مقتل فتاة يعكس عجز النظام الإيراني عن توفير الحد الأدنى من الأمن

استقلت إلهه حسين نجاد، الفتاة التي تبلغ من العمر 24 عامًا، سيارة للعودة إلى منزلها، بعد انتهاء عملها في صالون تجميل بمنطقة سعادت آباد بطهران، في 24 مايو (أيار) 2025. لكنها لم تصل أبدًا. وبعد 11 يومًا، وُجدت جثتها في صحراء قرب طهران.
وكانت ضحية جريمة قتل مروّعة، حيث اعترف القاتل بأنه ارتكب الجريمة بدافع "السلب وسرقة الهاتف المحمول".
لا يمكن- ولا يجب- تصنيف هذه الجريمة ببساطة على أنها "سلب مميت"، بل تمثل هذه المأساة دليلاً موجعًا على انهيار منظومة الأمن العام في إيران، خاصة بالنسبة للنساء.
واقع الشارع
تُظهر إحصاءات الشرطة والمركز الإيراني للإحصاء أن أكثر من 930 ألف حالة سرقة تم تسجيلها في عام 2023، وأن 58 في المائة منها كانت سرقات عنيفة أو بالسلاح؛ أي بزيادة قدرها 41 في المائة، مقارنة بالعام الذي سبقه.
وقد تزامن هذا الارتفاع مع قفزة في معدلات التضخم، وتزايد الفقر، وارتفاع البطالة بين الشباب التي تجاوزت 23 في المائة، وفقًا لتقارير البنك الدولي.
يقول المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية إن 80 في المائة من الجرائم في البلاد تعود لأسباب اقتصادية. ومع ذلك، لم يقدم النظام الإيراني أي برنامج فعّال لإصلاح البنية الاقتصادية، أو لتنفيذ سياسات قائمة على العدالة الاجتماعية، مما عمّق جذور الأزمة.
الشرطة الإيرانية: لا تقاوموا!
تنصح الشرطة المواطنين بـ "عدم مقاومة اللصوص وتقديم حياتهم على ممتلكاتهم"، وهي نصيحة تبدو منطقية في الظاهر، لكن الواقع يشير إلى أن العديد من الضحايا تعرّضوا للضرب أو الطعن حتى دون مقاومة.
الحل لا يكمن في تحميل الضحايا المسؤولية، بل في مساءلة منظومة غير قادرة على الحماية الفعّالة أو الردع الحقيقي.
وفي هذا السياق، تصبح النساء الشابات الهدف الرئيس للعنف والسرقة في الشوارع، ضحايا فراغ أمني واضح، وغياب تام للسياسات الوقائية أو الداعمة. معظم النساء اللاتي تعرضن لمثل هذه الحوادث لا يُعرّفن أنفسهن كـ "ضحايا"، بل أصبحن "مطالبات بالعدالة".
من هي إلهه؟
إلهه حسين نجاد لم تكن ناشطة سياسية، ولا شخصية إعلامية، بل امرأة شابة لها أحلام بسيطة ونبيلة. من خلال منشوراتها على مواقع التواصل يمكن فهم أنها كانت مهتمة بالعدالة، والجمال، والحياة الإنسانية الكريمة.
وفي أحد منشوراتها، اقتبست عبارة للفيلسوف البريطاني براين مَجي تقول: "أريد أن أعيش بطريقة أستمتع فيها بالحياة؛ إذا تحقق النجاح، فهذا رائع. وإن لم يتحقق، فقد عشت حياة طيبة، وهذا كافٍ".
لكن إلهه لم تصل لا إلى النجاح، ولا حتى إلى الحياة.
اللصوص لأول مرة!
جريمة قتل إلهه ليست حادثة فردية فقط، بل انعكاس لعجز النظام عن توفير الحد الأدنى من الأمن للمواطنين.
فعندما تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نصف السارقين هم من مرتكبي السرقة لأول مرة، فهذه ليست فقط جرس إنذار أمني، بل مؤشر على انهيار مجتمعي وأخلاقي ومعيشي شامل. وحين تؤدي سرقة هاتف إلى قتل، ما هو حجم الفجوة بين الأزمة الاقتصادية والكوارث الإنسانية؟
إلهه حسين نجاد كان يمكن أن تكون أي امرأة، أي فتاة، أو أي إنسان آخر في شوارع إيران. وطالما أن نظام الحكم يكتفي بطمس الأعراض دون معالجة الجذور، فإن دائرة العنف ستستمر.
البرنامج والسؤال من قلب المجتمع
تناولت أحدث حلقة من برنامج "مع كامبيز حسيني" بقناة "إيران إنترناشيونال"، هذه الحادثة، وكانت الصحافية مريم دهكردي ضيفة الحلقة؛ حيث شارك المشاهدون من مختلف أنحاء العالم تجاربهم مع السرقة والعنف في شوارع إيران.
وكان سؤال الحلقة: ما تجربتك مع السرقة أو غياب الأمن في شوارع مدينتك؟