في يونيو (حزيران) 2024، قال محمد جواد ظريف، مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، إن "سياسة بايدن كانت تخفيف القيود على بيع النفط"، وأكدت الإحصاءات هذا الأمر، حيث ارتفعت صادرات النفط الإيراني 10 أضعاف خلال فترة بايدن، بعد أن كانت أقل من 200 ألف برميل يوميا في عهد ترامب.
أفاد تقرير صادر عن مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني بأن ثلث الإيرانيين غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية. وأن معدل الفقر في عام 2023 ارتفع بنسبة 0.4 في المائة مقارنة بعام 2022، ليصل إلى 30.1 في المائة.
ووفقًا لصحيفة "دنياي اقتصاد"، فإن هذا يعني أن ثلث الإيرانيين في العام الماضي لم يتمكنوا من تلبية احتياجاتهم الأساسية.
وقد أظهر التقرير، الذي نُشر حديثًا من قبل مركز البحوث، أن معدل الفقر في إيران بداية 2012 كان في حدود 20 في المائة، لكنه شهد ارتفاعًا كبيرًا بعد عام 2019 نتيجة زيادة التضخم وتراجع النمو الاقتصادي، ليصل إلى 30.1 في المائة.
وأشارت صحيفة "دنياي اقتصاد"، في عددها الصادر يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول)، إلى أنه "لم يحدث أي تغيير كبير في معدلات الفقر خلال السنوات الخمس الماضية"، وأن ثلث سكان إيران ما زالوا يعيشون تحت خط الفقر.
وأكد التقرير أن ارتفاع معدل الفقر يشير إلى فشل سياسات الدعم الحكومية في السنوات الأخيرة، وأن تكلفة تنفيذ التزامات الإعانات باتت عبئًا كبيرًا على الميزانية العامة.
وتساءل التقرير عن الحلول الممكنة لتقليل معدلات الفقر وتحسين الوضع الاقتصادي، مشيرًا إلى توصيات مركز البحوث التي تدعو إلى "الابتعاد عن التقاعس وتبني سياسات إصلاحية تدريجية لمعالجة التحديات القائمة".
تجدر الإشارة إلى أن مركز البحوث نشر تقريرًا عن أزمة السكن في إيران في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه سرعان ما تم سحبه من الموقع الإلكتروني بعد ساعات من نشره.
وذكرت صحيفة "دنياي اقتصاد" أن الحكومة تحتاج إلى حوالي 300 ألف مليار تومان من الموارد الجديدة لتغطية الميزانية العامة حتى نهاية السنة الإيرانية في 19 مارس (آذار) 2025.
وأضافت أن التحدي الرئيس للحكومة يتعلق بنقص التمويل لدعم برنامج الإعانات، مشيرة إلى أن العجز في هذا المجال قد زاد بشكل ملحوظ خلال فترة قصيرة، مع توقعات بتفاقم الوضع في عام 2024.
وفي تقرير نُشر يوم 9 سبتمبر (أيلول)، أوضحت الصحيفة أن خط الفقر لأسرة مكونة من 3 أفراد في طهران وصل إلى حوالي 20 مليون تومان خلال هذا العام.
كما نقل التقرير عن هادي موسوي، عضو هيئة التدريس في مركز البحوث، أن معدل الفقر الحالي في إيران يبلغ حوالي 30 في المائة، ما يعني أن نحو 26 مليون إيراني يعيشون في فقر، وغير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية.
وخلال السنوات الأخيرة، ارتفعت معدلات الفقر بشكل كبير في إيران بسبب سوء إدارة الحكومة للوضع الاقتصادي، وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
وقد حذرت وسائل الإعلام المحلية مرارًا من تفاقم الفقر وانتشار سوء التغذية في عدة محافظات، إلا أن هذه التحذيرات لم تلقَ اهتمامًا كبيرًا من المسؤولين في النظام الإيراني حتى الآن.
كشفت تفاصيل مشروع موازنة الحكومة الإيرانية للسنة المقبلة أن أكثر من نصف إجمالي إيرادات الدولة من صادرات النفط والغاز سيتم تخصيصها للإنفاق العسكري في إيران، في ظل اقتراض الحكومة أكثر من 100 مليار دولار من صندوق التنمية الوطني، لتغطية العجز في الميزانية.
ووفقًا لمشروع الموازنة، فمن المتوقع أن تحصل الحكومة الإيرانية على نحو 37.5 في المائة من إجمالي إيرادات صادرات النفط والغاز، أي ما يعادل نحو 24 مليار يورو. ومن هذا المبلغ، سيتم تخصيص 51 في المائة، أي ما يعادل نحو 12 مليار يورو، لتمويل الجيش. أما بالنسبة لباقي الأموال، فسيتم تخصيص 42.5 في المائة منها لميزانية التشغيل الحكومية، و6.5 في المائة لمشاريع خاصة.
وفي مشروع الموازنة، تم رفع سعر الصرف الرسمي لليورو من 31000 تومان هذا العام إلى نحو 50200 تومان، في العام المقبل، وبسبب هذا التغيير، سترتفع إيرادات القوات المسلحة الإيرانية من عائدات النفط الحكومية بشكل كبير؛ فمن المتوقع أن يتجاوز دخلها العام المقبل 12 مليار يورو، مقارنة بـ4.3 مليار يورو هذا العام و3 مليارات يورو في العام السابق.
وفي الواقع، ستقوم الحكومة بتزويد القوات المسلحة بالنفط المُقدر باليورو؛ حيث يمكنهم بيعه للمشترين الأجانب. ومع تحديد سعر النفط عند 57.5 يورو للبرميل في موازنة العام المقبل، يعادل هذا التخصيص تسليم 583 ألف برميل يوميًا للقوات المسلحة.
وتشير بيانات تتبع ناقلات النفط إلى أن الحرس الثوري الإيراني صدّر نحو 85 ألف برميل من النفط يوميًا إلى سوريا. وبناءً على ذلك، يُتوقع أن يتم توجيه معظم النفط المخصص للقوات المسلحة إلى الصين، التي تمثل 95 في المائة من إجمالي صادرات النفط الإيرانية.
وفي هذا العام، تجاوزت حصة القوات المسلحة من صادرات النفط 200 ألف برميل يوميًا، حيث يتم توجيه أقل من النصف إلى سوريا، والباقي إلى الأسواق الصينية.
وإلى جانب التدابير الأخرى، التي تستهدف الحرس الثوري الإيراني، فرضت الولايات المتحدة مرارًا عقوبات على شبكات تابعة للقوات شبه العسكرية للدولة لتهريب النفط. ويعمل بعض هذه الشبكات من الإمارات ودول شرق آسيا، وخاصة الصين وهونغ كونغ.
وإضافة إلى حصتها من صادرات النفط الحكومية، تحصل القوات المسلحة الإيرانية أيضًا على موارد مالية من بنود أخرى ضمن الميزانية العامة للدولة. وهذا العام، تم تقدير الميزانية الإجمالية المخصصة للإنفاق العسكري بنحو 17 مليار دولار، بما في ذلك شحنات نفطية بقيمة 4.5 مليار دولار. ولم تذكر مسودة ميزانية العام المقبل، التي تم تسريبها لوسائل الإعلام، بنود الموازنة الأخرى المتعلقة بالجيش الإيراني.
اعتماد الحكومة على إيرادات النفط والغاز لتمويل الميزانية
بناءً على الأرقام الواردة في مشروع الموازنة، تتوقع الحكومة أن تبلغ إيرادات البلاد من صادرات النفط والغاز نحو 64 مليار يورو. ومن هذا المبلغ، من المتوقع أن تأتي 4.8 مليار يورو من صادرات الغاز (16 مليار متر مكعب بسعر 30 سنتًا لكل متر مكعب)، و59 مليار يورو من صادرات النفط ومنتجاته.
ووفقًا لتقارير الجمارك الإيرانية، فقد بلغ إجمالي الإيرادات من صادرات النفط والمنتجات النفطية العام الماضي نحو 37 مليار دولار، وفي النصف الأول من هذا العام، بلغت بالفعل 24 مليار دولار.
ولم يحدد مشروع الموازنة حجم صادرات النفط المتوقعة، لكنه يشير إلى أن الحكومة تخطط لزيادة إنتاج النفط الخام اليومي بمقدار 350 ألف برميل سنويًا، ليصل إلى 3.75 مليون برميل يوميًا في العام المقبل.
ونظرًا لأن إيران لن تطلق أي مصافٍ نفطية جديدة في العامين المقبلين، فإن الزيادة الكاملة في إنتاج النفط مخصصة للتصدير.
وأشارت الحكومة أيضًا، في مشروع الموازنة، إلى أنه رغم أن حصة صندوق التنمية الوطني من عائدات صادرات النفط تبلغ 48 في المائة، فإن الحصة الفعلية ستكون 20 في المائة، على أن يتم إقراض النسبة المتبقية (28 في المائة، ما يعادل 17.9 مليار يورو) للحكومة.
وبذلك، ستتدفق 65.5 في المائة من إيرادات صادرات النفط والغاز إلى ميزانية الحكومة، فيما ستذهب 14.5 في المائة إلى الشركات الوطنية للنفط والغاز، و20 في المائة سيتم تخصيصها لصندوق التنمية الوطني.
واقترضت الحكومة أكثر من 100 مليار دولار من صندوق التنمية الوطني، لتغطية العجز في الميزانية، ولم تتمكن من سدادها، مما يهدد مستقبل أصول الصندوق التي كانت مخصصة في الأساس لإقراض القطاع الخاص.
وكشف رئيس صندوق التنمية الوطني الإيراني، مؤخرًا، أن احتياطيات النقد الأجنبي لهذه المؤسسة المالية قد استُنزفت تقريبًا، وأن الحكومة عاجزة على سداد ديونها.
كما من المتوقع أن تحقق الحكومة إيرادات قدرها 4.5 مليار يورو من بيع المنتجات النفطية والغاز داخل البلاد.
في ظل تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط، تتزايد التكهنات حول ما إذا كانت إسرائيل ستتبع استراتيجيتها السابقة وتستهدف قادة النظام الإيراني، كما فعلت مع "حماس" و"حزب الله".
وتأتي هذه التساؤلات بعد نشر صور لهجوم بطائرة مسيّرة على منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مما يُعتبر تحذيرًا واضحًا لطهران، بأن تل أبيب تحتفظ لنفسها بحق الرد والانتقام.
والسؤال الأهم هنا هو: هل تسعى إسرائيل لتكرار استراتيجيتها في اغتيال شخصيات قيادية مثل حسن نصر الله وإسماعيل هنية مع قادة النظام الإيراني؟ فقد أشار رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، ديفيد بارنيا، سابقًا إلى أن إسرائيل قد تستهدف مسؤولين في النظام الإيراني.
إرادة وقدرة
يتعلق هذا السيناريو بعنصرين رئيسين، وهما: الإرادة والقدرة؛ أي هل لدى إسرائيل القدرة على تنفيذ مثل هذه العمليات ضد قادة النظام الإيراني أولاً؟ وهل ترغب في القيام بذلك ثانيًا؟
ولقد أثبتت إسرائيل بالفعل أنها تمتلك القدرة على تنفيذ هجمات دقيقة ضد أهداف بارزة، كما ظهر في عمليات سابقة، مثل اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زاده، والهجمات على المنشآت النووية الإيرانية. لذلك، فليس هناك شك في قدرة إسرائيل على تنفيذ اغتيالات أخرى تستهدف القادة الإيرانيين.
أما من ناحية الإرادة، فإن إسرائيل كانت قادرة على تحقيق أهدافها، عندما قررت التحرك، إلا أن السؤال المطروح حاليًا هو: هل تتطلب مصلحة إسرائيل استهداف قادة النظام الإيراني في الوقت الحالي؟
إن أي قرار بهذا الشأن سيعتمد على التقييم السياسي والعسكري لمصالح إسرائيل في المنطقة وتأثيره على التصعيد.
موقف النظام الإيراني
في المقابل، يسعى النظام الإيراني، منذ فترة طويلة، إلى استهداف قادة إسرائيليين، لكنه يعاني نقصًا في الإمكانات والقدرات الاستخباراتية واللوجستية، التي تمنعه من تحقيق ذلك بنجاح. ورغم المحاولات العديدة، لم يتمكن النظام الإيراني من اغتيال شخصيات إسرائيلية بارزة؛ بسبب هذه القيود.
من جانبه، كشف وزير الاستخبارات الإيراني الأسبق، علي يونسي، عن مدى الاختراق الإسرائيلي الواسع داخل إيران، مشيرًا إلى أن جميع المسؤولين الإيرانيين يجب أن يكونوا قلقين على حياتهم، وهو ما يعزز من احتمالات أن إسرائيل قد تستهدف شخصيات بارزة في إيران.
رسالة مقلقة للنظام الإيراني
إن نشر صور الهجوم على منزل نتنياهو قد يكون رسالة مباشرة للنظام الإيراني بأن إسرائيل تمتلك القدرة على الرد بقوة، وأنها قد تختار استهداف قيادات إيرانية، إذا تطلبت الظروف ذلك. كما يعزز هذا الأمر مخاوف المسؤولين الإيرانيين من أن إسرائيل قد تطبق النهج نفسه، الذي استخدمته ضد حماس وحزب الله في إيران.
وعلى الرغم من أن النظام الإيراني كان في البداية يتباهى بالهجوم على منزل نتنياهو، فإن احتمالات الانتقام الإسرائيلي دفعته إلى التراجع عن هذا التباهي. وقد أشارت تقارير إعلامية إلى تورط محتمل للسفارة الإيرانية في لبنان في الهجوم، لكن حزب الله اللبناني سارع إلى نفي هذه الادعاءات لتجنب ربط الهجوم المباشر بإيران.
هل تكرر إسرائيل النموذج نفسه؟
في النهاية، يدرك المسؤولون الإيرانيون جيدًا أن إسرائيل، التي نجحت في تفكيك هيكل القيادة في حماس وحزب الله، تمتلك القدرة على تكرار هذا النموذج ضدهم. ومع تصاعد التوترات، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستقرر إسرائيل، في ظل الظروف الراهنة، استهداف قادة النظام الإيراني، وما هو الثمن الذي قد تدفعه في المقابل؟
أدت السياسات العدائية لنظام طهران إلى تدمير الاقتصاد الإيراني المنهار أصلاً، ورغم أن إسرائيل لم تبدأ بعد هجومها الانتقامي على إيران، فإن أسعار العملات والمعادن الثمينة، التي تتأثر بالأوضاع السياسية والعسكرية المتوترة، تواصل تحطيم الأرقام القياسية يوميًا.
وبات القلق العام تجاه المستقبل الاقتصادي للبلاد واضحًا للعيان، بعد أن وصل سعر الدولار إلى 65 ألف تومان، والذهب إلى 56 مليون تومان، ولم تعد هناك حاجة لتحليلات وآراء الخبراء؛ فالإيرانيون يشعرون بآثار الأزمة في حياتهم اليومية.
حكومة عاجزة وضغوط داخلية
وفي وقت تتدهور فيه المؤشرات الاقتصادية وتشعر السوق برائحة الحرب، فإن حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، وفريقه الاقتصادي عاجزان عمليًا، رغم تحذيرات الوزراء، بمن في ذلك وزير الاقتصاد، عبد الناصر همتي، الذي صرح بوضوح بأن أي إجراء اقتصادي فعال يتطلب تغيير السياسة الخارجية ورفع العقوبات، ورغم ذلك فإن خامنئي والحرس الثوري يستمران في اتباع سياسات مناهضة لأميركا وإسرائيل.
وهذا الإصرار على دعم الجماعات الوكيلة، مثل "حزب الله" و"حماس"، دفع إيران إلى حافة الحرب، حرب لا ترغب أي من الدول الإسلامية الـ 57 أو العربية الـ 22، الانخراط فيها.
سياسات خامنئي والحرس الثوري المكلفة
في الوقت الذي تكتفي فيه دول المنطقة بانتقاد إسرائيل، عبر بيانات سياسية، قام النظام الإيراني بالتضحية بشعبه، في سبيل دعم الجماعات الوكيلة، وكانت نتيجة هذه السياسات زيادة التوترات وعزلة البلاد دبلوماسيًا.
وحتى مطالبات الرئيس بزشكيان، ووزير الاقتصاد همتي بمراجعة هذه السياسات، قوبلت بتجاهل تام من خامنئي والحرس الثوري.
فشل دبلوماسية عراقجي
في هذه الأثناء، واصل عباس عراقجي رحلاته الدبلوماسية غير المثمرة، وهذه المرة إلى البحرين والكويت، وهي زيارات لا تسهم في منع الهجوم الإسرائيلي المحتمل، بل على العكس، فإن تهديدات قادة الحرس الثوري زادت من قرب دول المنطقة من أميركا وإسرائيل.
ويحاول عراقجي، عبر تهديد هذه الدول بعواقب الحرب الإقليمية، كسب دعمها، لكن الحقيقة هي أن الدول العربية تشعر بالخطر من "الجمهورية الإسلامية"، أكثر من إسرائيل؛ حيث إن تهديدات قادة الحرس الثوري المستمرة ضد دول المنطقة أدت فقط إلى زيادة قرب هذه الدول من الولايات المتحدة وإسرائيل.
"اتفاقيات إبراهيم" وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.. نتيجة سياسات إيران
لم تؤدِ السياسات الإقليمية للنظام الإيراني إلى زيادة التوترات فحسب، بل أيضًا سرّعت من توقيع اتفاقات تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل، مثل "اتفاقيات إبراهيم"، وبدلاً من إدارة الأزمات، دفعت طهران دول المنطقة إلى تشكيل تحالفات ضدها.
وحتى في المحافل الدولية، اتخذت الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي مواقف ضد إيران بسهولة، كان آخرها موقف الاتحاد الأوروبي في مسألة الجزر الثلاث المتنازع عليها مع دولة الإمارات.
عُزلة إيران وتفاقم التهديدات
إذا كانت زيارات عراقجي تهدف إلى تهديد دول المنطقة؛ لمنعها من التعاون مع إسرائيل، فإن التاريخ يثبت أن هذه التهديدات تؤدي إلى تفاقم الأوضاع؛ حيث تشعر تلك الدول بقلق متزايد من تهديدات الحرس الثوري، مما دفع الأسطول الخامس للولايات المتحدة للتمركز في البحرين. وفي حالة توسع الحرب، تتزايد مخاوف هذه الدول من النظام الإيراني أكثر من مخاوفها من إسرائيل.
ولم تؤدِ سياسات طهران العدائية إلا إلى عزلة أكبر للبلاد، وتكوين تحالفات سرية ضدها، وهذا الوضع يوضح أن زيارات عراقجي الدبلوماسية لا تسهم في حل الأزمة، بل تفاقم من عزلة إيران وتعزز التحالفات الإقليمية ضد نظام خامنئي.
أفاد عضو في هيئة رئاسة غرفة التجارة الإيرانية الإسبانية المشتركة عن وجود مشاكل مالية تواجه التجار الإيرانيين في إسبانيا، بما في ذلك صعوبة فتح حسابات بنكية بسبب العقوبات.
وأكد محمد حسن ديده ور، في حديثه عن هذه الصعوبات، صحة التقارير التي تشير إلى شراء إسبانيا الزعفران الإيراني وبيعه في الأسواق العالمية تحت اسم "منتج إسباني". وأوضح في تصريحاته التي نشرتها وكالة أنباء "إيلنا" يوم السبت 28 أكتوبر (تشرين الأول)، أن "إيران لسنوات كانت المصدر الأساسي للزعفران الذي تصدره إسبانيا إلى الأسواق العالمية باعتباره منتجاً إسبانياً".
وكان فرشيد منوشهري، الأمين العام للمجلس الوطني للزعفران الإيراني، قد أشار في تصريحات مشابهة إلى أن الدول المنافسة لإيران "تشتري زعفراننا وتقدمه إلى الأسواق العالمية تحت اسم منتجاتها، كما حدث مع الفستق والسجاد الإيرانيين".
وأشار منوشهري صراحة إلى أن دول مثل أفغانستان، وإسبانيا، والصين، والإمارات "لا تستهلك الزعفران بنفسها، بل تصدر الزعفران الإيراني على أنه منتجها الخاص إلى الأسواق التصديرية وبأسعار أعلى".
تأتي هذه التقارير في وقت تستمر فيه إسبانيا بشراء الزعفران الإيراني وتصديره تحت اسم "منتج إسباني"، بينما يواجه الإيرانيون صعوبات في فتح حسابات بنكية داخل إسبانيا. وأكد ديده ور أن هذه القيود تشمل حتى الإيرانيين الذين يمتلكون عقارات في إسبانيا وحصلوا على إقامات فيها، حيث لا يُسمح لهم بإجراء "المدفوعات اليومية" بسبب عدم قدرتهم على فتح حسابات بنكية، رغم أن الدفع النقدي ممنوع في إسبانيا.
ورغم أن ديده ور أشار إلى أن العقوبات الغربية المفروضة على البرنامج النووي والصاروخي الإيراني تعيق التعاملات المالية بين إيران والعالم، بما في ذلك إسبانيا، فإنه أكد أن الإيرانيين وجدوا طرقًا للتحايل على هذه العقوبات.
وأوضح أن التجار الإيرانيين، في تعاملاتهم التجارية مع الدول الأوروبية وغيرها من المناطق، يلجأون إلى استخدام الوسطاء الماليين في البلدان الأفريقية والعربية، ما يرفع تكاليف ومخاطر التجارة بشكل كبير.
ونظرًا لهذه الصعوبات، فقد سعت إيران في السنوات الأخيرة إلى تقليل اعتمادها على الدولار من خلال صفقات تبادل السلع أو السلع مقابل الذهب، كوسيلة للتحايل على بعض العقوبات.
وتشمل الصادرات الإيرانية إلى إسبانيا السجاد، والفستق، والزعفران، والمكسرات المجففة، وبعض المنتجات البتروكيماوية، والبلاط والسيراميك. ورغم أن إيران كانت تصدر السجاد إلى إسبانيا، فإن السوق الإسبانية أصبحت مهيمنة الآن على السجاد الأفغاني، الذي يُعتبر أقل جودة من السجاد الإيراني ولكنه أرخص.
وكان نائب رئيس المجلس الوطني للزعفران الإيراني قد أشار سابقاً إلى أن تهريب الزعفران الإيراني يزداد بسبب فشل البلاد في "التصدير الصحيح" واحتكار الأسواق، مقدراً أن "حوالي عشرة أطنان من الزعفران يتم تهريبها شهرياً خارج البلاد".
وأضاف غلام رضا میری أن "العقوبات والمشاكل الداخلية تعيق تنظيم الصادرات"، مشيراً إلى أن "إيران لا تستطيع تصدير الزعفران إلى الولايات المتحدة أو السعودية بسبب العقوبات، مما يدفع بمنتجها للتصدير عبر دول مثل أفغانستان، والإمارات، وإسبانيا إلى بقية دول العالم".
وأشار أيضًا إلى أن تصدير الزعفران إلى الصين والهند يفرض رسومًا بنسبة 38 في المائة و14 في المائة على التوالي، مما يزيد من التكلفة النهائية ويجعل البعض يفضل شراء الزعفران من التجار الأفغان أو المهربين.
تأتي هذه الأنباء في وقت يشهد فيه استهلاك الزعفران المحلي في إيران تراجعًا حادًا نتيجة انخفاض دخل المواطنين وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ما يدفع المستهلكين إلى شراء سلع أساسية أخرى.
ومع ذلك، فإن تكلفة هذه الزيادة تمثلت في بيع النفط بأقل من نصف سعره الحقيقي. وقد ادعى جواد أوجي، وزير النفط السابق، في تصريحات "غامضة" أن الخصومات على النفط الإيراني لا تتجاوز 5 دولارات لكل برميل.
لكن الرسائل المسربة من شركة تابعة لوزارة الدفاع أظهرت أن النفط الإيراني تم بيعه بخصم يصل إلى 25 دولاراً للبرميل.
ولم يكن هذا نهاية القصة، حيث يتمكن الوسطاء وعملاء غسل الأموال التابعون للنظام الإيراني من الحصول على 30 دولاراً أخرى لكل برميل، مما يعني أن ما يتبقى هو أقل من نصف سعر كل برميل.
وهناك مصادر مطلعة على صناعة النفط الإيرانية شرحت لقناة "إيران إنترناشيونال" أن هذه العملية تتم على 5 مراحل، وتوضح أن هذا هو الثمن الذي تدفعه إيران من مواردها جراء مغامرات وسياسات النظام.
ما الذي حدث؟
حتى ربيع عام 2011، كانت صادرات النفط الإيرانية تبلغ نحو 3 ملايين برميل يومياً. لكن في أبريل (نيسان) من ذلك العام، فرضت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عقوبات صارمة على صادرات النفط الإيراني. وبحلول فبراير (شباط) 2013، انخفضت الصادرات إلى أقل من مليون برميل يومياً.
ومع بدء تنفيذ الاتفاق النووي في شتاء عام 2015، تحسنت الأوضاع من جديد لصالح النظام الإيراني.
وفي خريف 2016، وصلت صادرات النفط إلى مستوى تاريخي بلغ 3.2 مليون برميل يومياً.
لكن هذه الفترة الإيجابية لم تدم طويلاً، ومع انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي في ربيع 2018، بدأت صادرات النفط الإيرانية في الانخفاض مرة أخرى. وبحلول شتاء 2019، انخفضت الصادرات إلى 190 ألف برميل يومياً.
تخفيف قبضة العقوبات
مع تولي جو بايدن الرئاسة في شتاء 2020، تغير الوضع مرة أخرى.
وفي برنامج انتخابي في يونيو (حزيران) 2024، صرح محمد جواد ظريف قائلاً: "كانت سياسة بايدن أن يخفف من قيود بيع النفط الإيراني".
وأكد مهدی حسیني، نائب وزير النفط السابق، أن بايدن سمح بتخفيف العقوبات، مما مكن إيران من بيع نفطها بشكل أسهل.
وتظهر الإحصاءات أن صادرات النفط الإيراني بدأت في الارتفاع مرة أخرى منذ شتاء 2020، حيث وصلت إلى أكثر من مليونَي برميل يومياً بحلول صيف 2023، بعد أن كانت قد تراجعت إلى أقل من 200 ألف برميل يومياً في عهد ترامب.
وبعد بدء حكومة إبراهيم رئيسي، التي تزامنت مع تخفيف العقوبات من جانب إدارة بايدن، شهدت صادرات طهران زيادة، ولكن هذه المرة لم تكن المعاملات كما في السابق.
وتكمن المشكلة في أن إيران أصبحت محاصرة في مأزق ثنائي الأبعاد: آبار النفط الإيرانية متآكلة، ونتيجةً لعدم توفر استثمارات مناسبة والتكنولوجيا الحديثة، يجب أن يستمر استخراج النفط باستمرار، حتى في حال عدم وجود مشترين له.
وفي حين يمكن لدول منافسة إيقاف استخراج النفط من الآبار بسهولة، فإن إيران تفتقر إلى هذه التكنولوجيا، مما يفرض عليها الاستمرار في الاستخراج بشكل مستمر.
النتيجة هي أنه رغم انخفاض الصادرات، استمر الإنتاج لفترة طويلة.
وكان يجب تخزين النفط المنتج الذي بلا مشترٍ في مكان ما. استخدمت إيران الناقلات النفطية كخزانات للنفط. تكلفة هذه الخزانات العائمة تصل يومياً إلى حوالي 15 إلى 20 ألف دولار.
بمعنى آخر، وقعت إيران تحت ضغط شديد: من جهة، كان من المستحيل إغلاق آبار النفط بسبب التكاليف الباهظة، ومن جهة أخرى، كان الاستمرار في الإنتاج بدون مشترين يفرض تكاليف مرتفعة للإيجار والصيانة للناقلات النفطية.
بداية بيع النفط بأسعار منخفضة
خلال فترة رئیسي في إيران وبايدن في أميركا، على الرغم من زيادة حجم صادرات النفط، فإن هذه الزيادة لم تكن بلا سبب.
وقال مجيد أنصاري، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، في مقطع فيديو نشره موقع "جماران" الإصلاحي، المقرب من عائلة روح الله الخميني، بتاريخ 2 يوليو (تموز) 2024، إنه يتم تقديم خصومات تتراوح بين 15 إلى 30 دولاراً لكل برميل من النفط الإيراني؛ أي بمتوسط 22 دولاراً لكل برميل.
هذا الأمر تؤكده مصادر من "إيران إنترناشيونال"، لكن هذه الخصومات التي تبلغ 20 دولاراً لا تمثل نهاية بيع النفط بأسعار منخفضة في إيران؛ فقد أنشأت الحكومة الإيرانية في السنوات الأخيرة شبكة لتجاوز العقوبات وبيع النفط. وتمكنت هذه الشبكة من بيع النفط الإيراني بفضل تساهل بايدن.
خطوة بخطوة نحو البيع
الخطوة الأولى: خصم 20-30 دولاراً
في الخطوة الأولى، تجد الشركات الموثوقة التابعة لإيران، والمعروفة بشركات "تراستي"، مشترين للنفط الإيراني، وغالباً ما يكون العملاء في الصين.
سعر الصفقة مع إيران في هذه المرحلة هو خصم يتراوح بين 20 إلى 30 ولاراً. وهذا ما يظهر أيضاً في الوثائق المسرّبة.
الخطوة الثانية: التفريغ والتحميل غير القانوني
يتم نقل النفط الإيراني في البحر، وأثناء الطريق، يتم نقله من ناقلة إلى أخرى خارج نطاق موانئ البلدان. وتستخدم شبكة ناقلات النفط المتعاونة مع بيع النفط الإيراني تقنيات برمجية لإخفاء أثر النفط.
تتطلب عملية نقل النفط تكاليف للعمالة والنقل، بالإضافة إلى أنه يجب القيام بالتزوير، وتسجيل الوثائق الرسمية باسم عمان أو العراق أو ماليزيا. ووفقاً لأحد المصادر من "إيران إنترناشيونال"، تتراوح تكلفة كل برميل من النفط في هذه المرحلة بين 5 إلى 7 دولارات.
الخطوة الثالثة: الشحن إلى موانئ شرق آسيا وقناة السويس
المشترون الرئيسيون للنفط الإيراني، وغالباً ما يكونون من الصين، لا يرغبون في استلام النفط من موانئ أو مياه إيران. لذلك، يجب على شبكة البيع الإيرانية نقل النفط إلى موانئ في شرق آسيا، مثل موانئ ماليزيا أو في قناة السويس، حيث يستلم المشترون النفط من هناك. هنا أيضاً، تُحسب تكلفة كل برميل بنحو 10 دولارات.
الخطوة الرابعة: غسل الأموال وتحويل العملات
حتى هذه المرحلة، يتم خصم ما بين 35 إلى 45 دولاراً من سعر برميل النفط، الذي يبلغ سعره- على سبيل المثال- 80 دولاراً. وللحصول على هذا المال، تحتاج إيران إلى التزوير وإجراء عمليات غسل أموال، حيث يتم تحويل الدولارات إلى عملات أخرى.
لتحقيق هذا الهدف، تلجأ طهران إلى شبكة من شركات الصرافة. هذه الشركات مرتبطة بشبكة واسعة من الإيرانيين ذوي الجنسية المزدوجة المنتشرين حول العالم.
ووفقاً لتقرير "الإيكونوميست"، يعمل ما لا يقل عن 200 إيراني من ذوي الجنسية المزدوجة في أوروبا لهذه الشبكة.
تكون أسعار الصرف في هذه الشركات مرتفعة. وفقاً لمصادر "إيران إنترناشيونال"، يتم خصم حوالي 10 إلى 15 دولاراً من الـ30 إلى 40 دولاراً المتبقية عبر الصرافين وشبكات غسل الأموال.
وبالتالي، فإن ما يصل إلى إيران في الواقع أقل من نصف القيمة الحقيقية للنفط، بينما يُقسم أكثر من نصفه بين المشترين كخصومات، وبين الوسطاء كعمولات للشحن والنقل، وأسعار صرف العملات.
صفقات المقايضة
تعتبر هذه العملية التي تم توضيحها، أفضل طريقة للنظام الإيراني، ولكن في العديد من الأحيان لا تنتهي مبيعات النفط بالدولار. بالإضافة إلى الشركات الموثوقة والصرافين الذين تم إنشاؤهم لتجاوز العقوبات، هناك مجموعة واسعة من الشركات التي تعمل في عمليات المقايضة. هؤلاء الشركات تستورد السلع مقابل قيمة النفط المُصدَّر من الصين، مما يعني أنها تقوم بنوع من المقايضة.
ووفقاً لأحد المعنيين في صناعة النفط الإيرانية، تقوم هذه الشركات بتضخيم قيمة السلع التي تستوردها إلى إيران مقابل النفط عن طريق فواتير مزورة. وبالتالي، تضطر إيران لقبول هذه المعاملات للحصول على أموال النفط المباعة.
القوات المسلحة: برميل من كل ثلاثة
بحسب قانون ميزانية عام 2024، تمتلك القوات المسلحة الإيرانية حق ملكية برميل واحد من كل ثلاثة براميل من النفط والمنتجات النفطية في إيران.
وتم تخصيص 3 مليارات يورو كحصة للقوات المسلحة من النفط في ميزانية 2023.
وزادت هذه الحصة في ميزانية هذا العام إلى 6 مليارات و215 مليون يورو، أي أكثر من ضعف العام الماضي.
قانون ميزانية عام 2024 يُلزم الحكومة بتخصيص 136,857 مليار تومان من النفط الخام والمكثفات الغازية شهرياً للقوات المسلحة، وذلك بناءً على السعر اليومي من خلال الشركة الوطنية للنفط الإيرانية.
في نفس السياق، تمت الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى المبلغ السابق بالعملة الوطنية، سيتم منح القوات المسلحة ما يعادل مليارا و800 مليون يورو من النفط الخام والمكثفات لمشاريع "خاصة”.
وتم تحديد سعر صرف اليورو في هذه الميزانية بـ31,000 تومانا. بناءً على ذلك، فإن القيمة المالية لهذا الجزء تبلغ 55,800 مليار تومان.
وإجمالي الاعتمادات لهذا القسم يعادل 192,657 مليار تومان، وهو ما يُعادل 6 مليارات و215 مليون يورو.
توزيع الإيرادات النفطية للقوات المسلحة الإيرانية
في جدول "22-4" بالميزانية، تم تحديد سعر كل برميل من النفط والمكثفات الغازية بـ65 يورو. وهذا يعني أن المشرع في ميزانية عام 2024 قد منح القوات المسلحة حوالي 96 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات سنويًا.
إجمالي الإيرادات النفطية
وفقًا لقانون الميزانية، تم تقدير إجمالي الإيرادات النفطية الإيرانية بـ582,743 مليار تومان لعام 2024. وهذا يعني أن 33% من إجمالي الإيرادات النفطية للبلاد في عام 2024 سيذهب إلى القوات المسلحة.
بعبارة أخرى، تحصل القوات المسلحة على برميل واحد من كل ثلاثة براميل من النفط الإيراني.
تفاصيل توزيع الميزانية
في قانون الميزانية لعام 2024، تم توضيح كيفية توزيع 192,657 مليار تومان. يتم توزيع الحصة الأكبر من هذه الإيرادات على التوالي بين الحرس الثوري، وهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، والجيش الإيراني، والشرطة الإيرانية، ووزارة الدفاع، ومقر خاتم الأنبياء المركزي.
البيانات المسربة عن مبيعات النفط
تكشف الوثائق التي تم تسريبها خلال اختراق موقع إحدى الشركات الخاصة على معلومات تتعلق بكيفية بيع النفط عبر الشركات المرتبطة بالقوات المسلحة.
شركة "تندر صحرا" هي إحدى الشركات التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، وقد تناولت "إيران إنترناشيونال" سابقًا دور هذه الشركة في تجارة الطائرات المسيرة ومعاملاتها مع روسيا عبر الذهب.
بالإضافة إلى ذلك، يظهر أن المديرين في هذه الشركة الخاصة يضمون قادة رفيعي المستوى في الجيش الإيراني.
في مسودة من البيانات المالية التي تم تسريبها خلال اختراق البريد الإلكتروني، تم الإشارة بوضوح إلى أن الشركة هي من الشركات التابعة لـ"ودجا"، والتي هي اختصار لاسم وزارة الدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية.
ما هو حجم التخفيضات التي تقدمها القوات المسلحة؟
تتوفر 3 وثائق من رسائل البريد الإلكتروني المسربة لشركة "تندر صحرا" حول معاملات النفط على موقع "إيران ليك”.
في وثيقة بتاريخ 23 فبراير (شباط) 2023، أعلنت شركة تُدعى "بتروماس جروب" استعدادها لاستخراج وتصدير النفط والمكثفات الغازية إلى "تندر صحرا”.
وتم توقيع الرسالة بدون اسم، ويبدو أن الشركة واحدة من الشركات الوهمية المسجلة في الإمارات العربية المتحدة.
تتضمن الرسالة التي أرسلتها "بتروماس" إلى "تندر صحرا" تفاصيل شراء قدره 1.5 مليون برميل.
في هذه الرسالة، المؤرخة في 5 مارس (آذار) 2023، تم ذكر أنه سيتم تسليم هذه الكمية على خمس دفعات من 300,000 برميل.
وتم تحديد أسعار كل برميل في مراحل التسليم الأولى حتى الخامسة كالتالي: 19، 21، 23، 25، و25 دولارًا أقل من سعر نفط برنت.
تجدر الإشارة إلى أن أسعار نفط برنت والنفط الإيراني لا تختلف كثيرًا عن بعضها البعض.
في 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، كان متوسط السعر المتحرك لمدة 20 يومًا لبرنت 76.52 دولارًا لكل برميل، بينما كان السعر لنفط إيران الثقيل 72.46 دولارًا لكل برميل، مما يعني أن الفرق بينهما يبلغ حوالي أربعة دولارات لكل برميل.
سعر النفط وتخفيضاته في زمن التحايل
في مارس (آذار) 2023، وأثناء تبادل الرسائل المذكورة، كان متوسط سعر النفط المتحرك لمدة 20 يومًا لنفط برنت 80.06 دولارًا، بينما كان سعر النفط الثقيل الإيراني 76.14 دولارًا، مما يدل على أن الفرق بين السعرين أقل من 4 دولارات.
سعر 1.5 مليون برميل من النفط الإيراني الذي تم بيعه في ذلك الوقت كان 114 مليونا و210 آلاف دولار، لكن تم بيعها بمبلغ 111 مليونا و420 ألف دولار. وبالتالي، تم تقديم خصم قدره 2 مليون و790 ألف دولار في صفقة النفط هذه لشركة لم يتم توقيع مراسلاتها.
تفاصيل مراسلات شركة "تندر صحرا" وخصم شراء النفط
في خطاب بتاريخ 7 مارس (آذار) 2023، قامت شركة "تندر صحرا" بإرسال تفاصيل حول كيفية حساب أسعار الشحنات النفطية إلى شركة "بتروماس".
وفقًا للجدول المذكور في الوثيقة، تم تسليم الشحنات النفطية وتحديد أسعارها على خمس مراحل:
المرحلة الأولى: من 0 إلى 2 مليون برميل بسعر 19 دولارًا أقل من سعر نفط برنت.
المرحلة الثانية: من 2 إلى 4 مليون برميل بسعر 19.5 دولارًا أقل من سعر نفط برنت.
المرحلة الثالثة: من 4 إلى 6 مليون برميل بسعر 20 دولارًا أقل من سعر نفط برنت.
المرحلة الرابعة: من 6 إلى 8 مليون برميل بسعر 20.5 دولارًا أقل من سعر نفط برنت.
المرحلة الخامسة: من 8 إلى 10 مليون برميل بسعر 21 دولارًا أقل من سعر نفط برنت.
في نهاية الوثيقة، تم توضيح أنه في حين يتم استلام كافة النفط، سيتم تطبيق خصم قدره 21 دولارًا على السعر.
وبذلك، فإن شركة "بتروماس جروب" قد اشترت النفط الإيراني من شركة "تندر صحرا" التابعة لوزارة الدفاع بسعر أقل بمتوسط 16 دولارًا عن كل برميل.
من يستفيد من خصومات النفط؟
خلال مؤتمر عُقد في 2 يوليو (تموز) 2024، أشار جواد أوجي، وزير النفط في حكومة إبراهيم رئيسي، إلى أن مجموعة عمل مكونة من 7 أشخاص تضم ممثلين من البرلمان، والسلطة القضائية، ومنظمة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري، ووزارة الاستخبارات، تتخذ القرارات بشأن مبيعات النفط.
وأكد أوجي أنه "والله وبالله، الخصومات أقل من الرقم الذي في يدي".
على الرغم من أنه لم يوضح ما إذا كان يقصد بالرقم نسبة أم الدولار، يبدو أنه كان يقصد أن الخصومات أقل من 5 دولارات.
ومع ذلك، تُظهر مراسلات شركة "تندر صحرا" أن الخصومات المقدمة، خاصة في الجزء الذي يتم فيه تسليم النفط إلى القوات المسلحة، كانت في المتوسط 20 دولارًا لكل برميل.
إضافة إلى ذلك، أشار مجيد انصاري، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، إلى أن إيران تمنح المشترين خصومات تتراوح بين 15 إلى 30 دولارًا.
وقد أكدت المصادر التي تحدثت مع "إيران إنترناشيونال" خصم 20 دولارًا.
تكاليف التحايل على العقوبات وتقديرات مبيعات النفط
بجانب ذلك، فإن تكاليف التحايل على العقوبات تقدر بحوالي 20 دولارًا، مما يعني أن كل برميل من النفط يباع بحوالي 40 دولارًا أقل من قيمته الحقيقية.
وفقًا لتقديرات مركز الأبحاث في البرلمان الإيراني، من المتوقع أن تبيع إيران مليون برميل و55 ألف برميل من النفط يوميًا في عام 2024.
السعر المتوقع للبرميل حوالي 70 دولارًا، حيث يصل نصف هذا المبلغ إلى الوسطاء والشركات المرتبطة بإيران كجزء من استراتيجيات التحايل على العقوبات.
تحليل الإيرادات
هذا يعني أن الوسطاء سيحققون حوالي 37 مليون دولار يوميًا، وبذلك يصل إجمالي حصة هؤلاء الوسطاء من مبيعات النفط إلى حوالي 13.5 مليار دولار في عام 2024.
عند تحويل هذه الأرقام إلى العملة المحلية، فإن هذا المبلغ يساوي حوالي 810 ألف مليار تومان بسعر الدولار الحر.
أثر هذه الإيرادات على المواطنين
تجدر الإشارة إلى أن النفط في إيران يُعتبر ملكية وطنية، مما يعني أن الوسطاء في ظل ظروف العقوبات يقومون بسرقة نحو 26 ألف تومان يوميًا، مما يترجم إلى حوالي 9 ملايين تومان سنويًا من حصة كل مواطن إيراني.