعد بزشكيان الشعب الإيراني أنه لن يكذب عليه في حال وصل إلى الرئاسة، وسيكشف عن جميع الحقائق والعوائق.
والسؤال الذي يطرحه المواطن الإيراني الغاضب من سياسات بلاده : هل ستكون يا بزشكيان بهذه الجرأة في ما يخص صلاحيات المرشد والحرس الثوري في حال وصلت للرئاسة؟
لخص المرشح الأصولي محمد باقر قاليباف، الذي تبوأ مناصب كبيرة في الحرس الثوري ورئيسًا للبرلمان الماضي والحالي، نتيجة هذه المناظرات معلقا على منافسيه الخمسة بالقول: "ما فضحناه وتجادلنا حوله خلال المناظرات لن يحل مشكلاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولن يمحو الفقر والجوع"، وكأنه يؤكد على أن الأمور ستستمر واليأس بين المواطنين سيبقى على حاله. لأن المرشد، الولي الفقيه صاحب الصلاحيات المطلقة، تعوّد على أن من حوله يطيعونه، ولو وصل إلى عمر 85 عاما.
الرئيس الإيراني الأسبق، محمد خاتمي، قال في لقاء صحافي بعد تركه السلطة وحرمانه من أي منصب في النظام : "كنت في فترة رئاستي مثل موظف المشتريات". وهو ملخص الحقيقة لإطار مسؤوليات الرئيس في إيران.
إن المقاطعة المحتملة للانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران، من قِبل مصطفى تاج زاده ومير حسين موسوي، وهما من أشد المعارضين للمرشد علي خامنئي، يمكن أن تخلق تحديًا كبيرًا للإصلاحيين، ومرشحهم، مسعود بزشكيان، وتخاطر بانهيار حملته الانتخابية قبل بدء المعركة.
ومن المرجح أن يكون تاج زاده وموسوي يتعرضان لضغوط من "الجبهة الإصلاحية"، التي تضم 31 حزبًا إصلاحيًا ونحو 15 شخصية إصلاحية بارزة، لدعم ترشيح مسعود بزشكيان، لكن لن يكون مثل هذا الدعم من موسوي وتاج زاده سهلاً، بالنظر إلى المواقف السابقة لهذين السياسيين.
يُذكر أن مير حسين موسوي هو قائد الحركة الخضراء، التي قادت الاحتجاجات عام 2009، على خلفية الانتخابات الرئاسية، واتهام النظام بتزوير النتائج، ويخضع، حاليًا، للإقامة الجبرية منذ أكثر من 13 عامًا، فيما يقبع مصطفى تاج زاده في السجن؛ بسبب دعمه للاحتجاجات الشعبية عام 2022، وكذلك انتقاداته للمرشد علي خامنئي.
ويعتبر تاج زاده رمزًا لفكر "الإصلاحات الهيكلية" في إيران اليوم، ويقضي حاليًا عقوبة الحبس لمدة خمس سنوات في سجن إيفين.
ويرى أن فكرة الإصلاحات التقليدية فاشلة، وقال إنه تجاوز هذا النوع من الإصلاحات، ولن يشارك في انتخابات غير حرة.
وقد حدّد تاج زاده الإصلاحات الهيكلية، بإيجاز في عدة أمثلة، ومنها جعل المرشد مسؤولاً ومُحاسَبًا أمام القانون، وتغيير تشكيلة مجلس الخبراء؛ بحيث لا يضم رجال الدين فقط، وإجراء انتخابات حرة حقيقية، وتعديل الدستور عبر الاستفتاء الشعبي.
وقد دعا مير حسين موسوي، الذي ظل رهن الإقامة الجبرية منذ أكثر من 13 عامًا، في رسالته الأخيرة، ضمنًا إلى تجاوز نظام الجمهورية الإسلامية، وتشكيل نظام سياسي جديد.
ودعا إلى إجراء استفتاء وتشكيل المجلس التأسيسي لإنقاذ إيران، وقال إنه خلافًا للماضي؛ حيث كان يدعو لتطبيق الدستور دون تنازلات، فإنه لم يعد يعتبر هذا الأمر فعالًا، بل المطلوب الآن هو صياغة دستور جديد.
ويخضع مير حسين موسوي رهن الإقامة الجبرية بقرار من المرشد، علي خامنئي، الذي يصر على إبقائه في هذه الحالة، رغم المطالبات الشعبية وانتقادات الإصلاحيين وأنصارهم لهذا الوضع.
أما تاج زاده فهو مسجون؛ بسبب انتقاداته الصريحة لـ "خامنئي" ونهجه في الحكم.
وفي المقابل نجد أن مرشح الإصلاحيين، مسعود بزشكيان، عاد إلى المشهد السياسي، بعد أن كان قد رُفض من قِبل مجلس صيانة الدستور، ولم تتم تزكيته في الانتخابات السابقة، وأصبح اليوم يقول بشكل صريح إنه من الأتباع المخلصين لولاية الفقيه وسياسات المرشد، علي خامنئي، في حين أن تاج زاده ومير حسين موسوي وقفا بوجه خامنئي، واتهماه بالاستبداد.
وفي ضوء ذلك، فإن دعم تاج زاده لـ "بزشكيان" يعني تراجعه عن الإصلاحات الهيكلية وإحباط مؤيديه وتخييب ظنهم؛ لأن هؤلاء المؤيدين أصيبوا بخيبة أمل من الإصلاحيين التقليديين، وهم يأملون في التغيير عبر أصوات شخصيات مثل تاج زاده. كما أن دعم موسوي لـ "بزشكيان" سيكون بمثابة انحراف عن مطالبه السابقة بتشكيل المجلس التأسيسي، وسيؤدي إلى مصير مماثل لـ "تاج زاده" بالنسبة للرأي العام، إذا ما دعم بزشكيان.
ولذلك، من الصعب جدًا الحصول على دعم تاج زاده وموسوي لصالح بزشكيان وجبهة الإصلاحيين، ومع ذلك، يأمل كل من بزشكيان والتيار الإصلاحي أنه إذا لم يدعم موسوي وتاج زاده ترشيحه، فإنهما على الأقل سيلتزمان الصمت، وألا يقاطعا الانتخابات، ويعود سبب هذا القلق إلى النفوذ الكبير، الذي يتمتع به تاج زاده وموسوي بين لجنة الإصلاحيين وأنصار الحركة الخضراء.
والحقيقة هي أنه، إن لم نقل إن تاج زاده وحده يتمتع بنفوذ بين الشباب الإصلاحي يفوق جميع أحزاب جبهة الإصلاح الـ 31، فإن هذا النفوذ على الأقل خطير للغاية، وإذا قاطع الانتخابات الرئاسية مثلما حدث في الانتخابات البرلمانية، التي أُجريت في الشتاء الماضي، فإن ذلك سيكون بمثابة ضربة كبيرة للحملة الانتخابية لـ "بزشكيان"، ويمكن أن يعزى تأثير مماثل إلى مقاطعة مير حسين موسوي المحتملة للانتخابات.
ويعلم تاج زاده وموسوي أن الصمت بشأن الانتخابات يمكن تفسيره أيضًا بأنه تغليب عنصر المصلحة الشخصية لهما مقابل التيار الإصلاحي وهذا يضر بمكانتهما السياسية والاجتماعية؛ ولذلك، فهما ليسا في وضع يسمح لهما بالتزام الصمت. وربما، عاجلاً أم آجلاً، سيتعين على هذين الاثنين أن يقررا موقفهما بشأن الانتخابات في الأيام المقبلة؛ حيث إن دعمهما يمكن أن يقوي الحملة الانتخابية لـ "بزشكيان"، لكن مقاطعة الانتخابات من قِبلهما يمكن أن تقتل هذه الحملة أيضًا.
أعلنت القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط "سنتكوم"، أنه تم تعيين الأدميرال "الأميركي م أصول إيرانية، كيوان حكيم زاده قائداً للمجموعة الهجومية المتمركزة في منطقة القيادة المركزية.. فمن هو كيوان حكيم زاده، وما المسؤولية التي يتحملها في "سنتكوم" وما أهميتها؟
يبلغ كيوان حكيم زاده من العمر 56 عامًا، وهو أحد كبار الضباط في البحرية الأميركية. ولد في تكساس عام 1968 لأب إيراني وأم أميركية. وأمضى طفولته في إيران، حيث هاجر مع عائلته إلى أميركا وهو في الحادية عشرة من عمره بعد ثورة 1979.
وخلال مسيرته المهنية في البحرية الأميركية، أهّلته خبراته لقيادة حاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان"، والتي سميت باسم هاري ترومان، الرئيس الثالث والثلاثين للولايات المتحدة الأميركية، والذي تولى الرئاسة منذ 1945 إلى 1953.
وتم تعيين الأدميرال حكيم زاده قائداً لحاملة الطائرات هذه في عام 2019 وفي ذروة التوترات بين إيران والولايات المتحدة، وكان قبل ذلك الضابط الآمر للسفينة الحربية "يو إس إس ماونت ويتني"، والتي تعتبر سفينة القيادة في الأسطول الأميركي السادس.
ويقع المقر الرئيسي للأسطول السادس في مدينة نابولي الإيطالية، ومنطقة مسؤوليته هي مياه أوروبا وأفريقيا، وخاصة البحر الأبيض المتوسط.
وقد خدم حكيم زاده لفترة طويلة في نورفولك، المقر والمرسى الرئيسي لحاملات الطائرات الأميركية في المحيط الأطلسي، والذي يقع في ولاية فرجينيا. وله تاريخ من المشاركة في العمليات القتالية في العراق وأفغانستان، وشارك في ثماني عمليات قتالية على متن سبع سفن حربية أميركية.
كما يعد حكيم زاده أحد كبار ضباط الأسطول الخامس للبحرية الأميركية المتمركز في البحرين شمال الخليج، والآن بصفته قائد فرقة العمل المتمركزة في منطقة القيادة المركزية، يقود مجموعة من السفن الحربية الأميركية في المنطقة، بما في ذلك حاملة الطائرات أيزنهاور.
وتشمل هذه المجموعة القتالية التي يتولى قيادتها حكيم زاده، والتي تحمل الاسم المختصر "CSG 2"، الطرادات والمدمرات المرافقة لحاملة الطائرات أيزنهاور ومجموعة الطائرات المقاتلة المتمركزة عليها.
وفي الواقع، يتولى الأدميرال حكيم زاده حالياً قيادة المعركة ضد الحوثيين المدعومين من إيران في البحر الأحمر، والتي تحولت هذه الأيام إلى صراع موسع بين الولايات المتحدة والحوثيين.
وكانت حاملة الطائرات أيزنهاور والسفن المرافقة لها قد انتشرت في البحر الأحمر خلال الأشهر القليلة الماضية، في محاولة لإسقاط الطائرات المسيرة والصواريخ التي يطلقها الحوثيون باتجاه السفن وأيضاً باتجاه جنوب إسرائيل، وتقليص تهديدات الجماعة ضد الشحن الدولي وأمن إسرائيل.
ومن الجدير بالذكر، أنه يتم توفير معظم الطائرات المسيرة التابعة للحوثيين والجماعات الأخرى الوكيلة لإيران بمساعدة الحرس الثوري لإطلاقها على إسرائيل والسفن والقواعد الأميركية في المنطقة.
وهذا يعني في الواقع أن الأدميرال حكيم زاده، والمجموعة الهجومية تحت قيادته، يقاتلون بشكل غير مباشر قوات الحرس الثوري الإيراني التي تسميها طهران "مستشارين عسكريين" ويتمركزون في جميع أنحاء الشرق الأوسط من سوريا إلى لبنان واليمن.
وأقر البرلمان الثامن في تاريخ إيران هذا القانون، ليس بضغط الأصولي المتشدد، سعيد جليلي، أو "لوبي" محمد باقر قاليباف، بل كان باقتراح ممثل تبريز في البرلمان، مسعود بزشكيان.
وبعد مرور 14 عامًا على إقرار هذا القانون وفرضه على المجتمع، أصبحت مسألة حقوق المرأة، خاصة حرية الملبس، في الأماكن العامة، هي القضية الحاسمة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
وكان على المرشحين في هذه الانتخابات أن يوضحوا موقفهم من ثلاث قضايا حاسمة، وهي: حقوق الإنسان، خاصة حرية المرأة في الملبس، وركائز السلطة، وعلى وجه الخصوص الحرس الثوري الإيراني، والسياسة الخارجية، فيما يتعلق بخلق التوتر ضد الغرب.
والآن بعد أن انتقلت الانتخابات إلى المرحلة الثانية بعد مقاطعة كبيرة وتصويت منخفض على خيارات مجلس صيانة الدستور الإيراني، استخدم الإصلاحيون المؤيدون للمرشح مسعود بزشكيان "تكتيك" الاستقطاب في الفضاء الإلكتروني، ويعتقدون أن سر فوزهم هو إثارة الخوف من فوز الأصولي المتشدد، سعيد جليلي.
وبالنظر إلى سجل تمثيل بزشكيان في البرلمان الإيراني، وهو معيار أفضل للحكم على أدائه في موقع السلطة، يتبين أنه إذا فاز بسباق الرئاسة، فإنه سيستمر على الوضع نفسه والخط الحالي في المجالات الثلاثة: الحجاب والحرس الثوري الإيراني والعلاقات مع الغرب، وليس ما يريده غالبية المواطنين.
التوقيع الأول: مقترح لدعم فرض الحجاب الإجباري وافق البرلمان الإيراني على هذا المقترح في يونيو (حزيران) عام 2010، وهي خطة وقّع عليها بزشكيان مع 102 من أعضاء البرلمان الآخرين، بمن في ذلك شخصيات متطرفة مثل ستار هدايت خاه، الذي تحدث ضد قتلى الاحتجاجات عام 2009، ومنع التحقيق في حادثة كهريزك.
وتدعو هذه الخطة إلى التذكير الشفهي والكتابي وتقديم الشكاوى إلى السلطات الحكومية بشأن القضايا المثيرة للجدل، مثل: "الحياء العام" و"الأمن الاجتماعي" و"القيم والحدود الإسلامية" باعتبارها "واجب الجميع"، وفي المرحلة التالية يضطلع النظام بتطبيقها بمفرده.
وينص مقترح القانون، الذي وافق عليه بزشكيان، على السماح بالحكم على المواطنين بالغرامات المالية والسجن والنفي، وهو السبب الرئيس لحرب الشوارع ضد النساء في إيران.
وعلى الرغم من دوره في إقرار مثل هذا القانون، فإن مسعود بزشكيان ظهر في المناظرات الانتخابية الرئاسية كأنه مناصر للمرأة وضد فرض الحجاب، ويحاول استقطاب المحتجين من خلال اختيار عبارات تبدو أنها ضد شرطة الأخلاق ودورها، لكن مضمون عباراته يحمل إنكار حرية المرأة وحقها في الملبس، وهو يسير يدًا بيد مع النظام في هذا الاتجاه، بأن عدم ارتداء الحجاب أمر غير مرغوب فيه، والفرق الوحيد هو أنه يناقش طريقة فرضه.
وإذا دققنا في خطاب وسجلات بزشكيان يتبين لنا أنه ليس مع حرية لباس المرأة، كما يحاول أنصاره ومؤيدوه الإصلاحيون تقديمه والترويج له، كما أنه ليس ضد دورية شرطة الأخلاق، ولكن المشكلة، كما يؤكد هو نفسه، هي أن خطة "نور" لقوات الشرطة كان ينبغي تنفيذها بشكل تجريبي في مدينة أو محافظة.
التوقيع الثاني: تعزيز الحرس الثوري الإيراني يكشف توقيع آخر لـ "بزشكيان" في البرلمان الإيراني عن موقفه بمن الركائز الأساسية للسلطة.
عندما صنفت الحكومة الأميركية الحرس الثوري، منظمة إرهابية، في عام 2019، ألزم "بزشكيان"، بصفته نائبًا في البرلمان، النظام الإيراني باتخاذ إجراءات في إقرار ما يُسمى "تعزيز موقع الحرس الثوري الإيراني ضد الولايات المتحدة"، مما أدى إلى مزيد من تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة.
وتصف هذه الخطة القوات العسكرية والاستخبارات التابعة للولايات المتحدة بـ "الإرهابية"، وتلزم الحكومة الإيرانية بمواجهتها، فضلًا عن عرقلة التعاون بين الولايات المتحدة ودول المنطقة في مجال التبادل المالي والمنشآت والمعدات.
ومما لا شك فيه أن تعزيز وتطوير الحرس الثوري الإيراني في العقود الأخيرة كان ممكنًا وميسرًا من خلال الدعم الحكومي والقانوني والمالي للمؤسسات الحاكمة الأخرى في إيران، بما في ذلك دعم الخطط التي شارك فيها بزشكيان، وقد ساهم في تعزيز سلطات الحرس الثوري الإيراني في قمع وقتل المواطنين وتفاقم انعدام الأمن والصراعات مع الدول الأخرى في المنطقة.
وبالإضافة إلى ذلك، نشرت وسائل الإعلام صورة بزشكيان وهو يرتدي زي الحرس الثوري الإيراني في قاعة البرلمان مع نواب إصلاحيين آخرين عام 2019، وهو الإجراء الذي تم اتخاذه بعد أن تم تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية من قِبل إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.
ولا يخفي بزشكيان دعمه المطلق للحرس الثوري الإيراني، وقال في مناظرات الانتخابات الرئاسية، إنه يعتبر صواريخ الحرس الثوري الإيراني وطائراته المُسيّرة "مصدر فخر".
لكن القضية أصبحت متناقضة عندما وعد، بصفته ناقدًا ومحتجًا على الوضع الحالي للبلاد، والذي يلعب فيه الحرس الثوري الإيراني وقمعه وفساده الاقتصادي دورًا كبيرًا بالطبع، بتغيير هذه الأوضاع الراهنة، لكنه لا يتفوه بكلمة عن دور الحرس الثوري الإيراني.
التوقيع الثالث: خلق التوتر في المنطقة المجال الثالث والذي يشكل أساس العديد من الأزمات الاقتصادية والدولية في إيران، هو موقف النظام الإيراني تجاه الغرب وإسرائيل.
ويمتلك بزشكيان سجلًا وتاريخًا في اقتراح وإقرار قانون فاقم من تصاعد العداء والمواجهة بين إيران وإسرائيل، بينما يقدم اليوم نفسه وفريقه كخيار للتفاعل وخفض التوتر مع العالم.
وقد وقّع هذا النائب مع 39 نائبًا آخر في البرلمان عام 2008 على خطة عاجلة بعنوان "إلزام الحكومة بتقديم الدعم الشامل" لفلسطين، والتي دعت إلى تدخل "جدي" للنظام الإيراني في دعم قطاع غزة.
وطالب هؤلاء النواب بالعمل على إرسال المساعدات إلى قطاع غزة، وإلى جانب ذلك طالبوا الحكومة الإيرانية بمراجعة علاقاتها السياسية والاقتصادية مع الدول الداعمة لإسرائيل ووقف دخول البضائع الإسرائيلية ومنع توقيع العقود مع الشركات التي يكون مساهموها الرئيسون شركات تابعة لهذا البلد.
ويعني تنفيذ هذه الخطة مواجهة سياسية بين إيران والدول الغربية، ومِن ثمّ فرض تكاليف اقتصادية على البلاد بسبب اضطراب التبادلات التجارية.
الآن، بعد نحو 15 عامًا، لا يتحدث بزشكيان في الساحة الانتخابية عن سجله المعادي للغرب في البرلمان، وبدلًا من ذلك، يقدم خطابًا معارضًا للتوتر لجذب أصوات المعارضين لهذه السياسات، وشدد مرارًا في المناقشات الاقتصادية والسياسية على أنه "يجب أن يكون لدينا اتصال بالعالم" وقال إنه باستثناء إسرائيل، يجب على إيران تعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى.
أقنعة المعارضة السياسية
ولا تقتصر قائمة الخطط ومشاريع القوانين، التي يرعاها بزشكيان، على هذه القوانين الثلاثة فقط والتي تجذب الانتباه، بل حاول أيضًا تعزيز سياسات خامنئي في المجالين الثقافي والاقتصادي، وهو ما ينتقده في المناقشات والمناظرات هذه الأيام عندما يتعلق الأمر بجذب الأصوات.
ففي المجال الثقافي، على سبيل المثال، أقر خطة لتعزيز وبناء المساجد في عام 2020. وفي المجال الاقتصادي، وقع عام 2017 على قانون لدعم «اقتصاد المقاومة» الذي أكده خامنئي.
وبهذه الخلفية، يبدو أن بزشكيان الذي نراه في الانتخابات اليوم ليس في موقع المسؤول المعارض للنظام والوضع الراهن، بل كان دائمًا عاملًا مساهمًا في دفع سياسات النظام، ودبلوماسية التوتر، وتعزيز العناصر القمعية في النظام، وسيروّج الإصلاحيون، في الأيام التي تسبق الجولة الثانية من الانتخابات، بالتأكيد لسياسة الترهيب والخوف من سعيد جليلي، باعتباره العنصر المتطرف في النظام، لكنهم لن يقولوا للشعب إن خيارهم، أي بزشكيان، لديه أيضًا وجهات نظر متقاربة ومشتركة جدًا مع النواة الصلبة للسلطة.