الرئيس الإيراني: رفع سعر البنزين ضرورة.. لكنه ليس سهلا

تزامناً مع تصاعد التكهنات حول احتمال الزيادة القريبة في سعر البنزين في إيران، أعلن الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أنه لا يوجد أي شك في ضرورة رفع سعر البنزين.

تزامناً مع تصاعد التكهنات حول احتمال الزيادة القريبة في سعر البنزين في إيران، أعلن الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أنه لا يوجد أي شك في ضرورة رفع سعر البنزين.
وقال بزشكيان يوم الخميس 23 أكتوبر في اجتماع بمحافظة أذربيجان الغربية: "لا شك في أنه يجب رفع سعر البنزين".
وأقرّ الرئيس الإيراني في الوقت نفسه بأن تنفيذ هذا القرار سيكون مصحوباً بتحديات، وقد يزيد من الأزمات المعيشية التي يواجهها المواطنون الإيرانيون.
وأضاف بزشكيان: "هل الأمر بهذه السهولة؟ هل أستطيع الآن أن أجلس وأقرر؟ في حال كان لا بدّ من تنفيذ [رفع سعر البنزين]، فمن البديهي أنه يجب أن ننفذه، لكن ليس بهذه السهولة".
وفي الأيام الماضية، نُشرت تقارير متناقضة حول خطة الحكومة لرفع سعر البنزين في البلاد.
في 11 أكتوبر (تشرين الأول)، أفاد موقع "خانه اقتصاد" (بيت الاقتصاد) بعد نشره صوراً من مصادقة الحكومة على آلية "تعديل سعر البنزين"، بأن الحكومة الإيرانية حدّدت إطاراً جديداً لرفع سعر البنزين ولسياسات استهلاك الوقود. وبعد ساعات، نفت حكومة بزشكيان صحة هذا الخبر.
مع ذلك، كتبت بعض وسائل الإعلام الإيرانية في 19 أكتوبر أن الحكومة أعدّت عدة سيناريوهات لإعادة النظر في نظام تسعير البنزين، وأن احتمال رفع السعر إلى خمسة آلاف تومان للّتر الواحد قيد الدراسة.
وتطرّق بزشكيان خلال تصريحاته في أذربيجان الغربية بشكل غير مباشر إلى احتمال تجدد الاحتجاجات الشعبية عقب رفع سعر البنزين، قائلاً: "ليس القرار هكذا أن أجلس ليلاً وأتخذ قراراً، وأضرب كل من يريد أن يتكلم. هل أستطيع أن أفعل ذلك؟".
كما أشار إلى التداعيات الاقتصادية لرفع سعر البنزين وتزايد الضغوط على المواطنين، مضيفاً: "لسنا بصدد خلق مشكلات أشدّ للناس من خلال قراراتنا".
وفي 22 أكتوبر، قال بزشكيان أيضاً مشيراً إلى تفاقم أزمة الطاقة في البلاد: "لا يمكن أن يكون سعر البنزين 1500 تومان، حتى الماء لا يُباع بهذا السعر".
وعلى الرغم من النفي الأولي، أقرّ كامل تقوي نجاد، أمين مجلس وزراء حكومة بزشكيان، في 22 أكتوبر بأن خطة رفع سعر البنزين قد نوقشت في لجان عمل الحكومة.
وفي 15 أكتوبر، أعلن أميرحسين ثابتی، عضو البرلمان الإيراني، أن "النقاش حول تسعير البنزين بثلاث فئات سعرية بات جدياً"، مشيراً إلى تقارير تتحدث عن زيادة تتراوح بين 300 إلى 500 في المئة في سعر البنزين.
يُذكر أنه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، أدّت زيادة سعر البنزين في إيران إلى موجة احتجاجات واسعة وشاملة في أنحاء البلاد.
وقد واجهت تلك الاحتجاجات قمعاً دموياً من قِبل قوات الأمن التابعة للنظام الإيراني، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1500 شخص واعتقال آلاف آخرين.

رغم الخطاب الرسمي المستمر منذ سنوات حول وجود "شراكة استراتيجية" بين طهران وموسكو، تُظهر بيانات جديدة أن روسيا خرجت من قائمة الشركاء التجاريين الرئيسيين لإيران.
وأكد رئيس مصلحة الجمارك الإيرانية، فرود أصغري، هذا التراجع دون أن يذكر حجم التبادل التجاري في النصف الأول من السنة المالية الإيرانية الحالية (من 21 مارس حتى 22 سبتمبر 2025).
لكن أرقام غرفة التجارة الإيرانية تشير إلى أن حجم التجارة الثنائية بين البلدين خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة لم يتجاوز1.1 مليار دولار، أي ما يعادل4.5 في المائة فقط من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية لإيران.
ويأتي هذا التراجع رغم الاتفاق الذي وُقّع عام 2023 بين طهران وموسكو لزيادة حجم التبادل التجاري السنوي إلى40 مليار دولار بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وفرض العقوبات الغربية على موسكو.
وفي العام الماضي، بلغ حجم التجارة بين إيران وروسيا2.5 مليار دولار فقط.
وعقب تقارير تحدثت عن خروج روسيا من قائمة الشركاء التجاريين الرئيسيين لإيران، صرّح نائب وزير التجارة الإيراني محمد علي دهقان أن "صادرات إيران إلى روسيا نمت بنسبة 30 في المائة في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، واقتربت من مليار دولار". لكن بيانات غرفة التجارة كشفت أن الرقم الحقيقي أقل من نصف هذا المبلغ.
ولطالما حاولت طهران تقديم علاقاتها مع موسكو على أنها تحالف استراتيجي عميق، لكن منتقدين يؤكدون أن روسيا تنظر إلى إيران كأداة في مواجهتها مع الغرب لا أكثر.
وقال محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني الأسبق، مؤخرًا إن "روسيا عطلت المفاوضات" بين طهران والقوى الغربية، معتبراً أن "أي تحسن في علاقات إيران مع الغرب خط أحمر بالنسبة للكرملين".
ورغم توقيع أكثر من100 مذكرة تفاهم وعقد في قطاعي النفط والغاز بين الجانبين، فشلت موسكو في تنفيذ أي منها أو في تقديم الاستثمارات التي وعدت بها لتطوير البنية التحتية اللوجستية في إيران.
ومع ذلك، فعّلت روسيا قبل أسبوعين "الاتفاقية الاستراتيجية الشاملة" مع طهران، وهي اتفاقية تركز على التعاون العسكري والأمني أكثر من كونها ترتبط بالتجارة أو الاستثمار.
وكانت موسكو قد تعهدت عام 2018 باستثمار40 مليار دولار في إيران بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 وإعادة فرض العقوبات على طهران، لكن ذلك الوعد لم يُنفذ أيضاً.
ويرى مراقبون أن مثل هذه الاتفاقيات تهدف أساساً إلى تشجيع طهران على مقاومة الضغط الغربي أكثر من تطوير تعاون اقتصادي حقيقي، فيما يستخدمها المسؤولون الإيرانيون لتصوير أنفسهم كقوة غير معزولة داخلياً وخارجياً.
تراجع أوسع في التجارة الإيرانية
وفقاً لبيانات الجمارك، بلغت صادرات إيران غير النفطية في النصف الأول من السنة المالية نحو26 مليار دولار، دون تغيير يُذكر مقارنة بالعام الماضي، في حين انخفضت الواردات بنسبة 15 في المائة إلى28.3 مليار دولار.
وتبقى العراق ثاني أكبر سوق لصادرات إيران غير النفطية بعد الصين، إلا أن الصادرات إليه تراجعت بنسبة 12 في المائة على أساس سنوي لتبلغ4.5 مليار دولار، أغلبها من المنتجات الغذائية.
وفي أواخر سبتمبر (أيلول) 2025، حظرت بغداد استيراد 44 نوعاً من السلع الزراعية والحيوانية لحماية المنتجين المحليين، ما قلل أكثر من صادرات إيران.
وحالياً، تذهب ثلاثة أرباع صادرات إيران إلى 5 بلدان فقط: الصين، العراق، الإمارات، تركيا، وأفغانستان، وهو ما يعكس ازدياد تركّز تجارتها وتراجع تنوعها.
أما في جانب الواردات، فالوضع مشابه، إذ إن 80 في المائة من واردات إيران هذا العام جاءت من خمس دول فقط هي: الإمارات، الصين، تركيا، الهند، وألمانيا.
وهذا الاتجاه يبعث على القلق بالنسبة لطهران مع عودة العقوبات الأممية، إذ إن فشل التجارة مع روسيا في التعافي يعني أن معظم أوراق الاقتصاد الإيراني ستبقى في السلة الصينية.

أفادت وسائل الإعلام في إيران أن أسعار السيارات المجمّعة والمصنَّعة محلياً شهدت ارتفاعاً حاداً إثر ارتفاع سعر صرف الدولار.
وكتب موقع "تابناك" الإخباري، اليوم الاثنين 20 أكتوبر، أن تقلبات سعر الصرف تُعد من أهم العوامل المحدِّدة لأسعار السيارات في السوق.
وجاء في التقرير: "عندما يُتداول الدولار ضمن نطاق ثابت، تكون سوق السيارات في حالة استقرار نسبي، لكن أي تغيير طفيف في سعر الصرف يؤدي عادة إلى رد فعل سريع وملموس في أسعار السيارات."
كما ذكر موقع "خبر أونلاين" في تقرير بعنوان "تغيّر أسعار السيارات أصبح غريباً"، أن أسعار بعض السيارات المحلية ارتفعت إثر "التحرّك الإيجابي في سعر الدولار".
وبحسب التقرير، شهدت سوق السيارات في ثاني أيام التداول من الأسبوع اتجاهاً تصاعدياً، وارتفعت أسعار بعض الطرازات الأكثر طلباً.
وقد ارتفع سعر بعض هذه الطرازات بمقدار 10 ملايين تومان.
أما في فئة سيارات بيجو، فقد بلغ سعر بيجو 207 بانوراما الأوتوماتيكية نحو مليار و330 مليون تومان، وسعر الطراز اليدوي منها قرابة 990 مليون تومان، كما وصل سعر تارا الأوتوماتيكية موديل 2025 إلى حوالي مليار و270 مليون تومان.
وفي فئة السيارات الاقتصادية، بيعت برايد 151 SE موديل 2025 بسعر يقارب 515 مليون تومان، وبلغ سعر ساينا S اليدوية نحو 610 ملايين تومان، وكوييك GX اليدوية حوالي 630 مليون تومان، في حين وصل سعر رانا بلاس إلى نحو 860 مليون تومان.
وقد أعلنت شركة إيران خودرو مساء الأحد 19 أكتوبر الأسعار الجديدة لـ 42 منتجاً من منتجاتها.
وذكرت صحيفة "دنياي اقتصاد" أن "الجدول تضمَّن منتجين جديدين ليس لهما أسعار سابقة، بينما شهدت الأربعون سيارة الأخرى زيادة متوسطة قدرها 38.9 مليون تومان، أي ما يعادل 6.3 في المئة."
كما رفعت شركة كرمان موتور في 19 أكتوبر أسعار خمسة من منتجاتها بمتوسط تجاوز 14 في المئة في آخر قرار لها.
وفي الأسابيع الأخيرة، أدّى التضخم المنفلت وارتفاع أسعار العملات الأجنبية إلى زيادة المخاوف من تدهور الأوضاع الاقتصادية في إيران، وهو مسار تفاقم بعد تفعيل آلية الزناد وعودة عقوبات الأمم المتحدة.
وقال رضا غيبي، عضو هيئة تحرير "إيران إنترناشيونال"، موضحاً مسار ارتفاع الأسعار الأخير: "عادة ما تحدث الزيادات في الأسعار على شكلين: إما في السوق الحرة أو عبر رفع الأسعار الرسمية."
وأضاف: "في قطاع السيارات، قام المصنعون وشركات التجميع أنفسهم برفع الأسعار رسمياً، ما يؤدي بدوره إلى أن تشهد السوق موجة جديدة من ارتفاع الأسعار."

أظهرت تحقيقات "إيران إنترناشيونال" أن العديد من ناقلات النفط الإيرانية عادت لإطفاء إشاراتها وإخفاء مواقعها، بعد يوم واحد فقط من إرسالها بيانات أماكنها الحقيقية عبر نظام ""AIS لأول مرة منذ أكثر من سبعة أعوام ونصف العام.
وقد رصد فريق التحقق من المعلومات في "إيران إنترناشيونال"، يوم الأربعاء 15 أكتوبر (تشرين الأول)، بعد فحص مواقع 94 سفينة تحمل العلم الإيراني ومدرجة على قائمة العقوبات الأميركية، أن معلومات الموقع لما لا يقل عن 36 ناقلة نفط قد توقفت مرة أخرى عن الإرسال.
وكانت هذه الناقلات قد أرسلت بياناتها الجغرافية قبلها بيوم واحد فقط، يوم الثلاثاء 14 أكتوبر، لأول مرة منذ عام 2018 دون أي تزوير أو تعديل.
وأكد سمير مدني، المؤسس المشارك لموقع "تانكر تركرز" لتتبع حركة السفن، لـ "إيران إنترناشيونال"، أن "نحو ثلثي أسطول النفط الإيراني أصبح الآن غير متصل، خلافًا لما كان عليه الحال قبل يومين عندما كانت متصلة بالإنترنت".
وتُظهر التحقيقات أنه حتى مساء أمس الأربعاء، بتوقيت وسط أوروبا، من بين جميع ناقلات النفط الإيرانية في المياه الدولية (المحيط الهندي، بحر جنوب شرق آسيا) تستمر خمس ناقلات فقط بإرسال بيانات الموقع، وست ناقلات داخل المياه الإيرانية.
تغيير استراتيجي أم تخريب داخلي؟
على الرغم من أن السلطات الإيرانية لم تؤكد أو تنفِ أي خبر بشأن هذا التغيير، فإن وسائل الإعلام الإيرانية وصفته، مساء الثلاثاء 14 أكتوبر، بأنه خطوة نحو "الشفافية"، واعتبرت ذلك تغييرًا في استراتيجية النظام الإيراني في مواجهة عقوبات الأمم المتحدة.
ونقلت موقع "تجارت أونلاين" عن عبد الله باباخاني، خبير الطاقة، قوله: "إذا استمر هذا الاتجاه، فيجب اعتباره أهم علامة على تغيير سلوك صادرات إيران منذ 2018. قد يكون هذا مقدمة لعودة محدودة لإيران إلى الشفافية البحرية أو إشارة إلى مفاوضات سرية حول أمن طرق الطاقة في منطقة الخليج".
ومن جانب آخر، نشر موقع "إنرجي برس" تقريرًا، يوم الثلاثاء 14 أكتوبر أيضًا، بعنوان "خلفية تشغيل رادارات ناقلات النفط الإيرانية"، نقلاً عن خبير الطاقة والمدير العام السابق لوزارة النفط في إيران، محمود خاقاني، قوله: "إذا كان هذا الخبر صحيحًا، فهناك احتمالان؛ الأول أن بعض التيارات، وما أسميه الحكومة الخفية أو حكومة الظل، تحاول خلق أزمة جديدة لتحفيز أميركا وحلفائها على مصادرة أو تتبع ناقلات النفط الإيرانية. والثاني، بسبب وجود نحو مليار و200 مليون برميل نفط عائم وامتلاء غير مسبوق في السوق العالمية، أصبح من الصعب الاستمرار في إخفاء مسار الناقلات".
وأكد خاقاني: "في الواقع، قد يكون تشغيل رادار الناقلات خطوة متعمدة من هذه الشبكات الخفية، التي تسعى لمصالحها في ظل التوتر وعدم الاستقرار".
القلق من العواقب الدولية
قال المسؤول السابق بوزارة الخزانة الأميركية والمستشار الحالي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ميعاد ملكي، لـ "إيران إنترناشيونال": "إن إيران قد تكون قررت التحرك بحذر أكبر".
وأضاف: "وفق قوانين المنظمة البحرية الدولية، فإن التزوير والتلاعب بنظام AIS يعد انتهاكًا قد تترتب عليه عواقب خطيرة".
وأشار المحلّل في شركة كبلر لبيانات الطاقة، همايون فلك شاهى، في حديثه مع "إيران إنترناشيونال"، إلى أن هذا القرار قد يرتبط بعودة عقوبات الأمم المتحدة، سواء كعامل رادع ضد المصادرة أو كمحاولة لإضفاء شرعية على النشاط البحري الإيراني. وأضاف أن الردع يعني أن طهران تظهر أن أي مصادرة لناقلاتها قد تؤدي إلى رد فعل انتقامي، والشرعية تعني أن الناقلات تنقل النفط فقط.
هجوم إلكتروني أم خلل فني في التحديث؟
بالنظر إلى انقطاع ثلثي ناقلات النفط الإيرانية مرة أخرى، تقل احتمالية أن يكون الأمر تغييرًا استراتيجيًا كاملاً، ويمكن النظر في سيناريوهات أخرى مثل هجوم إلكتروني أو خلل فني في تحديث أنظمة إرسال المعلومات.
وسبق أن ذكرت مجموعة القرصنة "لَب دوُختِكان"، لـ "إيران إنترناشيونال" في 22 أغسطس (آب)، أن شبكة اتصالات أكثر من 60 سفينة تابعة لشركتين كبيرتين في إيران تعطلت، مما أوقف تواصلها مع بعضها البعض والموانئ والعالم الخارجي.
وقالت المجموعة، التي سبق أن كشفت عن أنشطة إلكترونية وعسكرية للنظام الإيراني، إن العملية قطعت اتصالات 39 سفينة تابعة للشركة الوطنية لناقلات النفط الإيرانية و25 سفينة مملوكة لشركة الشحن الإيرانية.
وفي مارس (آذار) الماضي، أعلنت المجموعة أنها استهدفت شبكة اتصالات 116 سفينة تابعة للشركتين الكبيرتين في إيران، مما قطع تواصلها مع بعضها ومع الموانئ والعالم الخارجي.

أعرب رئيس وزراء العراق، محمد شياع السوداني، عن أمله في إنهاء اعتماد بلاده على الغاز الإيراني بقيمة أربعة مليارات دولار سنويًا بحلول عام 2028، في إطار سعي بغداد لتنويع اقتصادها المعتمد على النفط.
وقال السوداني، الأربعاء 15 أكتوبر، في مقابلة مع مراسل "سي إن بي سي" في بغداد: "لقد وضعنا رؤية واضحة لمعالجة هذا الخلل الهيكلي الذي أثر على قدرتنا في إنتاج وتوفير الكهرباء".
وأضاف أن بغداد وقعت عقودًا مع شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية وشركات صينية وإماراتية للاستثمار في مشاريع جمع الغاز، والذي تُقدر قيمته السنوية بأربعة إلى خمسة مليارات دولار ويُحرق حاليًا أثناء إنتاج النفط.
ويُعرف حرق الغاز أو "الفليرينغ" بأنه عملية حرق الغاز المصاحب للنفط بدل استخدامه، فيما يمكن أن يساهم استرجاع هذا الغاز ومعالجته في تخفيف جزء من أزمة الكهرباء المزمنة في العراق.
وأكد السوداني أن الحكومة العراقية لأول مرة في تاريخ البلاد وضعت برنامجًا واضحًا وإجراءات يومية لحل هذه المشكلة، مع تحديد موعد تحقيق هدف "صفر حرق للغاز" في بداية عام 2028.
وقد وضعت سوء الإدارة، ونقص الاستثمارات، والفساد خلال عقود ضغطًا على شبكة الكهرباء في العراق، في حين أن العراق يُصنّف ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك بعد السعودية.
يؤمن الغاز الإيراني نحو ثلث الكهرباء في العراق، غير أن الانقطاعات المتكررة والطويلة ما زالت تلزم السكان باللجوء إلى مولداتهم الخاصة المكلفة والملوثة.
أهمية تصدير الغاز للعراق بالنسبة لإيران
يمثل تصدير الغاز إلى العراق أهمية خاصة للنظام الإيراني، لدرجة أنه حتى خلال السنوات الأخيرة ومع النقص الحاد في الكهرباء والغاز داخل إيران، لم تتوقف صادرات الكهرباء والغاز إلى العراق.
ويسعى العراق، الذي يحافظ على علاقاته مع كل من الولايات المتحدة وإيران، إلى الاستفادة من الاستثمارات الصينية في إعادة بناء البنية التحتية، بينما يوسع أيضًا التعاون مع الدول الخليجية لتحسين شبكة الكهرباء.
ولا تزال الولايات المتحدة أحد الشركاء الدفاعيين الرئيسين للعراق، حيث يوجد حوالي 2500 جندي أميركي في البلاد.
ووصف السوداني نهج حكومته بأنه "متعدد الأطراف"، وأشار إلى رغبة الشركات الصينية والروسية والأوروبية والأميركية، بالإضافة إلى مستثمرين خليجيين، في الدخول إلى السوق العراقية.
وقال: "اقتصادنا وعلاقاتنا لم تكن يومًا أحادية الجانب... وقد وقعنا مؤخرًا اتفاقيات مبدئية مع شركات شيفرون، وإكسون موبيل، وهاليبرتون، وشلمبرجي".
وكتبت "سي إن بي سي" أنه على الرغم من نهج السوداني متعدد الأطراف، فإن العراق قد يتأثر بالعقوبات الجديدة ضد طهران.
فقد قامت الدول الأوروبية فجر 28 سبتمبر، بعد انتهاء المهلة المحددة بـ30 يومًا في قرار مجلس الأمن، بتفعيل آلية الزناد، ما أدى إلى إعادة جميع العقوبات الأممية على إيران.
وعلى الرغم من حملة "الضغط الأقصى" التي شنها دونالد ترامب ضد طهران، سمحت وزارة الخزانة الأميركية لبغداد باستيراد الكهرباء من إيران.
ومع ذلك، لا يزال النفوذ الإيراني قائمًا سياسيًا وماليًا في العراق، إذ يشكل العراق بعد الحرب العراقية الإيرانية ثغرة نفوذ حيوية لطهران في المنطقة، مقارنة بسوريا ولبنان اللذين تضاءل تأثيرهما بعد تراجع فصائل تابعة لإيران.
وقد تدفع العقوبات الجديدة النظام الإيراني إلى تكثيف محاولاته للالتفاف على القيود، بما في ذلك استخدام البنوك العراقية لنقل الدولار بشكل غير قانوني.
وفي مطلع هذا العام، تم منع عدة بنوك عراقية من إجراء تحويلات بالدولار بعد إجراءات وزارة الخزانة الأميركية لمكافحة غسيل الأموال وتهريب العملة.
وفي عام 2019، طالب المتظاهرون العراقيون خلال الاحتجاجات الموسومة بـ"ثورة أكتوبر" بإنهاء "الفساد المنهجي والنفوذ الإيراني" في البلاد.
وقال السوداني، الذي تولى السلطة بعد تلك الاحتجاجات، إن حكومته اتخذت خطوات ملموسة لتحقيق تقدم اقتصادي واستقرار سياسي لاستعادة ثقة الجمهور.
ومع ذلك، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الفساد لا يزال "عقبة كبيرة أمام النمو الاقتصادي" في العراق.

نشر موقع "تانكر تركر"، في أوائل أكتوبر، تقريرًا يفيد بأن ناقلات النفط التابعة للنظام الإيراني ظهرت لأول مرة منذ عام 2018 في نظام تحديد المواقع العالمي (AIS) بمواقعها الحقيقية.
يبدو هذا الحدث، على السطح، علامة على عودة الشفافية إلى أسطول النفط الإيراني؛ لكنه في العمق، يشير إلى تغيير استراتيجي في مواجهة الضغوط العقابية وتحولات سوق الطاقة العالمية.
عقد من الإخفاء والمبادرات الخاصة
بعد فرض العقوبات الثانوية الأميركية في عقد 2011، اضطرت إيران إلى إنشاء شبكة معقدة من طرق النقل السرية. كانت السفن الناقلة للنفط الخام أو المكثفات الغازية الإيرانية تخرج من نظام تحديد المواقع العالمي (AIS) أو ترسل مواقع مزيفة.
في هذه الفترة، تحوّلت تجارة النفط الإيرانية إلى لغز من "السفن الصامتة" أو ما يسمى "أساطيل الأرواح"، والتي كان يمكن رصدها فقط عبر الأقمار الصناعية أو البيانات غير الرسمية.
مع ذلك، أظهرت تجربة العقد الماضي أن إيقاف نظام تحديد المواقع، رغم أنه يلتف على العقوبات، له عواقب جدية: زيادة مخاطر الحوادث والاحتجاز، وصعوبة التأمين، والأهم من ذلك، زيادة حساسية الهيئات الرقابية الدولية.
في هذا السياق يجب تحليل التغيير الأخير: عودة الإشارات الحقيقية تدريجيًا.
الرواية الروسية والصينية للتغيير
في وسائل الإعلام الروسية مثل Oilcapital.ru و Topcor.ru، تم نشر تقارير تشير إلى أن جزءًا من أسطول ناقلات النفط الإيراني أعاد ضبط مساره ويتحرك في مناطق مزدحمة في المياه الخليجية وبحر عمان مع تفعيل الإشارات. وقد قيّم المحللون الروس هذا السلوك على أنه محاولة للحفاظ على الوصول إلى التأمين والخدمات المينائية.
كما تناولت المصادر الصينية في Sohu و Global Times هذا الموضوع ووصفت ذلك بـ"الشفافية التكتيكية"؛ أي سياسة مختلطة تستخدمها الحكومة الإيرانية لتخفيف الضغوط العقابية دون وقف شبكة الصادرات غير الرسمية.
وبحسب هذه المصادر، تتحرك إيران حاليًا بين ثنائية "الشفافية الانتقائية" و"الإخفاء الذكي".
أسباب محتملة لتغيير السلوك
1. المبادرة لمواجهة العقوبات الجديدة
في ظل العودة الحالية لعقوبات مجلس الأمن، قد تسعى إيران لضبط سلوك أسطولها بطريقة لا تُعد انتهاكًا صريحًا للقوانين البحرية.
2. تقليل المخاطر التشغيلية والتأمينية
السفن التي تغلق نظام تحديد المواقع (AIS) عادةً لا تكون مشمولة بالتأمين الدولي. إعادة تفعيل النظام، ولو بشكل انتقائي، يمكن أن يسمح بالعودة الجزئية إلى سلسلة الخدمات الرسمية من تأمين وصيانة ومرسى السفن.
3. الاستجابة للحرب الإلكترونية في المنطقة
تشير تقارير متعددة، بما في ذلك تحليلات "رويترز"، إلى زيادة الاضطرابات في نظام "GPS" في المياه الخليجية. تفعيل الإشارات الحقيقية قد يكون إجراءً فنيًا لمواجهة مخاطر تزوير المواقع والحوادث المحتملة.
الوضع الحالي لصادرات النفط
استنادًا إلى البيانات المنشورة في المصادر الصينية، بلغت صادرات النفط الإيرانية في النصف الأول من عام 2025 حوالي 1.1 مليون برميل يوميًا. الجزء الأكبر من هذه الصادرات متجه إلى الصين، وجزء آخر ينقل عبر شبكة "من سفينة إلى سفينة" في المياه القريبة من إندونيسيا وماليزيا.
رغم الضغوط العقابية، تمكنت إيران من الحفاظ على جزء من إيراداتها بالعملات الأجنبية من خلال تقديم خصومات كبيرة ومقايضة السلع.
مع ذلك، قد يؤدي إعادة تفعيل عقوبات مجلس الأمن عبر آلية الزناد إلى إغلاق طرق الصادرات الرسمية مرة أخرى ورفع تكاليف النقل بشكل كبير.
وهذا لن يؤثر فقط على سوق الطاقة الإيراني، بل سيغير أيضًا معادلات النفط الروسية والصينية.
تتوقع المصادر الروسية أنه في حال تصاعدت الضغوط، سيتوسع التعاون بين إيران وروسيا في إطار أسطول مشترك من "ناقلات الظل".
يجب اعتبار التغيير الأخير في نظام تحديد المواقع لناقلات النفط الإيرانية جزءًا من تكيف متعدد الطبقات: مزيج من الجهود لتقليل المخاطر التشغيلية، إدارة الضغط العقابي، وإعادة تعريف الاستراتيجية المتعلقة بالسوق العالمية للنفط.
تفعيل الإشارات لا يعني الشفافية الكاملة، بل يعكس نوعًا من التغيير التكتيكي الذي تستخدمه إيران لمواجهة تعقيدات العقوبات والرقابة العالمية، وما زالت نتائج هذا الإجراء ودرجة نجاحه غير واضحة.
مع إعادة تفعيل آلية الزناد، سيظل مستقبل صادرات النفط الإيراني مرتبطًا بالتوازن بين السياسة والتكنولوجيا؛ توازنٌ يُظهر أن كل إشارة ليست مجرد موقع سفينة، بل مؤشر على مسار جديد للاقتصاد الإيراني في بحر السياسة العالمية المتقلب.