البنك الدولي: اقتصاد إيران يواصل الانكماش والنمو قد ينخفض 2 في المائة

توقع البنك الدولي أن ينخفض النمو الاقتصادي لإيران في العام الجاري بحوالي 2 في المائة، وأن يستمر هذا التراجع في العام التالي أيضًا.

توقع البنك الدولي أن ينخفض النمو الاقتصادي لإيران في العام الجاري بحوالي 2 في المائة، وأن يستمر هذا التراجع في العام التالي أيضًا.
وبحسب تقرير جديد للبنك الدولي، نُشر يوم الثلاثاء 7 أكتوبر (تشرين الأول)، يُقدَّر نمو الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة في العام الجاري بمعدل 2.8 في المائة.
وهذا الرقم أعلى من توقع البنك البالغ 2.6 في المائة في تقرير النمو الصادر في أبريل (نيسان) الماضي.
وقال إن هذه الزيادة تعود بشكل أساسي إلى نمو الأنشطة الاقتصادية في دول "مجلس التعاون الخليجي"، الذي تحقق بعد انتهاء التخفيض المبكر في إنتاج النفط وتوسع القطاعات غير النفطية.
وكتب البنك الدولي: "تحسنت أيضًا الآفاق الاقتصادية للدول المستوردة للنفط، ويعود ذلك إلى زيادة الاستهلاك والاستثمار في القطاع الخاص، وكذلك نمو قطاعي الزراعة والسياحة مرة أخرى".
ومع ذلك، حذر البنك من أن الدول النامية المصدرة للنفط ستواجه انخفاضًا كبيرًا في النمو، خاصة بسبب الاضطرابات الناتجة عن الصراعات وانخفاض مستويات إنتاج النفط.
وبحسب هذا التقرير، سيصبح اقتصاد إيران أصغر بنسبة 1.7 في المائة في العام الجاري، وفي العام المقبل سيشهد انخفاضًا إضافيًا بنسبة 2.8 في المائة.
وكان البنك الدولي قد توقع في تقريره الصادر في أبريل (نيسان) أن ينمو اقتصاد إيران بنسبة 0.7 في المائة لعام 2026.
وأرجع البنك سبب هذا التوقع إلى الانخفاض المتزامن في صادرات النفط والأنشطة غير النفطية نتيجة تشديد العقوبات، بما في ذلك إعادة فرض العقوبات الأممية وتبعات الحرب التي استمرت 12 يومًا.
ومع انتهاء المهلة البالغة 30 يومًا التي نص عليها مبدأ "آلية الزناد" في قرار مجلس الأمن، أعيد تطبيق جميع العقوبات السابقة الأممية ضد النظام الإيراني اعتبارًا من الساعة 3:30 فجراً يوم الأحد 28 سبتمبر (أيلول) بتوقيت إيران.
وقد أعلن مسؤولو النظام الإيراني في الأسابيع الماضية عن "رد صارم" على هذه العقوبات، وطرحوا تهديدات مثل الخروج من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وصنع قنبلة نووية.
وأشار البنك الدولي في تقريره إلى أن المنطقة بأسرها لا تزال تعاني من تداعيات الصراعات في سوريا واليمن ولبنان والضفة الغربية وغزة وأفغانستان.
وقد أدت هذه الصراعات إلى أزمات إنسانية، ونزوح واسع النطاق، وتباطؤ اقتصادي شديد.
وأضاف البنك الدولي: "الدول المجاورة أيضًا تتأثر بالآثار السلبية لتداعيات هذه الصراعات، بما في ذلك الاضطرابات الاقتصادية، وموجات اللاجئين، وزيادة حالة انعدام الأمن".
وبشكل عام، توقع البنك الدولي زيادة النمو الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان لعام 2025، لكنه خفض تقديراته للعام المقبل".

ذكرت وكالة "بلومبرغ" أن شركات صينية تقوم بتبادل قطع غيار السيارات مع إيران مقابل معادن مثل النحاس والزنك، في خطوة تُعدّ جزءًا من آلية جديدة بين بكين وطهران للالتفاف على العقوبات الغربية.
وأفادت "بلومبرغ" في تقريرها الصادر يوم الاثنين 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 أن قطع غيار السيارات التي تنتجها شركات في مقاطعة آنهوي الصينية، من بينها شركتا "شيري"Chery) و"تونغلينغ" (Tongling)تُرسل إلى إيران على شكل مجموعات شبه مُجمّعة، وفي المقابل تحصل الصين من إيران على معادن صناعية.
ووفقًا للتقرير، تُعد هذه المبادلة جزءًا من شبكة معقدة تُجرى فيها صفقات تبادل السيارات مقابل المعادن أو حتى منتجات زراعية مثل الكاجو، بهدف تجاوز القيود الناتجة عن العقوبات الأميركية.
وأضاف التقرير أن شركة السيارات الصينية "شيري" لا تتعامل مباشرة مع إيران، بل تبيع القطع والتكنولوجيا لشركة أخرى داخل مقاطعة آنهوي، وهذه الأخيرة تتولى إرسال السيارات شبه المُجمّعة إلى إيران.
ونقل التقرير عن مصادر مطلعة أن العقوبات الأميركية والأوروبية على إيران تشمل الأفراد والشركات الإيرانية وكذلك من يتعاملون بـ"عملتي الدولار أو اليورو"، ولذلك يمكن للشركات الصينية مواصلة التجارة مع إيران طالما كانت مبادلاتها تتم بالريال الإيراني أو باليوان الصيني، دون أن تُعدّ مخالفة للعقوبات.
وأشار التقرير إلى أن التجارة مع إيران لا تزال قانونية بموجب القوانين الصينية.
وقالت وزارة الخارجية الصينية لـ"بلومبرغ" إنها "ليست على علم بهذه التجارة" لكنها شددت على أن "بكين تعارض من حيث المبدأ العقوبات الأحادية غير القانونية".
وأضافت الوزارة: "إن التعاون العادي بين الدول وإيران في إطار القانون الدولي هو تعاون معقول وعادل وقانوني، ويجب احترامه وحمايته".
وامتنع ممثلو شركتي "شيري" و"تونغلينغ" عن الرد على طلبات "بلومبرغ" للتعليق على التقرير.
وذكرت "شيري" في تقرير طرح أسهمها للاكتتاب في هونغ كونغ أنها ستُنهي تعاونها مع إيران وكوبا بحلول نهاية عام 2024، وتخطط لتقليص أنشطتها في روسيا إلى الحد الأدنى بحلول عام 2027.
انتقادات في إيران تجاه السيارات الصينية
تأتي واردات السيارات الصينية إلى إيران في وقت واجهت فيه هذه الخطوة انتقادات من بعض النواب والمسؤولين النقابيين.
ففي يوليو (تموز) 2023، انتقد لطف الله سياه كلي، النائب السابق في البرلمان الإيراني، الأسعار المرتفعة للسيارات الصينية في البلاد، قائلاً: "السيارات الصينية التي تُعرض في إيران تتراوح قيمتها الحقيقية بين 300 و350 مليون تومان، لكنها تُستورد بسعر 750 إلى 800 مليون تومان، ونبيعها في السوق بثلاثة مليارات تومان".
كما انتقدت نقابة عمال صناعة السيارات عقدًا سريًا أبرمته بلدية طهران لشراء حافلات صينية.
وسبق أن انتقد مهدي دادفر، الأمين العام لجمعية مستوردي السيارات، حظر استيراد السيارات وهيمنة السيارات والقطع الصينية على السوق، قائلاً: "لقد بذلوا جهدًا كبيرًا لمنع استيراد العلامات التجارية العالمية، وحوّلونا إلى واحدة من محافظات الصين. هذا الكمّ من السيارات الصينية لا تراه حتى في معارض الصين نفسها".
كما وجّه كمال هاديانفر، رئيس شرطة المرور الإيرانية، انتقادًا إلى شركات صناعة السيارات الإيرانية لاستخدامها قطعًا أجنبية، قائلاً: "ليأتِ أحد ويسأل شركات صناعة السيارات: لماذا تستوردون القطع من الصين؟".

ذكرت وسائل إعلام في إيران أن محكمة الاستئناف في بريطانيا رفضت الطلب، الذي تقدمت به شركة النفط الوطنية الإيرانية لمنع نقل ملكية مبنى فاخر وباهظ الثمن تابع لها في وسط لندن، لتسديد حكم التحكيم القاضي بدفع 2.4 مليار دولار لصالح شركة "كريسنت بتروليوم" الإماراتية.
وبحسب هذه التقارير الإعلامية، فإن محكمة الاستئناف في بريطانيا "أكدت الحكم السابق الذي قضى بأن هذا المبنى نُقل بطريقة غير قانونية إلى صندوق ائتماني بهدف إبعاده عن متناول الدائنين".
وحتى الآن، استطاعت شركة "كريسنت بتروليوم" الإماراتية تحصيل جزء من تعويضات عقدها مع إيران عبر المحاكم الأجنبية.
وكانت محكمة في بريطانيا قد أصدرت حكمًا، في 18 أبريل (نيسان) 2024، بمصادرة مبنى مملوك لشركة النفط الوطنية الإيرانية في وسط لندن بقيمة 100 مليون جنيه إسترليني (125 مليون دولار).
ويُعرف هذا المبنى باسم "بيت شركة النفط الوطنية الإيرانية" (NIOC House)، ويقع بالقرب من البرلمان البريطاني وكنيسة وستمنستر، وكان في ملكية طهران منذ 50 عامًا.
وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن شركة "كريسنت" قالت إن نقل ملكية هذا المبنى تم بهدف منع وصول الدائنين إليه، ولذلك تقدمت بشكوى إلى المحكمة.
وبحسب هذه التقارير، فإن المحكمة الابتدائية أصدرت حكمًا لصالح "كريسنت بتروليوم" يقضي بإلغاء عملية نقل الملكية، فيما أيدت محكمة الاستئناف في 30 سبتمبر (أيلول) الحكم السابق، رافضةً اعتراض شركة النفط الوطنية الإيرانية، ومؤكدةً قرار مصادرة مبنى "بيت شركة النفط الوطنية الإيرانية".
ويُعد عقد "كريسنت" من أكثر الملفات السياسية والجدلية في قطاع النفط والغاز الإيراني. فقد تم توقيع هذا العقد عام 2002 في عهد وزير النفط بيجن نامدار زنغنه، خلال حكومة الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، لبيع 500 مليون قدم مكعب يوميًا من "الغاز الحامض" من حقل سلمان النفطي إلى شركة "كريسنت بتروليوم".
ولكن في إحدى القضايا المتعلقة بالعقد، حُكم على إيران بدفع تعويض قدره 607 ملايين دولار للشركة الإماراتية؛ بسبب إخلالها ببنود الاتفاق.
مصادرة ممتلكات شركة النفط الوطنية الإيرانية في أوروبا
كانت شركة النفط الوطنية الإيرانية تمتلك مكاتب في خمس دول، هي: بريطانيا، والصين، وسنغافورة، وهولندا، والهند.
وبعد مصادرة مكاتب لندن وروتردام، لم يعد لدى الشركة أي مكاتب في أوروبا.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، قد ذكر في فبراير (شباط) الماضي، أن التقارير عن مصادرة مبنى آخر تابع لشركة النفط الوطنية الإيرانية في روتردام "غير دقيقة"، دون أن يوضح ما الذي جرى للمبنى.
وبحسب التقارير المنشورة، ورغم اعتراض شركة النفط الوطنية الإيرانية، فقد تم تأكيد نقل ملكية مبنى الشركة في روتردام بهولندا مقابل ديونها البالغة 2.6 مليار دولار لصالح شركة "كريسنت" الإماراتية، وأصبح المبنى مملوكًا رسميًا لشركة "هوفل" (Heuvel).
وكان هذا المبنى قد تم تجميده بموجب حكم تحكيم دولي، وتمت مصادرته عبر مزاد علني في 20 أبريل 2023 لصالح الشركة المذكورة.
وذكرت صحيفة "شرق" الإيرانية أن شركة النفط الوطنية الإيرانية كانت قد طلبت من محكمة هولندية إلغاء مزاد أبريل 2023 وإعادة ملكية المبنى، مبررةً ذلك بأن المبنى مملوك لشركة حكومية، وبموجب القوانين الدولية يجب أن تكون الممتلكات الحكومية محصّنة من المصادرة أو البيع.
ولكن الشركة، التي اشترت المبنى، ردّت بأنها اقتنته من خلال مزاد قانوني، وأنها تُعدّ المالك الرسمي له.
وفي النهاية، رفضت المحكمة جميع طلبات شركة النفط الوطنية الإيرانية، بما في ذلك استعادة المبنى.
وذكرت صحيفة "إيران" الحكومية أن سبب مصادرة المبنى يعود إلى المطالبات الناجمة عن إلغاء عقد شركة "كريسنت" الإماراتية، ووصفت الخسائر بأنها نتيجة تلاعب الجهات النافذة من وراء الستار بسبب إلغاء العقد.

جعلت العقوبات الأميركية المفروضة على طهران دفع ثمن النفط الإيراني شبه مستحيل، غير أن الصين، وهي المشتري الرئيس له، وجدت في اتفاق سري ومعقّد وسيلة للالتفاف على تلك العقوبات. وقد كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تقرير لها، طريقة دفع بكين ثمن النفط الإيراني.
وذكرت الصحيفة الأميركية، نقلاً عن مسؤولين حاليين وسابقين في عدة دول غربية، بينها الولايات المتحدة، أن النظام القائم بين طهران وبكين، والذي يشبه نظام المقايضة، يعمل على النحو الآتي: "تقوم إيران بإرسال نفطها إلى الصين، وفي المقابل تتولى شركات صينية مدعومة من الحكومة تنفيذ مشاريع بنى تحتية تحتاجها طهران".
وبحسب هؤلاء المسؤولين، فإن شركة تأمين حكومية صينية تصف نفسها بأنها أكبر وكالة ائتمان تصديري في العالم، إلى جانب مؤسسة مالية صينية غامضة، لدرجة أن اسمها لا يرد في أي قائمة علنية للبنوك أو الشركات المالية الصينية، تكملان هذه الحلقة.
وكتبت "وول ستريت جورنال" أن هذا الاتفاق، عبر التفافه على النظام المصرفي الدولي، وفر طوق نجاة للاقتصاد الإيراني، الذي أنهكته العقوبات.
وقال بعض المسؤولين إن ما يصل إلى 8.4 مليار دولار من المدفوعات النفطية، تم تسديدها العام الماضي عبر هذه القناة المالية، مما موّل أنشطة الشركات الصينية في مشاريع بنى تحتية كبرى داخل إيران.
ووفق تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فقد بلغت صادرات إيران العام الماضي 43 مليار دولار، معظمها من النفط الخام. ويقدّر المسؤولون الغربيون أن نحو 90 في المائة من هذه الصادرات تذهب إلى الصين.
ومنذ عام 2018، عندما انسحب دونالد ترامب من الاتفاق النووي، في ولايته الأولى، وأعاد فرض العقوبات الأميركية على طهران، أصبحت الصين المشتري الرئيس للنفط الإيراني.
وعندما عاد ترامب إلى السلطة في بداية هذا العام، أمر بتطبيق سياسة "الضغط الأقصى" لإجبار طهران على تقييد برنامجها النووي ووقف دعمها للميليشيات المتحالفة معها، وكان الهدف من هذه السياسة تصفير صادرات النفط الإيراني.
ومنذ ذلك الحين، فرضت واشنطن عقوبات على أفراد وكيانات صينية، لكن صادرات النفط الإيراني إلى الصين استمرت إلى حد كبير دون تراجع.
كيف يعمل نظام الالتفاف على العقوبات بين إيران والصين؟
بحسب تقرير "وول ستريت جورنال"، فإن النظام، الذي يتم بموجبه مبادلة النفط الخام الإيراني بمشاريع بنى تحتية في إيران يعتمد على طرفين رئيسين، وهما: شركة "سايناشور" (Sinosure)، وهي شركة التأمين الائتماني للتصدير التابعة للحكومة الصينية، وآلية تمويل مقرها الصين يُشار إليها من قِبل المسؤولين باسم "تشوشين" (Chuxin).
وقال بعض المسؤولين للصحيفة إن شركة خاضعة لسيطرة إيران تسجل بيع النفط إلى مشترٍ صيني تديره الشركة الحكومية "تشوهاي جنرونغ"، المدرجة على قائمة العقوبات الأميركية.
وأضاف المسؤولون أن المشتري الصيني يودع في المقابل مئات ملايين الدولارات شهريًا في آلية التمويل "تشوشين". ثم تقوم هذه الآلية بتحويل الأموال إلى المقاولين الصينيين العاملين في مشاريع هندسية داخل إيران، والممولة من "سايناشور" والمؤمّن عليها من قِبلها. في الواقع، تعمل "سايناشور" كحلقة وصل تبقي المشاريع مترابطة.
وأضافت "وول ستريت جورنال" أن اسم "تشوشين" غير مدرج بين نحو 4300 مؤسسة مصرفية مسجلة لدى الهيئة العليا المشرفة على القطاع المصرفي في الصين، ولا يظهر في القوائم الرسمية للشركات المالية المتاحة للعامة.
ووفق الحكومة الأميركية وخبراء صناعة النفط، فإن النفط الخام الإيراني الذي يُصدّر إلى الصين يسلك مسارًا غير مباشر لإخفاء مصدره، يشمل عمليات نقل من سفينة إلى أخرى وخلط النفط مع نفط من دول أخرى.
ما هي "سايناشور"؟
"سايناشور"، التي كان اسمها الرسمي "شركة تأمين الصادرات والائتمان الصينية"، هي أداة مالية تابعة للحكومة المركزية الصينية تدعم أولويات التنمية الدولية لبكين، وهي ذات أهمية خاصة في منطقة حساسة سياسيًا، مثل إيران.
ووفق بيانات الشركة، فقد دعمت، حتى نهاية العام الماضي، أنشطة تجارية واستثمارية حول العالم، بأكثر من 9 تريليونات دولار.
وفي إيران، عادة ما تكون مشاريع البنى التحتية الصينية مشاريع ضخمة حكومية، تشمل مطارات ومصافي نفط ومشاريع نقل، ويديرها أكبر البنوك والمجموعات الهندسية المملوكة للحكومة في الصين.
وبحسب تقرير "إيد داتا" (AidData)، وهو مختبر بحثي في ولاية فيرجينيا الأميركية، فقد قدمت الصين بين عامي 2000 و2023 أكثر من 25 مليار دولار في شكل التزامات مالية لبناء مشاريع بنى تحتية في إيران.
وكانت "سايناشور" طرفًا مباشرًا في 16 من أصل 54 عقدًا موثقًا.
ووفق "وول ستريت جورنال"، فإن واشنطن، التي فرضت عقوبات محددة على شركات صينية، لم تدرج الشركات العاملة في مشاريع مدنية بإيران ضمن قائمتها السوداء، كما لم يُستهدف أي من البنوك الصينية الكبرى بالعقوبات الأميركية.
ولم يُعثر على أي وثائق عامة تربط مباشرة "سايناشور" باتفاق "النفط مقابل البناء" في إيران.
ما موقف طهران وبكين من التقرير؟
قالت وزارة الخارجية الصينية، ردًا على أسئلة "وول ستريت جورنال"، إنها لا علم لها بهذا الاتفاق، مؤكدة معارضتها "للعقوبات الأحادية غير القانونية"، وأن القوانين الدولية تسمح بـ "التعاون الطبيعي" بين الدول.
أما شركتا "تشوهاي جنرونغ" و"سايناشور" فلم تردا على طلبات الصحيفة للتعليق على الاتفاق. كذلك لم يعلّق ممثلو إيران في الأمم المتحدة على آلية الدفع أو شراء الصين للنفط الإيراني.
وقال المدير التنفيذي لـ "إيد داتا"، براد باركس، للصحيفة الأميركية: "إن الإطار الذي تستخدمه الصين لتنفيذ مشاريع بنى تحتية في إيران ربما يعكس اتفاق (سايناشور) المبرم مع العراق، والذي يمتد لعشرين عامًا، ويدعم بموجبه قروضًا صينية لمشاريع مقابل النفط".
وأضاف: "ينبغي أن يخضع كل دائن ومقاول بناء لهذا المظلة".
وكذلك لدى طهران وبكين "اتفاقية التعاون التجاري والاستراتيجي لمدة 25 عامًا"، التي وُقّعت رسميًا في مارس (آذار) 2021 من قِبل وزيري خارجية البلدين.
ومنذ ذلك الحين، لم تُكشف سوى تفاصيل محدودة عن مضمون الاتفاقية والتزامات كل طرف.
وينتقد معارضو الاتفاقية ما يعتبرونه تنازلات مفرطة، مقارنين إياه بـ "معاهدة تركمانجاي"، ويعتبرونها مخالفة لبعض بنود الدستور الإيراني.
وقد تزايدت المشاريع الصينية في إيران منذ توقيع هذه الاتفاقية، وهي مشاريع حيوية للنظام الإيراني، الذي يكافح للحفاظ على الخدمات الأساسية، مثل توفير الماء والكهرباء.
وبحسب تقييم "وول ستريت جورنال"، فإن إيران تستطيع كذلك استعادة جزء من عائدات مبيعات نفطها عبر شراء السلع مباشرة من الصين، فيما يقول المسؤولون الأميركيون إن النظام الإيراني يمكنه أيضًا إعادة جزء من هذه العائدات لاستخدامها داخل المنطقة.
ولم تُدرج "سايناشور" ولا "تشوشين" ضمن الكيانات الخاضعة للعقوبات الأميركية، ورفضت وزارة الخزانة الأميركية التعليق على تفاصيل أنشطة هاتين المؤسستين الصينيتين.

وصفت وكالة "مهر" الإخبارية أزمة الغاز في إيران بأنها "مشكلة هيكلية ومزمنة"، مشيرة إلى أن هذه الأزمة تتسبب في خسائر "صامتة" بمليارات الدولارات لصناعة البتروكيماويات خلال فصل الشتاء.
وأفادت الوكالة، يوم الاثنين 6 أكتوبر (تشرين الأول)، بأن العجز اليومي في الغاز داخل البلاد خلال شتاء العام الماضي تجاوز 300 مليون متر مكعب، فيما تُظهر التقديرات أن هذا الرقم قد يرتفع إلى 600 مليون متر مكعب بحلول عام 2031.
ويأتي ذلك في حين أن العجز اليومي في الغاز عام 2020 كان نحو 155 مليون متر مكعب، وبلغ عام 2022 نحو 174 مليون متر مكعب.
وأضافت "مهر" أن "الشتاء في إيران يعني تفاقم الأزمة الهيكلية في قطاع الطاقة.. ففي هذه الفترة يؤدي ازدياد الاستهلاك المنزلي إلى انخفاض حاد في حصة الصناعات ومحطات الطاقة من الغاز، مما يضع دورة الإنتاج الوطني تحت ضغط شديد".
وبحسب التقرير، فإن صناعة البتروكيماويات، التي تدرّ أكثر من 15 مليار دولار سنويًا من العملة الصعبة، تُعد إحدى ركائز الصادرات غير النفطية لإيران، غير أنها تواجه في كل شتاء "قيودًا وانقطاعًا في إمدادات الغاز"، وهو ما يؤثر سلبًا على الإنتاج والصادرات وفرص العمل على المستوى الوطني.
تراجع القدرة التشغيلية بعد انخفاض إنتاج صناعة البتروكيماويات
ذكر تقرير وكالة "مهر" أن "اختلال توازن الغاز بالنسبة لصناعة البتروكيماويات لا يعني فقط تراجع الصادرات، فعندما تُقيّد إمدادات الغاز، ينخفض الإنتاج المحلي أيضًا. وهذا التراجع في الإنتاج يعني انخفاض القدرة التشغيلية المباشرة في مجمعات البتروكيماويات وتضرر الصناعات التحويلية التابعة لها. فكل توقف أو خفض في الطاقة الإنتاجية يخلق موجة من البطالة والركود في المناطق الصناعية".
وأظهر تقرير وزارة الصناعة والتعدين والتجارة أن القيود على الطاقة عام 2024 وجهت ضربة قاسية للقطاع الصناعي؛ حيث تجاوزت الخسائر المباشرة 130 ألف مليار تومان.
وفي هذا السياق، تكبدت صناعة البتروكيماويات قسطًا كبيرًا من هذه الخسائر، إذ تُشير التقديرات الفنية إلى أن خفض إمدادات الغاز خلال الشتاء الماضي ألحق بهذا القطاع خسائر مباشرة تُقدر بنحو ملياري دولار.
وأضافت "مهر": "الخسائر ليست مجرد أرقام، فالأخطر هو تضرر سمعة إيران كمورّد موثوق. الأسواق العالمية بحاجة إلى الاستقرار، وكل مرة تعجز فيها إيران عن تنفيذ التزاماتها التصديرية، تخسر جزءًا من أسواقها لصالح المنافسين".
وبحسب التقرير، فلم تنفذ إيران في عام 2021 سوى 42 في المائة من التزاماتها في تصدير الغاز إلى تركيا والعراق، وهو أداء تسبب، إلى جانب الخسائر المالية، في إضعاف موقع البلاد الجيوسياسي في المنطقة.
وتأتي أزمة الطاقة هذه في وقت تؤثر فيه بشدة على حياة المواطنين وتُعطل نشاط الصناعات، رغم أن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم.
وخلال صيف هذا العام، تسبب الانقطاع الواسع للتيار الكهربائي في ضغط شديد على الصناعات، وأدى إلى تبعات خطيرة على الإنتاج، وزاد من المخاوف بشأن بطالة العمال.
وكان ناشطون صناعيون قد حذروا، في أغسطس (آب) الماضي، من أن الانقطاعات الواسعة للكهرباء في البلاد ستؤدي إلى تراجع إنتاج الفولاذ بنسبة 33 في المائة هذا العام.
وفي ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية المتزايد وتشديد العقوبات، يبدو أن أزمة الغاز والكهرباء ستستمر في المستقبل القريب.
وكان رئيس مجلس تنسيق المدن الصناعية في إيران قد قدّر سابقًا الخسائر اليومية الناجمة عن انقطاع الكهرباء في المدن الصناعية بما بين 5 و10 آلاف مليار تومان.

صوّت نواب البرلمان الإيراني، يوم الأحد 5 أكتوبر (تشرين الأول)، على مشروع تعديل قانون "النقد والبنك"، الذي ينصّ على حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية.
كما أُلزم البنك المركزي بتوفير الترتيبات التنفيذية اللازمة لبدء الفترة الانتقالية خلال عامين من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ.
ويأتي هذا القرار في وقت تُعدّ فيه العملة الرسمية "الريال الإيراني" حاليًا من بين أقلّ العملات قيمة في العالم.
وقد بدأ تراجع قيمة الريال (10 ريالات تعادل تومان واحدًا) منذ قيام ثورة 1979، وتفاقم مع اندلاع الحرب الإيرانية- العراقية، ثم لاحقًا بفعل العقوبات الاقتصادية المرتبطة بالأنشطة النووية للنظام الإيراني.
وإلى جانب إيران، تُعرف عملات كلٍّ من عُمان والسعودية وقطر واليمن أيضًا باسم "الريال". وفي السنوات الأولى بعد ثورة عام 1979، كان الريال الإيراني ثاني أقوى ريال بعد الريال العُماني.
وفي وقت سابق، أشار عدد من الخبراء الاقتصاديين في إيران إلى أن تجارب الدول التي نجحت في حذف الأصفار تُظهر أن تحقيق نتائج فعّالة يتطلب أولاً السيطرة على التضخم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
الحلم القديم للإصلاحيين في النظام الإيراني
سعى المديرون الاقتصاديون في النظام الإيراني، ومعظمُهم من التيار الإصلاحي (باستثناء غلام رضا مصباحي مقدم)، منذ سنواتٍ إلى تحقيق حلمهم بحذف الأصفار من العُملة الوطنية وتغيير اسمها.
وطُرح موضوع تغيير الوحدة النقدية، وحذف الأصفار لأول مرة، خلال حكومة الرئيس الإيراني الأسبق، هاشمي رفسنجاني، عام 1993. في ذلك الوقت، كان المديرون الاقتصاديون في الحكومة يدركون جيدًا أن التغييرات الاقتصادية، التي كان هاشمي يسعى إلى تطبيقها، ستُحدث اضطرابًا في اقتصاد البلاد، وهي تغييرات بلغت ذروتها التاريخية في معدّل التضخم عام 1995. ومع ذلك، بقيت فكرة عام 1993 معلّقة.
وخلال عقد التسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي، طُرح موضوع تغيير اسم الوحدة النقدية الرسمية، وحذف الأصفار مرارًا في الخطابات ووسائل الإعلام. وفي عهد الرئيس الأسبق أيضًا، محمود أحمدي نجاد، ومع تدفّق العائدات النفطية الهائلة، ظل الموضوع مهملاً.
وأجرى البنك المركزي الإيراني عام 2007 دراسات حول المسألة. ومع حلول عامي 2009 و2010، حين بلغ التضخم في البلاد ذروته من جديد، خاصة بعد الموجة الجديدة من العقوبات، عاد النقاش حول تغيير اسم العملة الرسمية وحذف الأصفار منها. غير أن البنك المركزي لم يتخذ أي إجراء عملي عام 2010.
وبعد انسحاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي، في فترة ولايته الأولى، بدأ التضخم، الذي كان قد انخفض إلى خانة الآحاد في الولاية الأولى لحسن روحاني، بالارتفاع مجددًا.
وفي أغسطس (آب) 2019، أعدّت حكومة روحاني مشروع القانون، الذي صادق عليه البرلمان الإيراني لاحقًا، وكان ذلك أول إجراء عملي في هذا المجال. وبعد عدة أشهر، وتحديدًا في مايو (أيار) 2020، صوّت البرلمان لمصلحة مشروع حكومة روحاني، لكن مصادقة البرلمان قوبلت برفض من مجلس صيانة الدستور.
ومع بداية حكومة الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، تراجع الموضوع مجددًا إلى الهامش، إلى أن تولّت حكومة مسعود بزشکیان السلطة، في نهاية يوليو (تموز) 2024، بعد مصرع رئيسي، في حادث تحطم طائرته، فأعادت إحياء الملف في يناير (كانون الثاني) 2025.
حذف الأصفار.. مؤشر انهيار الاقتصاد
على مرّ التاريخ، كان حذف الأصفار من العُملة الوطنية محاولة فاشلة في الغالب للتقليل من تبعات الأزمات الاقتصادية. فبعد نحو عشرين عامًا من الأزمات التضخمية في الثمانينيات والتسعينيات، شهدت الليرة التركية انخفاضًا حادًا في قيمتها، ما دفع البلاد عام 2005 إلى حذف ستة أصفار من عُملتها الرسمية.
ورغم وجود بعض التجارب الناجحة القليلة، فإن حذف الأصفار في الدول النامية لم يُحدث عادةً تغييرًا ملموسًا في الواقع الاقتصادي. فإزالة الأصفار من العُملة الرسمية في الأرجنتين ورومانيا ويوغوسلافيا، وأشهرها في زيمبابوي، لم تُحسّن أوضاع هذه الدول الاقتصادية.
وفي زيمبابوي، أُزيلت الأصفار أربع مرات خلال ثلاث سنوات، ليُحذف في المجموع 25 صفرًا من عملتها، لكن حتى حذف 25 صفرًا لم يُعِد اقتصاد البلاد إلى مساره الطبيعي.
إن تغيير الوحدة النقدية الرسمية وحذف الأصفار، سواء أكان مؤثرًا أو غير مؤثر، يترتب عليه تكاليف باهظة أيضًا. فمع انخفاض قيمة الريال، أصبحت طباعة الأوراق النقدية وسكّ العملات المعدنية في إيران الحالية تُكلّف البنك المركزي مبالغ كبيرة سنويًا.
كما أن ضعف جودة الأوراق النقدية الحالية يجعل من الضروري تخصيص ميزانيات سنوية جديدة لإتلاف الأوراق التالفة وطباعة أوراق جديدة. وقد أسهمت طباعة الأوراق النقدية الكبيرة والشيكات النقدية إلى حدّ ما في تقليل هذه التكاليف، غير أن فترة التداول المتوازي لمدة عامين ستزيدها مجددًا.
وفي يناير الماضي، ومع اشتداد النقاش حول حذف الأصفار، انتقد المحافظ الأسبق للبنك المركزي الإيراني، طهماسب مظاهري، تنفيذ هذا المشروع، قائلاً: "مع معدّلات التضخم المرتفعة الحالية، فإن حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية غير مجدٍ، ويجب حذف ستة أصفار على الأقل".
وأضاف: "إذا قررت الحكومة عدم طباعة أوراق نقدية كبيرة، فستنخفض قيمة الأوراق المتداولة إلى درجة قد لا توازي حتى تكلفة طباعتها".