تلقت "إيران إنترناشيونال"، معلومات أفادت بأن سيد يحيى حسيني بنجشكي، المُلقب بـ "سيد يحيى حميدي"، وهو مساعد وزير المخابرات لشؤون الأمن الداخلي في إيران، هو العقل المدبر لعمليات الوزارة لاغتيال معارضي النظام في الخارج.
انتهت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، حاملةً معها شكوكًا كثيرة بالوسط السياسي والاجتماعي في إيران، وتساؤلات حول نسبة المشاركة، التي ادعت الداخلية الإيرانية، أنها بلغت 49.8 بالمائة، وأن أكثر من 30 مليون إيراني شاركوا فيها.
ومع ذلك، يبدو هذا الادعاء شبه مستحيل، بالنظر إلى تحليل الخطاب السياسي للإيرانيين في العالم الافتراضي، وكذلك الاجتماعات السياسية الشخصية وعبر الإنترنت، فيما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات، خاصة أن كثيرين اعتبروا أن رغبتهم في عدم إعطاء النظام شرعية هي السبب الرئيس وراء عدم مشاركتهم في الانتخابات.
وأشار خامنئي، في كلمة له بعد الانتخابات، إلى مسألة تدني نسبة المشاركة في المرحلة الأولى منها، واصفًا هذه المشاركة بأنها "أقل من المتوقع"، لكنه أكد أن عدم المشاركة في الانتخابات لا يعني معارضة النظام.
وحاول خامنئي، في خطابه، استعادة الشرعية المفقودة للنظام من خلال الحفاظ على أيديولوجيته، ومطالبته الشعب بإعطاء "المصداقية" للنظام من خلال المشاركة في الانتخابات؛ عبر محاولته ربط الهوية الوطنية والدينية للشعب بالنظام، بل وذهب إلى أبعد من ذلك، وعزز ما يعتبره "الشعور بالمسؤولية الجماعية".
وفي الوقت نفسه، يمكن أن نرى بوضوح أن المرشد الإيراني لم يستطع أن يتجاهل بشكل كامل الاستياء الواسع النطاق بين الناس. ومن خلال مقارنة تصريحات خامنئي بتصريحات الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، الذي اعتبر انخفاض مستوى المشاركة "علامة على استياء الشعب غير المسبوق وعدم رضا الأغلبية عن النظام"، يمكننا رؤية تناقض واضح بين مسؤولي النظام وقيادته.
ويحاول خامنئي تصوير هذا الاستياء على أنه قضية ثانوية، وليست معارضة لنظام الجمهورية الإسلامية، ويبين هذا الاختلاف في الخطابات وجهة نظر النظام تجاه الوضع السياسي الإيراني، ويشير إلى وجهة نظر تحاول الحفاظ على استقراره وشرعيته، دون النظر إلى انعكاس الواقع الاجتماعي والسياسي الحقيقي للبلاد.
ويمكن تحليل خطاب خامنئي، نقديًا، من وجهات النظر الثلاث: الأيديولوجية، والسلطة، والهوية.
فمن الناحية الأيديولوجية، حاول خامنئي في خطابه إظهار عدم المشاركة في الانتخابات كسلوك غير مطلع أو غير سياسي. ومن خلال قوله: "إن فكرة عدم المشاركة في الانتخابات تعني معارضة النظام هي فكرة خاطئة تمامًا"، فقد حاول الترويج لوجهة نظر مفادها أن المشاركة المنخفضة لا يمكن أن تشكل تهديدًا خطيرًا، وهذا تصريح واضح للحفاظ على شرعية النظام، الذي حاول التقليل من مشاعر السخط السائدة.
لكن هذا الأسلوب المختلف للمرشد الإيراني، علي خامنئي، بعد المشاركة المنخفضة في الجولة الأولى من الانتخابات وجهوده لتبرير هذا المستوى من المشاركة العامة، عزز التكهنات حول إمكانية اختلاق إحصائيات غير صحيحة في الجولة الثانية. وإذا قمنا بتحليل مقارن يتبين لنا أن تبريراته وتفسيره لنسبة المشاركة محاولة واضحة لإخفاء عدم الرضا السائد بين الشعب الإيراني ضد النظام الحاكم.
وفي الوقت نفسه، استخدم خامنئي لغة القوة لتشجيع المواطنين على المشاركة في الجولة الثانية؛ حيث وصف الانتخابات بأنها "مهمة للغاية"، وطلب من الإيرانيين أن "يحافظوا على شرف النظام الإسلامي وسمعته" من خلال المشاركة الانتخابية. إن هذا الطلب الموجه إلى الشعب لإضفاء الشرعية على النظام يظهر محاولة لإعادة بناء وتعزيز قوة النظام في مواجهة تراجع المشاركة.
ومن ناحية أخرى، فقد حاول في الواقع إعادة الناس إلى صناديق الاقتراع عبر خلق شعور بالمسؤولية الوطنية من خلال قوله: "إن مشاركة الناس في الانتخابات هي دعم وشرف ومصدر فخر للجمهورية الإسلامية". بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال تأكيد أهمية الانتخابات ودورها في سمعته النظام ومكانته، حاول خامنئي ربط الهوية الوطنية والدينية للشعب بالنظام، وطلب من الناس المشاركة، ليس فقط كعمل سياسي، ولكن أيضًا كواجب أخلاقي وديني.
لقد ارتكز خطاب علي خامنئي هذا على الافتراض الغريب بأن الهوية الجماعية الناتجة عن الشعور بالانتماء للنظام الإسلامي هي أمر مشروع يمكن أن يشجع الناس على المشاركة.
ويبدو أنه من وجهة النظر الاستبدادية للمرشد الإيراني، فإن "لا" التي قالها الشعب حاسمة للنظام، لا تزال غير قابلة للتصديق، ولن تكون كذلك من قِبل خامنئي.
أصبح مسعود بزشكيان، الرئيس التاسع لإيران، بدعم من الإصلاحيين، وأصبح لزامًا الآن مواجهة إرث الرئيس الراحل "إبراهيم رئيسي"، المُثقل بالأزمات والمشاكل، وعليه أن يتعامل مع قضية الوقود، التي لا بد له من رفع أسعاره.
وكذلك سيكون مجبرًا على التعامل مع ترامب في حال فوزه المحتمل بالانتخابات الأميركية المقبلة.
وكان وزير الخارجية الإيراني الأسبق، محمد جواد ظريف، يستند في ظهوره الإعلامي أمام وسائل الإعلام الغربية، إلى نسبة المشاركة العالية في الانتخابات، ويعتبر ذلك دليلًا على مشروعية النظام وصحة قراراته، لكن هذه المرة لن يكون وزير الخارجية القادم لإيران باستطاعته اللعب بورقة مشاركة 70 بالمائة، بعد أن قاطع أكثرية الشعب الإيراني العملية الانتخابية.
وسنشير فيما يلي إلى قائمة الهزائم التي ستحل بالتيار الإصلاحي في إيران، بعد فوز مرشحه، مسعود بزشكيان، في توقيت صعب وظروف معقدة بالنسبة للنظام على الصعيدين الداخلي والخارجي:
الهزيمة الأولى: فقدان ورقة نسبة المشاركة بـ 70 بالمائة
أجرى النظام الإيراني، منذ وصول علي خامنئي لمنصب المرشد حتى الآن، 10 انتخابات رئاسية، ومن هذه الانتخابات العشرة، ظهر ستة رؤساء.
ومن بين هؤلاء الرؤساء الستة، كان منهم اثنان مدعومان من الإصلاحيين: محمد خاتمي وحسن روحاني.
وفاز خاتمي في الانتخابات بنسبة مشاركة 79.9 و66.7 بالمائة في الفترتين الأولى والثانية من رئاسته على التوالي، وفاز حسن روحاني بنسبتي مشاركة 72.9 و73.3 بالمائة في فترتين رئاسيتين.
والآن فاز بزشكيان، الرئيس الثالث الذي يدعمه الإصلاحيون، بالانتخابات، والتي حتى لو قبلنا الإحصائيات الرسمية لوزارة الداخلية، دون النظر إلى الشكوك الجدية حول صحتها، فإن "رئيسي" سيكون الرئيس الأقل أصواتًا، ليس بين الإصلاحيين فحسب، وإنما بين جميع الرؤساء الإيرانيين، منذ 45 عاماً بنسبة مشاركة 49.8 بالمائة.
وعلى الرغم من أن الانتخابات امتدت لجولة ثانية، إلا أن بزشكيان هو المرشح الوحيد الذي حصل على 26.7 بالمائة من إجمالي الناخبين المؤهلين، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
ورغم انتخاب "رئيسي" في الجولة الأولى لانتخابات عام 2021، فإنه بحسب الإحصائيات الرسمية، انتُخب بنسبة 30.4 بالمائة من مجموع الناخبين، الذين يحق لهم التصويت.
وطالما كان يتباهى الإصلاحيون بارتفاع نسبة المشاركة والاستدلال بها كدليل على دعم الشعب للنظام ومشروعيته، ولكن بعد الانتخابات الأخيرة ونسبة مشاركة متدنية يمكن القول إن الإصلاحيين فقدوا ورقة نسبة المشاركة العالية.
الهزيمة الثانية: الوقود وباقي الأزمات
تتضاعف الأزمات، التي تعيشها إيران، وهذه الأزمات كلها لا تزال حاضرة، وعلى الرئيس الجديد، مسعود بزشكيان، التعامل معها، ومن هذه الأزمات أزمة الاتفاق النووي وعراقيل إحيائه وأزمة مجموعة العمل المالي (FATF)، التي تصنف إيران في قوائمها السوداء، وأزمة المتقاعدين، التي شهدت في السنوات الثلاث الأخيرة، تفاقمًا كبيرًا، ما دفع بآلاف المتقاعدين إلى التظاهر والاحتجاج المستمر.
وقبل فوز "بزشكيان" بالانتخابات الرئاسية، وعد رئيس حملته الانتخابية، علي عبد العلي زاده، برفع أسعار الوقود ليصل إلى 50 ألف تومان (حالياً 3 آلاف تومان)، وهي قضية مقلقة بالنسبة للنظام؛ كونها قد تكون سبباً في انفجار الأوضاع، كما حدث في السنوات القليلة الماضية؛ حيث فجّر قرار السلطات في عهد حكومة روحاني مظاهرات عارمة في جميع أنحاء إيران، راح ضحيتها عشرات القتلى والمصابين برصاص الأمن الإيراني.
وإذا لم يتمكن بزشكيان من تحسين وضع مبيعات النفط، فإن الضرائب ستكون المصدر الرئيس للتمويل الحكومي، ورغم وعده بزيادة حد الإعفاء الضريبي، فإنه لا يبدو أن هذا الوعد يمكن تنفيذه، دون زيادة مبيعات النفط.
أما بالنسبة لقضية "الحجاب الإجباري" و"شرطة الأخلاق"، فإن "بزشكيان" والمقربين منه يدركون أن القرار النهائي حول هذا الملف ليس من ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية، وإنما تديره مؤسسات أخرى يشرف عليها المرشد الإيراني، علي خامنئي.
الهزيمة الثالثة: حرق ورقة إسقاط النظام
اعتمد بعض الإصلاحيين في عهد حكومة "رئيسي"، خلال السنوات الثلاث الأخيرة خطابًا يتغزل بدعاة إسقاط النظام ويتقرب إليهم، وانضمت شريحة منهم إلى دعاة إسقاط النظام، بعد أحداث مقتل الشابة الإيرانية، مهسا أميني، عام 2022، لكنهم الآن صوتوا لصالح "بزشكيان"، وشاركوا في صياغة المشهد الحالي.
كما انهم ابتعدوا نسبيًا عن الجمهورية الإسلامية بعد احتجاجات عام 2017، لكنهم اليوم يعودون إلى أحضان النظام، ويقبلون بقواعد اللعبة التي يرعاها نظام ولي الفقيه.
والآن أصبح منتقدو سياسات خامنئي سببًا في إنقاذه من خلال زيادة نسبة المشاركة التي تقل عن 40 بالمائة في الجولة الأولى، إلى ما يقارب من 50 بالمائة في الجولة الثانية. وربما لن ينسى مقاطعو الانتخابات هذه بسهولة، الدور الذي لعبه الإصلاحيون في تسخين الأحداث.
كما سيتحمل الإصلاحيون تبعات سياسات "بزشكيان" ومواقفه، وقد سبق له أن أقر بشكل صريح بأنه "يذوب حبًا في ولاية الفقيه"، وأنه مستعد لارتداء ملابس الحرس الثوري للدفاع عن هذه المؤسسة العسكرية.
وبعد دعم محمد خاتمي ومهدي كروبي لـ "بزشكيان"، لم يعد بإمكان الإصلاحيين أن يضعوا أنفسهم بجانب دعاة إسقاط النظام، فعلى الرغم من المكاسب الصغيرة التي سيحصلون عليها، كتولي بعض المناصب هنا وهناك، فإنهم وعلى المدى البعيد سيتحملون هزائم كبيرة.
ينص ما يُسمى قانون "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في إيران، الذي اقترحه المرشح الرئاسي، مسعود بزشكيان، على فرض غرامات مالية ونفي وسجن المواطنين، عند مقاومة ومواجهة تدخل رجال الأمن في طريقة لباس المرأة وظهورها في المجتمع.
وأقر البرلمان الثامن في تاريخ إيران هذا القانون، ليس بضغط الأصولي المتشدد، سعيد جليلي، أو "لوبي" محمد باقر قاليباف، بل كان باقتراح ممثل تبريز في البرلمان، مسعود بزشكيان.
وبعد مرور 14 عامًا على إقرار هذا القانون وفرضه على المجتمع، أصبحت مسألة حقوق المرأة، خاصة حرية الملبس، في الأماكن العامة، هي القضية الحاسمة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
وكان على المرشحين في هذه الانتخابات أن يوضحوا موقفهم من ثلاث قضايا حاسمة، وهي: حقوق الإنسان، خاصة حرية المرأة في الملبس، وركائز السلطة، وعلى وجه الخصوص الحرس الثوري الإيراني، والسياسة الخارجية، فيما يتعلق بخلق التوتر ضد الغرب.
والآن بعد أن انتقلت الانتخابات إلى المرحلة الثانية بعد مقاطعة كبيرة وتصويت منخفض على خيارات مجلس صيانة الدستور الإيراني، استخدم الإصلاحيون المؤيدون للمرشح مسعود بزشكيان "تكتيك" الاستقطاب في الفضاء الإلكتروني، ويعتقدون أن سر فوزهم هو إثارة الخوف من فوز الأصولي المتشدد، سعيد جليلي.
وبالنظر إلى سجل تمثيل بزشكيان في البرلمان الإيراني، وهو معيار أفضل للحكم على أدائه في موقع السلطة، يتبين أنه إذا فاز بسباق الرئاسة، فإنه سيستمر على الوضع نفسه والخط الحالي في المجالات الثلاثة: الحجاب والحرس الثوري الإيراني والعلاقات مع الغرب، وليس ما يريده غالبية المواطنين.
التوقيع الأول: مقترح لدعم فرض الحجاب الإجباري وافق البرلمان الإيراني على هذا المقترح في يونيو (حزيران) عام 2010، وهي خطة وقّع عليها بزشكيان مع 102 من أعضاء البرلمان الآخرين، بمن في ذلك شخصيات متطرفة مثل ستار هدايت خاه، الذي تحدث ضد قتلى الاحتجاجات عام 2009، ومنع التحقيق في حادثة كهريزك.
وتدعو هذه الخطة إلى التذكير الشفهي والكتابي وتقديم الشكاوى إلى السلطات الحكومية بشأن القضايا المثيرة للجدل، مثل: "الحياء العام" و"الأمن الاجتماعي" و"القيم والحدود الإسلامية" باعتبارها "واجب الجميع"، وفي المرحلة التالية يضطلع النظام بتطبيقها بمفرده.
وينص مقترح القانون، الذي وافق عليه بزشكيان، على السماح بالحكم على المواطنين بالغرامات المالية والسجن والنفي، وهو السبب الرئيس لحرب الشوارع ضد النساء في إيران.
وعلى الرغم من دوره في إقرار مثل هذا القانون، فإن مسعود بزشكيان ظهر في المناظرات الانتخابية الرئاسية كأنه مناصر للمرأة وضد فرض الحجاب، ويحاول استقطاب المحتجين من خلال اختيار عبارات تبدو أنها ضد شرطة الأخلاق ودورها، لكن مضمون عباراته يحمل إنكار حرية المرأة وحقها في الملبس، وهو يسير يدًا بيد مع النظام في هذا الاتجاه، بأن عدم ارتداء الحجاب أمر غير مرغوب فيه، والفرق الوحيد هو أنه يناقش طريقة فرضه.
وإذا دققنا في خطاب وسجلات بزشكيان يتبين لنا أنه ليس مع حرية لباس المرأة، كما يحاول أنصاره ومؤيدوه الإصلاحيون تقديمه والترويج له، كما أنه ليس ضد دورية شرطة الأخلاق، ولكن المشكلة، كما يؤكد هو نفسه، هي أن خطة "نور" لقوات الشرطة كان ينبغي تنفيذها بشكل تجريبي في مدينة أو محافظة.
التوقيع الثاني: تعزيز الحرس الثوري الإيراني يكشف توقيع آخر لـ "بزشكيان" في البرلمان الإيراني عن موقفه بمن الركائز الأساسية للسلطة.
عندما صنفت الحكومة الأميركية الحرس الثوري، منظمة إرهابية، في عام 2019، ألزم "بزشكيان"، بصفته نائبًا في البرلمان، النظام الإيراني باتخاذ إجراءات في إقرار ما يُسمى "تعزيز موقع الحرس الثوري الإيراني ضد الولايات المتحدة"، مما أدى إلى مزيد من تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة.
وتصف هذه الخطة القوات العسكرية والاستخبارات التابعة للولايات المتحدة بـ "الإرهابية"، وتلزم الحكومة الإيرانية بمواجهتها، فضلًا عن عرقلة التعاون بين الولايات المتحدة ودول المنطقة في مجال التبادل المالي والمنشآت والمعدات.
ومما لا شك فيه أن تعزيز وتطوير الحرس الثوري الإيراني في العقود الأخيرة كان ممكنًا وميسرًا من خلال الدعم الحكومي والقانوني والمالي للمؤسسات الحاكمة الأخرى في إيران، بما في ذلك دعم الخطط التي شارك فيها بزشكيان، وقد ساهم في تعزيز سلطات الحرس الثوري الإيراني في قمع وقتل المواطنين وتفاقم انعدام الأمن والصراعات مع الدول الأخرى في المنطقة.
وبالإضافة إلى ذلك، نشرت وسائل الإعلام صورة بزشكيان وهو يرتدي زي الحرس الثوري الإيراني في قاعة البرلمان مع نواب إصلاحيين آخرين عام 2019، وهو الإجراء الذي تم اتخاذه بعد أن تم تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية من قِبل إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.
ولا يخفي بزشكيان دعمه المطلق للحرس الثوري الإيراني، وقال في مناظرات الانتخابات الرئاسية، إنه يعتبر صواريخ الحرس الثوري الإيراني وطائراته المُسيّرة "مصدر فخر".
لكن القضية أصبحت متناقضة عندما وعد، بصفته ناقدًا ومحتجًا على الوضع الحالي للبلاد، والذي يلعب فيه الحرس الثوري الإيراني وقمعه وفساده الاقتصادي دورًا كبيرًا بالطبع، بتغيير هذه الأوضاع الراهنة، لكنه لا يتفوه بكلمة عن دور الحرس الثوري الإيراني.
التوقيع الثالث: خلق التوتر في المنطقة المجال الثالث والذي يشكل أساس العديد من الأزمات الاقتصادية والدولية في إيران، هو موقف النظام الإيراني تجاه الغرب وإسرائيل.
ويمتلك بزشكيان سجلًا وتاريخًا في اقتراح وإقرار قانون فاقم من تصاعد العداء والمواجهة بين إيران وإسرائيل، بينما يقدم اليوم نفسه وفريقه كخيار للتفاعل وخفض التوتر مع العالم.
وقد وقّع هذا النائب مع 39 نائبًا آخر في البرلمان عام 2008 على خطة عاجلة بعنوان "إلزام الحكومة بتقديم الدعم الشامل" لفلسطين، والتي دعت إلى تدخل "جدي" للنظام الإيراني في دعم قطاع غزة.
وطالب هؤلاء النواب بالعمل على إرسال المساعدات إلى قطاع غزة، وإلى جانب ذلك طالبوا الحكومة الإيرانية بمراجعة علاقاتها السياسية والاقتصادية مع الدول الداعمة لإسرائيل ووقف دخول البضائع الإسرائيلية ومنع توقيع العقود مع الشركات التي يكون مساهموها الرئيسون شركات تابعة لهذا البلد.
ويعني تنفيذ هذه الخطة مواجهة سياسية بين إيران والدول الغربية، ومِن ثمّ فرض تكاليف اقتصادية على البلاد بسبب اضطراب التبادلات التجارية.
الآن، بعد نحو 15 عامًا، لا يتحدث بزشكيان في الساحة الانتخابية عن سجله المعادي للغرب في البرلمان، وبدلًا من ذلك، يقدم خطابًا معارضًا للتوتر لجذب أصوات المعارضين لهذه السياسات، وشدد مرارًا في المناقشات الاقتصادية والسياسية على أنه "يجب أن يكون لدينا اتصال بالعالم" وقال إنه باستثناء إسرائيل، يجب على إيران تعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى.
أقنعة المعارضة السياسية
ولا تقتصر قائمة الخطط ومشاريع القوانين، التي يرعاها بزشكيان، على هذه القوانين الثلاثة فقط والتي تجذب الانتباه، بل حاول أيضًا تعزيز سياسات خامنئي في المجالين الثقافي والاقتصادي، وهو ما ينتقده في المناقشات والمناظرات هذه الأيام عندما يتعلق الأمر بجذب الأصوات.
ففي المجال الثقافي، على سبيل المثال، أقر خطة لتعزيز وبناء المساجد في عام 2020. وفي المجال الاقتصادي، وقع عام 2017 على قانون لدعم «اقتصاد المقاومة» الذي أكده خامنئي.
وبهذه الخلفية، يبدو أن بزشكيان الذي نراه في الانتخابات اليوم ليس في موقع المسؤول المعارض للنظام والوضع الراهن، بل كان دائمًا عاملًا مساهمًا في دفع سياسات النظام، ودبلوماسية التوتر، وتعزيز العناصر القمعية في النظام، وسيروّج الإصلاحيون، في الأيام التي تسبق الجولة الثانية من الانتخابات، بالتأكيد لسياسة الترهيب والخوف من سعيد جليلي، باعتباره العنصر المتطرف في النظام، لكنهم لن يقولوا للشعب إن خيارهم، أي بزشكيان، لديه أيضًا وجهات نظر متقاربة ومشتركة جدًا مع النواة الصلبة للسلطة.
لقد حوّل الشعب الإيراني يوم 28 من يونيو (حزيران) عام 2024 إلى يوم عظيم وتاريخي، من خلال مقاطعة الانتخابات بشكل فاعل وواعٍ، وعدم التوجه إلى مراكز الاقتراع، وذلك للمرة الرابعة على التوالي فيما يسمى "الانتخابات"، وكانت نسبة المشاركة أقل من 50%.
وبحسب الإحصائيات، التي نشرتها وسائل الإعلام الحكومية، فإن نسبة المشاركة في الانتخابات، باستثناء الأصوات الباطلة، بلغت في أحسن الأحوال نحو 40%. ومع خصم الأصوات الباطلة والبيضاء، سيتم تخفيض هذا الرقم بسهولة إلى رقم أكثر إذلالاً لنظام الجمهورية الإسلامية.
ويودع علي خامنئي كل صوت في رصيد النظام، بغض النظر عمن أعطي له، ويعتبره دليلاً على "سمعة" و"صحة" و"ديمومة" الجمهورية الإسلامية. وانطلاقاً من المنطق نفسه، فإن كل صوت لم يتم الإدلاء به وكل مواطن لم يحضر التصويت يجب اعتباره معارضاً نشطاً لنظام الجمهورية الإسلامية.
كان قادة النظام الإيراني يأملون في تعويض هزيمتهم في الانتخابات الثلاث السابقة من خلال خلق منافسة مصطنعة ومسيطر عليها بالكامل، مستغلين الأجواء العاطفية بعد مقتل إبراهيم رئيسي، ومن خلال التلاعب بشخص من الطبقة الأكثر تهميشاً فيما يسمى "الجماعة الإصلاحية" في إيران. ومن خلال زيادة المشاركة، يتوصلون إلى النتيجة المرجوة في تحديد خليفة لرئيسي، ويتحدثون مرة أخرى عن قبولهم وشرعيتهم بين الإيرانيين.
لكن الشعب الإيراني، من خلال إظهار تضامنه الوطني، اتخذ إجراءً جماعيًا لمقاطعة الانتخابات الصورية، وبهذه الطريقة، لم يبدد آمال النظام فحسب، بل فرض أكبر فشل أمام أعين العالم على نظام غريب تماماً عن إيران والإيرانيين.
إن هذا النصر الكبير، خاصة بعد انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية"، له العديد من المعاني والنتائج المهمة، ويمكن أن يجعل طريق الشعب للانتقال من نظام الجمهورية الإسلامية وإقامة نظام سياسي ديمقراطي علماني قائم على حقوق الإنسان، أكثر سلاسة.
إن مقاطعة الانتخابات في الظروف التي تعيشها إيران اليوم ليس لها معنى وتفسير آخر سوى أن الشعب الإيراني قال بصوت عالٍ "لا" للجمهورية الإسلامية مرة أخرى. وهذا الرفض للنظام الذي جاء ليستخدم أصواتهم لمصلحته دون الالتفات إلى أبسط حقوق ومطالب الشعب الإيراني، سيحظى بلا شك باهتمام على الساحتين الإقليمية والدولية وسيزيد الضغوط على النظام الإيراني.
في المسيرة التي سار عليها الشعب الإيراني منذ يناير (كانون الثاني) 2017، واتباعه للشعار الاستراتيجي والحاسم "إصلاحي أصولي/ انتهت القصة"، فإن النتائج التي تحققت في 28 يونيو (حزيران) تعتبر نقطة تحول، يمكن أن تعيد الأمل والروح للشعب وتجعله مستعدًا لأعمال جماهيرية أخرى مثل الإضرابات والاحتجاجات على مستوى البلاد ضد النظام الفاسد والقمعي والمستبد.
لا تملك الجمهورية الإسلامية الإرادة ولا القدرة على حل مشاكل الناس في مجالات السياسة الداخلية والخارجية والاقتصاد والثقافة والبيئة وغيرها. وهذا يعني بطبيعة الحال أن الأرضية ستكون أكثر ملاءمة لاستمرار وتوسيع الاحتجاجات النقابية والمعيشية والمدنية والسياسية في السنوات الأخيرة.
ولهذا السبب فإن إحباط النظام، الذي جاء بكل قوته واستدعى كل قواه من الإصلاحيين إلى مختلف أطياف التيار الأصولي للتعويض عن إخفاقات السنوات الأخيرة في صناديق الاقتراع، يعطي حافزاً وقوة مزدوجة للانتفاضة الآخذة في الانتشار رغم القمع الدموي والوحشي الذي تتعرض له.
إن هذه المقاطعة وعواقبها لن تعيد الأمل والروح المعنوية إلى معسكر الشعب الإيراني فحسب، بل سيكون لها أيضا انعكاس كبير جداً في معسكر أنصار النظام الإيراني، وتمنع النظام من إمكانية إحداث استقطاب كاذب في المجتمع من خلال تمديد الانتخابات إلى الجولة الثانية.
ورغم أن مسعود بزشكيان حظي بدعم كامل من محمد خاتمي، الذي يشير إليه الإصلاحيون على أنه زعيم الإصلاحات، إلا أنه لم يتمكن من استقطاب نطاق واسع وفعال ممن انفصلوا فعلياً عن هذا الاتجاه، بما في ذلك مير حسين موسوي، وزهراء رهنورد، ومصطفى تاج زاده، وجر أنصارهم إلى صناديق الاقتراع، الأمر الذي يوضح أن ما كان يسمى ذات يوم بـ "الإصلاح في الجمهورية الإسلامية" لم يعد سوى جثة هامدة.
وعلى الرغم من أن الإصلاحيين فقدوا منذ فترة طويلة قاعدتهم الاجتماعية السابقة، التي اكتسبوها في غياب منافسين جديين، إلا أنهم كانوا يأملون في هذه السنوات أن يحظوا مرة أخرى باهتمام علي خامنئي وحصة من السلطة والفوائد الاقتصادية والسياسية الناتجة عن الجلوس على "طاولة الثورة".
لكن عندما اعتبر بزشكيان مراراً وتكراراً خلال المنافسات الانتخابية أن علي خامنئي هو "خطه الأحمر"، وقال إنه ليس لديه خطط وسياسات، وأن نيته هي تنفيذ السياسات التي أعلنها المرشد الأعلى، أصبح من الواضح أن ملف التيار الإصلاحي، بالاسم والتعريف السابقين، قد أُغلق في العلاقات داخل السلطة أيضاً، وعملياً لم تعد هناك حدود ومؤشرات يمكن على أساسها التعرف على الإصلاحيين وتمييزهم عن نظرائهم الأصوليين.
أما داخل الأصوليين، فإن الوضع مأساوي بنفس القدر. فالأصوليون الذين أظهروا عداوتهم مع بعضهم البعض قبل بضعة أشهر فقط خلال المنافسة على دخول البرلمان، فإنهم خلال المنافسة على مقعد إبراهيم رئيسي أيضاً، أظهروا عمق الخلاف بينهم.
إن عدم القدرة على التوصل إلى توافق حول وجود مرشح واحد، وطريقة مواجهة المرشحين وأنصارهم، لا سيما سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف، تظهر أنهم متعطشون للسلطة وليس عشاق الخدمة، على عكس الشعار الشائع في نظام الجمهورية الإسلامية.
وأياً كان الاسم الذي سيخرج من صناديق اقتراع النظام الإيراني، فإن هناك حقيقة كبيرة ستلقي بظلالها على رأس الحكومة ومستقبل نظام الجمهورية الإسلامية: لقد أظهر الشعب الإيراني إرادته ووعيه من خلال مقاطعة الانتخابات عدة مرات، فالجمهورية الإسلامية، بعد أن فشلت في أدائها، أصبحت أكثر هشاشة من أي وقت مضى، وينبغي لها أن تقلق بشأن المستقبل.
أعلنت 3 ميليشيات شيعية عراقية، هي حركة "النجباء" و"كتائب حزب الله" و"كتائب سيد الشهداء"، يوم الأحد 23 يونيو (حزيران)، استعدادها لإرسال قواتها إلى لبنان للمشاركة في حرب محتملة بين حزب الله وإسرائيل.
كما قال قائد القوات البرية للجيش الإيراني إن ما يسمى بقوات جبهة المقاومة لن تبقى صامتة في مواجهة حرب محتملة. ويبدو أن طهران قررت إرسال التسهيلات اللازمة إلى لبنان باستخدام الميليشيات العراقية.
لكن ما هي هذه الجماعات وما علاقتها بإيران؟
حركة "النجباء" جماعة وكيلة أم فرع لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني؟
حركة "النجباء" و"كتائب حزب الله" و"كتائب سيد الشهداء" هي ثلاثة من الركائز الأربع للمجلس التنسيقي لفصائل المقاومة التي تسيطر على السلطة في العراق. و"أنصار الأوفياء" هي الركن الرابع لهذا المجلس.
وأبرز هذه الجماعات حالياً هي حركة "النجباء"، التي عملت تحت عنوان "كتائب الإمام الكاظم" خلال الحرب الأهلية السورية.
تشكلت النواة المركزية لهذه الحركة في بغداد عام 2004، وفي عام 2013 أعلنت علنا عن وجودها من خلال انشقاقها عن جماعة "عصائب أهل الحق".
ومن هذا العام اختارت "عصائب أهل الحق" الدخول في النشاط السياسي، ومحاولة الفوز بمقاعد في البرلمان.
ورغم هذا الانقسام الذي جاء نتيجة الخلاف بين أكرم الكعبي الأمين العام لـ"النجباء"، وقيس الخزعلي زعيم "عصائب أهل الحق"، إلا أن هاتين المجموعتين ما زالتا تتمتعان بعلاقات جيدة مع بعضهما البعض.
وقال مصدر مقرب من الحشد الشعبي لـ"إيران إنترناشيونال" إن حركة "النجباء" تشكلت بإشراف مباشر من قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وبلغت الميزانية الأولية لهذه المجموعة 10 ملايين دولار، قدمها حزب الله اللبناني.
هيكلة هذه المجموعة كانت أيضاً من مسؤولية اللبنانيين. في ذلك الوقت، كان سليماني منزعجًا من "عصائب أهل الحق" لابتعادها عن الأنشطة العسكرية وتحولها إلى الأنشطة السياسية، وطلب من "النجباء" التركيز على الأنشطة العسكرية فقط.
وتمكنت "النجباء" من زيادة عدد قواتها بدعم مالي واسع النطاق من الحرس الثوري الإيراني.
خلال تلك الفترة، عندما كان كل جندي عراقي يتقاضى ما بين 300 إلى 400 دولار شهريا، كانت النجباء تدفع راتبا شهريا يعادل 1400 دولار. ويقدر عدد أعضاء هذه المجموعة بأكثر من 10 آلاف شخص.
وتعتمد "النجباء" بشكل كبير على فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، لدرجة أنه لا يمكن حتى وصفها بأنها مجموعة وكيلة.
في الواقع، "النجباء" هي جزء من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي يتمتع بعلاقة خاصة مع المرشد علي خامنئي.
ومحسن قمي، المساعد الدولي لمكتب خامنئي، هو جهة الاتصال الخاصة بهم.
ولهذه الجماعة كيان إعلامي وتنظيمي واسع في إيران ممول من قبل "اتحاد الإذاعة والتلفزيون الإسلامي" التابع لوزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية. فالقسم الفارسي في موقع "النجباء" وحسابات مستخدمي هذه المجموعة في شبكات التواصل الاجتماعي أحدث وأفضل من القسم العربي.
ولدى النجباء 12 مكتبًا في طهران وقم ومشهد، أحدها عبارة عن مبنى مكون من 8 طوابق في جنت آباد بطهران.
وتتدرب قوات "النجباء" في ثكنة بازوكي في طهران ومقر لواء الإمام الصادق 83 في قم.
وبحسب مصدر مقرب من الحرس الثوري الإيراني، فإن الحرس أنشأ كيانا اقتصاديا لـ"النجباء"، التي لها مكاتب في الصين والإمارات العربية المتحدة وتبيع النفط لصالح الحرس الثوري الإيراني. وفي الواقع، يقوم الحرس الثوري الإيراني بإجراء جزء من معاملاته المالية، التي لا يرغب في تسجيلها، من خلال "النجباء".
وقال هذا المصدر إن "النجباء" تعيد أموال النفط المبيع إلى فيلق القدس، لأن الحرس الثوري الإيراني يدفع كافة نفقات هذه المجموعة.
وتتم الأنشطة العسكرية "للنجباء" تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، وتقوم القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري الإيراني بمراقبة إطلاق صواريخ هذه المجموعة على أهدافها.
ويدير عملية المراقبة حميد فاضلي، الرئيس السابق لمنظمة الفضاء الإيرانية ورئيس "الوحدة 340" في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وقال مصدر مقرب من الحشد الشعبي لـ"إيران إنترناشيونال" إن فيلق القدس أنشأ مصنعا "للنجباء" لتصنيع الأسلحة في العراق، ويتم إرسال جزء مهم من هذه الأسلحة إلى لبنان.
أكرم الكعبي، الأمين العام "للنجباء"، يعيش في إيران منذ فترة طويلة، ويذهب إلى العراق بـ"بطاقة ميثاق" وجواز سفر إيرانيين.
و"بطاقة ميثاق" هي بطاقة تُعطى للأشخاص البارزين في الخطوط الأمامية للمقاومة. وتصدر هذه البطاقات كتيبة اسمها "كتيبة الميثاق"، ويمكن لحامليها التنقل بسهولة عبر المطارات ومحاور النقل.
وبحسب مصدر مقرب من الحشد الشعبي، فإن أكرم الكعبي البالغ من العمر 47 عاماً لديه 3 زوجات و9 أطفال يعيشون في منزليه في جنت آباد والقرية الأولمبية.
وهو يظهر في الأوساط السياسية الإيرانية، والتقى بالعديد من السياسيين الإيرانيين، من إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني الراحل، إلى أحمد علم الهدى، خطيب جمعة مشهد، ومحسن رضائي، أمين مجلس التنسيق الاقتصادي الأعلى.
"النجباء" تتكون من 4 مجموعات أصغر
مجموعة "قاسم الجبارين"، وهي المسؤولة عن الهجوم على مطار أربيل. كما أن "سرايا أبابيل" قوية أيضًا في قطاع الطائرات المسيرة، ويعيش بعض أعضائها في مرتفعات الجولان. و"أصحاب الكهف" و"سرايا أولياء الدم" هما قسمان آخران من "النجباء".
وكانت مجموعة "أصحاب الكهف" تنتمي إلى "عصائب أهل الحق"، وكان عماد مغنية، القائد الكبير السابق لحزب الله، أحد مؤسسيها. وكانت المجموعة متخصصة في البداية في تنفيذ عمليات ضد الأميركيين باستخدام القنابل المزروعة على الطرق، لكنها ركزت في السنوات الأخيرة بشكل أساسي على الأنشطة الاستخباراتية ومراقبة الأهداف.
تأسست "سرايا أولياء الدم" أساسًا للعمل ضد القواعد الأميركية في الدول الخليجية، كما نفذت عدة عمليات في بحر عمان. هذه المجموعة، التي يتمركز معظمها في البصرة والفاو، تساعد حاليًا الحوثيين، الميليشيات الشيعية اليمنية المدعومة من إيران.
قبل 7 سنوات، أعلنت النجباء تشكيل جيش تحرير الجولان. وتقول هذه المجموعة إنها مستعدة لاستعادة هضبة الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل بناء على طلب سوريا.
بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي وبدء حرب غزة، حاولت حركة "النجباء" مهاجمة إسرائيل. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن شن هجوم صاروخي على ميناء إيلات في إسرائيل.
كتائب حزب الله جذورها في فيلق بدر
أما المجموعة الثانية التي أعلنت استعدادها للحرب مع إسرائيل فهي "كتائب حزب الله". هذه الميليشيا التي تعد من أقوى عناصر جماعات المقاومة الإسلامية في العراق، أسسها أبو مهدي المهندس عام 2003.
وأعلنت هذه المجموعة في البداية أن هدفها هو محاربة تواجد القوات الأميركية في العراق، لكن بعد انسحاب هذه القوات دخلت الحرب الأهلية السورية وقاتلت لصالح بشار الأسد، الدكتاتور السوري.
وأعلنت الولايات المتحدة هذه الجماعة إرهابية في عام 2009.
وقال مصدر مقرب من الحشد الشعبي لـ"إيران إنترناشيونال" إن أصل هذه المجموعة يعود إلى "فيلق بدر" العراقي الذي قاتلت قواته على الجبهة الإيرانية خلال حرب العراق ضد إيران.
وقام أبو المهندس بتشكيل "كتائب حزب الله" باستخدام مجموعات عائلية من "فيلق بدر". ولهذا السبب، لم تكن هذه الجماعة بحاجة إلى حزب الله لبناء هيكل لها.
وكانت هذه المجموعة الأولى التي ترسلها إيران إلى سوريا لمساعدة بشار الأسد في قمع معارضيه في الشوارع.
وقُتل أبو مهدي المهندس، مؤسس هذه الجماعة، في هجوم شنته الولايات المتحدة في 3 يناير (كانون الثاني) 2020، على السيارة التي كانت تقله هو وقاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وبعد ذلك تولى أحمد الحميداوي قيادة هذه الجماعة.
كما تقدم إيران مساعدات مالية لكتائب حزب الله، لكن هذه المجموعة لديها نشاط اقتصادي واسع النطاق، فهم يشترون الأراضي في الدول الأوروبية، ويبيعون النفط، ووفقاً لمصدر عراقي، فقد اشتروا أسهماً في العديد من المصافي في إيران.
وتجني هذه المجموعة ما يقارب 100 مليون دولار من تصدير الأسمدة الكيماوية من إيران إلى العراق.
وفي فبراير (شباط) الماضي، قتلت الولايات المتحدة أبو باقر الساعدي، أحد أبرز قادة هذه الجماعة المسلحة، في هجوم بطائرة مسيرة.
وبعد ذلك هرب زعيم هذه الجماعة أحمد حميداوي وإخوته الثلاثة أسد وأرقد وأخلد إلى إيران ويعيشون الآن هناك.
وسبق أن أُعلن أن أبو مهدي المهندس يعيش مع زوجته الإيرانية في شارع كلستان 1 بطهران.
وزعمت "كتائب حزب الله" أنها نفذت أكثر من 150 هجوما ضد القوات الأميركية منذ بداية حرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
كتاب سيد الشهداء.. مقاولون لسليماني
كتائب "سيد الشهداء" هي الأصغر بين الميليشيات الثلاث التي أعلنت استعدادها لنقل قواتها إلى لبنان.
وأعلنت هذه المجموعة عن وجودها عام 2013؛ عندما قُتل 3 من عناصرها في ريف دمشق.
وكانت كتائب "سيد الشهداء" تنشط بشكل رئيسي في سوريا، وتقول إنها أرسلت 500 جندي إلى هذا البلد، وهم موجودون بشكل رئيسي في دمشق والغوطة الشرقية.
وبحسب مصدر مقرب من الحشد الشعبي فإنهم كانوا يتعاونون مع قاسم سليماني في الحرب السورية.
على سبيل المثال، مقابل الحفاظ على محور والتقدم 5 كيلومترات، حصلوا على مليوني دولار.
وقد حاولت هذه المجموعة مؤخراً جذب المزيد من الاهتمام من خلال مهاجمة أهداف أميركية.
ورحب زعيم هذه الجماعة، أبو آلاء الولائي، بوصول رئيسي إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، وقال إن فوز رئيسي سيعزز الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني.
ويبلغ عدد أفراد "كتائب سيد الشهداء" نحو 3 آلاف شخص.
ويتم تمويل هذه المجموعة أيضًا من قبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني؛ وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية تدفع أيضًا لكتائب سيد الشهداء، وهي عضو في الحشد الشعبي، إلا أن هذه المجموعة لها علاقة وثيقة جدًا مع حزب الله اللبناني، وتتلقى مساعدة مالية وإعلامية من هذه المجموعة.
وقد أعلنت الولايات المتحدة "كتائب سيد الشهداء" جماعة إرهابية في الخريف الماضي.
وقال مصدر في وزارة الدفاع الإيرانية، إن حسيني بنجشكي هو من الجيل الجديد من مديري المخابرات الذين يثق بهم المرشد الإيراني، علي خامنئي.
وتقوم وزارة المخابرات في إيران، بالتعاون مع منظمة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري الإيراني، بتنفيذ أهم الأنشطة التخريبية للنظام الإيراني في الخارج منذ سنوات عديدة.
لكن المعلومات التي تلقتها "إيران إنترناشيونال" تظهر أن وزارة المخابرات لديها هيكل أكثر تماسكًا من الحرس الثوري الإيراني، فيما يتعلق بالعمليات الخارجية.
وستكشف "إيران إنترناشيونال"، من خلال التقرير التالي، عن هوية هذا الشخص لأول مرة:
مَن هو "سيد يحيى حسيني بنجشكي"؟
وُلِدَ يحيى حسيني بنجشكي في 23 يناير (كانون الثاني) عام 1975 في مدينة كرج، غرب العاصمة الإيرانية، طهران.
وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة آزاد تبريز في طهران، وتم نشر اثنين من مقالاته في المجلات العلمية؛ الأول كان بعنوان: "دور الشائعات والتهديدات الهجينة في البيئة الأمنية"، والذي تم نشره في مجلة الأمن القومي الصادرة عن وزارة الدفاع، والآخر جاء تحت عنوان: "الإرهاب التكفيري في الفضاء السيبراني واستراتيجيات التعامل معه"، والذي تم نشره في مجلة الدراسات الاستراتيجية للفضاء السيبراني الفصلية التابعة لجامعة الدفاع الوطني.
وقام بتأسيس مقر "الشهيد سليماني" في وزارة المخابرات، والذي يتولى تنفيذ العمليات التخريبية في العالم، بالتعاون مع أجهزة استخبارات النظام الإيراني، ومساعدة الحرس الثوري.
ويشير اسم هذا المقر إلى خطة النظام الإيراني للانتقام لمقتل قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وذكر مصدر استخباراتي، أن يحيى حسيني لديه علاقة وثيقة للغاية مع الحرس الثوري، حتى أنه سافر إلى سوريا ولبنان عدة مرات، ويتعاون مع حزب الله وفيلق القدس من خلال تبادل المعلومات بين وزارة الاستخبارات والحرس الثوري وفرقهما العملياتية.
ومع ذلك، وبحسب تصريحات هذا المصدر، فإن كبار المسؤولين في الحرس الثوري الإيراني لا يتفقون كثيراً مع طموحات هذا المسؤول الكبير في وزارة المخابرات.
ويشغل يحيى حسيني، بالإضافة إلى منصب مساعد وزير المخابرات في شؤون الأمن الداخلي، منصب رئيس مكتب شؤون إسرائيل في هذه الوزارة أيضًا.
وقال مصدر استخباراتي لـ "إيران إنترناشيونال"، إن هذه المسؤولية المزدوجة أتت بقرار من المرشد علي خامنئي، الذي أعطى الأولوية للأنشطة الهجومية ضد إسرائيل، ونتيجة لذلك، تم تخصيص المزيد من الموارد المالية والبشرية لهذا القطاع.
وكان سعيد هاشمي مقدم يشغل منصب مساعد الأمن الداخلي في وزارة المخابرات، قبل أن يتولاه حسيني بنجشكي.
وتم فرض عقوبات على هاشمي مقدم البالغ من العمر 62 عامًا، وهو أحد أقدم مديري وزارة الاستخبارات، من قبل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، بعد الكشف عن مؤامرة تفجير باريس، وعلى الرغم من أن قسم شؤون وزارة الأمن الداخلي الإيرانية لا يزال مدرجًا على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي، إلا أن اسم حسيني بنجشكي لم تتم إضافته بعد إلى هذه القائمة حاليًا.
وكان الهدف من هذه المؤامرة هو تفجير مؤتمر منظمة مجاهدي خلق في باريس، لكن الخطة لم تنفذ بعدما اكتشفتها الشرطة الفرنسية.
الآلية الإرهابية لوزارة المخابرات الإيرانية
ترسل وزارة المخابرات في إيران عناصرها إلى الخارج؛ للقيام بالعمليات الإرهابية بطريقتين مختلفتين:
الطريقة الأولى هي إرسال هذه العناصر تحت غطاء العمل الدبلوماسي بوزارة الخارجية، ويتمركز العديد من هؤلاء في سفارات وقنصليات إيران في الخارج.
أما المسار الثاني فهو إرسال العناصر الاستخباراتية- العسكرية تحت غطاء النشاط التجاري.
ويخطط هؤلاء الأشخاص لخطط الاغتيال والخطف والتخريب، لكن تنفيذ الخطط عادة ما يكون من مسؤولية الوكلاء، حتى لا يبقى أي أثر لوزارة المخابرات، التي يُعد كبار تجار المخدرات أهم أدواتها الرئيسة لتنفيذ هذه العمليات.
وبُناءً على هذه الآلية، قامت وزارة المخابرات بعدة عمليات في أوروبا، ومن أهمها مخطط تفجير مؤتمر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المُعارِضة، في باريس، والذي دبره أسد الله أسدي، السكرتير الثالث لسفارة إيران في النمسا.
وفشلت المؤامرة، وتم اعتقال أسدي، الذي حُكم عليه بالسجن 20 عامًا، لكن بروكسل بادلته بمواطن بلجيكي مسجون في إيران.
ومن العمليات الأخرى اغتيال محمد رضا كلاهي صمدي، عضو منظمة مجاهدي خلق، الذي اتُهم بالتورط في تفجير مبنى حزب "جمهوري إسلامي"، وعاش بهوية أخرى لفترة طويلة، وقُتل قبل 9 سنوات أمام منزله في مدينة ألمير بهولندا.
وبعد ذلك بعامين، قُتِل أحمد مولا نيسي، أحد الناشطين السياسيين العرب، في لاهاي بهولندا.
وذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية، أن حلقة اتصال وزارة المخابرات بهاتين الجريمتين كان رضوان تقي، وهو عنصر إجرامي ذو أصول مغربية.
كما قام فرع شؤون الأمن الداخلي بوزارة المخابرات باغتيال سعيد كريميان، مدير قناة "جم تي في"، وقتل مسعود مولوي، مدير قناة "بلاك باكس" على التلغرام، وكلاهما تم اغتياله في العاصمة التركية، إسطنبول.
وكشف صحافي من تركيا، قبل أربع سنوات، أن محمد جواد آذري جهرمي، وزير الاتصالات آنذاك، تحدث معه هاتفيًا وهدده، قبل يوم من مقتل مسعود مولوي.
والجدير بالذكر أن آذري جهرمي، الملقب بـ "جواد ناظريان"، هو موظف رسمي في وزارة المخابرات الإيرانية.
واعتقل جهاز الأمن التركي محمد رضا ناصر زاده، الموظف في قنصلية إيران بتركيا، لدوره في اغتيال مولوي، ولكن سرعان ما أُطلق سراحه وعاد إلى طهران.
وكشفت وثائق المحكمة الخاصة بالمتهمين باغتيال مولوي أنهما كانا يعملان لدى اثنين من كبار مسؤولي وزارة المخابرات الإيرانية يدعيان "حاجي" و"حاجي آقا".
وقامت وزارة المخابرات الإيرانية، بتنفيذ هذه الاغتيالات، بواسطة أحد وكلائها، ويُدعى ناجي شريفي زندشتي، وهو مهرب دولي فرّ من تركيا، ويعيش حاليًا بمدينة أورمية الإيرانية، ويقوم بنقل المخدرات إلى أوروبا تحت ستار منظمة خيرية، بالتعاون مع الحرس الثوري.
واختطفت مجموعته فرج الله جعب، وهو مواطن إيراني- سويدي من معارضي النظام، من إسطنبول، وسلمته إلى وزارة المخابرات في إيران، وتم إعدامه في مايو (أيار) من العام الماضي.
وهناك ثلاث مجموعات وراء هذه الأنشطة الإرهابية للنظام الإيراني من عمليات الاختطاف والقتل والاغتيال، وهي وزارة المخابرات، وسفارات إيران، والمهربون الدوليون.
ويشرف على كل هذه الآليات، يحيى حسيني بنجشكي، الرجل الثاني في وزارة المخابرات الإيرانية.