هل تخطط إسرائيل لاستهداف قادة النظام الإيراني كما فعلت مع "حماس" و"حزب الله"؟

في ظل تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط، تتزايد التكهنات حول ما إذا كانت إسرائيل ستتبع استراتيجيتها السابقة وتستهدف قادة النظام الإيراني، كما فعلت مع "حماس" و"حزب الله".
محلل سياسي - إيران إنترناشيونال

في ظل تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط، تتزايد التكهنات حول ما إذا كانت إسرائيل ستتبع استراتيجيتها السابقة وتستهدف قادة النظام الإيراني، كما فعلت مع "حماس" و"حزب الله".

أدت السياسات العدائية لنظام طهران إلى تدمير الاقتصاد الإيراني المنهار أصلاً، ورغم أن إسرائيل لم تبدأ بعد هجومها الانتقامي على إيران، فإن أسعار العملات والمعادن الثمينة، التي تتأثر بالأوضاع السياسية والعسكرية المتوترة، تواصل تحطيم الأرقام القياسية يوميًا.
وبات القلق العام تجاه المستقبل الاقتصادي للبلاد واضحًا للعيان، بعد أن وصل سعر الدولار إلى 65 ألف تومان، والذهب إلى 56 مليون تومان، ولم تعد هناك حاجة لتحليلات وآراء الخبراء؛ فالإيرانيون يشعرون بآثار الأزمة في حياتهم اليومية.
حكومة عاجزة وضغوط داخلية
وفي وقت تتدهور فيه المؤشرات الاقتصادية وتشعر السوق برائحة الحرب، فإن حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، وفريقه الاقتصادي عاجزان عمليًا، رغم تحذيرات الوزراء، بمن في ذلك وزير الاقتصاد، عبد الناصر همتي، الذي صرح بوضوح بأن أي إجراء اقتصادي فعال يتطلب تغيير السياسة الخارجية ورفع العقوبات، ورغم ذلك فإن خامنئي والحرس الثوري يستمران في اتباع سياسات مناهضة لأميركا وإسرائيل.
وهذا الإصرار على دعم الجماعات الوكيلة، مثل "حزب الله" و"حماس"، دفع إيران إلى حافة الحرب، حرب لا ترغب أي من الدول الإسلامية الـ 57 أو العربية الـ 22، الانخراط فيها.
سياسات خامنئي والحرس الثوري المكلفة
في الوقت الذي تكتفي فيه دول المنطقة بانتقاد إسرائيل، عبر بيانات سياسية، قام النظام الإيراني بالتضحية بشعبه، في سبيل دعم الجماعات الوكيلة، وكانت نتيجة هذه السياسات زيادة التوترات وعزلة البلاد دبلوماسيًا.
وحتى مطالبات الرئيس بزشكيان، ووزير الاقتصاد همتي بمراجعة هذه السياسات، قوبلت بتجاهل تام من خامنئي والحرس الثوري.
فشل دبلوماسية عراقجي
في هذه الأثناء، واصل عباس عراقجي رحلاته الدبلوماسية غير المثمرة، وهذه المرة إلى البحرين والكويت، وهي زيارات لا تسهم في منع الهجوم الإسرائيلي المحتمل، بل على العكس، فإن تهديدات قادة الحرس الثوري زادت من قرب دول المنطقة من أميركا وإسرائيل.
ويحاول عراقجي، عبر تهديد هذه الدول بعواقب الحرب الإقليمية، كسب دعمها، لكن الحقيقة هي أن الدول العربية تشعر بالخطر من "الجمهورية الإسلامية"، أكثر من إسرائيل؛ حيث إن تهديدات قادة الحرس الثوري المستمرة ضد دول المنطقة أدت فقط إلى زيادة قرب هذه الدول من الولايات المتحدة وإسرائيل.
"اتفاقيات إبراهيم" وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.. نتيجة سياسات إيران
لم تؤدِ السياسات الإقليمية للنظام الإيراني إلى زيادة التوترات فحسب، بل أيضًا سرّعت من توقيع اتفاقات تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل، مثل "اتفاقيات إبراهيم"، وبدلاً من إدارة الأزمات، دفعت طهران دول المنطقة إلى تشكيل تحالفات ضدها.
وحتى في المحافل الدولية، اتخذت الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي مواقف ضد إيران بسهولة، كان آخرها موقف الاتحاد الأوروبي في مسألة الجزر الثلاث المتنازع عليها مع دولة الإمارات.
عُزلة إيران وتفاقم التهديدات
إذا كانت زيارات عراقجي تهدف إلى تهديد دول المنطقة؛ لمنعها من التعاون مع إسرائيل، فإن التاريخ يثبت أن هذه التهديدات تؤدي إلى تفاقم الأوضاع؛ حيث تشعر تلك الدول بقلق متزايد من تهديدات الحرس الثوري، مما دفع الأسطول الخامس للولايات المتحدة للتمركز في البحرين. وفي حالة توسع الحرب، تتزايد مخاوف هذه الدول من النظام الإيراني أكثر من مخاوفها من إسرائيل.
ولم تؤدِ سياسات طهران العدائية إلا إلى عزلة أكبر للبلاد، وتكوين تحالفات سرية ضدها، وهذا الوضع يوضح أن زيارات عراقجي الدبلوماسية لا تسهم في حل الأزمة، بل تفاقم من عزلة إيران وتعزز التحالفات الإقليمية ضد نظام خامنئي.

أفاد عضو في هيئة رئاسة غرفة التجارة الإيرانية الإسبانية المشتركة عن وجود مشاكل مالية تواجه التجار الإيرانيين في إسبانيا، بما في ذلك صعوبة فتح حسابات بنكية بسبب العقوبات.
وأكد محمد حسن ديده ور، في حديثه عن هذه الصعوبات، صحة التقارير التي تشير إلى شراء إسبانيا الزعفران الإيراني وبيعه في الأسواق العالمية تحت اسم "منتج إسباني". وأوضح في تصريحاته التي نشرتها وكالة أنباء "إيلنا" يوم السبت 28 أكتوبر (تشرين الأول)، أن "إيران لسنوات كانت المصدر الأساسي للزعفران الذي تصدره إسبانيا إلى الأسواق العالمية باعتباره منتجاً إسبانياً".
وكان فرشيد منوشهري، الأمين العام للمجلس الوطني للزعفران الإيراني، قد أشار في تصريحات مشابهة إلى أن الدول المنافسة لإيران "تشتري زعفراننا وتقدمه إلى الأسواق العالمية تحت اسم منتجاتها، كما حدث مع الفستق والسجاد الإيرانيين".
وأشار منوشهري صراحة إلى أن دول مثل أفغانستان، وإسبانيا، والصين، والإمارات "لا تستهلك الزعفران بنفسها، بل تصدر الزعفران الإيراني على أنه منتجها الخاص إلى الأسواق التصديرية وبأسعار أعلى".
تأتي هذه التقارير في وقت تستمر فيه إسبانيا بشراء الزعفران الإيراني وتصديره تحت اسم "منتج إسباني"، بينما يواجه الإيرانيون صعوبات في فتح حسابات بنكية داخل إسبانيا. وأكد ديده ور أن هذه القيود تشمل حتى الإيرانيين الذين يمتلكون عقارات في إسبانيا وحصلوا على إقامات فيها، حيث لا يُسمح لهم بإجراء "المدفوعات اليومية" بسبب عدم قدرتهم على فتح حسابات بنكية، رغم أن الدفع النقدي ممنوع في إسبانيا.
ورغم أن ديده ور أشار إلى أن العقوبات الغربية المفروضة على البرنامج النووي والصاروخي الإيراني تعيق التعاملات المالية بين إيران والعالم، بما في ذلك إسبانيا، فإنه أكد أن الإيرانيين وجدوا طرقًا للتحايل على هذه العقوبات.
وأوضح أن التجار الإيرانيين، في تعاملاتهم التجارية مع الدول الأوروبية وغيرها من المناطق، يلجأون إلى استخدام الوسطاء الماليين في البلدان الأفريقية والعربية، ما يرفع تكاليف ومخاطر التجارة بشكل كبير.
ونظرًا لهذه الصعوبات، فقد سعت إيران في السنوات الأخيرة إلى تقليل اعتمادها على الدولار من خلال صفقات تبادل السلع أو السلع مقابل الذهب، كوسيلة للتحايل على بعض العقوبات.
وتشمل الصادرات الإيرانية إلى إسبانيا السجاد، والفستق، والزعفران، والمكسرات المجففة، وبعض المنتجات البتروكيماوية، والبلاط والسيراميك. ورغم أن إيران كانت تصدر السجاد إلى إسبانيا، فإن السوق الإسبانية أصبحت مهيمنة الآن على السجاد الأفغاني، الذي يُعتبر أقل جودة من السجاد الإيراني ولكنه أرخص.
وكان نائب رئيس المجلس الوطني للزعفران الإيراني قد أشار سابقاً إلى أن تهريب الزعفران الإيراني يزداد بسبب فشل البلاد في "التصدير الصحيح" واحتكار الأسواق، مقدراً أن "حوالي عشرة أطنان من الزعفران يتم تهريبها شهرياً خارج البلاد".
وأضاف غلام رضا میری أن "العقوبات والمشاكل الداخلية تعيق تنظيم الصادرات"، مشيراً إلى أن "إيران لا تستطيع تصدير الزعفران إلى الولايات المتحدة أو السعودية بسبب العقوبات، مما يدفع بمنتجها للتصدير عبر دول مثل أفغانستان، والإمارات، وإسبانيا إلى بقية دول العالم".
وأشار أيضًا إلى أن تصدير الزعفران إلى الصين والهند يفرض رسومًا بنسبة 38 في المائة و14 في المائة على التوالي، مما يزيد من التكلفة النهائية ويجعل البعض يفضل شراء الزعفران من التجار الأفغان أو المهربين.
تأتي هذه الأنباء في وقت يشهد فيه استهلاك الزعفران المحلي في إيران تراجعًا حادًا نتيجة انخفاض دخل المواطنين وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ما يدفع المستهلكين إلى شراء سلع أساسية أخرى.

بعد تقرير البنك المركزي الإيراني، الذي كشف عن تقديم البنوك الحكومية قروضًا كبيرة لموظفيها وشركاتها التابعة، ظهرت تقارير جديدة تفيد بدخول هذه المؤسسات المالية، التي تتكبد خسائر، في السوق المحلية للعملات الأجنبية.
وكانت الحكومة الإيرانية منذ فترة طويلة المزود الرئيس للعملات الأجنبية والمتحكمة في الواردات بالاقتصاد الخاضع بشدة لسيطرة الدولة.
ومنذ عام 2012، عندما بدأت العقوبات الدولية في خفض قيمة الريال الإيراني بشكل حاد، كافحت الحكومة للحفاظ على توازن أسعار الواردات الأساسية، ولإدارة هذه المشكلة، أدخلت الحكومة نظامًا لأسعار صرف متعددة؛ مما أدى إلى انتشار واسع للفساد؛ حيث استغل المتنفذون الامتيازات الحكومية، مثل تراخيص التصدير والاستيراد، لتحقيق أرباح من الفروقات بين الأسعار الرسمية وأسعار السوق.
ويعد سعر الصرف الرسمي أقل بكثير من سعر السوق الحرة للعملات الأجنبية؛ إذ سعت الحكومة من خلال ذلك إلى السيطرة على ارتفاع الأسعار من خلال دعم الواردات الأساسية، مثل السلع الأساسية، وعلف الحيوانات، والأدوية، وذلك عن طريق توفير العملات الأجنبية للمستوردين بأسعار أرخص؛ بهدف جعل هذه السلع في متناول الجميع ومنع حدوث سخط جماهيري واسع.
وعلى سبيل المثال، يتم استيراد جزء من واردات إيران، مثل الأدوية، بسعر مدعوم حكوميًا يبلغ 28,500 تومان لكل دولار أميركي، بينما يتم استيراد سلع أخرى، مثل الغذاء، عبر نظام "نيما" (منظومة مالية دشنها البنك المركزي الإيراني لتوفير العملة الصعبة للمستوردين ومكاتب الصرافة)، بسعر 46,800 تومان لكل دولار. وفي الوقت نفسه، يتم استيراد سلع مثل الأجهزة المنزلية أو الهواتف المحمولة بسعر السوق الحرة، الذي ارتفع إلى أكثر من 63,300 تومان لكل دولار.
كما يُلزم المصدرون الإيرانيون إما بتبادل أرباحهم من العملات الأجنبية عبر نظام "نيما"، أو التفاوض مع المستوردين؛ لتزويدهم بالعملة المطلوبة.
وكشفت تقارير حديثة من وسائل الإعلام الإيرانية أن البنوك الإيرانية لا تكتفي فقط بتصدير السلع بشكل مباشر، بل تقوم أيضًا ببيع العملات الأجنبية المكتسبة من هذه الصادرات إلى المستوردين بسعر أعلى بنسبة 10 بالمائة من سعر نظام "نيما". وهذا يسمح للبنوك بتحقيق أرباح من كل من التصدير وبيع العملات الأجنبية الناتجة بسعر يفوق السعر الرسمي لنظام "نيما".
لماذا تصمت الحكومة؟
وفرضت الحكومة الإيرانية على البنوك تقديم قروض للجمهور والشركات بمعدلات فائدة تتراوح بين 20 و23 بالمائة، بينما بلغ متوسط معدل التضخم، خلال السنوات القليلة الماضية، أكثر من 40 بالمائة، وفقد الريال الإيراني نحو 90 بالمائة من قيمته منذ إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران في عام 2018.
وعلاوة على ذلك، بين منتصف عام 2018 ومنتصف 2024، ارتفع الدين الحكومي للنظام المصرفي في البلاد بنسبة 430 بالمائة، ليصل إلى 15.6 كوادريليون ريال، وهو مبلغ يعادل 23 مليار دولار بسعر صرف السوق الحرة، و55 مليار دولار بالسعر الرسمي للحكومة.
والنقطة الأساسية هنا هي أن ديون الحكومة للنظام المصرفي مُقوّمة بالريال الإيراني؛ مما يعني أنه مع الانخفاض السنوي في قيمة الريال، تتحمل البنوك خسائر مالية ضخمة.
وللمقارنة، فقد ارتفع سعر صرف الدولار الأميركي في السوق الحرة من 65,000 ريال في منتصف 2018 إلى 630,000 ريال الآن. ونتيجة لذلك، انخفضت القيمة الحقيقية لجزء كبير من القروض، التي قدمها النظام المصرفي الإيراني للحكومة والقطاع الخاص بمعدلات فائدة تتراوح بين 20 و23 بالمائة.
ونتيجة لذلك، تعاني الآن سبعة من أكبر البنوك الإيرانية خسائر متراكمة تصل إلى 4.6 كوادريليون ريال (نحو 7.3 مليار دولار بسعر صرف السوق الحرة). ومع قدرة الحكومة المحدودة على تغطية هذه الخسائر المتزايدة، تواجه البنوك خطر الإفلاس أو تُدفع إلى ممارسة أنشطة محظورة عادةً على المؤسسات المالية، مثل إدارة العقارات، وتجارة الممتلكات، والمشاركة في التجارة الداخلية والخارجية.
فعلى سبيل المثال، تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن قيمة ممتلكات البنوك العقارية قد وصلت الآن إلى 2 كوادريليون ريال، وبفضل ارتفاع أسعار العقارات المقومة بالريال بنسبة 1100 بالمائة منذ منتصف 2018، تمكنت البنوك من تعويض جزء من خسائرها.
وتستخدم البنوك هذه الممارسات غير السليمة كوسيلة أخرى لتعويض الخسائر الناجمة عن انخفاض قيمة الريال، ومعدلات الفائدة المنخفضة بشكل كبير مقارنة بمعدل التضخم.
وقد أعلن البنك المركزي الإيراني، مؤخرًا، أنه في السنة المالية الأخيرة، التي بدأت في 20 مارس (آذار)، قدمت البنوك في البلاد 1.2 كوادريليون ريال كقروض لموظفيها أو لشركاتها التابعة، والتي يستفيد منها أيضًا مديروها؛ حيث تستخدم الشركات التابعة هذه القروض الرخيصة لسد خسائرها المالية.

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن الهجوم على إيران "قريب وقاتل"؛ حيث ناقش غالانت مع وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، يوم الثلاثاء 15 أكتوبر (تشرين الأول)، كيفية تنفيذ هذا الهجوم، ورد الفعل المحتمل من النظام الإيراني.
كما قال مسؤول إسرائيلي رفيع لشبكة "كان نيوز" الإخبارية: "إن القرار بشأن أهداف الهجوم قد تم اتخاذه، وما تبقى فقط هو تحديد موعد التنفيذ".
تعزيز أنظمة الدفاع الإسرائيلية
في الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة نشر منظومة الدفاع الصاروخي المتقدمة "ثاد" (THAAD) في إسرائيل؛ لمواجهة الهجمات الصاروخية المحتملة من الحرس الثوري الإيراني، ردًا على الهجوم الإسرائيلي.
وتستطيع منظومة "ثاد" اكتشاف الصواريخ من مسافة 1000 كيلو متر، لكنها قادرة على التعامل مع هذه الصواريخ فقط ضمن مدى 200 كيلو متر فقط، ويشكل هذا القيد نقطة ضعف للمنظومة؛ حيث إن صواريخ الحرس الثوري الإيرانية عالية السرعة قد تترك وقتًا ضئيلاً للتصدي لها ضمن هذه المسافة القصيرة.
وقد تحتوي منظومة "ثاد" على 48 إلى 72 صاروخًا جاهزًا للإطلاق؛ حيث يمكن لكل شاحنة قاذفة إطلاق ثمانية صواريخ في وقت واحد، لكن إعادة تحميل كل قاذفة تستغرق نحو نصف ساعة، وهو ما قد يشكل تحديًا في حالة نشوب مواجهة كبيرة.
ونظرًا لعدم وجود منظومة دفاعية قادرة على اعتراض جميع الصواريخ المهاجمة، يتوقع أنه في حالة قيام الحرس الثوري الإيراني بالرد، فإن بعض الصواريخ الإيرانية قد تتجاوز الدفاعات الإسرائيلية.
وأظهرت التجارب السابقة، مثل "وعد صادق 2"، أنه حتى بوجود أنظمة دفاعية قوية، تمكنت بعض الصواريخ من إصابة أهدافها، ولهذا، فقد هيأت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي المواطنين مسبقًا لمواجهة مثل هذه الظروف، كما طلب غالانت من قادة الجيش الرد على تساؤلات المواطنين وتهدئة مخاوفهم؛ لضمان استعداد الجيش والشعب معًا لأي مواجهة.
إهمال النظام الإيراني تأهيل الشعب
على الجانب الآخر، لم يضع النظام الإيراني أي خطة واضحة لتهيئة وتجهيز الشعب لمثل هذا الصراع المحتمل؛ فلا توجد ملاجئ كافية في المدن، ولم تُقدَّم التدريبات اللازمة للمواطنين.
ويبدو أن مسؤولي النظام يعتقدون أن إسرائيل لن تهاجم المناطق السكنية، ومِن ثمّ يرون عدم الحاجة لاتخاذ تدابير لحماية الإيرانيين. هذا التصرف يعكس إهمالًا كبيرًا من الحرس الثوري والنظام تجاه الشعب، رغم أن إسرائيل لم تهدد الشعب الإيراني بشكل مباشر؛ حيث يعتقد العديد من المحللين أن إسرائيل تدرك أن الإيرانيين يعارضون نظام "خامنئي".
التناقض في المواقف ونتائجها
بينما يواصل قادة الحرس الثوري الإيراني تهديداتهم المتكررة بإشعال المنطقة، إذا لزم الأمر، تبرز تناقضات لافتة في الدبلوماسية الإيرانية؛ فعلى سبيل المثال، في الوقت الذي كان يتحدث فيه وزير خارجية طهران، عباس عراقجي، عن "الصداقة التاريخية" مع دول المنطقة خلال زيارته إلى عُمان، كان قائد رفيع في الحرس الثوري يشير إلى التفجيرات الغامضة، التي شهدها ميناء الفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، قبل عدة سنوات، كدليل على "القوة الخفية" لإيران.
العقوبات المتزايدة.. نتائج سياسات إيران التصعيدية
بدأت تظهر بشكل ملموس نتائج السياسات التصعيدية للنظام الإيراني، مع تصاعد التوترات والاستعدادات في المنطقة، فمنذ صباح أمس الثلاثاء، 15 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، توقفت جميع الرحلات الجوية المدنية الإيرانية المتجهة إلى أوروبا.
كما أعلنت شركة الطيران الإيرانية توقف رحلاتها إلى لندن، وكولن، وباريس؛ حيث يتعين على المسافرين الإيرانيين استخدام شركات طيران أخرى، مثل الخطوط الجوية التركية. في الوقت نفسه، أوقفت العديد من شركات الطيران الدولية، مثل "لوفتهانزا" الألمانية رحلاتها إلى المنطقة بسبب الأوضاع المتوترة.
إخفاقات مبكرة لحكومة "بزشكيان"
مع توقف الرحلات الجوية وارتفاع أسعار الدولار والذهب في الأيام الأخيرة، تواجه حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، تحديات خطيرة خلال أقل من 100 يوم من بدء عملها، لم يتحقق الوعد بالنمو الاقتصادي بنسبة 8 بالمائة، وتفاقمت العقوبات، ولم تنفذ الوعود، ومنها إلغاء دوريات "شرطة الأخلاق".
وإضافة إلى ذلك، أظهر إقرار قانون فرض الحجاب الإجباري من قِبل مجلس صيانة الدستور أن العديد من وعود الحكومة لم تتحقق.
وفي المجمل، تعكس الأوضاع الحالية في إيران التأثير المباشر للسياسات التصعيدية والمغامرة في المنطقة، حيث تؤثر سلبًا على العلاقات الخارجية والأوضاع الداخلية في البلاد، مما يترك مستقبلاً غامضًا للنظام والشعب الإيراني.

نجحت إسرائيل، خلال الأشهر الأخيرة، في استهداف عدد كبير من قادة حزب الله اللبناني وقتلهم، ومن بين هذه العمليات، كان مقتل الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، ونائبه هاشم صفي الدين، مما شكّل تحولاً بارزًا دفع الكثيرين إلى التساؤل حول كيفية تحقيق إسرائيل هذا الاختراق الاستخباراتي.
والسؤال الرئيس هو: هل حققت إسرائيل هذا النجاح من خلال اختراق شبكات استخبارات حزب الله، أم أن هذه المعلومات جاءت من خلال الشبكات الأمنية والاستخباراتية التابعة للنظام الإيراني؟
وتشير الأدلة والقرائن العديدة إلى أن الخيار الثاني هو الأرجح.
وكشف المستشار السابق لقاسم سليماني، وأحد المطلعين على هيكليات قيادة فيلق القدس، مسعود أسد اللهي، عن نقطة مهمة؛ حيث أفاد بأن أجهزة "البيجر"، التي استخدمها حزب الله، وانفجرت لاحقًا بشكل مريب، تم شراؤها عبر إيران وتسليمها لحزب الله دون إجراء الفحوصات الأمنية اللازمة. هذا الكشف أثار ردود فعل واسعة، وسعى بعض المصادر إلى نفيه؛ ومع ذلك، لم يتراجع أسد اللهي عن تصريحاته وأكد صحة معلوماته.
ونظرًا لتاريخه في التعاون الوثيق مع قاسم سليماني في سوريا ومعرفته العميقة بهياكل استخبارات الحرس الثوري وحزب الله، يُعتبر أسد اللهي مصدرًا موثوقًا في هذا المجال.
وتكشف تصريحاته عن وجود اختراق إسرائيلي طويل الأمد وعميق في أجهزة الاستخبارات الإيرانية، مما أتاح لإسرائيل الوصول إلى معلومات حساسة والتخطيط لعمليات معقدة ضد قادة حزب الله؛ فقد نجا حسن نصر الله من محاولات الاغتيال الإسرائيلية لأكثر من ثلاثة عقود، لكن في النهاية تم اكتشافه واغتياله خلال اجتماع مع نائب قائد العمليات في الحرس الثوري، عباس نيلفروشان. هذا الحادث يمثل دليلاً إضافيًا على الاختراق الإسرائيلي العميق للمستويات العليا من المؤسسات الأمنية الإيرانية.
ولم يكن الاختراق الإسرائيلي لهياكل الأمن في إيران أمرًا جديدًا، ففي عام 2020، تمكنت إسرائيل من تتبع قاسم سليماني في دمشق. وعلى الرغم من أنه غيّر شريحة هاتفه المحمول عدة مرات في يوم واحد، فقد نجحت إسرائيل في تحديد موقعه وإبلاغ الولايات المتحدة، مما أدى إلى استهدافه سليماني في هجوم أدى إلى مقتله وقائد الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، في مطار بغداد.
وبعد ذلك بوقت قصير، اُغتيل المسؤول الرئيس عن البرنامج النووي الإيراني، محسن فخري زاده، باستخدام مدفع رشاش آلي على طريق آبسرد دماوند في طهران، كما قُتل المسؤول اللوجستي للحرس الثوري في سوريا ولبنان، رضي موسوي، وقائد الحرس الثوري في لبنان، محمد رضا زاهدي، في عمليات إسرائيلية أخرى.
هذه السلسلة من العمليات تُظهر أن إسرائيل، قبل اختراقها حزب الله، تمكنت من التسلل بعمق إلى الهياكل الاستخباراتية للنظام الإيراني.
وإلى جانب تصريحات مسعود أسد اللهي، اعترف كل من وزير الاستخبارات الإيراني السابق، علي يونسي، والرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد، بالاختراق العميق لإسرائيل داخل إيران؛ حيث حذر يونسي من أن مستوى هذا الاختراق بات خطيراً، لدرجة أن جميع مسؤولي النظام الإيراني يجب أن يخشوا على حياتهم.
ومن جهته، تحدث أحمدي نجاد عن أمثلة عديدة تؤكد أن إسرائيل تمكنت من الوصول إلى وثائق نووية إيرانية وتهريبها خارج البلاد، كما أشار إلى سرقة وثائق من وكالة الفضاء الإيرانية واختراق مؤسسات حساسة، من بينها زعمه أن رئيس قسم مكافحة التجسس الإسرائيلي في وزارة الاستخبارات كان نفسه جاسوسًا لإسرائيل.
وتشير الأدلة إلى أن التفوق الاستخباراتي الإسرائيلي إما ناتج عن تكنولوجيا تجسس متقدمة، أو بسبب التجنيد البشري واختراق شخصيات بارزة في الأجهزة الأمنية الإيرانية، وقد تجلى هذا التفوق ليس فقط في اغتيال قادة حزب الله، بل أيضًا في اغتيال شخصيات، مثل سليماني وفخري زاده وموسوي.
إن اختراق إسرائيل لهياكل الأمن الإيرانية ليس حادثة عرضية، بل هو عملية طويلة الأمد وعميقة لا تزال مستمرة. هذه الاختراقات وجهت ضربات قاسية لحزب الله وأدت إلى مقتل قادة كبار، مثل حسن نصر الله وهاشم صفي الدين.
وتعكس هذه التطورات ضعف البنية الأمنية للنظام الإيراني وقوة الاستخبارات الإسرائيلية، التي تمكنت بوضوح من التغلغل في عمق الهياكل الاستخباراتية الإيرانية، والحصول على معلومات دقيقة في الوقت المناسب للقضاء على أهداف رئيسة.
وتأتي هذه التساؤلات بعد نشر صور لهجوم بطائرة مسيّرة على منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مما يُعتبر تحذيرًا واضحًا لطهران، بأن تل أبيب تحتفظ لنفسها بحق الرد والانتقام.
والسؤال الأهم هنا هو: هل تسعى إسرائيل لتكرار استراتيجيتها في اغتيال شخصيات قيادية مثل حسن نصر الله وإسماعيل هنية مع قادة النظام الإيراني؟ فقد أشار رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، ديفيد بارنيا، سابقًا إلى أن إسرائيل قد تستهدف مسؤولين في النظام الإيراني.
إرادة وقدرة
يتعلق هذا السيناريو بعنصرين رئيسين، وهما: الإرادة والقدرة؛ أي هل لدى إسرائيل القدرة على تنفيذ مثل هذه العمليات ضد قادة النظام الإيراني أولاً؟ وهل ترغب في القيام بذلك ثانيًا؟
ولقد أثبتت إسرائيل بالفعل أنها تمتلك القدرة على تنفيذ هجمات دقيقة ضد أهداف بارزة، كما ظهر في عمليات سابقة، مثل اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زاده، والهجمات على المنشآت النووية الإيرانية. لذلك، فليس هناك شك في قدرة إسرائيل على تنفيذ اغتيالات أخرى تستهدف القادة الإيرانيين.
أما من ناحية الإرادة، فإن إسرائيل كانت قادرة على تحقيق أهدافها، عندما قررت التحرك، إلا أن السؤال المطروح حاليًا هو: هل تتطلب مصلحة إسرائيل استهداف قادة النظام الإيراني في الوقت الحالي؟
إن أي قرار بهذا الشأن سيعتمد على التقييم السياسي والعسكري لمصالح إسرائيل في المنطقة وتأثيره على التصعيد.
موقف النظام الإيراني
في المقابل، يسعى النظام الإيراني، منذ فترة طويلة، إلى استهداف قادة إسرائيليين، لكنه يعاني نقصًا في الإمكانات والقدرات الاستخباراتية واللوجستية، التي تمنعه من تحقيق ذلك بنجاح. ورغم المحاولات العديدة، لم يتمكن النظام الإيراني من اغتيال شخصيات إسرائيلية بارزة؛ بسبب هذه القيود.
من جانبه، كشف وزير الاستخبارات الإيراني الأسبق، علي يونسي، عن مدى الاختراق الإسرائيلي الواسع داخل إيران، مشيرًا إلى أن جميع المسؤولين الإيرانيين يجب أن يكونوا قلقين على حياتهم، وهو ما يعزز من احتمالات أن إسرائيل قد تستهدف شخصيات بارزة في إيران.
رسالة مقلقة للنظام الإيراني
إن نشر صور الهجوم على منزل نتنياهو قد يكون رسالة مباشرة للنظام الإيراني بأن إسرائيل تمتلك القدرة على الرد بقوة، وأنها قد تختار استهداف قيادات إيرانية، إذا تطلبت الظروف ذلك. كما يعزز هذا الأمر مخاوف المسؤولين الإيرانيين من أن إسرائيل قد تطبق النهج نفسه، الذي استخدمته ضد حماس وحزب الله في إيران.
وعلى الرغم من أن النظام الإيراني كان في البداية يتباهى بالهجوم على منزل نتنياهو، فإن احتمالات الانتقام الإسرائيلي دفعته إلى التراجع عن هذا التباهي. وقد أشارت تقارير إعلامية إلى تورط محتمل للسفارة الإيرانية في لبنان في الهجوم، لكن حزب الله اللبناني سارع إلى نفي هذه الادعاءات لتجنب ربط الهجوم المباشر بإيران.
هل تكرر إسرائيل النموذج نفسه؟
في النهاية، يدرك المسؤولون الإيرانيون جيدًا أن إسرائيل، التي نجحت في تفكيك هيكل القيادة في حماس وحزب الله، تمتلك القدرة على تكرار هذا النموذج ضدهم. ومع تصاعد التوترات، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستقرر إسرائيل، في ظل الظروف الراهنة، استهداف قادة النظام الإيراني، وما هو الثمن الذي قد تدفعه في المقابل؟