نتنياهو: قضينا على تهديد النظام الإيراني وميليشياته

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في افتتاح الدورة الشتوية للبرلمان أن إسرائيل قد قضت على تهديد النظام الإيراني والقوى والميليشيات التابعة لها ووجّهت إليها ضربة قاسية.

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في افتتاح الدورة الشتوية للبرلمان أن إسرائيل قد قضت على تهديد النظام الإيراني والقوى والميليشيات التابعة لها ووجّهت إليها ضربة قاسية.
وقال نتنياهو اليوم الاثنين: "لقد وصلنا إلى جبل الشيخ (جبل هرمون) في سوريا وإلى أجواء طهران. ولم يبقَ لدينا رهائن؛ أعدنا إطلاق سراحهم".
وأضاف: "لو استمرّت الحرب، لكانت إيران ستواصل إنتاج الصواريخ الباليستية وتطوير أسلحة نووية".
ورصدت صحيفة "إسرائيل هيوم" اليوم الاثنين (حسب التقرير) أن إيران شرعت في إعادة بناء قدراتها الردعية والعسكرية بعد الضربات "غير المسبوقة" التي تعرّضت لها خلال الحرب التي استمرت اثني عشر يومًا، وذكرت الصحيفة أن طهران تسعى لإحياء "حلقات النار" حول إسرائيل.
في تقارير أخرى، رجّح خبراء إسرائيليون أن طهران تركز الآن على زيادة مدى صواريخها الباليستية إلى نطاقات قارية (نحو 5,500 كيلومتر وما فوق)، وهو ما قد يوسّع مدى تهديدها.
تصريحات داخلية وإشارات إلى التسلح النووي
نقلت الصحافة عن أقوال علي شمخاني، الأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي وعضو مجلس الدفاع، التي أثارت قلقًا بشأن تزايد الضغط داخل النظام الإيراني للموافقة على إنتاج سلاح نووي، حيث قال شمخاني في مقابلة في وقت سابق من هذا الشهر إنه "ليتنا فكرنا آنذاك في صنع قنبلة نووية"، وأجاب عن سؤال ما إذا كان سيذهب لذلك إذا عاد به الزمن إلى تسعينيات القرن الماضي قائلاً: "نعم، بالتأكيد سأذهب".
من جهته، قال علي خامنئي، المرشد الأعلى، أثناء استقباله "مجموعة من الأبطال والرياضيين الحاصلين على ميداليات"، إن "شبابنا بقذائفنا الإيرانية حوّلوا أهدافًا استراتيجية للعدو إلى رماد. هذه الصواريخ لم تُشترَ ولم تُستأجر؛ لقد صنعها جيشنا وصناعتنا العسكرية، ونستخدمها وسنستخدمها مجددًا إذا اقتضى الأمر".
تحذيرات إسرائيلية وتحليلات استخباراتية
كتبت صحيفة "ذا صن" البريطانية في تقريرها نقلاً عن خبراء استخبارات إسرائيليين أن إيران تحاول إعادة تسليح حركة حماس وإعادة بناء محور نفوذها الإقليمي، وقد يمهّد ذلك لجولة جديدة من الصراع مع إسرائيل.
وحذر راز زيمت، ضابط استخبارات عسكري إسرائيلي سابق، من أن طهران "لن تتخلّى أبدًا عن هدفها النهائي المتمثل بتدمير إسرائيل والسعي لامتلاك سلاح نووي"، وأضاف أن خسائر الحرب التي استمرت 12 يومًا قد تمنح النظام "دافعًا أكبر" للتسريع في اتجاه التسلح النووي.

أكد علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، خلال لقائه في طهران بمستشار الأمن القومي العراقي، أن تفعيل آلية الزناد جعل اتفاق القاهرة، من وجهة نظر إيران، "كأن لم يكن"، مشيرًا إلى أن بلاده ستدرس أي مقترح تتقدم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتعاون.
وقال لاريجاني خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد اليوم الاثنين 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 مع قاسم الأعرجي، أمين مجلس الأمن القومي العراقي: "كما أعلن السيد عراقجي سابقًا، إذا فُعّلت آلية الزناد فستعيد إيران النظر في الاتفاق، وقد حدث ذلك بالفعل، ولم يعد اتفاق القاهرة قائمًا بالنسبة إلينا".
وأضاف: "الأوروبيون كانوا يريدون عدم تفعيل الزناد، لكنهم في الواقع فعلوا ذلك عمليًا".
وفي اليوم نفسه، صرّح إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، أنه رغم تفعيل آلية الزناد، لم يُتخذ في مجلس الأمن أي قرار بشأن إعادة فرض العقوبات على إيران.
وردًا على سؤال حول ما إذا كانت مصر تتوسط بين طهران وواشنطن، قال بقائي إن الاتصالات غير المباشرة "ما زالت قائمة إلى حدٍّ ما"، لكنه أضاف: "لا يمكننا القول إن طهران على وشك الدخول في مسار تفاوضي مع واشنطن".
لاريجاني: "غروسي قام بعمله!"
وفي ما يتعلق بالتقرير المرتقب لرافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال لاريجاني: "السيد غروسي قام بعمله، وتقريراته لم تعد ذات تأثير بعد الآن".
وكان غروسي قد صرّح في مقابلة مع صحيفة "نويه تسورخر تسايتونغ" السويسرية بتاريخ 19 أكتوبر 2025 أن معظم مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب محفوظة في منشآت أصفهان وفردو و"جزئيًا في نطنز"، مشيرًا إلى أن مفتشي الوكالة لا يملكون حق الوصول إليها.
يُذكر أن لاريجاني، قبل إعادة تعيينه أمينًا لمجلس الأمن القومي، كان قد هدّد غروسي علنًا في18 يونيو 2025 قائلاً إن طهران "ستحاسبه"، وكتب بعد يومين على منصة "إكس": "عندما تنتهي الحرب، سنحاسب غروسي".
أوروبا والولايات المتحدة أم روسيا والصين؟
وفي شأن العلاقات مع موسكو وبكين، قال لاريجاني: "إيران تربطها علاقات استراتيجية مع هذين البلدين، وقد وقّع السيد بزشكيان مؤخرًا اتفاقية شراكة استراتيجية مع روسيا".
وأشار إلى أن الأوروبيين استعجلوا في تفعيل آلية الزناد لأنهم علموا أن روسيا ستتولى قريبًا رئاسة مجلس الأمن، مضيفًا: "لقد فعلوا ذلك نكاية بروسيا، رغم أن الإجراءات القانونية لم تُستكمل".
وأوضح أن موسكو وبكين تعتبران تفعيل آلية الزناد "عديمة الأساس القانوني"، وترفضان إعادة فرض العقوبات على إيران.
تأتي تصريحات لاريجاني في أعقاب قيام ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، وهي من الدول الموقعة على الاتفاق النووي، بإرسال رسالة إلى مجلس الأمن في27 أغسطس 2025 لتفعيل الإجراء الزمني البالغ 30 يومًا ضمن آلية الزناد، تمهيدًا لإعادة فرض العقوبات الأممية.
ومع انتهاء المهلة المحددة في قرار مجلس الأمن، أعيد فرض جميع العقوبات السابقة للأمم المتحدة على طهران اعتبارًا من 28 سبتمبر 2025.

أكد محللون أميركيون بمعهد "جينسا" أنه على الولايات المتحدة الاستفادة من دروس "حرب الـ 12 يومًا"؛ لصياغة سياسة جديدة تجاه إيران، مشددين على ضرورة منع إعادة بناء قدراتها النووية والعسكرية، وممارسة ضغوط شاملة تؤدي إلى انهيار تدريجي للنظام.
جاء ذلك في تقرير استراتيجي صدر عن المعهد اليهودي للأمن القومي في واشنطن، اليوم الجمعة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، بعنوان: "البناء على الانتصار: استراتيجية أميركا تجاه إيران بعد حرب الـ 12 يومًا"، والذي يستعرض تداعيات الصراع بين إيران وإسرائيل، ويشدد على ضرورة إعادة تعريف موقف واشنطن من طهران.
يُذكر أن معهد "جينسا" من المراكز المؤثرة في قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي في الولايات المتحدة، وله دور بارز في علاقات واشنطن بتل أبيب، وقد شغل بعض أعضائه مناصب رفيعة في إدارات سابقة.
ويرى معدو التقرير أنه رغم النجاحات العسكرية المشتركة، التي حققتها إسرائيل والولايات المتحدة ضدّ المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، يبقى السؤال: متى وكيف قد يُستأنف القتال، وماذا سيكون مصير المواجهة على المدى الطويل؟
وخلال حرب الـ 12 يومًا، شنّت إسرائيل ضربات جوية واسعة على مواقع صاروخية وعسكرية وأمنية ونووية داخل إيران، واستهدفت عددًا من قادة الحرس وخبراء البرنامج النووي. ومع ذلك، يعتقد المحلّلون أن طهران تسعى لتعويض الخسائر التي تكبّدتها وتتفادى الانخراط في مفاوضات جدّية.
يوصي تقرير "جينسا" بأن تستغلّ الولايات المتحدة، بالتعاون الوثيق مع إسرائيل وحلفائها، الفرصة لمنع إعادة البناء العسكري والنووي لإيران ولقَصر خيارات طهران عبر ضغوط شاملة تهدف في نهاية المطاف إلى إضعاف جذري أو انهيار تدريجي للنظام.
ويشدّد التقرير على أنّ تفوّق أميركا وإسرائيل يجب أن يُترجَم إلى تكتيكات وسياسات تمنع إيران من استعادة قدراتها أو التصرّف بحرية، كما في الماضي.
ويرى معدّو التقرير أن تحرّك ثلاث دول أوروبية لتفعيل "آلية الزناد" يعكس تحوّلًا في موقف أوروبا وعودتها إلى تنسيق الخطوات مع واشنطن ضد طهران. ومع ذلك يحذّرون من أن الانتصار العسكري ليس انتصارًا استراتيجيًا بالضرورة، لأنّ إيران صمّمت برنامجها النووي بصورة متشتّتة وسرّية ربما تسمح لها بشراء الوقت وإعادة التأسيس.
كما سجّل التقرير ممارسات طهران، ومنها: إخفاء مستويات التخصيب، استمرار صادرات نفطية غير مشروعة إلى الصين، وتوسيع التعاون مع روسيا والصين للتحايل على العقوبات.
وفي الجزء المعنيّ بتثبيت الانتصار، يقترح التقرير أن تسعى واشنطن إلى اتفاق دولي جديد يُصاغ بصورة رسمية ويُصادق عليه بثلاثة أرباع مجلس الشيوخ الأميركي ليُصبح معاهدة ملزِمة.
ويجب أن يكون هذا الإطار أشد صرامة من اتفاق عام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة)، ويتضمن عدة بنود:
- حظر كامل ودائم لتخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم على أي مستوى.
- تدمير كامل لأجهزة الطرد المركزي (السانتريفيوجات) والمنشآت المرتبطة.
- وقف إنتاج وتطوير الصواريخ والطائرات المُسيّرة الهجومية.
- إنهاء الدعم المالي والعسكري للحرس الثوري الإيراني لمجموعات الوكلاء الإقليميين.
- إطلاق سراح جميع المواطنين الأميركيين والحلفاء المحتجزين في إيران.
- منح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصولاً غير محدود إلى جميع المواقع المشتبه بها.
إبقاء خيار العمل العسكري "قيد العمل"
شدّد التقرير على أن أي مفاوضات يجب أن تكون محددة بمهلة زمنية صارمة وبدون تمديد، وأنّه في حال رفض إيران شروطًا صارمة، يجب على الولايات المتحدة إيقاف المفاوضات والاعتماد على أدوات أخرى لمنع إعادة بناء قدرات النظام.
وتطرّق إلى ضرورة الحفاظ على تحرّك دبلوماسي منسّق مع إبقاء الخيار العسكري فعّالاً كآلية ردع سريعة، إذا ما شرعت إيران في إعادة بناء منشآتها أو نشاطاتها النووية. وينبّه إلى أهمية أن تكون الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية موازية ومتلاحمة طوال فترة المفاوضات.
وقد اقترح معدّو التقرير خطوات عملية لتعزيز التفوق الأميركي والإسرائيلي ومنع إعادة البناء الإيراني، ومنها:
- تنسيق كامل بين الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الأوروبية لمنع استعادة البرنامجين النووي والباليستي.
- إنذار واضح لطهران بأنّ أي محاولة لإعادة البناء ستقابل بضربة جديدة.
- تسريع تزويد إسرائيل بطائرات تزويد جوي وذخائر دقيقة، وتخزين ذخائر أميركية دقيقة داخل أراضيها.
- توسيع التعاون الدفاعي ضمن إطار القيادة المركزية الأمريكية.
- تعزيز الوجود العسكري في المنطقة (بما في ذلك نشر قاذفات أو أسلحة على قواعد بعيدة مثل دييغو غارسيا) لرفع القدرة على الردع.
واختتم تقرير "جينسا" أنّ الهدف الاستراتيجي لواشنطن يجب أن يتجاوز سياسة الردع التقليدية إلى ما وصفه المحللون بـ "المرحلة الممنهجة لانهيار النظام الإيراني". ومن وجهة نظرهم، فإنّ انتصار حرب الـ 12 يومًا سيكتمل فقط إذا تحقّق منع استعادة القدرات العسكرية والنووية الإيرانية، وُفرِضت ضغوط تكفي لإجبار النظام على الاستسلام أو التفكك من الداخل.

ذكرت صحيفة "إسرائيل هيوم" أن قرار إيران الأخير بإعادة تشغيل أجهزة تحديد المواقع في ناقلات النفط التابعة لها، بعد سبع سنوات من إيقافها، يشير إلى "جرأة وثقة متزايدة لدى طهران"، وقد يمهّد الطريق لمرحلة جديدة من التوتر مع كلٍ من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية إنّ إيران كانت منذ عام 2018، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات، قد أوقفت أجهزة الإرسال الخاصة بمواقع ناقلاتها النفطية؛ من أجل إخفاء مسارات صادراتها غير القانونية.
ولكن في الأيام الأخيرة- وللمرة الأولى منذ سبع سنوات- تم تشغيل هذه الأجهزة مجددًا، ما جعل ما يُعرف بـ "أسطول الظل" الإيراني مكشوفًا أمام المراقبة الدولية.
وأوضحت "إسرائيل هيوم" أن هذه الخطوة رد مباشر على تفعيل آلية إعادة العقوبات التلقائية (آلية الزناد)، وهي الآلية التي تُلزم جميع الدول بإعادة تطبيق القيود التجارية المفروضة على إيران، بموجب قرارات الأمم المتحدة السابقة.
وأشارت إلى أن قرار طهران بالتوقف عن إخفاء صادراتها النفطية يأتي بالتزامن مع تقارير عن تسارع وتيرة برنامجها النووي، وإصرارها على مواصلة عمليات تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، وهو ما ترى فيه الصحيفة دليلاً على أن إيران لم تغيّر مسارها وتستعد لمواجهة محتملة جديدة مع واشنطن وتل أبيب.
رسالة إلى الغرب
نوهت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن قرار إيران ليس مجرد تحرك تكتيكي لمواجهة العقوبات، بل هو خطوة ذات أبعاد استراتيجية، تعبّر عن قناعة طهران بأنها قادرة على تحمّل مخاطر المواجهة العسكرية أو التصعيد مع الغرب.
وتابعت: "إيران تريد أن تثبت أنها لا ترى نفسها خاسرة في المعركة، وأنها مستعدة للمخاطرة من أجل الدفاع عن مصالحها، حتى لو تطلب ذلك مواجهة عسكرية".
وأردفت أن هذا التطور يأتي بالتزامن مع تحذير رسمي جديد وجهته الولايات المتحدة إلى مواطنيها من السفر إلى إيران، حيث دعت وزارة الخارجية الأميركية أي مواطن موجود هناك إلى "الاستعداد لخطة مغادرة عاجلة" في حال تفاقم التوترات.
منشأة جديدة في "نطنز" وتعاون عسكري مع روسيا والصين
وفقًا لتقرير الصحيفة الإسرائيلية، فإن إيران لم تتراجع عن عمليات تخصيب اليورانيوم، بل تعمل- وفقًا لصور الأقمار الصناعية- على بناء موقع جديد في جنوب منشأة نطنز يمكن استخدامه في أنشطة تخصيب مستقبلية.
وفي الوقت نفسه، تقول مصادر استخباراتية إسرائيلية إنّ طهران تعمل على إعادة بناء منظوماتها الدفاعية الجوية والصاروخية بسرعة، وتسعى إلى تعزيز تعاونها العسكري مع روسيا والصين لشراء مقاتلات "سوخوي-35" وأنظمة الدفاع الجوي "S-400".
ثقة جديدة من طهران وخطر مواجهة محتملة
ترى "إسرائيل هيوم" أن هذه التحركات تعكس ثقة متزايدة لدى إيران بعد العملية العسكرية الإسرائيلية "الأسد الصاعد". ورغم إدراك طهران لحجم الخسائر التي تكبدتها، فإنها لا تعتبر نفسها مهزومة، وتعتقد أن بإمكانها، بعد إعادة تنظيم هياكلها العسكرية والأمنية، مقاومة الهجمات المستقبلية بشكل أفضل.
وأضافت الصحيفة أن "السلوك الجريء لطهران يعكس قناعتها بأنّ الغرب لا يرغب في دفع الثمن السياسي والاقتصادي اللازم لتطبيق العقوبات بفاعلية. وإيران قد لا تبحث عن الحرب حاليًا، لكنها بوضوح لن تتراجع عنها إذا فُرضت عليها".
مرحلة جديدة من التصعيد في الشرق الأوسط
أشارت إلى أنّ هذه الاستراتيجية الجديدة تجعل آفاق أي اتفاق جديد بين طهران وواشنطن أكثر قتامة، إذ لا تزال الإدارة الأميركية تسعى إلى "اتفاق محدود"، بينما ترى إيران نفسها في موقع قوة وترفض التنازل عن "ثوابتها المبدئية".
واختتمت "إسرائيل هيوم" تحليلها بالقول: "إن موقف المرشد الإيراني، علي خامنئي، داعم بالكامل للسياسات الحالية، ومن غير المرجّح أن يحدث أي تغيير في سلوك إيران، التي قد لا ترغب في الحرب، لكنها مستعدة لتحمّل مخاطرها. هذا الواقع، إلى جانب الجمود الدبلوماسي، ينبئ بمرحلة جديدة من التصعيد والتوتر في الشرق الأوسط".

أظهر تقرير جديد لشركة "مايكروسوفت" أن النظام الإيراني يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع لتعزيز قدراته في مجال الحرب السيبرانية، وإنتاج محتوى مزيف، وتنفيذ عمليات اختراق وتسلل تستهدف الولايات المتحدة الأميركية.
ووفقًا لما نقلته وكالة "أسوشييتد برس" عن "مايكروسوفت"، فإن استخدام إيران للذكاء الاصطناعي في مجال الحرب الإلكترونية خلال العام الماضي ارتفع بشكل غير مسبوق. فقد رُصد في يوليو (تموز) 2025 وحده أكثر من200 نشاط عدائي خارجي في مجال إنتاج محتوى مزيف يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعادل ضعف عدد الحالات المسجلة العام الماضي وعشرة أضعاف عددها في عام 2023.
وجاء في التقرير السنوي حول التهديدات الرقمية لشركة "مايكروسوفت" أن إيران، مثل روسيا والصين، تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لتنفيذ هجمات إلكترونية، ونشر معلومات مضللة، واختراق أنظمة حساسة في الولايات المتحدة.
وأكد التقرير أن إيران، إلى جانب مجموعات الجريمة الإلكترونية، تستغل الذكاء الاصطناعي لأتمتة الهجمات وتحسين أساليب الاختراق.
وأشارت "مايكروسوفت" إلى أن هذه التقنية قادرة على تحويل رسائل التصيد الاحتيالي البدائية إلى نصوص احترافية ومقنعة، كما يمكنها إنشاء وجوه رقمية مزيفة لشخصيات ومسؤولين حكوميين، وجعل عمليات التجسس أكثر دقة وسرية.
وأضاف التقرير أن الدول المعادية، ومن ضمنها إيران، تنفذ هجماتها الإلكترونية بهدف الحصول على معلومات سرية، وتعطيل الخدمات العامة الحيوية، وزعزعة ثقة المجتمعات المستهدفة بمؤسساتها.
وعقب صدور التقرير، أصدرت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة يوم الخميس 16 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 بيانًا نقلته وكالة "أسوشييتد برس"، جاء فيه أن طهران ترفض هذه الاتهامات بالكامل.
وقال البيان: "إن إيران لم تبدأ ولن تبدأ أي عمليات إلكترونية هجومية ضد أي دولة. لكنها، بوصفها ضحية لهجمات إلكترونية متكررة، سترد بطريقة تتناسب مع طبيعة ومدى أي تهديد تتعرض له".
يأتي هذا الموقف بينما تشير "مايكروسوفت" إلى أن إيران تعمل على تطوير قدراتها في مجال الحرب السيبرانية بمساعدة الذكاء الاصطناعي، وتستخدم هذه التكنولوجيا في عمليات التضليل، بما في ذلك إنتاج محتوى إخباري ودعائي مزيف على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأكد التقرير أن الجيش السيبراني التابع لإيران يستهلك ميزانيات ضخمة تُموَّل من المال العام، في إطار سعي طهران لتعزيز نفوذها الإلكتروني في المنطقة والعالم.
وأوضحت "مايكروسوفت" أن إيران، إلى جانب روسيا والصين وكوريا الشمالية، لا تستخدم الذكاء الاصطناعي لأغراض عسكرية فقط، بل أيضًا في عمليات النفوذ السياسي والدعاية الإعلامية.
فقد استخدمت هذه الدول الذكاء الاصطناعي في ترجمة الرسائل الدعائية وإعادة إنتاجها بلغات متعددة، وتوليد أصوات مشابهة لأصوات مسؤولين رسميين، ونشر معلومات مضللة للتأثير على الرأي العام العالمي.
وقالت إيمي هوغان-برني، نائبة رئيس قسم الأمن في "مايكروسوفت": "نلاحظ أن الجهات المدعومة من دول، ومن بينها إيران، تستخدم الذكاء الاصطناعي لزيادة دقة وسرعة هجماتها السيبرانية. وهذا تطور مقلق، لأن العديد من المؤسسات الأميركية لا تزال تعتمد على أنظمة دفاعية قديمة".
وحذّرت من أن عام 2025 يشكّل نقطة تحول في أمن الفضاء السيبراني العالمي، داعيةً الدول إلى زيادة الاستثمارات في الدفاع الرقمي.
ويرى الخبراء أن إيران استثمرت بشكل مكثف في السنوات الأخيرة في مجال التكنولوجيا السيبرانية المتقدمة.
وكانت تقارير سابقة قد كشفت عن تعاون بين مؤسسات إيرانية ومجموعات قرصنة مرتبطة بالحرس الثوري في تنفيذ عمليات ضد أهداف أميركية وإسرائيلية وأوروبية.
وحذّرت "مايكروسوفت" من أن التطور السريع في الذكاء الاصطناعي يغيّر ميزان القوى في ميدان الأمن السيبراني العالمي، إذ تمكنت إيران ودول أخرى من تنفيذ هجمات أكثر دقة وسرعة وأقل تكلفة، بينما لا تزال الدول المستهدفة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تحاول مواكبة التهديدات الجديدة.

جددت وزارة الخارجية الأميركية تحذير السفر المتعلق بإيران، وأعلنت أن الخدمات القنصلية الروتينية، التي كانت تُقدّم سابقًا عبر مكتب رعاية المصالح الأميركية في سفارة سويسرا بطهران قد توقفت.
وأكدت أنه على المواطنين الأميركيين الموجودين في إيران إعداد خطة جاهزة لمغادرتها.
وذكر البيان المنشور باللغة الفارسية على الموقع الإلكتروني للسفارة الافتراضية للولايات المتحدة، يوم الأربعاء 15 أكتوبر (تشرين الأول): "هذا التغيير يعزّز التحذير السابق للمواطنين الأميركيين: لا تسافروا إلى إيران".
ومع ذلك، أوضحت السفارة الافتراضية أن الخدمات القنصلية الطارئة ستستمر من خلال قسم المصالح الأجنبية في سفارة سويسرا بطهران، باعتبارها الجهة الراعية للمصالح الأميركية.
وبحسب البيان، فإن الخدمات الطارئة، التي ستظل متاحة تشمل: إصدار جوازات السفر الأميركية المؤقتة، تقارير الوفيات في الخارج، المساعدة المالية الطارئة، دعم المواطنين الأميركيين المعتقلين، التحقق من أماكن الإقامة والرفاه، توزيع مستحقات التقاعد والضمان الاجتماعي، وتقديم خدمات التوثيق المجانية.
تحركات دبلوماسية قبل حرب الـ 12 يومًا
في الأيام التي سبقت حرب الـ 12 يومًا في يونيو (حزيران) الماضي، ومع بدء الهجمات لإسرائيلية المفاجئة على إيران، سُجّلت تحركات من بعض الدول. فقد نقلت وكالة "رويترز" عن أربعة مصادر أميركية ومصدرين عراقيين- لم تُكشف هوياتهم- أن جزءًا من طاقم السفارة الأميركية في بغداد قد أُخلي وغادر العراق.
وفي 12 يونيو، أي قبل الهجوم بيوم واحد، أصدرت وزارة الخارجية البريطانية تحذيرًا شديدًا لمواطنيها من السفر إلى إيران، مشيرة إلى "الوضع السياسي في إيران". واستند التحذير إلى مخاطر جدية تتعلق بتوقيف البريطانيين أو مزدوجي الجنسية، أو احتجازهم المؤقت أو إخضاعهم للتحقيق.
تحذير من أعلى مستوى
واختتمت الخارجية الأميركية بيانها، قائلة: "يجب على المواطنين الأميركيين أن تكون لديهم خطة لمغادرة إيران دون الاعتماد على مساعدة الحكومة الأميركية".
ويُعدّ تحذير السفر من المستوى الرابع، الذي جرى تجديده حاليًا، أعلى درجة تصدرها وزارة الخارجية الأميركية، ويعني رسميًا: "لا تسافروا". ويصدر هذا المستوى عندما تُقيّم الأوضاع في بلد ما على أنها شديدة الخطورة، وغير مستقرة، وتمثل تهديدًا مباشرًا لأمن المواطنين الأميركيين.