الموت البطيء في سجون إيران.. وفاة أحد السجناء بسبب الإهمال الطبي المتعمد

أعلنت منظمة "هانا" لحقوق الإنسان وفاة رضا ملكي، أحد السجناء في سجن قزل حصار، بمدينة كرج، شمال غربي طهران، نتيجة غياب الرعاية الطبية المناسبة والفعالة.

أعلنت منظمة "هانا" لحقوق الإنسان وفاة رضا ملكي، أحد السجناء في سجن قزل حصار، بمدينة كرج، شمال غربي طهران، نتيجة غياب الرعاية الطبية المناسبة والفعالة.
ووفقًا للتقرير، الذي نُشر يوم السبت 24 مايو (أيار)، كان ملكي يعاني مرضًا شديدًا في الكبد، وتوفي يوم الخميس 23 مايو، إثر تدهور حالته الصحية وغياب الرعاية الطبية اللازمة.
وكان رضا ملكي، البالغ من العمر 37 عاما، من سكان مدينة هرسين بمحافظة كرمانشاه، وتم توقيفه قبل نحو عام بتهمة تتعلق بجرائم المخدرات.
وأفادت بعض المصادر بأنه خلال تلك المدة، كان محتجزًا بشكل مؤقت في الوحدة الثانية من الجناح 15 في سجن قزل حصار، دون أي محاكمة أو مراجعة قضائية.
ونقلت منظمة "هانا" عن مصادر مطلعة قولها إن حالته الصحية في الأسابيع الأخيرة من حياته كانت "حرجة للغاية"، وفقد الأطباء الأمل في علاجه، وأكدوا أن استمرار احتجازه قد يودي بحياته.
ورغم ذلك، رفضت السلطات القضائية في إيران ومسؤولو سجن قزل حصار منحه إجازة طبية أو نقله إلى مراكز علاجية خارج السجن، أو حتى الإفراج المشروط عنه ليمضي أيامه الأخيرة مع أسرته.
حرمان السجناء في إيران من الرعاية الطبية
صدرت تقارير عديدة، خلال السنوات الماضية، عن غياب الرعاية الصحية في السجون الإيرانية، خصوصًا فيما يتعلق بالسجناء السياسيين، وتجاهل سلطات السجون حقهم في العلاج المناسب.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش، في بيان، من أن النظام الإيراني لطالما استخدم سياسة الحرمان من العلاج كأداة لـ "معاقبة وإسكات" السجناء، خاصة المعارضين السياسيين.
وقد توفي عدد من السجناء السياسيين، ومنهم الناشط المدني، ساسان نیك نفس، وبهنام محجوبي (من أتباع الطريقة الجَنابية)، والشاعر وصانع الأفلام، وبکتاش آبتین، والمعارض السياسي، جواد روحی، نتيجة الإهمال الطبي، والتعذيب، والضغط النفسي في السجون الإيرانية.
ورغم ذلك، لم تعلن السلطات الإيرانية تحملها أي مسؤولية عن وفاة هؤلاء السجناء.

تجمع عدد من الخبازين في مدن إيرانية عدة احتجاجاً على تردي أوضاعهم المعيشية وارتفاع التكاليف، فيما تحوّل احتجاجهم في مدينة مشهد إلى مواجهات عنيفة بعد تدخل قوات الأمن التابعة للنظام الإيراني.
وقد أظهرت مقاطع فيديو وصلت إلى قناة "إيران إنترناشيونال" قيام الشرطة اليوم السبت، بمهاجمة تجمع الخبازين في مشهد، حيث اعتدت على عدد منهم بالضرب.
كما وثّقت المقاطع اعتداء عناصر الأمن على طفل خلال قمع الاحتجاجات.
وفي وقت سابق، أظهرت مقاطع أخرى استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع، والهراوات، ورذاذ الفلفل ضد الخبازين المحتجين في مشهد.
كما سُمع الخبازون في بعض المقاطع وهم يصرخون في وجه عناصر النظام بعبارة: "عديمو الشرف".
بالإضافة إلى مشهد، شهدت مدن مثل كرمان، شاهين شهر، وأراك صباح السبت أيضاً توقفات عن العمل وتجمعات احتجاجية للخبازين.
أسباب هذه الاحتجاجات تشمل عدم دفع الدعم الحكومي الموعود للخبز، وارتفاع التكاليف، وتدني الدخل، وتجاهل الحكومة لمطالبهم.
وقد رفع المتظاهرون شعارات من قبيل: "تكفي وعود، موائدنا فارغة".
وفي أحد الفيديوهات من مدينة كرمان، خاطب خبازٌ غاضب عناصر الأمن بالقول: "أطلق النار، أطلق علينا الرصاص".
وخلال الشهر الأخير، نظم الخبازون احتجاجات متكررة أمام مباني المحافظات والبلديات في عدة مدن للمطالبة بتحسين أوضاعهم المهنية والمعيشية.
كان أحمد سليماني، رئيس نقابة خبازي سبزوار، قد صرح سابقاً أن الحكومة حددت دعم الخبازين بنسبة 40 في المائة العام الماضي لمنع ارتفاع أسعار الخبز بشكل كبير وتجنب خسائر أكبر للخبازين، لكن منذ الثالث من أبريل لم يتم صرف هذا الدعم.
وقد انتشرت هذه الاحتجاجات في مدن عدة منها: أراك، أصفهان، أهواز، بابلسر، بيرجند، طهران، رشت، رفسنجان، ساري، ساوه، شاهين شهر، شيراز، قم، كرمان، كرمانشاه، كركان، مشهد، ياسوج، ويزد.
وبالتزامن مع هذه التحركات، واصل عدد من سائقي الشاحنات الثقيلة في مختلف المدن الإيرانية إضرابهم لليوم الثالث على التوالي، احتجاجاً على أوضاعهم الاقتصادية والمهنية.
يُذكر أن السنوات الأخيرة شهدت توسعاً في احتجاجات فئات مختلفة من المجتمع الإيراني، في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية وفشل النظام في معالجة معاناة المواطنين.

استجابةً لدعوة "اتحاد نقابات سائقي الشاحنات والسائقين في عموم إيران"، أضرب عدد من سائقي الشاحنات والمركبات الثقيلة في مدن مختلفة من البلاد، لليوم الثالث على التوالي، وتوقفوا عن العمل؛ احتجاجًا على عدم تحقيق مطالبهم النقابية.
وتُظهر الصور، التي وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، أن الكثير من سائقي الشاحنات والمركبات الثقيلة في إيران نفذوا يوم السبت، 24 مايو (أيار)، إضرابًا في مدن مختلفة من البلاد.
وبحسب هذه الصور، فإن سائقي الشاحنات والمركبات الثقيلة في مدن: أردبيل، وأصفهان، وبروجرد، وبندر إمام، وبم، وداراب، وزرند كرمان، وساوه، وسمنان، وشاهين شهر، ومشهد ويزد، توقفوا عن العمل؛ للمطالبة بتحقيق مطالبهم النقابية.
كما أضرب السائقون يوم أمس الجمعة 23 مايو، في عدة مدن، ومنها: أسد آباد همدان، وإسلام آباد غرب، وأصفهان، وبافت كرمان، وبندر عباس، ودرهشهر إيلام، ودزفول، وديواندره، ورومشكان لرستان، وفسا وكازرون.
وأظهرت مشاهد، في مقاطع الفيديو المنشورة من إضرابات يوم الجمعة، العديد من طرق الترانزيت في البلاد، وهي خالية بشكل غير مسبوق من شاحنات البضائع.
كما نُشرت صور لتجمعات منسقة نظّمها عدد من سائقي الشاحنات في مدن متعددة.
وفي هذا السياق أعلن نجل شاه إيران السابق، رضا بهلوي، دعمه لإضراب سائقي الشاحنات، وكتب على منصة "إكس" (تويتر سابقًاً)، يوم الجمعة: "أنتم، كأحد الأعمدة الحيوية للاقتصاد الوطني، من خلال احتجاجكم على ظروف العمل والحياة غير العادلة، تعبّرون عن ألم مشترك لملايين الإيرانيين الذين سُحقوا لسنوات تحت وطأة الظلم، وسوء الإدارة، والفساد".
وفي يوم الخميس، أول أيام هذا الإضراب، توقف السائقون في مدن: أراك، وإيلام، وبندر عباس، وتبريز، وسيرجان، وشيراز وكرمانشاه عن العمل.
وكان "اتحاد نقابات سائقي الشاحنات والسائقين في عموم إيران" قد أعلن سابقاً في بيان له: "لقد أضربنا لأننا نطالب بحقوقنا. ووقفنا جنبًا إلى جنب، لأن اتحادنا هو الشيء الوحيد، الذي يحرّك هذه العجلة لصالحنا. اليوم، من قلب لرستان حتى تراب خوزستان، من موانئ الجنوب إلى طرقات الشمال، الشاحنات صامتة، لكن صوت السائقين يعلو أكثر من أي وقت مضى".
وقال السائقون المحتجون إنهم سيواصلون الإضراب لمدة أسبوع؛ احتجاجًا على تقليص حصة وقود الديزل، وارتفاع تكاليف التأمين، وانخفاض أجور نقل البضائع، وعدم تلبية بقية مطالبهم النقابية.
وقد بدأت الجولة الجديدة من احتجاجات السائقين وسائقي الشاحنات بشكل منسق، منذ يوم الاثنين 19 مايو الجاري، بإضراب عشرات من سائقي الشاحنات في بندر عباس، حيث نفذ المحتجون اعتصامًا عند مداخل ومخارج الميناء.
وأعلن السائقون، في الصور المرسلة إلى "إيران إنترناشيونال"، أنهم سيواصلون الإضراب حتى تحقيق مطالبهم النقابية.
وفي ربيع العام الماضي أيضًا، احتجّ سائقو الشاحنات على طريقة تخصيص حصة وقود الديزل، وعدم تناسب زيادة الأجور مع التكاليف؛ حيث نفذوا إضرابًا في العاصمة طهران، وتوقفوا بشاحناتهم في "أوتوستراد بابايي".

أفادت منظمة العفو الدولية بأن صالح بهرام زهي، الفتى البلوشي البالغ من العمر 16 عامًا، قد تعرض للاختفاء القسري، منذ 13 مايو (أيار) الجاري، عقب اعتقاله على يد عناصر من الحرس الثوري الإيراني في محافظة بلوشستان.
وفي بيان صدر يوم الجمعة 23 مايو، أكدت المنظمة أن السلطات الإيرانية، وبعد تأكيدها اعتقال هذا الفتى مبدئيًا، امتنعت لاحقًا عن تقديم أي معلومات لعائلته حول مكان احتجازه أو مصيره.
وحذّرت "العفو الدولية" من أن اعتقال بهرام زهی جاء بشكل تعسفي، وعلى خلفية "روابطه العائلية"، مما يجعله عرضة "لخطر جسيم من التعذيب وسوء المعاملة".
ودعت المنظمة السلطات الإيرانية إلى الكشف الفوري عن مكان وجود بهرام زهی ووضعه الحالي، وتأمين إطلاق سراحه دون تأخير.
وكان مركز حقوق الإنسان في إيران قد أفاد سابقًا بأن بهرام زهی تم اعتقاله بعنف من قِبل عناصر أمنية إيرانية، بينما كان يلعب مع أصدقائه، حيث عُصبَت عيناه ونُقل إلى صندوق سيارة.
وتقول عائلة بهرام زهی إن السلطات وعدت بالإفراج عنه في 17 مايو الجاري، لكن هذا الوعد لم يُنفّذ، ومنذ ذلك الحين لم يتلقوا أي اتصال منه.
وصالح هو نجل مولوي حبيب الرحمن، أحد علماء الدين السُّنّة المعروفين في المنطقة، وهي عائلة سبق أن تعرّضت لضغوط أمنية وقمع ممنهج.
وقد قُتل شقيقه الأكبر، قاسم بهرام زهی، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 على يد القوات الأمنية، ولم يُسلَّم جثمانه للعائلة، إلا بشرط التزامهم الصمت الإعلامي. كما أن عمه، أيوب بهرام زهی، كان من بين 16 سجينًا من أهل السُّنّة، الذين أُعدموا في عام 2013.
ويعتبر ناشطو حقوق الطفل أن اعتقال بهرام زهی انتهاك واضح للمادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل، التي وقّعت عليها إيران، والتي تنصّ على أن اعتقال الأطفال يجب أن يكون "كملاذ أخير ولأقصر مدة زمنية ممكنة"، مع ضرورة ضمان حقوقهم، كالوصول إلى محامٍ والتواصل مع الأسرة.
وتؤكد عائلة بهرام زهی أن صالح لا يملك أي نشاط سياسي أو أمني، وأن سبب استهدافه الوحيد هو اسم عائلته وخلفية أقاربه.
وطالبت الأسرة بالإفراج الفوري عنه، مع تقديم توضيحات حول أسباب اعتقاله ومكان احتجازه وحالته الصحية.
الاختفاء القسري
يُعرَّف الاختفاء القسري في القانون الدولي على أنه احتجاز أو اختطاف شخص من قِبل موظفين حكوميين أو جهات تابعة للدولة، مع رفض السلطات الاعتراف بالاحتجاز أو الكشف عن مصير أو مكان وجود الشخص.
وفي مثل هذه الحالات، يُحرَم الضحية من حقوقه الأساسية، كالوصول إلى محامٍ أو الاتصال بالعائلة أو اللجوء إلى القضاء، فيما تعيش أسرته في حالة من القلق والغموض.
وبحسب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، يُعدّ هذا الفعل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان وجريمة بموجب القانون الدولي.
ولا يُعرّض الاختفاء القسري حياة وسلامة الضحية للخطر فقط، بل يُلحق كذلك أذى نفسيًا شديدًا بالعائلة، ويُعد انتهاكًا صارخًا للحقوق الإنسانية الأساسية، مع ما يتركه من أثر سلبي دائم على المجتمع بأسره.

حصلت قناة "إيران إنترناشيونال" على معلومات، أفادت بأنه تم إبلاغ الوفد الإيراني المفاوض بتعليمات صارمة تقضي بعدم الدخول في أي نقاش مع الطرف الأميركي، إذا تضمّن المقترح وقف تخصيب اليورانيوم في إيران أو الوصول به إلى الصفر.
وبحسب هذه المعلومات، فإن المقابلة التلفزيونية، التي أجراها وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قبل انطلاق الجولة الخامسة من المفاوضات مع المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، جاءت في هذا السياق بهدف توضيح المواقف الحاسمة لطهران، ووضع الطرف الأمريكي أمام أمر واقع.
وكانت المقابلة قد بُثت يوم الخميس 22 مايو (أيار)، بالتنسيق مع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ولجنة مفاوضات رفع العقوبات، عبر هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية.
ووفقًا للمصادر، فإن هذه المقابلة هدفت إلى إيصال رسالة مباشرة للولايات المتحدة بعدم استعداد إيران للتراجع عن برنامجها في تخصيب اليورانيوم، كما جاءت كمحاولة لتهيئة الرأي العام ووسائل الإعلام داخل البلاد، وتخفيض مستوى التوقعات لدى المواطنين والنخب تحسبًا لاحتمال فشل مفاوضات روما.
ومن بين أهداف هذه المقابلة أيضًا، تحميل الجانب الأميركي مسؤولية فشل المفاوضات، إذا ما حدث ذلك، في أعين الرأي العام المحلي والدولي.
وقد بدأت الجولة الخامسة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في روما، يوم الجمعة 23 مايو، بعد أربع جولات سابقة عُقدت في مسقط وروما.
وتفيد التقارير بأن إصرار المسؤولين الأميركيين على حظر التخصيب داخل إيران، مقابل تمسّك طهران بمواصلة هذا البرنامج، قد وضع المفاوضات على حافة الانهيار.
وفي تقرير لها عن الجولة الخامسة من المفاوضات، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن مسؤولين إيرانيين حذّروا من أن طلب الولايات المتحدة وقف تخصيب اليورانيوم في إيران قد يدفعهم إلى الانسحاب من طاولة المفاوضات.
وفي السياق ذاته، قالت وسائل إعلام أوروبية إن طرح مطالب قصوى من كلا الطرفين، الإيراني والأميركي، مع اقتراب الجولة الخامسة، خفّض التوقعات بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق.
وكان عباس عراقجي قد صرّح قبيل بدء هذه الجولة بأن "وقت اتخاذ القرار قد حان"، مؤكداً أن "التخصيب صفر يعني أنه لا وجود لأي اتفاق".
ومن جهته، كان سفير إسرائيل في واشنطن، ياكوف لايتر، قد صرّح سابقًا لقناة "فوكس نيوز" الأميركية، بأنه "لا ينبغي السماح لطهران بامتلاك إمكانية لتخصيب اليورانيوم"، مضيفًا: "العديد من الدول تمتلك طاقة نووية سلمية، لكنها تستورد الوقود، وتُعيد تصديره، أما التخصيب فيؤدي في النهاية إلى شيء واحد فقط: القنبلة النووية".

حدد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، خطوط طهران الحمراء، قبل الجولة الخامسة من المفاوضات مع واشنطن، وذلك في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الإيراني.
ووفقًا لمصادر مطلعة، فقد جرت هذه المقابلة بتنسيق مع أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ولجنة المفاوضات الخاصة برفع العقوبات، وكان هدفها إيصال رسائل واضحة قبيل الدخول في محادثات حساسة.
وقال عراقجي بوضوح في المقابلة: "إن الطرف الأميركي لا يعترف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، وإذا كان هدفهم إنهاء هذا التخصيب، فلن يكون هناك أي اتفاق".
وأضاف: "إذا كانت الولايات المتحدة تريد إنهاء برنامج تخصيب اليورانيوم في إيران، فلا وجود لاتفاق نووي".
ويبدو أن هذه المقابلة أجريت لتحقيق أهداف محددة، من شأنها التأثير على سير المفاوضات، ويمكن تلخيص أبرز هذه الأهداف في النقاط التالية:
- تهيئة إعلامية وسياسية:
أسلوب حديث عراقجي، والمحاور التي طرحها، يشير إلى أن طهران تحاول ترسيخ روايتها الخاصة في الرأي العام المحلي والدولي. وتُعد هذه الخطوة بمثابة ممارسة ضغط غير مباشر على الطرف الأميركي من أجل قبول مطالب إيران.
- رسالة مباشرة إلى الولايات المتحدة:
يمكن تحليل مقابلة عراقجي في إطار ما يُعرف بـ "الدبلوماسية العامة" أو "التفاوض عبر الإعلام"، والرسالة المباشرة الموجهة إلى واشنطن هي أن إيران لن تتراجع عن حقها في التخصيب، وأن أي محاولة لفرض ذلك تعني نهاية التفاوض.
- توجيه الرأي العام الداخلي:
أفادت مصادر لـ "إيران إنترناشيونال"، في الأيام الأخيرة، بأن أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أصدرت تعميمًا يمنع نشر الأخبار والتحليلات حول المفاوضات من مصادر أجنبية، وقررت أن تكون وزارة الخارجية هي الجهة الوحيدة المخولة بالتواصل الإعلامي.
وتأتي مقابلة عراقجي في هذا السياق لضبط التوقعات العامة، سواء بين المواطنين أو النخب السياسية والإعلامية.
- خفض سقف التوقعات من المفاوضات:
أحد أبرز محاور المقابلة كان الإقرار بحقيقة أن واشنطن تطالب بوقف كامل لأنشطة التخصيب في إيران، وهو موقف أميركي متشدد بات واضحًا في تصريحات المتحدثين باسم البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية. وهذا الموقف يضيّق هامش التفاوض بشدة.
وفي حال استمرار الجمود في هذه المسألة، فإن احتمال فشل المفاوضات يصبح مرتفعًا، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في سوق العملة والذهب والبورصة الإيرانية. وباستخدامه لعبارة مألوفة لدى المسؤولين الإيرانيين: "لقد اعتدنا على العيش تحت العقوبات"، حاول عراقجي تهدئة التوقعات بشأن نتائج مفاوضات روما.
- التمهيد لتحميل الطرف الآخر مسؤولية الفشل:
وفقًا لتقرير صادر عن مجلة "أكسيوس" الأميركية، فقد غيّرت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مؤخرًا تقييمها، وتعتقد الآن أن المفاوضات قد تنهار قريبًا. ويبدو أن طهران أخذت هذا الاحتمال بجدية.
ومن هذه الزاوية، تُعد مقابلة عراقجي "وثيقة تأمين إعلامية" لتثبيت موقف إيران أمام الرأي العام العالمي، وتوفير أساس لتحميل الطرف الأميركي مسؤولية أي فشل محتمل، كما تهدف إلى حماية عراقجي من الانتقادات الداخلية المتوقعة.
أفادت مصادر مقربة من نظام طهران لـ "إيران إنترناشيونال" بأنه لا يوجد حتى الآن "خطة بديلة" واضحة لإدارة الأزمة في حال فشل المفاوضات. ولهذا، يحاول مسؤولو النظام إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، حتى لو لم يتحقق أي تقدم جوهري.
ويُتوقع أن يتضح يوم الجمعة، 23 مايو (أيار)، ما إذا كان الطرفان سيتقدمان نحو اتفاق أم أن العاصمة الإيطالية روما ستكون محطة الوداع للقاءات عراقجي-ويتكوف، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، إما عبر تشديد الضغوط القصوى، أو عبر خيار عسكري محتمل.