رئيس الطاقة الذرية الإيرانية سابقا:حان الوقت للتوجه نحو تخصيب أعلى لتطوير القدرات النووية



شهدت الأيام الأخيرة سلسلة من الهجمات العنيفة، التي شنّتها إسرائيل ضدّ حزب الله اللبناني، وكان أبرزها تدمير مبنى من ثمانية طوابق في بيروت باستخدام قنابل خارقة للتحصينات، وكان الهدف الأساسي لهذه العملية استهداف القائد الميداني البارز في حزب الله، محمد حيدر.
ويُعدّ محمد حيدر من القادة القلائل، الذين لا يزالون على قيد الحياة في قيادة حزب الله، بعد سلسلة اغتيالات استهدفت قيادات الصف الأول؛ فقد خسر الحزب مؤخرًا أسماء بارزة أهمها على الإطلاق أمينه العام، حسن نصر الله، وقائد الجناح العسكري، فؤاد شكر، ونائبه إبراهيم عقيل، وقائد الجبهة الجنوبية، علي كرّكي، ومع هذه الخسائر، أصبح محمد حيدر، والمسؤول عن الأمن الخارجي، طلال حميّة، من آخر قيادات الصف الأول المتبقية للحزب.
والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة خصصت مكافأة بقيمة 7 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقال حميّة، ما يبرز أهميته في هيكل الحزب.
ويشكل مقتل هؤلاء القادة ضربة قاصمة لحزب الله وإيران، التي تعتبر الحزب إحدى أدواتها الرئيسة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن هذه الضربات ليست إلا جزءًا من سلسلة إخفاقات تلقتها إيران مؤخرًا على يد إسرائيل، وهو ما يثير تساؤلات عن كفاءة القيادات الإيرانية، خصوصًا قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، إسماعيل قاآني.
أخطاء قاآني الاستراتيجية
يرى العديد من المحللين أن إسماعيل قاآني أخطأ بشكل كارثي في تقديراته حول تأثير الهجمات الأخيرة على إسرائيل؛ حيث كان يعتقد أن هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 سيشكل تحولاً كبيرًا في موازين القوى لصالح إيران وحلفائها. إلا أن الواقع كان مختلفًا تمامًا، حيث تعاملت إسرائيل مع الهجوم بطريقة مغايرة لما توقعته طهران.
وكان قاآني يتصور أن حماس ستتمكن من الاحتفاظ بعدد من الرهائن لفترة طويلة، ما سيدفع إسرائيل إلى التفاوض ووقف إطلاق النار، كما حدث في تبادل الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط، عام 2011. إلا أن إسرائيل اختارت هذه المرة التصعيد إلى أقصى حد، مستهدفة قيادات حماس، مثل: إسماعيل هنية ويحيى السنوار وصالح العاروري، وقامت بتدمير البنية العسكرية والتنظيمية للحركة في قطاع غزة.
فشل في الاستراتيجية تجاه حزب الله
بعد هجوم حماس، حاولت إيران توسيع رقعة المواجهة من خلال دفع حزب الله إلى دخول الحرب. في البداية، أطلق الحزب صواريخ على شمال إسرائيل، ما أثار توقعات متفائلة في طهران، واعتقد القادة الإيرانيون، وعلى رأسهم خامنئي، أن حزب الله، بترسانته التي تتجاوز 150 ألف صاروخ، سيحدث فوضى كبيرة في إسرائيل، إلا أن الرد الإسرائيلي كان حازمًا، بعدما توعدت تل أبيب بالتصعيد، ثم نفّذت هجمات واسعة النطاق ضد مواقع وقادة الحزب.
وأظهرت إسرائيل قدرة غير مسبوقة على إدارة هذا التهديد؛ فقد استخدمت قنابل خارقة للتحصينات لاستهداف قيادات بارزة مثل: حسن نصر الله وهاشم صفي الدين. هذه الهجمات لم تكن مجرد ضربات عسكرية، بل أرسلت رسالة واضحة بأن إسرائيل مستعدة لخوض مواجهة شاملة، إذا استدعى الأمر.
عواقب وخيمة على إيران
إن خسارة إيران لقيادات حماس وحزب الله، وهما أبرز أذرعها في المنطقة، يضعها في موقف غير مسبوق؛ فقد اعتبرت طهران هذه الجماعات خطوط دفاع متقدمة تحميها من مواجهة مباشرة مع إسرائيل، لكن الآن يبدو أنها أمام هذا الخيار بلا حلفاء أقوياء.
وتزامنًا مع هذه الأحداث، تواجه إيران تحديات أخرى تزيد من تعقيد الموقف، ومنها عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية مؤخرًا، كما أن بشار الأسد، حليف إيران في سوريا، بدأ يتخذ موقفًا أكثر حيادًا تجاه الصراع بين إيران وإسرائيل، وهو ما ينعكس في تقليل دعمه لحزب الله.
حتى الحشد الشعبي، الجماعة الموالية لإيران في العراق، قد تصبح هدفًا محتملاً للهجمات الإسرائيلية في المستقبل. هذا كله يشير إلى أن إيران تخسر تدريجيًا الأدوات، التي كانت تعتمد عليها لمد نفوذها في المنطقة.
تداعيات على النظام الإيراني
كشفت الإخفاقات الأخيرة عن ضعف في الاستراتيجية العسكرية الإيرانية، وفي حسابات خامنئي والقادة الإيرانيين؛ حيث إن فشل إسماعيل قاآني وقادة الحرس الثوري في إدارة وكلائهم الإقليميين أدى إلى إضعاف نفوذ إيران وتقويض قدرتها على الردع.
كما أن إسرائيل، من جهتها، مستمرة في توجيه ضربات دقيقة وموجعة، مما يضع النظام الإيراني أمام معضلة صعبة، ومع استمرار هذه التحديات، يبدو أن إيران أمام مرحلة غير مسبوقة من الاضطراب العسكري والسياسي.

أصدرت المحكمة الثورية في مدينة أورمية، شمال غربي إيران، حكمين بالإعدام، بحق مهران حسن زاده وحميد عبد الله زاده، وهما سجينان سياسيان محتجزان، وذلك في قضيتين منفصلتين.
ووفقًا لموقع "هرانا" الحقوقي، فقد حُكم على حسن زاده بتهمة "البغي"، المرتبطة بمزاعم تورطه في قتل أحد عناصر "الباسيج"، بينما أُدين عبد الله زاده بتهمة "الانتماء إلى أحد الأحزاب المعارضة".
وأفاد تقرير "هرانا" بأنه تم إبلاغ على حسن زاده بحكم الإعدام قبل شهر، بينما صدر الحكم بحق عبد الله زاده قبل شهرين.
وذكر التقرير أن حسن زاده، وهو مواطن من مدينة أشنوية، غربي إيران، كان قد اعتُقل خلال احتجاجات 2022، وأُفرج عنه لاحقًا بكفالة، لكنه اعتُقل مجددًا ونُقل إلى سجن أورمية.
واعتُقل عبد الله زاده، وهو من مدينة أورمية، في خريف 2023، من قِبل القوات الأمنية، وتم نقله إلى السجن بعد استجوابه.
وتأتي هذه الأحكام في سياق تصعيد النظام الإيراني حملاته ضد النشطاء السياسيين والمدنيين، منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في سبتمبر (أيلول) 2022؛ حيث أفادت تقارير بزيادة ملحوظة في أحكام الإعدام.
ووفقًا لتقارير حقوقية، فإن هناك أكثر من 42 سجينًا سياسيًا في إيران يواجهون خطر تنفيذ أحكام الإعدام. كما أفاد موقع "هرانا"، المعني بحقوق الإنسان، بأنه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تم إعدام 133 شخصًا في السجون الإيرانية، بمعدل يزيد على أربعة أشخاص يوميًا.
وأشارت تقارير أخرى إلى أن إيران نفّذت 811 حالة إعدام بين أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وأكتوبر 2024، مما يبرز تصاعدًا مقلقًا في استخدام عقوبة الإعدام.

أكد علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، لوكالة "تسنيم" أن "السلطات العسكرية والمدنية في إيران تعمل على التحضير لرد حاسم على إسرائيل". وأضاف أن المسؤولين يناقشون "سبلاً مختلفة للرد على هجوم تل أبيب الأخير".
وأشار لاريجاني، في جزء آخر من تصريحاته، إلى أن حزب الله اللبناني أصبح "منتجًا للصواريخ"، مؤكدًا أن "إقصاء حزب الله من المشهد السياسي في لبنان غير مطروح".
كما تحدث عن تعهد مقاتلي حزب الله ليلة مقتل أمينه العام، حسن نصر الله، بالحرب ضد إسرائيل "حتى النهاية"، مشيرًا إلى الروح المعنوية العالية، التي لمسها خلال زيارته الأخيرة لقادة الحزب، واصفًا إياها بأنها "لافتة للنظر".
وتأتي هذه التصريحات في ظل تصعيد إسرائيلي مكثف على لبنان منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي؛ حيث أسفرت الهجمات عن مقتل عشرات من قادة حزب الله البارزين، بمن فيهم الأمين العام للحزب حسن نصر الله، ونائبه هاشم صفي الدين، وإبراهيم عقيل، وفؤاد شكر، وعلي كرَكي.
يُشار إلى أن إسرائيل شنت هجومًا على إيران، في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ حيث استهدفت منشآت صاروخية وعسكرية تابعة للنظام الإيراني، وفقًا لصور الأقمار الصناعية.

أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن طهران تجري مفاوضات مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا، المعروفة باسم "الترويكا الأوروبية"، لمناقشة "قضايا ثنائية وإقليمية ودولية، بالإضافة إلى الملف النووي".
وأوضح بقائي، خلال تصريحاته يوم الأحد 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن اجتماعاً سيُعقد في الـ 29 من هذا الشهر بين نواب وزراء خارجية الدول الأربع؛ لمناقشة مجموعة واسعة من القضايا، تشمل الوضع في فلسطين ولبنان، فضلاً عن الملف النووي. وأضاف أن هذا الاجتماع يأتي استكمالاً للمحادثات، التي جرت على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر (أيلول) الماضي، بنيويورك.
وذكرت وكالة الأنباء اليابانية "كيودو"، أن هذا اللقاء سيُعقد يوم الجمعة في جنيف. ووفقًا للتقارير، فإن الحكومة الإيرانية، برئاسة مسعود بزشكيان، تسعى إلى إيجاد حل للأزمة النووية مع الغرب، قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، في يناير (كانون الثاني) المقبل.
وفي سياق متصل، صرح المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، يوم الجمعة 22 نوفمبر، بأن بلاده تعتزم تصعيد تخصيب اليورانيوم "بشكل كبير"، ردًا على قرار جديد صدر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأشار كمالوندي إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن "إجراءات تعويضية" اتخذتها إيران، وبدأ تنفيذها على الفور.
يُذكر أن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية كان قد أصدر يوم الخميس 21 نوفمبر الجاري، قرارًا يدين توسيع الأنشطة النووية الإيرانية وعدم تعاونها مع الوكالة. وتم تبني القرار بموافقة أغلبية الدول الأعضاء، وهو الثاني من نوعه ضد إيران، خلال ستة أشهر.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول إيراني كبير قوله: "إن طهران تؤمن دائمًا بأن الحل الدبلوماسي هو الطريق الأمثل لحل الملف النووي، وإنها لم تنسحب من المفاوضات قط".
ورغم تأكيد إيران أهمية الحوار، فإن المتحدث باسم وزارة خارجيتها لم يحدد موقع انعقاد الاجتماع المقبل مع الدول الأوروبية الثلاث.

جدد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، هذا الأسبوع، تعهده الانتخابي بدعوة خبراء أجانب للمساعدة في حل الأزمة الاقتصادية، التي تعصف بالبلاد، في ظل معاناة إدارته من التضخم المتصاعد، والنقص الحاد، والانهيار المستمر للعملة.
وقال بزشكيان مبررًا تعهده: "لا تستحق إيران أن تتأخر عن جيرانها، في ظل قيادة خامنئي والقدرات الاقتصادية لبلدنا".
لكن إيران ذات تاريخ مرير في الاستعانة بخبراء أجانب واقتصاديين لحل مشكلاتها، منذ أوائل العقد الثاني من القرن العشرين.
فبعد خمس سنوات من الثورة الدستورية عام 1905، أقنع البرلمان الإيراني الأول، الذي كان يسعى لإنشاء مجتمع مدني ديمقراطي على النمط الغربي، محمد علي شاه- الحاكم الذي كان تحت تأثير روسيا- بدعوة مستشار اقتصادي من الولايات المتحدة، التي لم يكن لها طموحات سياسية في إيران، ولم تظهر أي اهتمام باستغلال مواردها، بخلاف روسيا وبريطانيا.
وكان الثوار قد أجبروا ملك السلالة القاجارية، مظفر الدين شاه، على الموافقة على انتخاب برلمان (مجلس) وإنشاء صحافة حرة نسبيًا، إلى جانب إصلاحات أخرى. لكن الملك تُوفي بعد أشهر قليلة، وخلفه محمد علي شاه.
وفي ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة غير مهتمة بالطموحات الإقليمية إلى درجة أنها رفضت طلب إيران في البداية. لكن مع الإصرار الإيراني، رشحت الحكومة الأميركية ويليام مورغان شوستر، وهو محامٍ وموظف مدني وناشر، الذي تم تعيينه لاحقًا من قِبل البرلمان الإيراني كمدير عام للخزانة. وشغل شوستر المنصب منذ مايو (أيار) إلى ديسمبر (كانون الأول) من العام 1911.
وبذل شوستر جهودًا كبيرة لتثبيت الاقتصاد الإيراني الهش، الذي تضرر بشدة بسبب ديون الشاهات القاجاريين لروسيا وبريطانيا. لكن إصلاحاته، التي هدفت إلى استعادة الاستقلال المالي، اصطدمت بروسيا وبريطانيا، اللتين عرقلتا عمله عبر وكلائهما في إيران، بل واحتلت القوات الروسية أجزاءً من شمال البلاد، كما اتهمت روسيا شوستر باستخدام الدرك الإيراني لتحصيل الضرائب في مناطق تحت الاحتلال الروسي.
وفي نهاية المطاف، استقال شوستر تحت ضغط روسيا وبريطانيا وعاد إلى الولايات المتحدة، حيث وضع كتابه الشهير "خنق إيران"، الذي فضح فيه التدخل الواسع لبريطانيا وروسيا في شؤون البلاد.
كما عيّنت الحكومة الإيرانية المحامي والاقتصادي البريطاني، آرثر ميلسبو، الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، كمستشار مالي. وشغل ميلسبو هذا المنصب في الفترة من 1922 إلى 1927، ثم مجددًا من 1942 إلى 1945 لإصلاح النظام المالي. وبينما كانت فترته الأولى ناجحة نسبيًا، اعتُبرت الثانية فاشلة تمامًا.
وأرجعت الحكومة الإيرانية هذا الفشل إلى "تعجرف" ميلسبو، بينما أشار مراقبون إلى الانقسامات السياسية وعدم الاستقرار والعوائق التي وضعتها جماعات المعارضة كعوامل رئيسة.
وهذه العوامل- الصراعات الفئوية، وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي، وعرقلة المنافسين، والخوف المتجذر من الأجانب الذي تعمّق تحت أيديولوجيا الجمهورية الإسلامية المناهضة للغرب- ما زالت قائمة في إيران اليوم.
وعلى الرغم من سيطرة الدولة أو كيانات مرتبطة بها على 80% من الاقتصاد، فإن هناك تصارعًا بين هذه التيارات، بدءًا من رجال الدين إلى الحرس الثوري الإيراني والعائلات النافذة. وفي ظل هذا النظام غير التنافسي وغير الشفاف، يبدو إصلاح الاقتصاد أمرًا بعيد المنال.
وحتى إذا تمكن بزشكيان، رغم الصعوبات، من الحصول على موافقة لتوظيف مستشارين دوليين، فإن عملهم سيواجه تحديات كبيرة، تتجلى في الصراعات الداخلية بين التيارات النافذة، وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، بالإضافة إلى العقبات التي يضعها الخصوم السياسيون، فضلاً عن النظرة العدائية للأجانب، التي تفاقمت بسبب الأيديولوجية المناهضة للغرب التي يتبناها النظام الإيراني.