ردود فعل الصحف الإيرانية على المفاوضات: ترحيب بالتقدّم وتحذير من عداء أميركا
في اليوم التالي لمفاوضات روما، رحّبت الصحف الإيرانية، سواء المحسوبة على التيار الأصولي أو الإصلاحي، بالتقدم السريع في المحادثات بين واشنطن وطهران، وأعلنت دعمها لفريق التفاوض.
•
في الوقت نفسه، ركزت الصحف الأصولية هجماتها على المعارضين الإيرانيين المقيمين في الخارج، محذّرة من العداء الجوهري للولايات المتحدة تجاه النظام الإيراني.
صباح الأحد 20 نيسان/أبريل، خصّصت صحف طهران تقييماتها للجولة الثانية من المفاوضات بين إيران وأميركا في روما، وقدّمت تصوّراتها حول مستقبل هذه المحادثات. الصحف الإصلاحية اعتبرت، بتفاؤل حذر، انتقال المفاوضات إلى المرحلة الفنية مؤشّرًا على تقدمها السريع.
في المقابل، دعمت الصحف الأصولية فريق التفاوض التابع لحكومة الإصلاحي مسعود بزشكيان، لكنها وجّهت انتقادات حادة إلى لوبيات ومجموعات الإيرانيين في الخارج الرافضين للاتفاق، وكرّرت تحذيراتها بشأن ما وصفته بـ”عداء أميركا المبدئي” للجمهورية الإسلامية.
صحيفة “هممیهن”: المؤسسات الرئيسية للسلطة في إيران وإسرائيل ملتزمة بحلّ الخلافات
كتبت صحيفة هممیهن الإصلاحية، المقرّبة من تيار “كاركزان سازندگی” (كوادر البناء)، في افتتاحيتها بعنوان “معنى الدخول في المرحلة الفنية”، أن دخول المفاوضات إلى هذه المرحلة يُشير إلى التفاهم على الإطار العام، بما في ذلك الإبقاء على التخصيب كهدف للجمهورية الإسلامية، لكنها شددت على أن التوصل إلى اتفاق نهائي يعتمد على تحديد التفاصيل خلال المباحثات الفنية.
وأكد كاتب الافتتاحية أن “هذه المرحلة لا تضمن التوصل إلى اتفاق نهائي”، إذ من الممكن أن تنجح المفاوضات أو أن تتوقف.
وبحسب المقال، فإن “الأنباء غير الموثوقة حول فشل المفاوضات” تعكس في الغالب محاولات الأطراف المعارضة لإفشال مسار الحوار.
وترى الصحيفة أن “في كلّ من إيران وإسرائيل، هناك جماعات ترحّب بفشل المفاوضات”، لكنها تؤكد في الوقت ذاته أن “المؤسسات الرئيسية للسلطة في البلدين ملتزمة بحلّ الخلافات دون اللجوء إلى القوة”.
وتوقعت "هممیهن" أن تؤدي المرحلة الفنية من المفاوضات إلى انتقالها من الشكل غير المباشر إلى المباشر، لأن نقل التفاصيل الدقيقة عبر وسطاء يُعدّ أمرًا معقّدًا ويستغرق وقتًا غير منطقي.
فرهيختكان: تحذير من اللوبيات الداعمة للعداء بين إيران والولايات المتحدة
حذّرت صحيفة فرهيختكان، التابعة لجامعة آزاد والمعروفة بعكس مواقف التيار الأصولي المعتدل، في تقريرها الرئيسي بعنوان “لوبيات التوتر”، من تأثير لوبيات وشخصيات محورية تسعى، بحسب تعبيرها، إلى التأثير السلبي على مسار المفاوضات بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة.
وجاء في التقرير أن المباحثات التي دخلت مرحلتها الفنية تواجه عقبات من جهات مثل لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك)، وتحالف “متحدون ضد إيران نووية”، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ومعهد غيتستون.
ووصفت الصحيفة هذه الجهات بأنها “لوبيات إسرائيلية”، معتبرة أنها تُوجّه السياسة الخارجية الأميركية بما يخدم مصالح إسرائيل ويُضر بالجمهورية الإسلامية.
وادعت فرهيختكان، من دون تقديم أدلة، أن هذه المجموعات “تموّل بأنشطة بموازنات ضخمة”، وتستخدم أدوات مثل “الضغط على الكونغرس، إنتاج تقارير منحازة، والتعاون مع الأجهزة الاستخباراتية”، للمساهمة في “العقوبات القصوى، الانسحاب من الاتفاق النووي، وعزل الجمهورية الإسلامية اقتصاديًا”.
وأضافت الصحيفة أن بعض الأفراد في الخارج يعملون على “نشر معلومات مضللة” و”تحريض الرأي العام”، مما يُضعف المفاوضات.
واعتبرت فرهيختكان أن هذه اللوبيات والمؤسسات والأشخاص، من خلال تركيزهم على الملفات النووية وحقوق الإنسان والدور الإقليمي للجمهورية الإسلامية، يصوّرون إيران كـ”تهديد”، ويعزّزون العداء مع الولايات المتحدة عبر دعم سياسات مثل تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل.
شرق: تفاؤل الإصلاحيين بتسارع وتيرة المفاوضات
خصصت صحيفة شرق الإصلاحية تقريرها الرئيسي لقراءة أجواء المفاوضات الجارية، حيث أجرت مقابلات مع أربعة ناشطين وشخصيات بارزة في التيار الإصلاحي سبق أن تولّوا مناصب في حكومات سابقة أو داخل الأحزاب والتيارات السياسية.
واعتبر حسين نورانينژاد، الناشط السياسي الإصلاحي، أن الدعم الكامل من قبل النظام والمجتمع للمفاوضات يُعزّز فرص التوصّل إلى اتفاق، مشددًا على أهمية اعتماد العقلانية، الشفافية، والطابع غير الفئوي في إدارة هذه المباحثات.
أما محمدصادق جواديحصار، فرأى أن المفاوضات تقترب من نقطة توازن، وأكد أنه في حال استمرار الحوارات الثنائية من دون تدخلات معرقِلة من أطراف مثل إسرائيل، فستحقق الجمهورية الإسلامية مكاسب مهمة. كما اعتبر أن دور أوروبا في تفعيل آلية الزناد بات ضعيفًا.
من جهته، الوزير في حكومة حسن روحاني، عبّاس آخوندي، أعرب عن تفاؤله، واعتبر أن الظرف الراهن يُعدّ فرصة مناسبة للتوصّل إلى اتفاق تاريخي، متوقّعًا أن تتسارع وتيرة المفاوضات في المرحلة المقبلة.
صحيفة المرشد: القدرة النووية والصاروخية هي التي أرغمت الأميركيين على التفاوض
رأت صحيفة كيهان، المحسوبة على المرشد علي خامنئي، في تقرير بعنوان "المفاوضات والتاريخ المقبل"، أن المحادثات بين طهران وواشنطن تجري في سياق ثلاثية تاريخية استخدمها “المستعمرون” للضغط على الشعوب، وهي: المفاوضات، والعقوبات، والحرب، معتبرة أن “التهديدات الكاذبة” أو ما وصفته بـ”الدعاية السياسية الفارغة ” هو أقوى أدوات هذا النهج.
واستندت الصحيفة إلى أقوال منسوبة إلى هنري كيسنجر، وإلى قراءات من تاريخ العلاقات الإيرانية الأميركية، لتصوير الولايات المتحدة على أنها بلد “لا يمكن الوثوق به”، حتى من قِبل حلفائه، وتأكيد أن “العناصر المخترقة” لديها تاريخ صلاحية قصير وتُستَبدل عند الضرورة.
وانتقد كاتب التقرير ما وصفه بـ”الازدواجية” لدى بعض الأطراف في الداخل الإيراني الذين يتهمون منتقدي التنازلات الوطنية بأنهم “تجّار العقوبات”، بينما هم أنفسهم يربحون من تقلبات السوق، ويرى أن هذه الجماعات تستخدم المفاوضات كأداة لـ”ربط الاقتصاد بالإشارات السياسية” وخداع الشعب.
وإذ ذكّر الكاتب بتجربة الاتفاق النووي السابقة، وبالتحذيرات المتكررة من المرشد الأعلى حول عدم الثقة بأميركا، أكد أن التفاوض هو جزء من مهام وزارة الخارجية، لا أن يتحوّل إلى المحور الأساس في سياسات الحكومة.
واعتبرت الصحيفة أن فريق التفاوض الإيراني ناجح لكنه بحاجة إلى يقظة تامة أمام ما وصفته بـ”خدع الأميركيين”، ووصفت كتاب بدون خوف لويندي شيرمن بأنه وثيقة تكشف “الروح غير النزيهة” للسياسة الأميركية.
وختمت كيهان بالقول إن التهديدات الأميركية “جوفاء” وتعكس سعي واشنطن للتفاوض من أجل كسب الشرعية، مؤكدة أن “القدرة الصاروخية والنووية، ومحور المقاومة، هي التي أرغمت العدو على الجلوس إلى طاولة التفاوض”، وطالبت فريق التفاوض بالمطالبة بـ”حقوق الشعب الإيراني” بكل حزم وقوة.
تواجه الولايات المتحدة خصماً قوياً في محادثاتها مع إيران، حسبما أخبر مسؤول استخباراتي أميركي سابق بارز "إيران إنترناشيونال"، حيث يمكن أن يكون هدف طهران هو كسب الوقت لبرنامجها النووي.
نورمان رول، المخضرم في وكالة الاستخبارات المركزية لأكثر من 30 عاماً والذي أشرف ذات مرة على مكتب إيران، قال إن المفاوضين المخضرمين في طهران يمكن أن يطيلوا المحادثات لصالحهم، بينما يواصلون تخصيب اليورانيوم نحو المستويات اللازمة لصنع قنبلة.
واضاف رول: كل يوم تطول فيه المحادثات، تقترب إيران أكثر من العتبة، وإذا حسبت أنها ستكسب أكثر من البقاء على حافة التسلح بدلاً من صنع قنبلة فعلياً، فستواصل لعب هذه اللعبة".
وأثبتت طهران، حسب قول رول، براعتها في "التفاوض حول التفاوض"، أو ما وصفه باستخدام الدبلوماسية المطولة لتفادي التهديدات العسكرية وتقليل العقوبات مع استمرار التطوير النووي.
بينما تستعد الولايات المتحدة لاستئناف المحادثات النووية مع إيران هذا الأسبوع في روما، يبدو أن قيادة إيران في موقف ضعيف وسط الغموض حول خلافتها السياسية، والتدهور الاقتصادي، والانتكاسات الإقليمية، وتصاعد الشكوك الدولية حول طموحاتها النووية.
واستخدمت إيران تاريخياً المفاوضات كصمام ضغط، حسب قول رول، حيث تدخل في محادثات فقط عندما يبلغ التهديد بالمواجهة العسكرية ذروته، مع تزامن المحادثات السابقة في 2003 و2012 و2015 مع تصاعد الوجود العسكري الأميركي أو الاضطرابات الإقليمية.
لكن هذه المرة مختلفة، كما يقول رول؛ "هذا النظام أضعف، وأكثر عزلة، ويزداد عدم شعبيته. إذا استمرت إيران في استخدام برنامجها النووي كدرع لتجنب الضغط على قمعها وإرهابها واحتجاز الرهائن، يجب على المجتمع الدولي فضح خداعها".
ووفقاً لقول رول، تدخل إدارة ترامب المحادثات بهدف واضح؛ إنهاء دائم لقدرة إيران على صنع سلاح نووي، دون تكرار العيوب المتصورة في خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 .
وأضاف رول: اتفاق 2015 وضع قيوداً مؤقتة على برنامج إيران النووي، لكنه منح طهران تخفيفاً دائماً من العقوبات، وكان النتيجة أن إيران استخدمت هذا التخفيف الاقتصادي لتمويل الإرهاب والميليشيات في المنطقة.
الآن، قد تسعى واشنطن إلى السماح لإيران بقدرة نووية مدنية أكثر محدودية مع منع أي طريق للتسلح ومنع الوصول إلى الأموال التي يمكن أن تعيد إحياء شبكة إيران الإقليمية المزعزعة للاستقرار.
توتر تاريخي
وتجري المحادثات مع ترامب بينما تمر طهران بأضعف لحظاتها الاستراتيجية منذ خروجها من حرب إيران-العراق المدمرة في 1988، كما يقول رول.
سياسياً، أزال الموت المفاجئ للرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية عام 2024 الخليفة الوحيد للمرشد خامنئي والذي شاركه التوجه الأيديولوجي والمصداقية السياسية.
وشهدت الانتخابات الرئاسية العام الماضي إقبالاً منخفضاً تاريخياً، مما يشير إلى استياء شعبي، وأشارت الإطاحة الأخيرة بمساعد الرئيس ووزير الاقتصاد إلى صراعات فصائلية.
على الصعيد الاقتصادي، يقف التضخم ونسبة الإيرانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر عند حوالي 30%، بينما تتسبب انقطاعات الكهرباء الروتينية في ظلام السكان والشركات.
وقال رول: "هذه كارثة اقتصادية، شعب إيران يدفع ثمن عقود من سوء الإدارة والعزلة".
عسكرياً، من المرجح أن يكون هجوم إسرائيلي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قد دمر الكثير من دفاعات إيران الجوية، مكملاً أشهراً من الضربات الإسرائيلية القاسية على حلفاء طهران، حماس وحزب الله.
وتابع رول: "لقد انكسرت حلقة النار التي شيدتها إيران حول إسرائيل الآن".
وأشار إلى الوحدة العسكرية النخبوية التي تدير العمليات الخارجية لطهران، وقال: "قوة القدس لا تزال قائمة، لكنها أصيبت بأضرار وأصبحت مشتتة".
لحظة الحساب
بينما أكد رول على دعمه للحل الدبلوماسي، اعترف بأن إسرائيل على وجه الخصوص تدرس بعناية خططاً لهجوم محتمل: "إذا نفذت إسرائيل ضربة كبيرة، فلن تقضي على قدرة إيران النووية بشكل دائم، لكنها قد ترفع التكاليف عالياً بحيث تتردد طهران في إعادة البناء".
ومع ذلك، كانت هناك بعض الاحتمالات بأن تختار طهران موقفاً مختلفاً جوهرياً تجاه الولايات المتحدة.
وقال رول: "قد تكون هذه اللحظة التي يختار فيها المرشد الأعلى التطبيع بدلاً من المواجهة"، مضيفاً: "الشعب الإيراني الرائع المرن يستحق مستقبلاً لا يتشكل بالتهديدات والميليشيات والعقوبات".
في تقرير تحليلي، طرحت وكالة "رويترز" سؤالاً مهماً: هل يمكن أن تُدمر ضربة عسكرية البرنامج النووي الإيراني؟ وأشار التقرير إلى عوامل متعددة أكدت أن مثل هذه الضربة قد لا تكون قادرة على القضاء الكامل على البرنامج النووي الإيراني.
وذكرت "رويترز" أن نشر قاذفات استراتيجية من طراز "بي 2" في جزيرة دييغو غارسيا، حيث تقع إيران ضمن نطاق هذه الطائرات، يُعتبر رسالة واضحة وتحذيرية إلى طهران.
الترتيبات العسكرية الأميركية في المنطقة تُخاطب قادة النظام الإيراني بالقول إن عدم التوصل إلى اتفاق لكبح البرنامج النووي قد يؤدي إلى سيناريوهات خطيرة.
ومع ذلك، نقلت "رويترز" عن خبراء عسكريين ونوويين قولهم إن مثل هذه الضربة، رغم قوتها الهائلة، قد تعرقل البرنامج بشكل مؤقت فقط، وهو البرنامج الذي تخشى الدول الغربية أن يؤدي في النهاية إلى تصنيع قنبلة ذرية، على الرغم من تأكيدات إيران بأنها لا تسعى إلى إنتاج أسلحة نووية.
وأضافت "رويترز" أن مثل هذه الضربة قد تدفع الحكومة الإيرانية إلى طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونقل برنامجها النووي شبه المعلن بالكامل تحت الأرض، وتسريع تحولها نحو القدرة النووية، وهي النتيجة التي تخشاها الدول الغربية وقد تصبح أكثر ترجيحًا بسبب العمل العسكري ذاته.
وقال جاستين برينك، الباحث الرئيسي في معهد الخدمات الملكية المتحدة البريطاني في مجال القوة الجوية والتكنولوجيا، لـ"رويترز": "من الصعب للغاية تخيل أن الضربات العسكرية يمكن أن توقف مسار طهران نحو الأسلحة النووية، إلا إذا شهدنا تغييرًا في النظام أو احتلالًا كاملًا لإيران".
ووفقًا لقول برينك، فإن هدف مثل هذه الضربات هو استعادة نوع من الردع العسكري، وفرض التكاليف، وإرجاع "وقت الاختراق النووي" الإيراني بضع سنوات إلى الوراء.
ما هو "وقت الاختراق النووي"؟
يشير هذا المصطلح إلى الوقت الذي يحتاجه بلد لصنع كمية كافية من المواد الانشطارية اللازمة لصناعة قنبلة ذرية. بالنسبة لإيران، يُقدر هذا الوقت حاليًا بين بضعة أيام إلى أسابيع، على الرغم من أن صنع القنبلة بالكامل سيستغرق وقتًا أطول إذا تم اتخاذ قرار بذلك.
اتفاق 2015 النووي
وفرض الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" قيودًا صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية، ورفع "وقت الاختراق النووي" إلى سنة واحدة على الأقل. لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عهد الرئيس دونالد ترامب في عام 2018، انهار الاتفاق، وبدأت طهران بتنفيذ أنشطة تتجاوز التزاماتها بموجب الاتفاق.
الآن، يطالب ترامب بمفاوضات جديدة لتطبيق قيود نووية جديدة، والتي بدأت الأسبوع الماضي. وبعد هذه المفاوضات، كما في الأسابيع الأخيرة، حذر ترامب قائلاً: "إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، سنضرب المنشآت النووية الإيرانية".
إسرائيل أيضًا أطلقت تهديدات مشابهة. قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، في نوفمبر (تشرين الثاني): "إيران أكثر عرضة للهجوم على منشآتها النووية الآن أكثر من أي وقت مضى. لدينا الآن فرصة لتحقيق أهم أهدافنا، وهو تحييد وإزالة التهديد الوجودي ضد إسرائيل".
البرنامج النووي الإيراني: كبير ومليء بالمخاطر
ويتقدم البرنامج النووي الإيراني عبر عدة مواقع مختلفة، وأي هجوم عسكري سيحتاج إلى استهداف معظم هذه المواقع أو كلها. حتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تعرف مكان تخزين بعض المعدات الرئيسية مثل أجزاء أجهزة الطرد المركزي.
ويقول الخبراء العسكريون إنه يمكن لإسرائيل استهداف العديد من هذه المواقع بمفردها، لكن العملية ستكون مليئة بالمخاطر وتتطلب هجمات متكررة، بينما يجب مواجهة أنظمة الدفاع الجوي التي زودتها روسيا. ومع ذلك، نجحت إسرائيل العام الماضي في تنفيذ هجمات محدودة.
وقلب البرنامج النووي الإيراني هو تخصيب اليورانيوم، والموقعان الرئيسيان لهذا الغرض هما: منشأة التخصيب في نطنز، التي تقع على عمق ثلاثة طوابق تحت الأرض، وفردو، التي تقع في أعماق الجبل.
وتمتلك الولايات المتحدة قدرة أكبر بكثير من إسرائيل على تدمير هذه الأهداف، خاصة باستخدام قنابل تزن 30 ألف رطل (14 ألف كيلوغرام)، والتي يمكن حملها فقط بواسطة قاذفات "بي 2" مثل تلك التي تم نقلها مؤخرًا إلى جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي. لا تمتلك إسرائيل مثل هذه القنابل أو الطائرات.
وقال الجنرال الأميركي المتقاعد تشارلز والد، الذي يعمل الآن في معهد الأمن القومي اليهودي الأميركي: "لا تملك إسرائيل ما يكفي من القنابل التي تزن 5 آلاف رطل لتدمير فردو ونطنز".
وأضاف: "مع وجود الولايات المتحدة، سيكون الهجوم أسرع واحتمال النجاح أكبر، ولكن حتى في هذه الحالة، سيستغرق الهجوم عدة أيام".
ما هي تداعيات الهجوم؟
قال إريك بروير، محلل سابق في الاستخبارات الأميركية وعضو في مبادرة التهديد النووي، لـ"رويترز": "قد تسبب الضربة الأميركية أضرارًا أكبر من الضربة الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية، لكن في كلتا الحالتين، النقاش يدور حول شراء الوقت. هناك خطر حقيقي أن يؤدي هذا الإجراء، بدلاً من إبعاد إيران عن القنبلة، إلى تقريبها منها".
وأضاف: "يمكن أن تسبب الضربة اضطرابًا في البرنامج النووي الإيراني وتؤخره، لكن لا يمكنها القضاء عليه تمامًا".
ووفقًا لـ "رويترز"، بينما يمكن تدمير المنشآت، فإن المعرفة المتقدمة التي تمتلكها إيران في مجال تخصيب اليورانيوم لا يمكن محوها. ومنع إعادة بناء البرنامج سيكون أمرًا صعبًا ومكلفًا للغاية.
وقالت كيلسي دافنبورت، مديرة قسم منع انتشار الأسلحة النووية في جمعية السيطرة على الأسلحة: "ماذا سيحدث في اليوم التالي للهجوم؟ رداً على الهجوم على منشآتها النووية، ستقوم إيران بتقوية هذه المنشآت وتوسيع برنامجها".
نظرًا لأن الحكومة الإيرانية قد تخلت سابقًا عن عمليات الرقابة الإضافية للوكالة بموجب اتفاق 2015، يحذر العديد من المحللين من أنه في حال حدوث هجوم، قد تقوم إيران بإخراج مفتشي الوكالة من مواقع مثل نطنز وفردو.
وكتب علي شمخاني، المسؤول العسكري والأمني الإيراني السابق والمستشار الحالي للمرشد علي خامنئي، الأسبوع الماضي على شبكة التواصل الاجتماعي "إكس": "استمرار التهديدات الخارجية ووضع إيران في حالة تعرض للهجوم العسكري قد يؤدي إلى إجراءات ردع مثل طرد المفتشين ووقف التعاون".
الدولة الأخرى الوحيدة التي اتبعت مثل هذا المسار هي كوريا الشمالية، التي قامت بأول اختبار نووي لها بعد طرد المفتشين.
وقال جيمس أكتون، عضو مركز كارنيغي للسلام الدولي، لـ"رويترز": "إذا قمتم بقصف إيران، فأنا واثق تقريبًا أنهم سيردون بطرد المفتشين الدوليين وسيبدؤون في التحرك نحو تصنيع القنبلة".
تناولت صحيفة "الغارديان" البريطانية، في مقال تحليلي، 5 أسباب تقلل من احتمالية نجاح المفاوضات بين طهران وواشنطن. أبرزها التناقض في تصريحات الجانبين بشأن طبيعة المحادثات، حول ما إذا كانت المفاوضات مباشرة أم غير مباشرة، وهو ما قد يكون مؤشرًا على خلافات أعمق.
وكتبت "الغارديان"، اليوم السبت 12 أبريل (نيسان)، أن هذه اللقاءات تُعرف في التاريخ الدبلوماسي بـ"لحظات نيكسون في الصين": لقاءات دبلوماسية يضع فيها قادة أنظمة لديها عداوات متجذرة التوجس جانبًا ويحققون نتائج غير متوقعة.
ومع ذلك، نادرًا ما يوجد لقاء يحمل آفاق نجاح مماثلة لزيارة ريتشارد نيكسون التاريخية إلى بكين عام 1972: "حتى اللقاء المقرر في 12 إبريل بين ممثلي إيران والولايات المتحدة في عُمان ليس استثناءً من هذه القاعدة؛ لقاء أعلنه ترامب؛ مما فاجأ المجتمع الدولي والإعلام".
المانع الأول: تهديدات ترامب بالقصف والهجوم
على السطح، يتمحور الموضوع الرئيس للمفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، ومخاوف الغرب من أن تتمكن إيران من تحويل هذا البرنامج إلى إنتاج أسلحة نووية.
وهدد ترامب طهران مرات عديدة بأنها ستواجه خطر القصف والهجوم، في حال عدم التوصل إلى اتفاق.
وعززت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، هذا المناخ الدبلوماسي المشحون بالتهديدات يوم أمس الجمعة.
وقالت ليفيت: "الهدف النهائي هو ألا تمتلك إيران سلاحًا نوويًا أبدًا.. كل الخيارات مطروحة، وعلى إيران أن تختار: إما أن تقبل مطالب ترامب أو تدفع ثمنًا باهظًا".
ووفقًا لـ "الغارديان"، فلا يبدو هذا الأسلوب واعدًا لتجاوز جيلين من انعدام الثقة بين البلدين، منذ أن قطع الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، العلاقات الدبلوماسية مع إيران في عام 1980، بعد احتلال السفارة الأميركية في طهران، أثناء الثورة الإيرانية، واحتجاز 53 أميركيًا كرهائن لأكثر من عام.
المانع الثاني: الخلاف حول شكل المفاوضات
هناك مانع آخر، وهو أن الطرفين يختلفان حتى حول شكل المفاوضات؛ فبينما قال ترامب إن المفاوضات ستكون "مباشرة"، أكدت إيران أنها ستكون "غير مباشرة"، بمعنى أن التواصل سيتم عبر وسيط.
ويقول المحللون والدبلوماسيون المخضرمون إن هذا الخلاف علامة على فجوات أعمق قد تقوّض أساسًا فرص النجاح، حيث وصف دبلوماسي أميركي احتمال النجاح بأنه "من صفر إلى لا شيء".
وقال السفير الأميركي السابق وأستاذ العلاقات الدولية الذي ألف كتابًا عن الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران، دينيس جت: "هذا يظهر أن الأشخاص الجادين ليسوا مسؤولين عن هذه العملية، لأن إحدى الخطوات الأولى في أي مفاوضات هي الاتفاق على مسائل، مثل شكل المفاوضات وتفاصيل تنفيذها".
المانع الثالث: طهران وواشنطن لا تعرفان بعضهما
أضافت "الغارديان" أن الوفد الإيراني يقوده وزير الخارجية، عباس عراقجي، الذي لعب دورًا رئيسًا في المفاوضات، التي أدت إلى اتفاق عام 2015، المعروف باسم الخطة الشاملة المشتركة، بينما يدخل الوفد الأميركي المحادثات بقيادة المبعوث الخاص لترامب لشؤون الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
وأشارت الصحيفة إلى أن ويتكوف، وهو رجل أعمال في مجال الفنادق من مقاطعة برونكس في نيويورك، يحظى بثقة ترامب ويُعتبر مقربًا منه، لكنه يفتقر إلى أي خبرة فيما يتعلق بإيران أو ثقافة المفاوضات المعقدة في هذا البلد.
وهذا النقص في المعرفة قد يزيد من اتساع الفجوة العميقة القائمة بين البلدين.
وقال خبير الشؤون الإيرانية في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية، راي تكيه: "نحن لا نفهم الإيرانيين، ولست متأكدًا إلى أي مدى يفهمون هم النظام السياسي الأميركي، خاصة اليوم.. نحن أمام علاقة معقدة للغاية دون أن نفهم الطرف الآخر".
وأكد تكيه أن أحد العوامل، التي عززت هذا الجهل المتبادل، هو 45 عامًا من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، مضيفًا: "نحن في أميركا، بشكل جماعي، لا نفهم نظام إيران. لا نعرف كيف يعمل هذا النظام. لا نعرف شخصيات ودوافع اللاعبين الرئيسين فيه. في رأيي، نحن نجهل بشدة آليات عمل هذا النظام من الداخل".
المانع الرابع: تناقض الأهداف والمطالب
يزيد تناقض أهداف الطرفين من تعقيد الوضع؛ فبالنسبة للنظام الإيراني، الهدف الرئيس هو تخفيف العقوبات الغربية الثقيلة، التي أضرت باقتصاد البلاد بشكل كبير.
وفي الوقت نفسه، تريد طهران الحفاظ على برنامجها النووي، الذي يؤكد قادتها أنه "لأغراض سلمية فقط".
وأوضح تكيه أن "الهدف الأهم لإيران هو حماية بنيتها التحتية النووية من هجوم عسكري، وأفضل طريقة لذلك هي بدء عملية مفاوضات".
ولكن وفقًا لـ"الغارديان"، أهداف أميركا ليست واضحة بالقدر نفسه.
هذا وطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، واشنطن بالسعي إلى "خيار مشابه لليبيا"، وهو تعبير يشير إلى الاتفاق مع الديكتاتور الليبي السابق، معمر القذافي، ويعني تفكيك قدرة تخصيب اليورانيوم بالكامل.
وهدف كهذا مرفوض تقريبًا بالنسبة للنظام الإيراني، خاصة في ضوء مصير القذافي النهائي الذي أُطيح به وقُتل على يد المتمردين.
كما تبدو الأهداف، التي طرحها مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، غير مقبولة بنفس القدر.
وطالب والتز بإنهاء دعم إيران للجماعات الوكيلة في المنطقة، مثل "حماس" و"حزب الله" و"الحوثيين".
ومع ذلك، يبدو أن والتز قد فقد جزءًا كبيرًا من نفوذه في البيت الأبيض بعد فضيحة "سيغنال- غيت"، حيث دعا عن طريق الخطأ صحافيًا إلى مجموعة محادثات المسؤولين الأميركيين حول الهجمات على الحوثيين.
وقال الباحث الأول في مركز السياسة الدولية، سينا طوسي، إنه على النقيض من ذلك، اتخذ ستيف ويتكوف موقفًا أكثر تساهلاً، و"يبدو حقًا شخصًا عمليًا".
وأشار طوسي إلى مقابلة أجراها ويتكوف تحدث فيها عن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران، وقال: "تحدث عن اتفاق يرتكز على التحقق من الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني. يبدو أن ويتكوف يتحدث بثقة نيابة عن ترامب".
وأضاف: "لا أعتقد أن الإيرانيين كانوا ليوافقوا على لقاء رفيع المستوى مع ويتكوف في عُمان دون أن يكونوا قد حصلوا مسبقًا على نوع من الطمأنينة بأن هذه المفاوضات لن تكون من طرف واحد تمامًا".
ووفقًا لتقرير "الغارديان"، فإن هذه الطمأنينة تشمل أيضًا النقطة التي مفادها أن الجانب الأميركي لا يسعى إلى تغيير النظام الإيراني؛ وهو هدف طرحه في السابق بعض مستشاري السياسة الخارجية البارزين في إدارة ترامب السابقة، لكن ترامب نفسه أظهر علامات على التخلي عنه.
وفي مقابلة أجراها ويتكوف مع صحيفة "وول ستريت جورنال"، قبيل المفاوضات، أشار إلى مرونة موقف أميركا، وحدد "الخط الأحمر" لواشنطن بأنه "تسليح البرنامج النووي الإيراني".
وقال: "أعتقد أن موقفنا يبدأ من تفكيك برنامجكم النووي بالكامل؛ هذا هو موقفنا اليوم. بالطبع، هذا لا يعني أنه لا يمكن إيجاد طرق للتسوية بين البلدين على هامش المفاوضات".
المانع الخامس: خوف طهران وعدم يقينها تجاه ترامب
وفقًا لـ "الغارديان"، فإنه في صميم الرغبة المفاجئة للإيرانيين في التفاعل، والتي كانت غائبة بشكل واضح خلال السنوات الأربع من رئاسة جو بايدن رغم المحاولات المتكررة، يلعب الخوف وعدم اليقين تجاه ترامب نفسه دورًا في احتمالية فشل المفاوضات.
ففي ولايته الأولى، أمر ترامب بقتل القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني. وفي هذا السياق، قال تكيه: "عامل الخوف يدفع النظام الإيراني إلى المفاوضات، لكنه أمر ذو حدين".
وأوضح أن هناك من جهة الخوف مما قد يفعله ترامب، ومن جهة أخرى، قلق طهران بشأن ما إذا كان بإمكانها الوثوق بترامب كوسيط موثوق للوصول إلى اتفاق.
لكن طوسي قال لـ "الغارديان" إن خامنئي يطرح الآن سياسة "الجزرة" التي من المرجح أن يقبلها ترامب، بناءً على نظرته العالمية المعروفة القائمة دائمًا على الصفقات: إمكانية إقامة علاقات تجارية بين أميركا وإيران.
وكتب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، مؤخرًا في مقال نشرته "واشنطن بوست"، أن إيران، مع العقوبات الاقتصادية الأميركية والانخفاض المستمر في قيمة الريال، تواجه وضعًا اقتصاديًا حرجًا وتشتد حاجتها إلى استثمارات أجنبية لتحديث بنيتها التحتية.
وأضاف أن ترامب، من خلال أي اتفاق محتمل، يخلق، بطريقة ما، فرصة لإيران.
منذ أن أطلق دونالد ترامب حملته الأولى للترشح للرئاسة الأميركية، كانت الاتفاقية النووية مع إيران في صلب انتقاداته، بداية من وصفه للاتفاق بـ"الأسوأ في التاريخ"، إلى اعتماده سياسة "الضغط الأقصى"، حيث اتخذ ترامب دومًا موقفًا تصادميًا ومتوترًا تجاه طهران.
لكن وسط تهديداته وتحذيراته، لم تخلُ تصريحاته من إشارات إلى استعداده للتفاوض.
الانتقادات الانتخابية للاتفاق النووي
مع بدء حملته الانتخابية الأولى، هاجم ترامب الاتفاق النووي الشامل، الموقّع في عهد الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، في يوليو (تموز) 2015، واصفًا إياه بأنه "أسوأ اتفاق على الإطلاق"، متهمًا إدارة أوباما بتقديم تنازلات كبيرة، وانتقد الإفراج عن الأصول المالية الإيرانية.
وقال ترامب، خلال تجمع بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) 2015: "لم أرَ في حياتي صفقة أُبرمت بتلك السذاجة".
ووصف الدبلوماسيين الأميركيين المشاركين في التفاوض بأنهم "أغبياء جدًا".
وفي مارس (آذار) 2016، خلال كلمته أمام مؤتمر "أيباك"، تعهّد ترامب بـ "تفكيك الاتفاق الكارثي مع إيران" إذا أصبح رئيسًا. واعتبر الاتفاق "أحاديًا، مرعبًا، ولن يوقف البرنامج النووي الإيراني، بل سيجعل طهران أكثر جرأة".
السنة الأولى في البيت الأبيض والتشكيك في الاتفاق
عند توليه الرئاسة، في يناير (كانون الثاني) 2017، خلال فترة ولايته الأولى، ظل ترامب متشككًا تجاه الاتفاق النووي الإيراني، رغم التقارير التي تحدثت عن التزام طهران به.
وفي سبتمبر 2017، وصف ترامب الاتفاق أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنه "واحد من أسوأ وأكثر الاتفاقات أحادية الجانب التي دخلت فيها أميركا". وأضاف: "لن نسمح لنظام إجرامي بمواصلة زعزعة الاستقرار وهو يطوّر برنامجه الصاروخي الخطير تحت غطاء الاتفاق النووي".
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2017، أعلن استراتيجية جديدة تجاه إيران ورفض التصديق على التزامها بالاتفاق النووي، وهدد بالانسحاب منه، إذا لم يتم تعديله، خاصة فيما يتعلق بالبند الزمني وبرنامج الصواريخ.
الانسحاب من الاتفاق وبداية سياسة "الضغط الأقصى"
في 8 مايو (أيار) 2018، أعلن ترامب رسميًا انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، قائلاً: "الاتفاق كان سيئًا وأحادي الجانب.. وأتاح لطهران استئناف أنشطتها النووية".
ووقّع ترامب على قرار بإعادة فرض العقوبات، مؤكدًا أن "أميركا لن تكون رهينة للابتزاز النووي". وصرّح بأن الولايات المتحدة مستعدة للتفاوض على اتفاق "أفضل" إذا أوقفت إيران برنامجها النووي، ثم فُرضت عقوبات صارمة على قطاعات النفط والبنوك والصناعة الإيرانية لاحقًا.
وفي أغسطس (آب) 2018، غرّد ترامب: "هذه أشد العقوبات التي فُرضت على الإطلاق، وهناك ما هو أشد في نوفمبر (تشرين الثاني). من يتعامل مع إيران لن يتعامل مع أميركا".
وفي يوليو من العام نفسه، بعد تهديد الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، لواشنطن، كتب ترامب بالأحرف الكبيرة: "لا تهددوا الولايات المتحدة مجددًا، وإلا ستواجهون عواقب لم يشهدها سوى القليل عبر التاريخ".
تصعيد التوتر والدعوة إلى التفاوض
في مايو 2019، كتب ترامب مغردًا: "إذا أرادت إيران الحرب، فستكون نهايتها الرسمية. لا تهددوا الولايات المتحدة مجددًا".
وفي يونيو (حزيران) من العام ذاته، أسقطت إيران طائرة أميركية مُسيّرة، وكاد ترامب يشن ضربة انتقامية على طهران، ثم تراجع قبل 10 دقائق من تنفيذها. وقال لاحقًا: "إيران تنهار اقتصاديًا، وسيتصلون بنا قريبًا لعقد اتفاق".
وفي يوليو 2019، صرّح بأنه مستعد للقاء القادة الإيرانيين "دون شروط مسبقة"، مشددًا على ضرورة تضمين البرنامج الصاروخي الإيراني في أي اتفاق مستقبلي.
التصعيد العسكري ونهاية ولاية ترامب الأولى
في 3 يناير 2020، أمر ترامب باغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وردّت إيران بقصف قواعد أميركية في العراق.
وقال في الثامن من الشهر نفسه: "طالما أنا رئيس، لن تمتلك إيران سلاحًا نوويًا"، وأضاف: "نحتاج إلى اتفاق حقيقي وشامل".
وخلال حملته الانتخابية الثانية، قال مرارًا: "لو فزت، كانت إيران ستأتي للتفاوض خلال أسبوع واحد من الانتخابات".
وفي المناظرة النهائية قال: "في الشهر الأول من ولايتي الثانية كنا سنوقّع اتفاقًا جديدًا".
انتقادات لإدارة بايدن
منذ خروجه من البيت الأبيض، هاجم ترامب سياسات الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، تجاه إيران، واتهمه بـ "العودة إلى الاتفاق السيئ نفسه".
وفي سبتمبر 2023، هاجم صفقة تبادل سجناء، مقابل تحرير 6 مليارات دولار من أموال إيران، قائلاً: "بايدن دفع فدية وفتح باب احتجاز الرهائن"، مضيفاً أن الأموال وصلت إلى "حماس"، واصفًا ذلك بـ "الفضيحة".
حملة انتخابية ثانية
في سبتمبر 2024، قال ترامب في مؤتمر صحافي: "نحتاج إلى التفاوض، لأن امتلاك إيران سلاحًا نوويًا غير مقبول".
وأضاف: "بالطبع سنتوصل لاتفاق، فالعواقب ستكون غير محتملة. نحتاج إلى اتفاق". وقال إنه كان مستعدًا لعقد اتفاق "في غضون أسبوع من فوزه في 2020".
العودة إلى الحكم وتصعيد الضغوط
قال ترامب، خلال خطاب تنصيبه، في يناير 2025: "لن نسمح لأكبر راعٍ للإرهاب بامتلاك أخطر سلاح".
وأمر بالإبقاء على جميع العقوبات ضد طهران، وقال: "إما أن توقف إيران برنامجها، أو تواجه عواقب وخيمة".
وفي 15 مارس 2025، وبعد هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، أمر بشن غارات جوية ضدهم، محذرًا إيران من الاستمرار في دعمهم.
وفي 30 مارس، هدد في مقابلة مع قناة "إن بي سي": "إذا لم نصل لاتفاق مع إيران، سنقصفهم. بطريقة لم يشهدوها من قبل".
مفاوضات حرجة وتهديدات مباشرة
في 7 أبريل (نيسان) 2025، أعلن ترامب من نيويورك، خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو: "إن المفاوضات المباشرة مع إيران بدأت، وسنواصلها السبت (12 أبريل).
وقال: "أعتقد أن الجميع يفضّل الوصول إلى اتفاق".
وأكد أن المفاوضات تُجرى بشكل مباشر: "لا وسطاء، لا أطراف ثالثة. هذا تواصل مباشر على أعلى مستوى". لكنه حذر: "إذا فشلت المفاوضات، ستكون إيران في خطر كبير؛ لأنهم لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي. هذه هي القاعدة".
وقال في 9 أبريل الجاري: "إذا اضطررنا لعمل عسكري ضد إيران، سنقوم به. إسرائيل ستلعب دورًا محوريًا، ستكون القائد فيه". وأضاف: "لكن لا أحد يقودنا. نحن نقرر وننفذ ما نراه مناسبًا".
ورغم التصعيد، فإن ترامب شدد على رغبته في التوصل إلى اتفاق، قائلاً: "أريد الخير لإيران. المشكلة الوحيدة هي أنهم لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي".
وقال: "الشعب الإيراني رائع وذكي، لكنه يعيش في ظروف سيئة، تحت نظام سيئ وقادتهم يعلمون ذلك. أنا لا أطلب الكثير، فقط لا لسلاح نووي".
وفي 10 إبريل الجاري أيضًا، ختم ترامب برسالة قوية: "إيران لا يجب أن تختبر إرادتنا. لقد عاد السلام من خلال القوة، ولن نسمح أبدًا لإيران بتهديد العالم بسلاح نووي".
الخلاصة
طوال عقد من الزمن، حافظ ترامب على مبدأ ثابت: منع إيران من امتلاك السلاح النووي، لكن تكتيكاته تراوحت بين أقصى درجات التهديد العسكري وأقصى درجات الانفتاح التفاوضي.
فهل يكون الاتفاق الجديد وشيكًا؟ أم إن حملة الضغط الأقصى ستتحول إلى المواجهة الأشمل؟
مضت أسابيع قليلة منذ الإعلان عن إرسال الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي.
في هذه الفترة، تم نشر 6 قاذفات من طراز "بي-2" في المنطقة، وحاملة طائرات جديدة في طريقها إلى هناك، فيما عقد مجلس الدفاع الفرنسي اجتماعًا استثنائيًا، وتجري الصين وروسيا مشاورات، مع تقارير تشير إلى مفاوضات غير مباشرة جارية في عُمان.
بعد نحو شهر ونصف الشهر من انطلاق ولايته الثانية رسميًا، أعلن ترامب في مقابلة مع قناة "فوكس بيزنس" يوم 5 مارس (آذار) أنه بعث برسالة إلى مرشد النظام الإيراني، عبر فيها عن تفضيله للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق بدلاً من اللجوء إلى الخيار العسكري.
وعبارته: "يمكننا عقد اتفاق جيد يوازي ما لو كنت قد انتصرت عسكريًا" كشفت أن نبرة الرسالة ومطالب الولايات المتحدة تختلف عما كان عليه الحال في الإدارات السابقة.
وبعد ساعات من عرض هذا الجزء من المقابلة، تحدث ترامب يوم 7 مارس في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، مشيرًا إلى أن التعامل مع قضية إيران بلغ مراحله الأخيرة، وأن الحل سيكون إما عبر التفاوض أو العمل العسكري، مضيفًا: "سيحدث شيء قريبًا جدًا".
• خامنئي: ليس تفاوضًا.. بل إملاءات وهيمنة
ورغم عدم الكشف عن نص الرسالة، ألقت ردة فعل خامنئي الحادة الضوء على الموقف.
ففي 8 مارس (آذار)، وخلال لقاء مع مسؤولي النظام الإيراني، قال: "إن إصرار بعض الحكومات المتسلطة على التفاوض ليس لحل المشكلات، بل لفرض سيطرتها وتوقعاتها. إيران لن تقبل هذه التوقعات بأي حال".
وأضاف: "التفاوض بالنسبة لهم وسيلة لتقديم مطالب جديدة" تتجاوز البرنامج النووي لتشمل "القدرات الدفاعية" و"مدى الصواريخ" و"النفوذ الدولي" للنظام الإيراني.
وأكد: "يكررون ذكر التفاوض للضغط على الرأي العام... هذا ليس تفاوضًا، بل إملاءات وهيمنة".
• بزشكيان: لن أتفاوض.. افعل ما تشاء
الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، المدعوم من التيار "الإصلاحي" في النظام الإيراني، والذي شارك في الانتخابات الرئاسية المبكرة لعام 2024 بشعار العودة إلى المفاوضات، قال في 11 مارس موجهًا حديثه إلى ترامب: "ما دمت تهدد، فلن آتي لأتفاوض معك أبدًا، افعل ما تريد".
وبعد بزشكيان، أكد عباس عراقجي، وزير خارجية إيران، أن طهران لن تدخل في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة تحت سياسة الضغط الأقصى التي تتبناها إدارة ترامب، لكنها ستواصل حواراتها مع أوروبا وروسيا والصين.
• التصريح الثاني لخامنئي: لم أقرأ الرسالة بعد.. لكنها خداع للرأي العام
في 12 مارس (آذار)، وبعد أقل من أسبوع من الإعلان عن إرسال رسالة ترامب إلى طهران، التقى أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، بعراقجي.
ونقلت وكالة "تسنيم" عن إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن قرقاش كان يحمل رسالة ترامب إلى إيران.
وفي الوقت ذاته، وخلال لقاء مع مجموعة من الطلاب، أكد خامنئي أنه لم يتسلم الرسالة بعد، واصفًا تصريحات رئيس الولايات المتحدة حول استعداده للتفاوض مع إيران ودعوته إلى ذلك بأنها "خداع للرأي العام العالمي".
• قلق روسيا
في 12 مارس (آذار)، أعلن سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، الذي تُعد بلاده إلى جانب الصين من أبرز داعمي النظام الإيراني في الملف النووي، أن الولايات المتحدة تصر على إجراء مفاوضات تتجاوز البرنامج النووي الإيراني.
وقال إن موسكو تدعم إطار مفاوضات يركز على "تطوير الاتفاق النووي"، لكن إصرار أميركا على "شروط سياسية ووقف دعم إيران لجماعات في العراق ولبنان وسوريا" يثير القلق.
وفي اليوم نفسه، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مغلقة لبحث زيادة مخزون إيران من اليورانيوم المخصب إلى مستويات قريبة من الدرجة العسكرية، بناءً على طلب 6 دول من أصل 15 عضوًا، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكوريا الجنوبية واليونان وبنما.
وفي 28 مارس، تبين أن مخاوف روسيا لم تكن بلا أساس، إذ قال محمد كاظم آل صادق، سفير إيران في العراق، في مقابلة مع قناة عراقية إن رسالة ترامب تضمنت طلبًا بحل أو دمج الحشد الشعبي وغيره من القوى الوكيلة للنظام الإيراني في المنطقة.
• مهلة شهرين
ورغم عدم نشر نص محدد لرسالة ترامب، نقل موقع "أكسيوس" في 19 مارس عن مسؤول أميركي ومصدرين مطلعين أن الرسالة كانت شديدة اللهجة، وتضمنت مهلة شهرين للتوصل إلى اتفاق نووي جديد.
وقال بريان هيوز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، لصحيفة "جيروزاليم بوست": "أبلغ ترامب خامنئي بوضوح أنه يرغب في حل دبلوماسي للنزاع النووي الإيراني في المستقبل القريب، لكن هناك طرقا أخرى لحل المشكلة إذا لزم الأمر".
• وزير الخارجية الإيراني: مستعدون للحرب
في 20 مارس، قال وزير خارجية إيران خلال برنامج تلفزيوني: "سيتم الرد على رسالة ترامب وإرسالها عبر القنوات المناسبة".
وأضاف عراقجي: "السنة القادمة ستكون سنة صعبة ومعقدة ومهمة. نحن مستعدون للحرب، لكننا لا نرحب بها".
وشدد قائلاً: "بالتأكيد لن نجري مفاوضات مباشرة في ظل الظروف الحالية من الضغط والعقوبات المتزايدة".
• التصريح الثالث لخامنئي: إذا أظهروا الخبث.. فستكون هناك ضربة قوية
مرشد النظام الإيراني قال في خطابه يوم 21 مارس إن الولايات المتحدة لن تصل إلى أي شيء من خلال التهديد في مواجهتها مع إيران، وأكد مرة أخرى أنه في حالة اندلاع نزاع عسكري، فإن إيران سترد.
كما أشار خامنئي إلى المواقف الإسرائيلية قائلاً: "نحن لسنا مبتدئين لأي حرب، لكن إذا أظهر أحد الخبث، فسيتلقى صفعة قوية".
وأضاف دون الإشارة إلى الأمثلة أن المسؤولين الأميركيين يُدلون بتصريحات متضاربة.
• إما اتفاق أو نزاع عسكري
تزامناً مع تصريحات خامنئي، أعلن ستيف ويتكوف، أحد المقربين والمبعوث الخاص لترامب في شؤون الشرق الأوسط، أن إيران قد أرسلت رسائل إلى الحكومة الأميركية عبر وسطاء.
وأكد أن أمام الحكومة الإيرانية طريقين فقط: الاتفاق أو النزاع العسكري.
وأضاف ويتكوف أن ترامب يتجنب الحرب، لكنه إذا لزم الأمر، سيستخدم القوة العسكرية لمنع اندلاع الحرب.
زيادة المعدات العسكرية في الشرق الأوسط
منذ بداية العام الإيراني (20 مارس/آذار الماضي)، تم نشر أخبار عن تحركات الولايات المتحدة في قاعدة "دييغو غارسيا" الجوية في المحيط الهندي. هذه القاعدة هي التي استخدمتها الولايات المتحدة سابقًا لبدء هجماتها على أفغانستان والعراق.
وفقًا لتحليل بيانات تتبع الطيران من قبل المصادر المفتوحة (OSINT)، تبين أنه بحلول 25 مارس، وصل ما لا يقل عن 5 قاذفات استراتيجية خفية عن الرادار من طراز "بي-2" سبيريت وسبع طائرات نقل من طراز "سي-17" إلى قاعدة دييغو غارسيا أو في طريقها إليها.
تُعتبر قاذفة "بي-2" واحدة من أكثر المقاتلات الاستراتيجية تقدمًا لدى الولايات المتحدة، حيث إن لديها القدرة على حمل أكبر القنابل الموجودة في ترسانة الجيش الأميركي.
في 2 أبريل (نيسان)، كتبت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مشيرة إلى إرسال المعدات والطائرات الأميركية بالقرب من إيران أن الولايات المتحدة قامت خلال الأسابيع الأخيرة بأكبر عملية نشر للقوات والمعدات في الشرق الأوسط منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
• التصريح الثاني لترامب: على إيران أن تختار.. إما المفاوضات وإما العواقب
في 25 مارس (آذار)، بالتوازي مع التقارير حول زيادة إرسال المعدات إلى القاعدة العسكرية الأميركية، حذر ترامب بأن على إيران أن تختار قريبًا إجراء مفاوضات بشأن الاتفاق النووي، وإلا ستواجه عواقب وخيمة.
وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض: "الحوثيون تحت ضغط شديد، وقد تم القضاء على أسوأ عناصرهم".
• تغيير لهجة طهران: ليست كل الطرق مغلقة
منذ الأسبوع الأخير من مارس، قامت السلطات في إيران بتغيير لافت في لهجتها.
وقال كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية ومستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، إن إيران "لم تغلق كل الطرق للمفاوضات"، وأنها مستعدة للمفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة "لتقييم الطرف الآخر، وعرض شروطها واتخاذ القرار المناسب".
من جهة أخرى، فإن وزير الخارجية الإيراني الذي كان قد أعلن سابقًا أن طهران مستعدة للحرب، قال هذه المرة إنه تم تقديم رد النظام الإيراني على رسالة ترامب في 26 مارس "بطريقة مناسبة ومن خلال عمان".
وأضاف عراقجي: "هذا الرد الرسمي يتضمن رسالة تم فيها توضيح وجهات نظرنا بشكل كامل بشأن الوضع الحالي ورسالة السيد ترامب، وقد تم إبلاغ الطرف الآخر بها".
في 28 مارس أيضًا، قال غلام رضا سليماني، رئيس منظمة التعبئة التابعة للحرس الثوري الإيراني، إن رد إيران على رسالة ترامب "تضمن استخدام لغة التهديد الرسمي وكذلك إرسال إشارات استعدادا للمفاوضات المنطقية".
• التصريح الثالث لترامب: قلت لخامنئي إما المفاوضات أو وقوع أحداث "سيئة للغاية"
في 28 مارس، قال ترامب إنه وضع إيران في صدارة القضايا التي يتابعها بعناية، وأشار إلى مضمون رسالته إلى خامنئي، وأضاف: "قلت في الرسالة يجب أن تتخذوا قرارًا؛ إما أن نتحدث ونحل المشكلة من خلال التفاوض، أو ستواجه إيران أحداثًا سيئة للغاية ولا أريد أن يحدث ذلك".
وأكد ترامب رغبته في حل سلمي للتوترات، وقال: "أفضل خيار لي، ليس من موقع القوة أو من موقع الضعف، هو التوصل إلى اتفاق مع إيران. ولكن إذا لم يحدث ذلك، ستواجه إيران عواقب سيئة للغاية".
• مفاوضات غير مباشرة في عُمان
تزامناً مع هذه التصريحات، ذكرت القناة 11 الإسرائيلية نقلاً عن مصادر إسرائيلية أن إيران تجري مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة عبر سلطنة عمان.
وتم تقييم شكل المحادثات في عمان على أنه مشابه للمفاوضات التي أسفرت عن الاتفاق النووي لعام 2015 المعروف بالخطة الشاملة للعمل المشترك.
ومع ذلك، تم التأكيد على أن إسرائيل لم تكن على علم بالمفاوضات التي جرت في ذلك العام، بينما في المحادثات الحالية، تلقت إسرائيل إحاطات مباشرة حول المفاوضات.
• طهران: لن نتفاوض بشأن الجماعات الوكيلة والبرنامج الصاروخي
ذكرت وسائل إعلام عربية في 29 مارس أن طهران أكدت في ردها الرسمي على رسالة ترامب موقفها التقليدي، بما في ذلك عدم التفاوض حول برنامجها الصاروخي أو الجماعات الوكيلة وعدم التفاوض لما هو أبعد من إطار الاتفاق النووي.
ووفقًا للصحيفة، نقلاً عن مصادر إيرانية لم تسمها، فإن طهران "ردت خطوة بخطوة" على رسالة ترامب.
ووفقًا للتقرير، فقد أكدت إيران في ردها على رسالة ترامب على أربعة مواضيع: البرنامج النووي، والقدرات الصاروخية والدفاعية، والعلاقات بين طهران والجماعات شبه العسكرية الإقليمية، والتهديدات الأميركية بفرض المزيد من العقوبات والإجراءات العسكرية.
• التصريح الرابع لترامب: إذا لم يتفقوا.. سيتم قصفهم بطريقة لم يسبق لها مثيل
في 30 مارس، أعلن ترامب في مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز" أنه إذا لم توافق إيران بشأن برنامجها النووي، فسيتم قصفها.
وحذر ترامب مرة أخرى من تطوير البرنامج النووي الإيراني، وقال إنه في حالة الهجوم على إيران، "سيكون القصف بطريقة لم يسبق لهم رؤيتها من قبل".
وأضاف أنه سينظر في خيار "التعريفات الثانوية" أيضًا ضد طهران.
وتشير "التعريفات الثانوية" إلى العقوبات التي تُفرض ليس فقط على الهدف الأساسي للعقوبات، بل على الأطراف الثالثة مثل الشركات والبنوك وحتى الحكومات التي تقوم بالتجارة أو التعاون مع الدولة أو الكيان الخاضع للعقوبات.
• الرئيس الإيراني: خامنئی فتح مسار المفاوضات غير المباشرة
في 31 مارس، قال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكیان إن المرشد ردّ على رسالة ترامب مشيرًا إلى أن مسار المفاوضات "غير المباشرة" مع الولايات المتحدة لا يزال مفتوحًا، وقد تم إرسال هذا الرد عبر سلطنة عمان إلى الوسيط الأميركي.
وأكد بزشكیان قائلاً: "رغم أن موضوع المفاوضات المباشرة بين الطرفين قد تم رفضه في هذا الرد، فقد تمت الإشارة إلى أن مسار المفاوضات غير المباشرة لا يزال مفتوحًا".
واعتبر "نقض العهود" من قبل واشنطن هو السبب وراء تعقيد مسار المفاوضات، وأكد أن الأمر يعتمد الآن على "سلوك الأميركيين"، قائلًا: "هذا هو الذي سيحدد استمرار مسار المفاوضات".
التصريح الرابع لخامنئي: إذا أقدموا على الشر.. فسيتلقون ضربة
في 31 مارس، تحدث خامنئي بعد صلاة عيد الفطر، مستعرضًا التكهنات المتزايدة حول احتمال حدوث هجوم عسكري ضد إيران، وقال إنه لا يتوقع أن تتعرض إيران لأي ضربة "من الخارج".
وأضاف: "يهددون بأنهم سيقومون بفعل شرير. ليس لدينا ثقة كبيرة ولا نتوقع كثيرًا أن يتم تنفيذ أي عمل شرير من الخارج. ولكن إذا تم ذلك، بالتأكيد سيتلقون ضربة مضادة قوية".
• طمأنة الدول العربية لإيران: لن يتم استخدام قواعدنا في الهجوم
في الأول من أبريل (نيسان)، ذكر مراسل شبكة "آي 24" نقلاً عن مصدر أن دولا خليجية أبلغت طهران بشكل سري أنها لن تسمح للولايات المتحدة باستخدام قواعدها الجوية لشن هجوم على إيران.
وسبق أن ذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية القريبة من حزب الله في 21 مارس أن الدول العربية في المنطقة قلقة بشأن احتمال حدوث هجوم أميركي على إيران.
وكتبت "الأخبار" أنه تم خلال اجتماع قادة الدول العربية في الرياض في 23 مارس وكذلك في اجتماع آخر في الدوحة، مناقشة مختلف السيناريوهات المتعلقة باحتمال هجوم أميركي على إيران واستهداف الدول العربية في المنطقة في حال رد انتقامي من إيران.
• جهود الصين وروسيا لتخفيف التوترات: ما دام القطار لم يتحرك.. لا يزال هناك وقت
منذ الأول من أبريل (نيسان) قامت الصين وروسيا بجهود واسعة النطاق لتقليل التوترات. وحذر سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، من أن أي هجوم على البنية التحتية النووية لإيران يمكن أن يؤدي إلى عواقب كارثية على المنطقة بأسرها.
وانتقد "إنذارات ترامب" قائلاً: "نعتبر هذه الأساليب غير مناسبة وندينها".
وشدد ريابكوف على أنه بينما لا يزال الوقت متاحًا و"لم يتحرك القطار بعد"، يجب مضاعفة جهودنا للتوصل إلى اتفاق بناءً على منطق سليم.
وأضاف أن روسيا مستعدة للتعاون بحسن نية مع الولايات المتحدة وإيران والأطراف المهتمة الأخرى.
من جهة أخرى، قال قو جياكونغ، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، مشيرًا إلى التكهنات حول مصير البرنامج النووي الإيراني: "حل قضية إيران النووية ممكن فقط من خلال الطرق السياسية والدبلوماسية ويجب التوصل إلى توافق جديد في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة".
وطالب الولايات المتحدة بإظهار "صدق سياسي" والعودة سريعًا إلى طاولة المفاوضات، لأن "العقوبات والضغوط والتهديد باستخدام القوة" ضد طهران لن تؤتي ثمارها.
كما التقى وانغ يي، وزير الخارجية الصيني، أثناء زيارته لموسكو، مع نظيره الروسي لمناقشة البرنامج النووي الإيراني.
• إعادة نشر حاملة طائرات أخرى إلى الشرق الأوسط
في الأول من أبريل (نيسان)، أعلن البنتاغون أن وزير الدفاع الأميركي قد أصدر أمرًا بنشر المزيد من المعدات والطائرات في الشرق الأوسط بهدف تعزيز الموقف الدفاعي والردع للولايات المتحدة.
ووفقًا لإعلان البنتاغون، يتم هذا الإجراء في إطار سياسة الولايات المتحدة لمواجهة التهديدات التي تشكلها إيران والمجموعات الوكيلة عنها في المنطقة.
وأضاف البنتاغون أنه استجابةً لأوامر ترامب لتحقيق "السلام من خلال القوة"، ستبقى مجموعة حاملة الطائرات "هاري إس ترومان" في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية.
• زيادة عدد قاذفات "B-2"
في الوقت نفسه، ذكرت وكالة الأنباء "رويترز"، نقلاً عن مسؤولين أميركيين لم يرغبوا في الكشف عن هويتهم، أنه منذ حوالي أسبوع تم نقل 6 قاذفات "B-2" إلى القاعدة العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وبريطانيا في جزيرة "دييغو غارسيا" في المحيط الهندي.
وتوجد تقارير أخرى تشير إلى أن عدد هذه القاذفات يصل إلى سبع. ووفقًا لصحيفة "هآرتس"، فإن هذا العدد من قاذفات "B-2" يعادل ثلث الطائرات من نوع "B-2" الموجودة في ترسانة الجيش الأميركي.
جدل داخلي شديد بين كبار المسؤولين في البيت الأبيض
في الثاني من أبريل (نيسان)، ذكر موقع "أكسيوس" الإخباري، أن ترامب تلقى رد طهران على رسالته، ونقل عن مسؤول أميركي قوله إن رسالة ترامب اقترحت إجراء مفاوضات مباشرة حول البرنامج النووي، لكن إيران وافقت فقط على "مفاوضات غير مباشرة بوساطة عمان".
واستنادًا إلى هذا التقرير، هناك جدل حاد داخل البيت الأبيض بين المسؤولين الذين يعتقدون أنه لا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق مع إيران وأولئك الذين يعتبرون المفاوضات عديمة الجدوى، ويدعون إلى شن هجوم على المرافق النووية الإيرانية.
وذكرت "أكسيوس" أيضًا أن واشنطن قامت بدراسة عرض طهران للمفاوضات غير المباشرة.
• إذا لم يقم النظام الإيراني بتفكيك برنامجه النووي.. فسيختفي بحلول سبتمبر
في الثاني من أبريل، كتبت صحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية، نقلاً عن مصادر مقربة من إدارة ترامب، أنه إذا لم يوافق النظام الإيراني على الاتفاق النووي ولم يبدأ في تفكيك برنامجه النووي، فسيواجه نهايته بحلول شهر سبتمبر (أيلول).
وقالت المصادر القريبة من إدارة ترامب: "الخيار العسكري ضد إيران هو خيار واقعي للغاية، وهو مطروح على الطاولة، وزمن اتخاذ القرار يقترب".
• اجتماع مجلس الدفاع الفرنسي النادر بشأن إيران
في 2 أبريل (نيسان)، عقد إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، اجتماعًا خاصًا لمجلس الدفاع الوطني بحضور الوزراء الرئيسيين وخبراء الأمن لمناقشة وضع البرنامج النووي الإيراني والتوترات المتزايدة بين طهران وواشنطن.
ونقلت وكالة الأنباء "رويترز" عن ثلاثة مصادر دبلوماسية أن هذا الاجتماع الاستثنائي جاء ردًا على القلق المتزايد لدى باريس وحلفاء أوروبيين آخرين تجاه احتمال شن هجوم جوي أميركي أو إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية.
ويعد عقد مثل هذا الاجتماع مع التركيز الكامل على قضية واحدة يعد أمرًا نادر الحدوث في الحكومة الفرنسية، مما يعكس عمق القلق الأوروبي بشأن التوترات المتصاعدة.
زيادة بنسبة 50 في المائة في رحلات الشحن الأميركية إلى المنطقة
وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن الجيش الأميركي قد نشر أكبر كمية من المعدات العسكرية في المنطقة الحالية في الشرق الأوسط وبالقرب من إيران منذ بدء الحرب في غزة.
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد رحلات الشحن الأميركية في المنطقة زاد بنسبة 50 في المائة في شهر مارس الحالي.
وقد كتب هذا التقرير بالاعتماد على تحليل بيانات الطيران المفتوحة، موضحًا أن واشنطن قد نقلت مؤخرًا سربًا من الطائرات المقاتلة، وقاذفات شبح، وأنظمة دفاع جوي، وكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر إلى المنطقة.
ووفقًا لبيانات الطيران، فقد هبط ما لا يقل عن 140 طائرة شحن ثقيلة في دول بالمنطقة في شهر مارس الماضي.