وفي بيان صدر عن الجامعة البهائية العالمية يوم الأربعاء 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2025، ذكرت أن "القضاء في أصفهان يقف في الخطوط الأمامية لعمليات مصادرة أملاك البهائيين"، مضيفةً: "ثلاثة من القضاة في محافظة أصفهان أصدروا أحكاماً بمصادرة ممتلكات وأموال عدد من المواطنين البهائيين، في خطوة قد تؤدي إلى خسارة قريبة وكارثية لمصادر رزقهم، بما في ذلك بستان فستق".
وقالت سيمين فهندج، ممثلة الجامعة البهائية العالمية لدى الأمم المتحدة في جنيف: "منع البهائيين من كسب الرزق والاستيلاء على موارد دخلهم التي حصلوا عليها بعد عقود من العمل الجاد، لمجرد معتقداتهم الدينية، يعني ببساطة ارتكاب سرقة منظمة برعاية حكومية".
وأضافت فهندج: "حين تسمح الحكومة لنفسها بأن تصادر بشكل غير قانوني سبل العيش فقط بسبب المعتقدات الدينية، فإنها في الواقع تمارس عملية نهب مقنّنة".
وأكدت أن هذه الإجراءات، في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها جميع الإيرانيين، تمثل محاولة منهجية لإفقار المجتمع البهائي عمداً وحرمانه حتى من أبسط مقومات الحياة.
وأفادت تقارير بأن عدداً من البهائيين في أصفهان تلقوا رسائل نصية تفيد بمصادرة منازلهم، في وقت اشتدت فيه ضغوط النظام الإيراني على البهائيين خلال الأشهر الأخيرة.
وفي بيان سابق صدر في 23 سبتمبر (أيلول) 2025، كانت الجامعة البهائية العالمية قد أشارت إلى وعود الرئيس الإيراني مسعود بزشکیان باحترام حقوق جميع الأقليات القومية والدينية، لكنها أكدت أن البهائيين ما زالوا هدفاً للاضطهاد في إيران.
وأضاف البيان أن الاستناد إلى المادة 49 من الدستور الإيراني، التي تمنح الحكومة الحق في مصادرة الممتلكات "المكتسبة بطرق غير مشروعة"، يُستخدم بصورة تعسفية ضد البهائيين لمصادرة ممتلكاتهم القانونية والمنتجة دون أي دليل أو إجراءات قضائية، واصفاً ذلك بأنه "تحريف واضح للقانون".
وفي تقرير سابق في أغسطس (آب) 2025، كشفت الجامعة البهائية أن أكثر من 20 بهائياً آخر في أصفهان يواجهون الخطر نفسه بمصادرة جميع ممتلكاتهم.
وأوضح البيان أن هذه الأحكام تصدر من محكمة ثورية خاصة تخضع لـهيئة تنفيذ أوامر الإمام، وهي مؤسسة تابعة مباشرة لمكتب المرشد علي خامنئي، والتي تتولى مصادرة الممتلكات "غير المشروعة" وتحويلها إلى الدولة أو إلى مكتب المرشد نفسه في حال لم يتم تحديد مالكها.
وأشار البيان إلى أن أوامر المصادرة الأخيرة صدرت عن القاضي مرتضى براتي، قاضي المحكمة الثورية في أصفهان، الذي فرض عليه الاتحاد الأوروبي عقوبات بسبب دوره في انتهاكات حقوق الإنسان.
وذكرت الجامعة البهائية أن براتي سبق أن هدد بمصادرة جميع ممتلكات البهائيين في أصفهان قائلاً: "سندمر حياتكم".
وأضاف البيان أن قاضياً آخر يُدعى مهدي باقري متورط أيضاً في هذه القضايا، حيث منع على مدى أشهر عدداً من البهائيين من الوصول إلى رئيس السلطة القضائية في أصفهان، ما حال دون تقديم طلبات الاستئناف الخاصة بهم.
وذكرت الجامعة أن تصريحات باقري، الذي وصف البهائيين بأنهم "أتباع فرقة ضالة تابعة لبريطانيا والصهيونية"، هي "أقوال باطلة ومليئة بالكراهية" تكرر الخطاب الرسمي للنظام الإيراني منذ عقود.
كما أشار البيان إلى أن أسدالله جعفري، رئيس السلطة القضائية في أصفهان، هو أيضاً ضمن المسؤولين الإيرانيين الذين فرض عليهم الاتحاد الأوروبي عقوبات بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ضد البهائيين.
وجاء في البيان: "سلوك هؤلاء القضاة يعكس ثقافة عامة من الإفلات من العقاب والتعسف تجاه البهائيين، وهي ثقافة يغذيها النظام الإيراني وتؤدي إلى أشد أشكال الاضطهاد من دون مساءلة".
وأكدت الجامعة البهائية أن البهائيين في أصفهان يسعون حالياً عبر القنوات القانونية المتاحة لإلغاء قرارات المصادرة، مشيرة إلى أن رئاسة الجمهورية ووزارة العدل والسلطة القضائية وعدت جميعها بمتابعة هذه الانتهاكات، لكن القلق ما زال قائماً بسبب الطابع التعسفي وغير الشفاف للإجراءات القضائية في أصفهان.
وأوضح البيان أن محامي البهائيين حُرموا من الوصول إلى ملفات القضايا، وأن القضاء في أصفهان أصدر مؤخراً أحكاماً قاسية ضد 10 نساء بهائيات بلغ مجموعها 90 عاماً من السجن.
وقالت فهندج: "إن مسؤولي إيران صرّحوا بوضوح أن السبب الوحيد وراء اضطهاد البهائيين- من الاعتقالات والسجون إلى الضغوط الاقتصادية- هو معتقدهم الديني لا غير".
وأضافت: "نوايا السلطات واضحة أمام العالم بأسره، والتاريخ بلا شك سيحكم على الظلم الذي لحق بالمجتمع البهائي في إيران".
وشدّدت على أن هذه الممارسات يجب أن تتوقف فوراً، داعيةً إلى منح البهائيين الحق في العمل والعيش كمواطنين متساوين في الحقوق، وإلى ضمان أمن أرواحهم وممتلكاتهم وإعادة كل ما صودر منهم ظلماً.
اضطهاد منهجي للبهائيين في إيران
تجدر الإشارة إلى أن البهائيين هم أكبر أقلية دينية غير مسلمة في إيران، وقد تعرضوا منذ قيام النظام الإيراني عام 1979 إلى حملة منظمة من الإعدام والتعذيب والاعتقال ومصادرة الممتلكات والحرمان من التعليم الجامعي.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد البهائيين في إيران يتجاوز 300 ألف شخص، في حين أن الدستور الإيراني يعترف فقط بالإسلام والمسيحية واليهودية والزرادشتية كأديان رسمية.
وقد أثارت ممارسات إيران ضد البهائيين انتقادات دولية واسعة، إذ اعتبر أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في تقريره الأخير أن الاضطهاد ضد البهائيين في إيران من أخطر انتهاكات حقوق الإنسان في العالم، مؤكداً أنه سياسة قديمة ومنهجية تتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي.
وفي تقريره الصادر في سبتمبر 2025 حول "عدم التسامح والعنف على أساس الدين أو المعتقد"، أشار غوتيريش إلى أن البهائيين في إيران يواجهون اعتقالات تعسفية وسجوناً وحرماناً من التعليم والعمل، مؤكداً أنهم يُستهدفون فقط بسبب معتقداتهم الدينية.
وأضاف الأمين العام أن السلطات الإيرانية تستخدم اتهامات فضفاضة مثل "الدعاية ضد النظام" لتجريم النشاط الاجتماعي السلمي للبهائيين، وتنتهك بذلك حقوقهم الأساسية، بما في ذلك حقهم في حرية المعتقد والتعبير عنه.