إيران تفرج عن المواطن الألماني مارك كافمن بعد 5 أشهر من اعتقاله بتهمة "التجسس"

أفادت تقارير من إيران بالإفراج عن المواطن الألماني مارك كافمن، الذي كان قد اعتُقل في إيران قبل نحو 5 أشهر بتهمة "التجسس".

أفادت تقارير من إيران بالإفراج عن المواطن الألماني مارك كافمن، الذي كان قد اعتُقل في إيران قبل نحو 5 أشهر بتهمة "التجسس".
وذكر الصحافي كامبیز غفوري، في حديث مع "إيران إنترناشيونال" بأن كافمن أُطلق سراحه بعد موافقة السلطات على طلبه للحصول على عفوٍ مشروط.
وقال غفوري، يوم الجمعة 31 أكتوبر (تشرين الأول)، إنّ السلطات القضائية والأمنية أبلغت كافمن، يوم أمس الأول الأربعاء، بضرورة تقديم طلب رسمي للعفو المشروط، وبعد كتابته للطلب أُطلق سراحه من السجن، وغادره نهائيًا يوم أمس الخميس.
وأضاف الصحافي كامبيز غفوري أن كافمن، بعد خروجه من السجن، بقي داخل إيران حتى ظهر يوم الجمعة 31 أكتوبر، ولم يغادر البلاد بعد، مشيرًا إلى أنه أعلن بنفسه نبأ الإفراج عنه عبر منشورٍ على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) قبل ساعات من المقابلة.
ولم تؤكد السلطات الرسمية في إيران أو وزارة الخارجية الألمانية نبأ الإفراج عن كافمن، حتى وقت إعداد هذا التقرير.
وكانت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "مهر"، التابعة لمنظمة الدعاية الإسلامية في إيران، قد أعلنت، في 21 يونيو (حزيران) الماضي، أن قوات الحرس الثوري ألقت القبض على كافمن في محافظة "مركزي" بتهمة "التجسس"، زاعمةً أنه كان يلتقط صوراً في محيط منشآتٍ عسكرية ونووية حساسة.
ونشرت الوكالة حينها مقطع فيديو يظهر فيه كافمن على أنه "سائح يهودي يحمل جنسية مزدوجة" كان يتجول بدراجته الهوائية قرب تلك المواقع. وقال كافمن في الفيديو إنه كان يعلم بوجود منطقة عسكرية محظورة التصوير فيها، وأرسل موقعه الجغرافي إلى "صديقٍ له".
إلا أن الفيديو بدا خاضعًا لمونتاج واسع، ولم يتضمّن أي اعتراف صريح أو مباشر من كافمن، بينما أُدرج فيه تعليق صوتي يدّعي أنه كان يتلقى أوامره من "قادة أميركيين ويهود"، وهي مزاعم لم تدعمها أي أدلة.
وقدمت التعليق الصوتي في الفيديو آمنة سادات ذبيح بور، الصحافية الإيرانية التي أدرجتها الولايات المتحدة عام 2022 على قائمة العقوبات، بسبب دورها في إعداد اعترافات قسرية لعدد من السجناء السياسيين لصالح الأجهزة الأمنية الإيرانية.
ويُذكر أن اعتقال كافمن جاء ضمن موجة جديدة من توقيف الأجانب في إيران بعد بدء الحرب بين إيران وإسرائيل في 13 يونيو الماضي. وكان المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، أصغر جهانغیر، قد أعلن، في 30 يونيو الماضي أيضًا أن "عددًا من المواطنين الأوروبيين" أُوقفوا في محافظات مختلفة "لتعاونهم مع إسرائيل"، بحسب تعبيره.
ومن جانبها، قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، ماي ساتو، أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يوم الخميس 30 أكتوبر، إنّ الحكومة الإيرانية "ردّت على الحرب بحملة اعتقالات واسعة"، بدلاً من حماية المواطنين، مشيرةً إلى أن أكثر من 21 ألف شخص جرى اعتقالهم خلال الأشهر الأخيرة.
وتُتهم إيران باتباع سياسة "احتجاز الرهائن"، عبر اعتقال مزدوجي الجنسية والأجانب للضغط على الحكومات الغربية ومقايضتهم في ملفات سياسية واقتصادية.

أكّد المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لشؤون العراق، مارك سافايا، في بيان جديد، أن واشنطن تدعم جهود بغداد لمواجهة التدخل الخارجي، ولا سيما نفوذ النظام الإيراني والفصائل المسلحة التابعة له.
وقال سافايا، يوم الجمعة 31 أكتوبر (تشرين الأول)، إن الولايات المتحدة تشدد على ضرورة إنهاء نشاط الجماعات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة العراقية، مضيفًا: "يجب أن تكون جميع الأسلحة تحت سيطرة الحكومة الشرعية في العراق، وأن تعمل الأجهزة الأمنية ضمن قيادة موحدة".
كما حذّر من أن سيادة العراق وتقدمه مهددان دون تحقيق الوحدة الوطنية، مشيرًا إلى أن واشنطن تساند بغداد في جهودها لإعادة الإعمار وتطوير البنى التحتية.
تحذير إيراني لبغداد
من جانبها، حذّرت طهران الحكومة العراقية مما وصفته بـ "مؤشرات على وجود خطة أميركية للهيمنة على العراق"، في وقت تشهد فيه الساحة السياسية في بغداد توافقات بين القوى الشيعية المدعومة من إيران، خصوصًا تلك المنضوية تحت إطار الائتلاف المعروف بـ "الإطار التنسيقي".
وبحسب تقرير لصحيفة "العربي الجديد"، فقد أكد أحد القادة البارزين في الائتلاف أن "جميع الملفات الخلافية تم تأجيلها إلى ما بعد تشكيل الحكومة الجديدة".. موضحًا أن القوى الشيعية اتفقت على تجنّب أي توتر سياسي حالياً، خصوصاً في ملفات الحشد الشعبي وسلاح الفصائل المسلحة.
وقد عبّر عدد من النواب والمحللين العراقيين عن قلقهم من تعقيد المشهد السياسي بفعل التأثيرات الخارجية.
وقال أحد أعضاء تيار الحكمة، بزعامة عمار الحكيم: "أصبحت قضايا، مثل الحشد الشعبي والعلاقة مع إيران، معقدة للغاية؛ بسبب التدخلات الخارجية، والحكومة الحالية عاجزة عن تحقيق إنجازات ملموسة في ظل هذه الظروف".
أما النائب جواد اليساري فحذّر من أن "التفاهمات الضمنية بين بعض القوى السياسية لتأجيل حسم ملفات، مثل الحشد الشعبي وحصر السلاح وتشريعات حرية التعبير والجرائم الإلكترونية، تمثّل لعبة سياسية خطيرة تهدف إلى تفادي الصدام مع الجماعات المسلحة وأصحاب النفوذ قبل الانتخابات المقبلة".
"قاآني" تحت المراقبة الأميركية
في سياق متصل، أفادت مصادر مطلعة في بغداد بوجود "فيتو" أميركي-إسرائيلي غير معلن، ضد زيارات قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، إلى العراق.
وتشير التقارير إلى أن "قاآني يُعد هدفًا استخباراتيًا ذا أولوية بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل"، وأن زياراته المتكررة إلى بغداد تُستخدم أحيانًا لرفع معنويات الميليشيات الموالية لطهران".
وفي المقابل، أكد قادة في الإطار التنسيقي أن "وجود قاآني في العراق لا يخضع لأي خطوط حمراء أو محظورات".
ويُظهر التناقض بين الخطاب السياسي والمقاربات الأمنية في العراق مرحلة حساسة من الصراع بين واشنطن وطهران داخل الساحة العراقية؛ حيث تتشابك المصالح الأمنية الأميركية مع النفوذ الإيراني العميق في مفاصل الدولة والفصائل المسلحة.
ويحذر مراقبون من أن استمرار هذا التداخل قد يزيد من تعقيد الأوضاع السياسية والأمنية في العراق، ويحوّل البلاد إلى ساحة تنافس دولي وإقليمي مفتوح ينعكس سلبًا على استقرارها الداخلي ومسارها الديمقراطي.

أثارت تحركات إيران الأخيرة الهادفة إلى خرق العقوبات الدولية، وإحياء برنامجها للصواريخ الباليستية باستخدام موادّ مستوردة من الصين، موجة قلق داخل الكونغرس الأميركي، الذي رأى عدد من أعضائه أن على واشنطن الرد بحزم إزاء هذه الخطوات.
وذكر موقع "جويش إنسايدر" الإخباري، اليوم الجمعة 9 31 أكتوبر (تشرين الأول)، أنه خلال لقاء الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ، في مدينة بوسان الكورية الجنوبية، لم يُتّخذ أي قرار بشأن خرق الصين للعقوبات المفروضة على إيران، سواء عبر تزويدها بموادّ حساسة، أو شراء كميات كبيرة من النفط الإيراني المصدَّر رغم القيود.
وخلال ذلك اللقاء، وافق ترامب على خفض الرسوم الجمركية الأميركية على الصين، مقابل تنفيذ بكين بعض الخطوات المحدودة. كما جمّد تطبيق مرسومٍ كان يهدف إلى تقييد وصول بعض الشركات الصينية إلى التكنولوجيا الأميركية المتقدمة.
وبموجب ذلك المرسوم، كانت الشركات الصينية، التي تملك جهات خاضعة لعقوبات واشنطن جزءًا من أسهمها، ستُمنع من تلقي هذه التكنولوجيا.
وفي يوم الأربعاء 29 أكتوبر الجاري، أفادت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية بأن طهران، رغم عودة العقوبات الأممية التي تحظر بيع الأسلحة والمعدات الصاروخية لإيران، تعمل بالتعاون مع الصين على إعادة بناء برنامجها الصاروخي.
وأوضحت الشبكة أن نحو ألفي طن من مادة "بيركلورات الصوديوم"- وهي العنصر الأساسي في صناعة الوقود الصلب للصواريخ متوسطة المدى- نُقلت من الصين إلى ميناء بندر عباس بعد الحرب، التي استمرت 12 يومًا.
الوضع سيستمر ما لم يتغيّر النظام الإيراني
قال السيناتور الجمهوري من ولاية فلوريدا، ريك سكوت، في مقابلة مع الموقع ذاته، إنه لم يتفاجأ بتقرير "سي إن إن"، موضحًا أن "روسيا، وإيران، والصين، وكوريا الشمالية، جميعها تسعى لتدمير نمط حياتنا".
وأضاف أنه يتوقّع أن تضطر الولايات المتحدة وإسرائيل في المستقبل إلى شن هجمات عسكرية جديدة ضد النظام الإيراني، قائلاً: "سيتعيّن علينا تدمير قدراتهم على إنتاج السلاح النووي، ولن يتغيّر شيء حتى تتولّى قيادة جديدة الحكم في إيران".
وعن إمكانية الضغط على بكين لإجبارها على الالتزام بالعقوبات المفروضة على طهران، قال سكوت إن واشنطن تملك أدوات ضغط متعددة، لكنها عديمة الجدوى؛ لأن الصين لا تنفّذ الاتفاقات و"تكذب بشأن كل شيء".
الصين شريك رئيس في الالتفاف على العقوبات
كانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قد ذكرت، يوم الاثنين 6 أكتوبر الجاري، أن الصين تلعب دورًا محوريًا في مساعدة النظام الإيراني في التحايل على العقوبات.
وأوضحت أن التبادلات المالية بين طهران وبكين تأخذ شكل المقايضة؛ حيث تُصدّر إيران نفطها إلى الصين، بينما تنفّذ الشركات الصينية، المدعومة من الحكومة، مشروعات للبنية التحتية داخل إيران مقابل ذلك النفط.
ودعا العضو الجمهوري في مجلس النواب|، مايك لاولر، الذي قدّم مشاريع قوانين لفرض عقوبات على مؤسسات صينية تتعاون مع طهران، إلى تطبيق العقوبات القائمة فورًا وفرض عقوبات جديدة على الأطراف المشاركة.
وقال في تصريحاته: "إذا صحّت التقارير بشأن تزويد الصين لإيران بمواد لإحياء برنامجها الصاروخي الباليستي، فذلك تطور خطير يهدد أمن الولايات المتحدة والعالم. أدعو إدارة نرامب إلى تنفيذ العقوبات فورًا وإضافة أخرى جديدة ضد المتورطين".
وأضاف أن "التجربة أثبتت أن سياسة المهادنة لا تؤدي إلا إلى تشجيع إيران على مزيد من التحدي"
وكانت "إيران إنترناشيونال" قد نقلت، في 6 أكتوبر الجاري، عن مصدر مطّلع قوله: "إن الحرس الثوري الإيراني وهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة يجريان مفاوضات مع شركات وسماسرة صينيين للحصول على أسلحة ومعدات عسكرية، من بينها صواريخ وطائرات مُسيّرة وأنظمة دفاع جوي".
وأكد السيناتور الجمهوري من ولاية تكساس، جون كورنين، أن إعادة إحياء البرنامج الصاروخي الإيراني بمساعدة الصين فكرة سيئة للغاية.
أما السيناتور الديمقراطي، مارك كيلي، من ولاية أريزونا فقال إنه لن يُفاجأ بمحاولات إيران لإعادة بناء ترسانتها الباليستية، موضحًا أن الصين "لاعب غير مرغوب فيه" في كثير من الملفات، بما فيها علاقاتها مع إيران.
وبدوره، حذّر السيناتور الديمقراطي، ريتشارد بلومنتال، من ولاية كونيتيكت قائلاً: "لا يوجد أي دليل على أننا نجحنا في كبح طموحات إيران نحو التحول إلى قوة نووية. يجب أن نظل يقظين وحازمين أمام هذا التهديد".
وأضاف: "لم أصدّق يومًا أن عملية (مطرقة منتصف الليل) قضت تمامًا على قدرات إيران النووية، لأن لديها العلماء والخبرات اللازمة لإعادة البناء، ولا تزال بعض تجهيزاتها مدفونة تحت الأنقاض".
وفي السياق نفسه، أعلن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، يوم الأربعاء 29 أكتوبر الجاري، أن الوكالة رصدت مؤخرًا نشاطات جديدة في عدد من المواقع النووية الإيرانية.

حذّرت وزارة الخارجية الأميركية، في تصريح خاص لـ"إيران إنترناشيونال"، من أن المواطنين الأميركيين ومزدوجي الجنسية عليهم تجنب السفر إلى إيران، أكثر من أي وقت مضى، رغم المبادرة الجديدة التي أعلنتها طهران، لعودة الإيرانيين المقيمين في الخارج.
وكان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قد أعلن، يوم الأربعاء 29 أكتوبر الجاري، إطلاق موقع إلكتروني رسمي جديد يسمح للإيرانيين المقيمين في الخارج بالعودة إلى وطنهم "بأمان"، من خلال التحقق مسبقًا مما إذا كانت هناك أي قضايا قانونية أو أمنية معلقة ضدهم داخل إيران.
ولكنّ الخشية من انتقام النظام لا تزال تردع كثيرين من الإيرانيين في الخارج عن العودة إلى بلادهم.
وفي ظل تزايد العقوبات الدولية المفروضة عليها، تحاول طهران إنعاش اقتصادها المعزول عبر استقطاب الاستثمارات والكوادر من جالياتها الكبيرة المنتشرة في العالم.
وأوضح عراقجي أن الموقع الجديد، التابع لوزارة الخارجية، يُعرف باسم "برسمان" (Porseman)، ويمكن للإيرانيين تسجيل بياناتهم الشخصية به؛ للتحقق مما إذا كانوا "خالين من المشكلات" قبل السفر إلى إيران.
وأضاف أن من يثبت خلوّ سجله القانوني من القضايا يتلقى موافقة مبدئية تظهر على شكل علامة "صواب" .
تحذير أميركي حاد
غير أن واشنطن كانت لها وجهة نظر مغايرة، إذ قالت وزارة الخارجية الأميركية؛ ردًا على استفسار من "إيران إنترناشيونال" حول المبادرة الإيرانية الجديدة، إن تحذيرها الشديد من السفر إلى إيران ما زال قائمًا.
وجاء في البيان: "لقد حذّرت وزارة الخارجية منذ فترة طويلة الأميركيين من السفر إلى إيران، وهذا التحذير أكثر صحة الآن من أي وقت مضى. فكل من له صلة بالولايات المتحدة، بمن في ذلك حاملو الجنسيتين الأميركية والإيرانية، يواجه خطرًا كبيرًا يتمثل في الاستجواب أو الاعتقال أو الاحتجاز داخل إيران".
منذ الثورة الإيرانية عام 1979 وأزمة احتجاز موظفي السفارة الأميركية في طهران، تسود علاقات عدائية عميقة بين إيران والولايات المتحدة مليئة بالشك المتبادل.
وقد بلغت العلاقات بين البلدين أدنى مستوياتها، عقب الهجمات الأميركية- الإسرائيلية، التي استمرت 12 يومًا ضد إيران (حرب الـ 12 يومًا)، في شهر يونيو (حزيران) الماضي.
وفي أغسطس (آب) الماضي، جدّدت وزارة الخارجية الأميركية تحذيرها لمواطنيها من السفر إلى إيران، خشية أن يُزَجّ بهم في المعتقلات تحت ذريعة التجسس، في إطار الحملة الواسعة، التي شنها النظام عقب تلك الحرب.
وجاء في بيان نشرته الوزارة على حسابها الفارسي في منصة إكس (USA Beh Farsi): "إن النظام الإيراني، بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، يعيش حالة من الهوس الأمني غير المسبوق، ويشنّ حملة قمع على من يسميهم الجواسيس ومعارضيه".
وأضاف البيان: "على أي شخص يفكر في السفر إلى إيران أن يُعيد النظر في قراره. نكرر: على المواطنين الأميركيين ألا يسافروا إلى إيران".
وبينما تؤكد إيران أنها ترحب بعودة اللاجئين والمغتربين، فإن قوانينها تجرّم طيفًا واسعًا من الأفعال والسلوكيات، من بينها: المعارضة السياسية، النشاط الحقوقي أو المدني، والمثلية الجنسية، ورفض الالتزام بقواعد الحجاب الإجباري.
وهي الأسباب ذاتها، التي دفعت كثيرًا من الإيرانيين إلى الهجرة أو اللجوء خارج بلادهم منذ سنوات.

حذّرت ماي ساتو، المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، من "تدهور غير مسبوق" في أوضاع حقوق الإنسان داخل البلاد.
وأكدت ماي ساتو أن السلطات الإيرانية، عقب الهجمات العسكرية الإسرائيلية في يونيو (حزيران) الماضي، كثّفت الإعدامات والقمع العابر للحدود وقيّدت بشدة المجتمع المدني، في مسارٍ وصفته بأنه "قد يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية".
وقالت ساتو في كلمتها أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 إن الشعب الإيراني "يعيش مأساة مزدوجة"- بين هجمات خارجية من جهة، وتصاعد القمع الداخلي من جهة أخرى.
وأضافت أن السلطات الإيرانية نفّذت "إعدامات جماعية"، وسنّت "قانونًا جديدًا للتجسس"، ووسّعت نطاق الاعتقالات العشوائية في عموم البلاد.
وأشارت في تقريرها الذي قُدم مساء الأربعاء في نيويورك إلى أن وضع حقوق الإنسان في إيران "أسوأ من أي وقت مضى".
وقالت إن الهجمات الجوية الإسرائيلية والأميركية ضد إيران في يونيو 2025، لا ينبغي أن تُستخدم ذريعة لتجاهل "القمع المنهجي الداخلي" الذي تمارسه الحكومة الإيرانية.
وأضافت ساتو أن الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية ونووية إيرانية- بعضها تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية- "كان من الممكن أن تتسبب في كارثة إنسانية وبيئية شاملة في المنطقة".
ووفقًا للأرقام الرسمية الواردة في التقرير، قُتل نحو 1,100 شخص، بينهم نساء وأطفال، وأُصيب أكثر من 5,600 آخرين، فيما استُهدفت مستشفيات ومدارس وبنى تحتية مدنية، بل حتى سجن إيفين أثناء زيارة عائلات السجناء.
المعاناة الإنسانية بعد الحرب
وقالت ساتو: "انتهت الحرب، لكن معاناة الشعب الإيراني مستمرة. ملايين نزحوا من منازلهم، النساء الحوامل لا يجدن رعاية طبية، وأفراد الأقليات الجندرية يواجهون خطرًا وتهميشًا متزايدين".
وأضافت أن السلطات الإيرانية، بدلًا من حماية مواطنيها، لجأت إلى الاعتقالات الجماعية، إذ تجاوز عدد المعتقلين 21 ألف شخص، بينهم صحافيون، ونشطاء، ومستخدمو شبكات اجتماعية، وأفراد من الأقليات الدينية والإثنية.
وانتقدت المقرّرة الخاصة القانون الجديد المتعلق بالتجسس، مؤكدة أنه وسّع نطاق الأفعال التي قد تؤدي إلى عقوبة الإعدام، ليشمل حتى "التواصل مع وسائل إعلام أجنبية أو نشر معلومات على الإنترنت".
وأوضحت: "في الأشهر العشرة الأولى من عام 2025، تم تنفيذ أكثر من 1,200 عملية إعدام في إيران- أي بمعدل أربع حالات يوميًا. الحكومة الإيرانية تمارس الإعدام على نطاق واسع".
وبيّنت أن ثمانية في المئة فقط من هذه الإعدامات تُعلن رسميًا، بينما قد يكون العدد الحقيقي أعلى بكثير، مشيرة إلى أنه "منذ عام 2015، لم يُثبت أي دليل أن لعقوبة الإعدام أثرًا رادعًا، بل تُستخدم كأداة للسيطرة وبثّ الخوف".
وأكدت أن صحافيين في مؤسسات مثل "بي بي سي فارسي" و"إيران إنترناشيونال" تلقوا تهديدات بالقتل، فيما تتعرض عائلاتهم داخل إيران للترهيب والمضايقات.
كما شددت على أن عائلات ضحايا الطائرة الأوكرانية المنكوبة ما زالت تتعرض للتهديد والضغط الأمني.
يتحدث التقرير أيضًا عن استمرار التعذيب والعقوبات البدنية، بما في ذلك الجلد وقطع الأصابع باستخدام المقصلة، وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب.
وأشارت ساتو إلى أن الوفيات الغامضة داخل السجون، ولا سيما نتيجة الحرمان من العلاج الطبي، ما زالت مثار قلق بالغ.
وقالت إن عائلات الضحايا كثيرًا ما تُجبر على الصمت أو قبول "أسباب غير حقيقية للوفاة" حتى يُسمح لهم بتسلّم جثامين أحبائهم.
وضع النساء وسحب مشروع قانون مكافحة العنف الأسري
وفي جزء آخر من التقرير، أشارت ساتو إلى سحب مشروع قانون مكافحة العنف ضد النساء في يونيو 2025، واصفة ذلك بأنه "خطوة إلى الوراء في حماية النساء الإيرانيات".
وأضافت أن تطبيق قانون الحجاب الإجباري لا يزال قائمًا، رغم تراجع مستوى التنفيذ في بعض المناطق، حيث تنص المادة 638 من قانون العقوبات الإسلامي على أن النساء غير المحجبات قد يواجهن السجن أو الغرامة المالية.
وخلال النقاش، أكدت ساتو أن مهمتها "مستقلة وشفافة وموثقة"، داعية الحكومة الإيرانية إلى السماح لها بزيارة البلاد دون قيود.
وعن العقوبات الدولية، قالت: "العقوبات أثرت في الاقتصاد الإيراني، لكنها ليست السبب في القمع الداخلي؛ فذلك نتيجة قرارات داخلية بحتة".
واختتمت قائلة: "إيران عالقة بين عدوان خارجي وقمع داخلي. كان ينبغي أن تكون نهاية الحرب فرصة للمصالحة والإصلاح، لا ذريعة لمواصلة الإعدامات والقمع".
وطالبت الحكومة الإيرانية بتعليق فوري لجميع الإعدامات، وإلغاء القوانين التمييزية ضد النساء، وضمان الحريات الأساسية، مؤكدة أن "شعب إيران يستحق السلام والكرامة والعدالة.. وعلى المجتمع الدولي أن يقف إلى جانبه".
وفي الجلسة ذاتها، قدّمت سارة حسين، رئيسة فريق تقصّي الحقائق المستقل التابع للأمم المتحدة، تقريرها الذي تناول الهجوم الإسرائيلي على سجن إيفين في 23 يونيو 2025، والذي أسفر عن مقتل 80 شخصًا على الأقل.
وقالت حسين إن التحقيقات الأولية تشير إلى أن "الأبنية المدنية في السجن كانت هدفًا مباشرًا للهجمات، وربما نُفّذت عن عمد"، منتقدة عدم اتخاذ تدابير كافية لحماية حياة المعتقلين.
وأضافت أن السلطات الإيرانية أبقت عائلات السجناء أسابيع في حالة من الغموض بعد الهجوم، وأن بعض المعتقلين تعرّضوا للضرب وسوء المعاملة، كما توفيت إحدى النساء في سجن قرشَك نتيجة الإهمال الطبي.
وختمت بالقول: "إيران كانت ضحية عدوان خارجي، لكنها ما زالت منتهِكة لحقوق شعبها في الداخل. ندعو السلطات إلى إجراء تحقيق مستقل وشفاف حول ما حدث في إيفين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي سبقت الهجوم وأعقبته".

أثار استناد علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إلى تقرير صادر عن المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي (JINSA) بشأن حرب الـ12 يوماً، وتفسيره الانتقائي لمحتوى التقرير، أثار موجة من الانتقادات داخل إيران وخارجها.
ويُقصد بتعبير "التفسير المنحاز" أو "مصادرة المضمون" أن يقوم شخص بتأويل حدث أو تصريح بطريقة تتماشى مع مصالحه الخاصة، من خلال انتقاء أو تحريف المعطيات لصالح موقفه.
وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول 2025، استند علي لاريجاني في منشور على منصة "إكس" إلى بيانات من تقرير "تحت النار" (Shielded by Fire) الصادر عن معهد JINSA، وكتب: "لقد كتبوا هم أنفسهم أن 45 صاروخاً أطلقتها إيران أصابت أهدافاً حساسة، وهذه الإحصاءات من مصادر إسرائيلية رسمية، وليست ادعاءات إيرانية".
وقد نشر لاريجاني هذا التصريح باللغتين الفارسية والعبرية.
وفي المقابل، قال آري سيكوريـل، المدير التنفيذي للسياسة الخارجية في معهد JINSA ومؤلف التقرير، إن لاريجاني "أشار إلى تقريري حول الحرب التي استمرت 12 يوماً، لكنه تجاهل الجزء الذي يوضح أن إيران هي من خَسِرَت الحرب".
وأضاف سيكوريل: "الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة الإيرانية تم اعتراض معظمها من قِبل أنظمة الدفاع الأميركية والإسرائيلية، بينما وجّهت إسرائيل ضربات قاسية ضد إيران".
ورغم أن إيران تكبّدت خسائر استخباراتية وعسكرية كبيرة خلال الحرب مع إسرائيل، وفقدت عدداً من كبار قادتها، فإنها تحاول في الأشهر الأخيرة تقديم رواية مختلفة تزعم فيها النصر.
وفي سياق متصل، أدرجت وزارة التعليم في طهران رواية النظام حول حرب الـ12 يوماً في المواد الدراسية، بوصفها "انتصاراً لإيران ضد العدوان الإسرائيلي–الأميركي".
ويؤكد تقرير معهد JINSA، الصادر في أغسطس (آب) 2025، تصريحات سيكوريل. إذ جاء فيه أن معظم الهجمات الصاروخية والمسيّرة التي شنّها النظام الإيراني تم صدّها بواسطة شبكة الدفاع الجوي والصاروخي المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
ووفقاً للتقرير المؤلف من 29 صفحة، أطلقت إيران بين 13 و24 يونيو (حزيران) 2025 أكثر من 1,000 طائرة مسيّرة و574 صاروخاً باليستياً نحو إسرائيل، لكن 49 صاروخاً فقط أصابت مناطق سكنية أو بنى تحتية داخل إسرائيل.
وأشار التقرير إلى أن محدودية الأضرار تعود إلى أداء منظومة الدفاع الموحدة الأميركية–الإسرائيلية، التي بلغت نسبة نجاحها نحو 85 في المائة.
وكتب معهد JINSA في تقريره: "أكثر من 500 صاروخ باليستي أطلقتها إيران لم تُحدث أي ضرر في إسرائيل، والفضل يعود إلى التعاون الدفاعي الطارئ بقيادة الولايات المتحدة".
وأضاف أن الدور الأميركي كان "حاسماً"، موضحاً أن واشنطن أرسلت منظومتين من طراز "THAAD" وعدة مدمرات مزودة بنظام "Aegis" لدعم إسرائيل، وقدّمت أكثر من 230 صاروخاً اعتراضياً، أي ما يقارب ربع مخزونها الكلي.
وبحسب بيانات التقرير نفسه، دمّرت الغارات الإسرائيلية خلال الحرب مئات من منصات إطلاق الصواريخ التابعة لإيران، ما أدى إلى تقليص مخزونها من نحو 2,500 صاروخ إلى ما بين 1,000 و1,500 فقط، وهو ما أجبر طهران على خفض وتيرة هجماتها.
وفي حين حاول لاريجاني في منشوره تقديم الحرب كرمزٍ لـ"قوة إيران العسكرية"، وصف التقرير الأميركي–الإسرائيلي المواجهة بأنها "صراع مكلف كشف هشاشة البنية العسكرية الإيرانية".
وختم التقرير بتوصية مفادها أن على الولايات المتحدة وإسرائيل زيادة إنتاج الصواريخ الاعتراضية وتعميق التنسيق الدفاعي بينهما، لمنع إيران من استعادة قدرتها الهجومية مستقبلاً.