الرئيس الإيراني المنتخب.. مخاطبًا الشعب:لن أتركم وحدكم.. فلا تتركوني وحدي



لقيت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، صدى مختلفاً في وسائل الإعلام الفرنسية، التي قامت بشكل خاص بتحليل آثار هذه الانتخابات على الاقتصاد الإيراني الخاضع للعقوبات والسياسة الخارجية، مؤكدة أن الإيرانيين ليسوا مهتمين باختيار "جلادهم" القادم.
وأكدت صحيفة "لوموند"، أهم الصحف الفرنسية، اليوم الجمعة، 5 یولیو (تموز)، في تقريرها عن الانتخابات الإيرانية، أنه مهما كانت نتيجة هذه الانتخابات، فإن منصب الرئيس في إيران يتمتع بصلاحيات محدودة.
ونظرًا لوجود سعيد جليلي في المرحلة الثانية من الانتخابات، فقد أولت وسائل الإعلام الفرنسية اهتمامًا أكبر بهذه الانتخابات، لأنها تعرفه مسبقًا بمواقفه غير المرنة في المفاوضات النووية.
ونقلت صحيفة "لوموند" تصريحات جليلي، الذي قال إن الاتفاق النووي ينتهك الخطوط الحمراء لطهران من خلال قبول "عمليات تفتيش غير عادية للمواقع النووية الإيرانية".
غير أن الصحيفة أكدت أنه "مهما كانت نتيجة تصويت اليوم، فإن الانتخابات ستكون لها آثار محدودة، لأن الرئيس في إيران مسؤول فقط عن تنفيذ الخطوط الرئيسة للسياسة التي يحددها المرشد الإيراني".
وتحدثت الإذاعة الرسمية الفرنسية، في تقرير لها، عن حالة سوق العاصمة طهران في خضم الانتخابات الرئاسية.
وذكرت أن سوق طهران يعتبر مقياسًا لسبر الوضع الاقتصادي في إيران، ونقلت عن صاحب متجر لبيع الملابس، قوله "إن الوضع التجاري في سوق طهران أصبح الآن مظلمًا، والسبب الرئيس لهذه الأجواء السيئة هو عدم اليقين تجاه مآلات الانتخابات الرئاسية".
وأضاف للإذاعة الفرنسية أن السياسة لها تأثير مباشر على الاقتصاد، وإذا سارت السياسة على ما يرام، فإن الأمور الأخرى ستسير على ما يرام.
وقالت مريم، وهي بائعة أخرى، لوسائل الإعلام الفرنسية، إنها تعتقد أن الناس ليس لديهم أمل في مستقبلهم.
أما مجلة "شارلي إيبدو" الأسبوعية الساخرة، التي أثارت في السابق جدلاً في الدول الإسلامية، بما في ذلك إيران، برسومها الكاريكاتورية، فقد تناولت الانتخابات الإيرانية في تقرير لها بلغة أكثر صراحة.
وذكرت هذه الصحيفة الأسبوعية أن الإيرانيين ليسوا مهتمين بشكل خاص باختيار "جلادهم" التالي، في إشارة إلى اللقب الذي أطلقه معارضون على الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، سابقًا، وفي إشارة أيضًا إلى المقاطعة واسعة النطاق للانتخابات،
كما ناقشت "شارلي إيبدو" المرشحين الحاضرين في هذه المرحلة، وكتبت أن مسعود بزشكيان "الإصلاحي"، لم يكن أكثر إقناعًا للناخبين من جليلي.
وشددت هذه الصحيفة الفرنسية أيضًا على أنه أيًا كان رئيس إيران، فإنه سيكون خاضعًا تمامًا للمواقف التقليدية للمرشد الإيراني، سواء في مجال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، أو في مجال العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية.
يُذكر أن فرنسا هي إحدى الدول الأوروبية، التي وقّعت على خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي طرف مفاوض مع إيران في مجال تفعيل الاتفاق النووي.

أشار خطيب أهل السُّنّة في زاهدان إيران، مولوي عبد الحميد، إلى المقاطعة الواسعة للانتخابات من قِبل الشعب الإيراني، قائلًا: "الناس لم يكونوا مشغولين، بل عبروا عن عدم رضاهم عن الوضع القائم، لذلك لم يشاركوا بالانتخابات".
وأضاف عبد الحميد: "إن انتخابات الأسبوع الماضي كانت بمثابة رسالة عظيمة للمسؤولين، وأظهرت أن مسؤولي النظام لم يكونوا على علم بحقيقة المجتمع والاستياء الكبير داخليًا".
وتأتي هذه التصريحات فيما قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن انخفاض مستوى المشاركة في المرحلة الأولى من الانتخابات لا يعني أن الأغلبية ضد النظام.

قال أمين عام حزب كوموله المعارض، عبد الله مهتدي، إن "المقاطعة الواسعة للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية كانت بمثابة المسمار الأخير في نعش النظام الإيراني"، وكتب على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي: "إن استجداء التصويت والتهديد، لم يؤثرا على المقاطعة الساحقة".
وأكد أن "الجولة الثانية من المقاطعة كانت أكثر انتشارًا وسحقًا".. مضيفًا: "سيظهر التاريخ مستقبلًا كيف أدت هذه المقاطعة واسعة النطاق إلى زيادة ثقة الشعب بنفسه وإيمانه بتفوق قوته، وسحقت مصداقية النظام أمام أعين الجميع، وكيف مهّدت الطريق أمام الثورة المستقبلية».

أعلن أكثر من 100 سجين سياسي في سجن إيفين، والعديد من النشطاء المدنيين وذويهم، مقاطعتهم للانتخابات الرئاسية، التي انطلقت جولتها الثانية اليوم، الجمعة، في إيران، واصفين إياها بأنها مسرحية وعرض شكلي يقوم به النظام، ومؤكدين أنها غير حرة وغير عادلة.
وقال السجين السياسي السابق، مهدي محموديان، في حسابه على منصة "إكس"، إن مسؤولي سجن ايفين، شمال العاصمة طهران، أحضروا صناديق الاقتراع إلى داخل السجن، لكن أكثر من 100 سجين سياسي رفضوا مجددًا المشاركة في "هذه الانتخابات غير الحرة وغير العادلة".
ومن بين السجناء المقاطعين للانتخابات تظهر أسماء سجناء سياسيين معروفين، مثل: مصطفى تاجز زاده وعبدالله مؤمني ونرجس محمدي وفائزة هاشمي وسبيده قليان وكلرخ ايرايي ورسول بداقي وغيرهم من السجناء السياسيين في سجن ايفين.
وكان المعتقلون السياسيون المسجونون في سجن إيفين، قد رفضوا التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وقاطعوها بشكل قوي وكبير.
وبحسب الإحصائيات التي أعلنها النظام، فقد أجريت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة في 28 من يونيو(حزيران) الماضي، حيث قاطعها 60 بالمائة من الإيرانيين، الذين يحق لهم التصويت، وانتقلت المنافسة بين مسعود بزشکیان وسعيد جليلي إلى الجولة الثانية.
ومع بدء التصويت لاختيار خليفة للرئيس الإيراني الراحل، إبراهيم رئيسي، قال المرشد، علي خامنئي، أثناء التصويت: "سمعت أن رغبة الناس واهتمامهم بالمشاركة في الانتخابات أصبح أكثر من ذي قبل، إن شاء الله يكون الأمر كذلك وإذا كان كذلك فهذا يدعو للسرور".
وذوو الضحايا يقاطعون
في غضون ذلك أعلن الكثير من ذوي الضحايا، الذين قُتلوا على يد النظام مقاطعتهم للانتخابات، مؤكدين أن المشاركة فيها تعني دعم النظام الذي أراق دماء المواطنين.
ونشرت إلهام اسعد زاده، شقيقة أمير جواد اسعد زاده، الذي قُتل في احتجاجات عام 2022، صورة لشقيقها ومقر إجراء الانتخابات في مدينة مشهد، وهو عبارة عن مسجد، وكتبت تعليقًا على ذلك: "هذا المسجد هو المكان الذي عذبوا في قبوه شقيقي، لدرجة أنهم هشموا عظامه وسلموه لنا جثة هامدة".
وأضافت: "هذا المكان، الذي أصبح مقرًا للانتخابات ملطخ بالدماء. عار علينا إذا ذهبنا إلى هذا المكان وشاركنا في الانتخابات، عار علينا إذا فضّلنا مصالحنا على دماء الشباب، الذين خسرناهم في سبيل الحرية".

ذكرت حملة النشطاء البلوش، أن الحافلة التي كانت تحمل صناديق الاقتراع، المخصصة لجمع الأصوات من المصلين في مسجد الصديق بمدينة سروان، تم إحراقها من قِبل المواطنين، بعد الصلاة، وغادرت المكان دون أخذ الأصوات.