عراقجي: الصواريخ اليمنية أربكت حسابات العدو.. وإيران "تدعم المقاومة بكل قوتها"



كان إنكار الحقائق الموجودة في المنطقة هو الجوهر الأساسي لتصريحات علي خامنئي يوم الأحد. ففي خطابه، أعلن مرشد النظام الإيراني معارضته الصريحة للحكومة السورية الجديدة، وتحدث عن ضرورة إسقاطها، مبشراً بتشكيل مجموعة لمكافحة حكومة دمشق.
ومنذ أن قال خامنئي بصراحة أنه لا ينوي تقديم تحليل، بل يتحدث بصفته مرشد النظام الإيراني، فإن تصريحاته قد تعني أن "مناهضة سوريا" ستكون سياسة جديدة للنظام الإيراني وتوجيهًا لفيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني. هذا الخطاب، الذي يُعد الخطاب رقم 1936 له في 35 عامًا، حمل رسالة واضحة عن مواقف النظام الإيراني تجاه الحكومة السورية الجديدة. وفي الوقت الذي عبرت فيه العديد من الدول في المنطقة عن أملها في استقرار وأمن سوريا، فإن المرشد الإيراني تحدث عن ضرورة مواجهة الحكومة السورية الجديدة وأصدر فعلاً أمرًا بإسقاطها.
في نفس الخطاب، أنكر خامنئي أيضًا وجود مجموعات وكلاء للنظام الإيراني في المنطقة، رغم أن معظم العالم يعرف هذه الجماعات كقوات بالوكالة عن إيران. فمجموعات مثل حزب الله، وحماس، والجهاد الإسلامي، والحوثيين، والحشد الشعبي دائمًا ما اعترفت بعلاقتها الوثيقة مع إيران. على سبيل المثال، حسن نصرالله، زعيم حزب الله الذي قُتل مؤخرًا في الهجمات الإسرائيلية، أكد مرارًا أن حزب الله يحصل على جميع موارده المالية والعسكرية والإمدادات من إيران.
هذه العلاقة لا تقتصر على حزب الله فقط، بل إن الحوثيين وحماس أيضًا تحدثوا عدة مرات عن الدعم المالي والعسكري الإيراني. محمود الزهار، أحد قادة حماس، ذكر في أحد تصريحاته أنه خلال زيارة له إلى طهران، حصل على 22 مليون دولار نقدًا من قاسم سليماني، وأن وفد حماس الذي كان يتكون من 9 أفراد نقل هذا المبلغ إلى غزة في عدة حقائب. هذه الأدلة والاعترافات من قادة هذه المجموعات تُضعف تمامًا ادعاء خامنئي بعدم وجود قوات بالوكالة.
وفي خطابه الأخير، ادعى خامنئي أيضًا أن النظام الإيراني لا يحتاج إلى قوات بالوكالة، وأنه في حال لزم الأمر يمكنه أن يتخذ إجراءات مباشرة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل. ولكن قبل عشرة أيام، في خطاب آخر، اعترف بأن محاولات إيران لمساعدة بشار الأسد قد فشلت بسبب المعوقات التي وضعتها القوات الجوية الإسرائيلية والأميركية. هذا التناقض في تصريحات خامنئي يظهر عدم التناسق في تحليلاته ومواقفه.
خامنئي لم ينكر وجود قوات بالوكالة فقط، بل رفض أيضًا الاعتراف بالهزائم الواضحة للنظام الإيراني ومجموعاته التابعة في المنطقة. وفي حين تمكنت إسرائيل من تدمير بنية حماس التحتية وحكومتها في غزة، وقتلت العديد من قادتها مثل إسماعيل هنية ويحيى السنوار، كما استهدفت شبكة قيادة حزب الله، فإن خامنئي ما زال يُصر على أن حماس حققت النصر.
هذه التصريحات تتناقض تمامًا مع الحقائق الميدانية. فقد أكد المحللون الإقليميون والدوليون على فشل سياسات إيران في المنطقة. فإسرائيل تمكنت من تدمير قدرات حزب الله على الوصول إلى الحدود مع إسرائيل، مما حد من قدراته العسكرية. ومع ذلك، لا يزال خامنئي يُصر على تحليلاته الخاطئة ويقول إن حزب الله لم يُهزم.
إن إصرار خامنئي على رفض الواقع القائم في المنطقة واستمرار التحليلات الخاطئة، ليس ناتجًا عن خطأ بقدر ما هو نتيجة عناد على الاستمرار في السياسات السابقة. فهو بدلاً من الاعتراف بأخطائه، يسعى لتعريف الحقائق وفقًا لرغباته ووجهات نظره. هذا العناد يهدر الموارد المالية والبشرية للشعب الإيراني ويزيد من عداء شعوب ودول المنطقة تجاه إيران.
بالإضافة إلى ذلك، فإن خامنئي لا يرفض فقط الاعتراف بالواقع، بل يحاول أيضًا فرض آرائه على المفكرين المحليين. ففي خطابه الأخير، هدد المنتقدين للسياسات الإقليمية للنظام الإيراني واصفًا إياهم بالعملاء. هذه التصريحات هي استمرار للتهديدات السابقة التي كان قد اعتبر فيها المحللين المنتقدين مجرمين وطالب باتخاذ إجراءات ضدهم. هذه المقاربة القمعية تشير إلى خوف خامنئي من تداعيات الهزائم الإقليمية على الاستقرار الداخلي للنظام الإيراني.
تصريحات خامنئي الأخيرة أظهرت مرة أخرى أنه غير مستعد لقبول الواقع في المنطقة، وما زال مصرًا على الاستمرار في السياسات الخاطئة والمغامراتية. إنكار الهزائم وتهديد المنتقدين لا يحل المشكلة، بل يزيد من السخط الداخلي ويزيد من عزلة النظام الإيراني في المنطقة والعالم. هذا الإنكار والمكابرة يتسببان في تكلفة باهظة على الشعب الإيراني، وإصرار خامنئي على مواجهة الحكومة السورية الجديدة ومحاولاته للإطاحة بها قد يؤديان، بالإضافة إلى زيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة، إلى نمو المشاعر المناهضة لإيران بين الشعب السوري ودول المنطقة الأخرى.

أفادت صحف لبنانية مقرّبة من حزب الله بأن الميليشيات العراقية المدعومة من إيران توصّلت إلى اتفاق مع الحكومة العراقية لوقف الهجمات على إسرائيل، بهدف تجنّب زعزعة استقرار العراق.
ويعكس هذا القرار مخاوف من تصاعد الصراعات في المنطقة وخطر تهديد الأمن العراقي، خاصة بعد سيطرة المسلحين على مناطق في سوريا المجاورة.
ومنذ هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شنت هذه الميليشيات عدة هجمات استهدفت إسرائيل. وبدأت هذه العمليات باستهداف القوات الأميركية في سوريا والعراق قبل تصعيدها لتشمل هجمات مباشرة على إسرائيل.
تُعرف هذه المجموعات باسم "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي خليط من ميليشيات وفصائل شيعية تشكلت لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق، لكنها لا تزال تحتفظ بنفوذ عسكري وسياسي واسعين. وغالبًا ما تعتمد هذه الميليشيات على الطائرات المسيّرة في هجماتها، نظرًا لعدم وجود حدود برية بين العراق وإسرائيل.
وأعرب أحد أعضاء ميليشيا النجباء، الذي رفض الكشف عن اسمه، عن قلقه من أن تؤدي عودة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية في العراق إلى تكرار أو امتداد الأضرار التي شهدتها سوريا خلال الصراع.
وصرح قيادي في الميليشيا لصحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله، بأن الميليشيات قررت عدم التدخل في الشؤون السورية ومتابعة الوضع عن بعد، بالإضافة إلى انتظار معرفة توجهات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وسياسته تجاه الشرق الأوسط، لا سيما تجاه إيران.
وتُعد حركة "النجباء"، المعروفة رسميًا باللواء الثاني عشر، واحدة من الجماعات الشيعية العراقية المتطرفة، حيث تنشط بشكل رئيس في العراق، وشاركت سابقًا في الحرب السورية إلى جانب نظام بشار الأسد. وتأسست الحركة عام 2013 بقيادة أكرم الكعبي، وبدعم من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي يقدم لها التمويل والأسلحة والتدريب.
وأشار مصدر إلى أن عودة تنظيم الدولة الإسلامية يمكن أن تهدد الاستقرار النسبي الذي تحقق في العراق.
يأتي هذا في ظل جهود أميركية أوسع للحد من نفوذ القوات الموالية لإيران في العراق. كما ذكرت صحيفة "المدى" العراقية أن هناك معلومات مسربة حول مكالمة هاتفية بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وأحمد الشرع، قائد العمليات العسكرية في سوريا، بوساطة تركية، ناقش خلالها الطرفان مخاوف بشأن خلايا نائمة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق.
وأكد رئيس الوزراء العراقي التهديدات الإسرائيلية باستهداف مواقع المجموعات المدعومة من إيران في العراق، وهو ما ورد أيضًا في تقرير صحيفة "الأخبار".
وصرح متحدث باسم كتائب سيد الشهداء، إحدى الفصائل الشيعية العراقية، بأن العمليات ضد إسرائيل كانت مرتبطة بحملات حزب الله اللبناني، وتوقفت بعد وقف إطلاق النار في لبنان. وقال المتحدث باسم الكتائب، كاظم الفرطوسي، للصحيفة اللبنانية: "هناك أيضًا شركاء في العراق لديهم آراء وتحفظات بشأن هذه العمليات، ويجب الاستماع إليهم".
يذكر أن كتائب سيد الشهداء، المعروفة رسميًا باسم اللواء الرابع عشر، هي جماعة شيعية عراقية متشددة تأسست في عام 2013 بهدف "حماية المقدسات الشيعية والحفاظ على وحدة العراق وإنهاء الصراع الطائفي". وتحصل الكتائب على تمويل وتدريب وتسليح من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وحزب الله.
وقبل هذه التطورات، أفادت "إيران إنترناشيونال" بأن قادة حركة النجباء المدعومة من الحرس الثوري الإيراني زاروا طهران سرًا، ما يؤكد استمرار التنسيق بين طهران وميليشياتها في العراق وسط تطورات إقليمية متسارعة.
وتعكس هذه التقارير حسابات إقليمية معقدة، حيث تسعى الميليشيات العراقية إلى تحقيق توازن بين مواقفها بناءً على ميزان القوى الداخلي والوضع العسكري في المنطقة.

أفادت تقارير حكومية إيرانية بموافقة بلدية طهران على تغيير اسم أحد شوارعها ليحمل اسم "يحيى السنوار"، القائد المقتول لحركة حماس.

أفادت تقارير متزامنة بأن إيران قد تواجه في الفترة المقبلة موجة من الانتفاضات الشعبية بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور، بالإضافة إلى احتمال تعرضها لهجوم إسرائيلي مرتقب. مما قد يؤدي إلى تهديدات وجودية يتعرض لها نظام طهران.
وفي الأثناء، أشارت رسالة من شركة التكرير والتوزيع لمحطات الوقود إلى أن إيران قررت زيادة أسعار البنزين خلال عطلة عيد الميلاد، ولكن القلق من تداعيات هذا القرار جعل النظام في وضع صعب.
ففي وقت يعاني فيه الشعب من مشاكل مثل انقطاع الكهرباء، ونقص الغاز، وارتفاع الأسعار، يخشى المسؤولون في النظام من أن تكون هذه الخطوة بمثابة الشرارة التي قد تشعل الاحتجاجات الشعبية مجددًا.
وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن شركة النفط أبلغت محطات الوقود بأنها مستعدة لزيادة الأسعار، وأن رؤساء السلطات الثلاث، إلى جانب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، وممثل خامنئي، قد وافقوا على هذا القرار. كما أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في حالة تأهب. ومع ذلك، هناك قلق في أعلى مستويات الحكومة من أن زيادة أسعار البنزين في وقت يعاني فيه الناس من مشاكل مثل انقطاع الكهرباء والتضخم الحاد قد تؤدي إلى اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام مجددًا.
وفي هذا السياق، أصدر كبار المسؤولين القضائيين والأمنيين، بما في ذلك غلام حسين محسني إجهئي، رئيس السلطة القضائية، أوامر للمدعين العامين بأن يكونوا مستعدين لمواجهة أي "عدم استقرار" محتمل. وفي الخطاب الرسمي للحكومة، يُستخدم مصطلح "عدم الاستقرار" للإشارة إلى الاحتجاجات الشعبية. ورغم أن محسني إجهئي لم يشر بشكل مباشر إلى موضوع زيادة أسعار البنزين، فقد حذر من أن الأزمات مثل انقطاع الكهرباء قد تكون لها تداعيات واسعة.
إلى جانب هذه المخاوف، تسببت المشاكل الاقتصادية والتقلبات الحادة بالأسواق في تفاقم الوضع. على سبيل المثال، التصريحات الأخيرة لعبدالناصر همتي، وزير الاقتصاد، أدت إلى ارتفاع سريع في سعر الدولار ليصل إلى أكثر من 78 ألف تومان. وهذه التصريحات تشير إلى الوضع الاقتصادي الحرج في البلاد. ويعزو همتي أسباب الأزمة إلى العوامل الخارجية مثل عودة ترامب واحتمال الهجوم من قبل إسرائيل، لكن المحللين يعتقدون أن الجزء الأكبر من المشاكل ناتج عن السياسات المغامرة والمثيرة للتوترات من قبل الحكومة.
يشار إلى أن السياسة الخارجية لإيران، بما في ذلك ربط مصير البلاد بتطورات سوريا واستمرار النهج المعادي للولايات المتحدة وإسرائيل، جعلت الاقتصاد الإيراني عرضة للضرر الشديد. وهذه السياسات لم تؤد فقط إلى فرض عقوبات واسعة على مختلف القطاعات الاقتصادية، بل أيضا منعت المستثمرين المحليين والدوليين من العمل في إيران. ونتيجة لذلك، وصل الاقتصاد الإيراني إلى الوضع الحالي، بينما يواصل المسؤولون الحكوميون، عدم الاعتراف بالمسؤولية ويوجهون الانتقادات إلى الشعب.
من ناحية أخرى، أدى دخول الحرس الثوري الإيراني إلى المجال الاقتصادي على المدى الطويل إلى جعل التنافس مستحيلاً على القطاع الخاص، ما تسبب في إفلاس العديد من الشركات. وبدلاً من تحمل المسؤولية عن هذه الوضعية، يكرر قادة الحرس الثوري الادعاء بتحقيق تقدم في الصناعات العسكرية ويطالبون بتدخل أكبر في المجالات الاقتصادية.
وقد حذر الاقتصاديون البارزون في البلاد مرارًا من أن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى انهيار الدولة. ويقول هؤلاء إن حل الأزمات الاقتصادية يتطلب تحسين العلاقات الخارجية وتقليص الهوة بين الحكومة والشعب. ومع ذلك، فإن الحكومة، وخاصة المرشد علي خامنئي وقادة الحرس الثوري، بدلاً من معالجة المشاكل بشكل جذري، يقتصرون على إجراءات سطحية مثل زيادة الأسعار، التي لا تؤدي إلا إلى زيادة الضغط على الناس.
تجدر الإشارة إلى أن استمرار هذه الأزمات الاقتصادية، جنبًا إلى جنب مع التأكيدات الإسرائيلية على ضرورة شن هجوم مباشر على إيران، يضع النظام في مواجهة أزمة مركبة داخلية وخارجية تهدد وجوده وبقاءه.

أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أن طهران تجري محادثات دبلوماسية لإعادة فتح سفارتها في دمشق والسفارة السورية لدى إيران. وأضافت مهاجراني أن البلدين "مستعدان لذلك".