وفي حكمٍ صادر بتاريخ 31 أكتوبر عن القاضي راندولف دي. ماس، من محكمة مقاطعة كولومبيا، والمكوّن من 12 صفحة، ورد ما يلي: "تُقرّ المحكمة بأنّ أيّ مبلغٍ من المال، مهما بلغ، لا يمكن أن يعيد ما فقده الضحايا في هذه القضية، سواء كان نتيجةً لأفعال النظام الإيراني البغيضة أو الجماعات الإرهابية التي يدعمها".
واستندت المحكمة في قرارها إلى استثناء الدول الداعمة للإرهاب في قانون حصانة الدول الأجنبية (FSIA).
وقال نيكولاس ريديك، أحد محامي المدّعين: "صحيح أن هذا الحكم لا يستطيع أن يمحو معاناة تلك العائلات، لكنه على الأقل يُعيد شيئًا من الإحساس بالعدالة، لأنّ جهةً ما أُقِرّ بمسؤوليتها أخيرًا. نحن راضون عن النتيجى".
وبحسب قرار القاضي ماس، فقد قدّمت إيران دعمًا ماديًا كبيرًا لجماعتي الزرقاوي وأنصار الإسلام اللتين نفّذتا عدّة هجماتٍ إرهابية في العراق بين عامَي 2003 و2017.
وقد خُصِّص للمدّعين الـ36، الذين أُصيب أو قُتل أفراد من عائلاتهم في محافظة الأنبار غرب العراق، نحو 420.7 مليون دولار كتعويضٍ عن الأضرار، ومبلغ مماثل (420.7 مليون دولار) كغرامةٍ تأديبية.
وقال القاضي في حكمه: "لقد عانى المدّعون من ألمٍ عميق وطويل الأمد".
وهذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها المحاكم الأمريكية أحكامًا بتعويضاتٍ مالية ضد إيران.
ففي أبريل الماضي، حكمت محكمةٌ في واشنطن على إيران والنظام السوري بدفع 191 مليون دولار لعائلة مواطنٍ أمريكي قُتل في إسرائيل.
وقضت المحكمة بأنّ إيران وسوريا مسؤولتان عن مقتل آري فولد، وهو أمريكيّ قُتل طعنًا عام 2018 في الضفة الغربية على يد أحد عناصر حماس.
وكتب القاضي رويس لامبرت في حكمه: "لقد دعمت إيران وسوريا عن عمدٍ جماعةً بالوكالة كانت تسعى خصيصًا إلى ممارسة العنف ضد المدنيين الأبرياء وشجّعت أعمالها".
وفي يوليو من العام الماضي، أعلنت الصحفية والناشطة النسوية، مسيح علي نجاد، أن محكمةً فيدرالية في الولايات المتحدة أصدرت حكمًا لصالحها في قضيتها ضد النظام الإيراني، بتهمة احتجاز شقيقها رهينةً للضغط عليها لوقف نشاطها ضد الحجاب الإجباري و"الفصل الجنسي".
وقد نشرت صورةً من الحكم القضائي على حسابها في "تويتر"، موضحةً أنها لن تستلم مبلغ التعويض البالغ 3 ملايين و325 ألف دولار الذي حدّدته المحكمة.
كما أصدر مكتب المحاماة هريستشي بيانًا لاحقًا أعلن فيه أن محكمةً فيدرالية في واشنطن العاصمة قضت باعتبار إيران مسؤولة عن تعذيب واحتجاز غير قانوني مدّته 40 عامًا لـعباس أمير انتظام، الناطق باسم حكومة مهدي بازرغان المؤقتة، وأمرت بدفع 19.5 مليون دولار لأبنائه الثلاثة كتعويض.
وفي أغسطس 2019، حكمت محكمةٌ فيدرالية أمريكية بثبوت دعم طهران لميليشيا الحوثيين في اليمن، الذين تورطوا في اختطاف مواطنين أمريكيين عام 2015 وقتل أحدهما لاحقًا.
وجاء في الحكم أنّ الحوثيين لم يكونوا ليتمكّنوا من تنفيذ عملية الخطف دون دعم إيران، لذلك استحقّ المدّعون تعويضاتٍ مالية منها.
وقال ريدِك، في مقابلةٍ يوم الاثنين: "مثل هذه القضايا تتطلّب مئات الساعات من العمل، إذ يُخصَّص جزء كبير من الوقت للعثور على الأدلة وتحديد الجماعة المسؤولة عن الهجمات".
وأضاف، مشيرًا إلى أنه مثّل مئات ضحايا الإرهاب الدولي وتمكّن من تحصيل أكثر من 4 مليارات دولار تعويضاتٍ لما يقارب 200 منهم: "نحاول استصدار الأحكام النهائية في أسرع وقت ممكن، لكن جمع الأدلة المطلوبة قد يستغرق شهورًا".
وأوضح أنّ جمع الشهادات الرسمية من الضحايا وعائلاتهم عمليةٌ شديدة الصعوبة وتستغرق وقتًا طويلاً.
وبيّن أن الضحايا يعتمدون غالبًا على صندوق تعويض ضحايا الإرهاب المموّل من الدولة الأمريكية (USVSST Fund)، لأن "الحصول المباشر على أموالٍ من إيران شبه مستحيل".
وأضاف: "تمت مصادرة معظم أصول إيران من قِبل الحكومة الأمريكية أو مدّعين آخرين، لذلك لم يتبقَّ ما يمكن حجزه في الحسابات المصرفية".
ويُقدَّر عدد المستحقين للتعويض من هذا الصندوق بأكثر من 21 ألف شخص، بينهم نحو 13 ألفًا من ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001، و8,800 آخرين من ضحايا أعمال الإرهاب الدولي الأخرى.
وختم ريدك، بالقول إنّ الصندوق يُعاني من عجزٍ حاد في التمويل من الكونغرس، داعيًا إلى تحركٍ عاجل: "نأمل أن يتخذ الكونغرس إجراءً لمعالجة هذه المشكلة. يجب أن تكون هذه القضية فوق الخلافات الحزبية، فهي المسألة الأهم التي ينبغي التركيز عليها".