انخفاض القوة الشرائية لعمال إيران عام 2024 إلى ربع قيمتها

ذكرت وكالة أنباء "إيلنا"، في تقرير لها عن الوضع المعيشي الصعب وانخفاض أجور العمال في إيران، أن قيمة أجورهم انخفضت إلى ربع قيمتها في عام 2014.

ذكرت وكالة أنباء "إيلنا"، في تقرير لها عن الوضع المعيشي الصعب وانخفاض أجور العمال في إيران، أن قيمة أجورهم انخفضت إلى ربع قيمتها في عام 2014.
ووفقًا للتقرير الذي نُشر يوم الاثنين الموافق 27 يناير (كانون الثاني) 2025، فإنه مع الأخذ بعين الاعتبار معدل التضخم وانخفاض قيمة العملة، فإنه من أجل استعادة القوة الشرائية لعام 2014، يجب أن يحصل العمال اليوم على رواتب تقارب 50 مليون تومان، بينما يبلغ الراتب الحالي للعمال حوالي 12 مليون تومان.
وأشار كاتب التقرير إلى أن الحد الأدنى للأجور للمشمولين بقانون العمل في عام 2014 كان حوالي 608 آلاف تومان، وكتب أن دخل العامل الذي لديه طفلان في عام 2024 وصل إلى 10 ملايين و900 ألف تومان من العملة المحلية، بينما كان ينبغي أن يحصل على ما يقارب 49 مليون تومان.
وفي 11 يناير 2025، انتقد أحمد بيغدلي، عضو اللجنة الاجتماعية في البرلمان، المعارضة لزيادة أجور العمال وربطها بمعدل التضخم، مؤكدًا أنه مع الضغوط الاقتصادية الحالية في البلاد، فإن زيادة بنسبة 30 في المائة بأجور العمال لن تُحدث تغييرات إيجابية في أوضاعهم.
وقبل ذلك، في 7 يناير 2025، أعلن فرامرز توفیقي، أحد المسؤولين عن تحديد سلة المعيشة للأسر في المجلس الأعلى للعمل، أن الحد الأدنى لتكلفة المعيشة في المدن الكبرى يبلغ 32 مليون تومان، وفي المدن الصغيرة 28 مليون تومان.
العمال في قاع وادي الفقر
وقد وصفت "إيلنا" في جزء من تقريرها الصادر في 27 يناير 2025، الانخفاض الحاد في أجور العمال بنسبة تزيد عن 400 في المائة خلال 10 سنوات بأنه ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الاقتصاد الإيراني، وكتبت أن هذه الظاهرة المؤسفة دفعت العمال إلى قاع وادي الفقر المطلق وتركتهم دون أي وسيلة للاستمرار في الحياة.
وقال علي رضا خرمي، الناشط العمالي، في مقابلة مع "إيلنا": "إن الانخفاض الحاد في الأجور هو حقيقة مريرة ولكن لا يمكن إنكارها"، مضيفًا أن أي أجر أقل من 30 مليون تومان ليس فقط غير عادل، بل هو تجسيد واضح للعبودية الحديثة.
من جانبه، علق ناصر جمني، الناشط العمالي، على تصريحات وزير الاقتصاد الذي قال مؤخرًا إنه على علم بالوضع المعيشي ولكن لا يمكن للحكومة فعل الكثير، قائلًا لـ"إيلنا": "ليس فقط هذه الحكومة، ولكن الحكومات السابقة أيضًا أظهرت أن الوضع المعيشي للمجتمع من الموظفين والعمال لا يمثل أولوية كبيرة بالنسبة لهم".
وأضاف: "قول وزير الاقتصاد بأنه لا يمكننا فعل شيء، يدل على عدم كفاءته. إذا لم تتمكن الحكومة من اتخاذ إجراءات فعالة في الأوقات الحرجة، فما فائدتها إذن؟".
وفي 27 يناير، قال مالك حسيني، مساعد وزير العمل لشؤون التوظيف في حكومة بزشكيان، إن الأجور الحالية في بعض المهن غير كافية، وإن الطلب على العمالة يتجاوز العرض، مؤكدًا أن "الأجور الحالية غير كافية لتغطية تكاليف المعيشة".
ووفقًا لقانون العمل في إيران، يجب أن يتم تحديد الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع معدل التضخم وتكلفة "العيش الكريم". ومع ذلك، تم تجاهل هذا الأمر باستمرار من قبل ممثلي الحكومة وأصحاب العمل، ما أدى إلى احتجاجات العمال وممثليهم ومنظمات العمل المستقلة.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2024، أفادت صحيفة "إعتماد" في تقرير لها عن انخفاض قيمة الحد الأدنى لأجور العمال في إيران من 113 دولارًا إلى 100 دولار، وكتبت أن القيمة الحقيقية لأجور العمال قد انخفضت بشكل حاد خلال عام واحد بسبب الصدمات النقدية وانخفاض قيمة العملة الوطنية.

امتنعت واشنطن، للمرة الأولى، عن انتقاد سجل النظام الإيراني في مجال حقوق الإنسان. وذلك خلال الدورة الثامنة والأربعين للاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.
جدير بالذكر أن هذا الموقف "غير المسبوق" اعتبره نشطاء حقوق الإنسان خطوة خطيرة، ورأوه مؤشراً على تجاهل الإدارة الأميركية الجديدة للانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في إيران.
وبحسب الوثائق، دأبت الولايات المتحدة منذ عام 2010 على انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان في إيران وتقديم توصيات بشأن نظام طهران، لكنها امتنعت هذا العام عن القيام بذلك.
في المقابل، انتقدت دول أخرى مثل بريطانيا، السويد، سويسرا وباراغواي تعامل إيران مع النساء، وارتفاع معدلات الإعدام، وقمع المعارضين. كما أدانت أوكرانيا إرسال طهران طائرات مسيرة وصواريخ إلى روسيا لدعم الحرب في أوكرانيا.
وبدورها أدانت ألمانيا التمييز ضد المرأة وقمع الحريات الأساسية في إيران، وطالبت بإلغاء عقوبة الإعدام.
ما آلية الاستعراض الدوري الشامل؟
الاستعراض الدوري الشامل (Universal Periodic Review - UPR) هو أحد الآليات الرئيسية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ويهدف إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان في الدول الأعضاء. وخلال الدورة الأخيرة، كانت إيران واحدة من بين 14 دولة خضعت للمراجعة.
ويستفيد نشطاء حقوق الإنسان من هذه الآلية لجذب الانتباه الدولي إلى الانتهاكات الجارية في إيران.
يذكر أن نازنين أفشين جم، الناشطة الإيرانية-الكندية في مجال حقوق الإنسان، وصفت امتناع الولايات المتحدة عن انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان في إيران بأنه "ضربة لجهود الدفاع عن حقوق الإنسان".
وقالت في حديثها مع "إيران إنترناشيونال": "شعرت بالصدمة والحزن عند سماع هذا الخبر. نحن نعتمد على الدول الديمقراطية الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، باعتبارها قطباً أخلاقياً لمحاسبة الأنظمة".
أفشين جم، التي أسست "حركة العدالة لإيران"، كانت سابقاً ناشطة في منظمة "إيقاف إعدام الأطفال"، حيث قدمت تقاريرها إلى جلسات الاستعراض الدوري الشامل.
أكدت قائلة: "عدم تقديم الولايات المتحدة لتقاريرها بشأن الانتهاكات الواضحة التي يرتكبها النظام الإيراني يُعدّ سابقة خطيرة. الآن ليس وقت التراجع، بل وقت المضي قدماً لضمان المساءلة".
إشارة مقلقة
أعرب تيمور إلياسي، ممثل جمعية حقوق الإنسان في كردستان لدى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، عن خيبة أمله من موقف الولايات المتحدة، قائلاً لـ"إيران إنترناشيونال": "بكسر تقليدها الطويل في دعم حقوق الإنسان، خيّبت الولايات المتحدة آمال المجتمع الحقوقي".
وأضاف: "هذا الموقف ليس إشارة جيدة لحقوق الإنسان. الوضع في إيران، سواء فيما يخص حقوق الإنسان أو حقوق الأقليات، ازداد سوءاً، مع ارتفاع كبير في أعداد الإعدامات. إذا كانت الولايات المتحدة تسعى فعلاً للتعامل مع طهران ودعم الشعب الإيراني، فعليها أن تأخذ هذا الأمر في الاعتبار".
وقبل انعقاد جلسة الاستعراض الدوري الشامل في جنيف، فإن شادي أمين، مديرة شبكة "شش رنك" والناشطة في حقوق مجتمع الميم، دعت الدول الأعضاء لدعم حقوق مجتمع الـ"إل جي بي تي كيو" في إيران.
وفي إيران، حيث تُعتبر المثلية جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام، طالبت 9 دول أعضاء طهران بإلغاء تجريم المثلية.
وقالت أمين: "لا يمكن لمجتمع حقوق الإنسان الإيراني الاعتماد على الحكومة الأميركية بعد الآن. على المجتمعات الشعبية أن تتحرك بنفسها، لأن ما قامت به الحكومة الأميركية غير مقبول".
رد طهران على الانتقادات
خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل، ردّت بعثة إيران برئاسة كاظم غريب آبادي، مساعد وزير الخارجية للشؤون الدولية والقانونية، على الانتقادات الموجهة لوضع حقوق الإنسان في البلاد، مؤكدة أن "تقدماً كبيراً" قد أُحرز في تحسين حياة الإيرانيين.
وقد وصف غريب آبادي جميع الانتقادات الموجهة لإيران بشأن حقوق الإنسان بأنها "ذات دوافع سياسية".
وفي المقابل، في عام 2024، أعلنت لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة أنها جمعت أدلة تشير إلى ارتكاب طهران جرائم تشمل القتل، التعذيب، والاغتصاب، متهمة إيران بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

أعلن علي شادماني، مساعد قائد مقر "خاتم الأنبياء" التابع للحرس الثوري الإيراني، أن طهران اشترت مقاتلات "سوخوي 35" الروسية الصنع، لكن لم يوضح ما إذا كانت هذه المقاتلات قد تسلمتها إيران أم لا.
هذه التصريحات تأتي في ظل تصاعد التوترات بين الجمهورية الإسلامية والغرب بشأن برنامج طهران النووي، وبعد أشهر قليلة من مواجهة عسكرية مباشرة بين الحرس الثوري وإسرائيل.
وكالة "رويترز" أفادت بأن هذه هي المرة الأولى التي يؤكد فيها مسؤول إيراني شراء طهران مقاتلات "سوخوي 35".
مع ذلك، فإن تصريحات شادماني التي نقلتها وكالة "دانشجو"، يوم الاثنين 27 يناير (كانون الثاني)، كانت غامضة للغاية ولم تحدد عدد المقاتلات التي تم شراؤها.
وأضاف شادماني، مواصلاً تصريحات المسؤولين الإيرانيين المعتادة: "نقوم بإجراء عمليات شراء عسكرية لتقوية قواتنا الجوية والبرية والبحرية كلما اقتضت الحاجة".
يُذكر أنه قبل أقل من عامين، أعلنت وكالة "تسنيم" التابعة للحرس الثوري أن طهران قد أنهت الترتيبات اللازمة لشراء هذه المقاتلات الروسية.
في الأسابيع الأخيرة، وقعت إيران وروسيا اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة، لم تتضمن إشارة صريحة إلى نقل الأسلحة، لكن المسؤولين أكدوا أن البلدين سيعززان "تعاونهما العسكري-التقني".
وتمتلك القوات الجوية الإيرانية عشرات الطائرات الهجومية فقط، بما في ذلك مقاتلات روسية، إلى جانب نماذج قديمة من الطائرات الأميركية التي تم شراؤها قبل الثورة.
وأشار شادماني إلى أن "إنتاج المعدات العسكرية يشهد تسارعاً، ويتم استبدال الأنظمة القديمة بأنظمة جديدة ومتطورة".
كما تطرق إلى المناورات العسكرية الأخيرة التي أجرتها القوات المسلحة الإيرانية، موضحاً أنه تم خلالها اختبار "أنظمة جديدة" وتعزيز "جاهزية مستخدمي هذه الأنظمة".
وفي تهديد جديد لإسرائيل، قال شادماني: "إذا هاجمت إسرائيل إيران، فإنها ستتذوق الطعم المر لصواريخنا، ولن يبقى أي من مصالحها بمأمن".
في الوقت نفسه، وبينما تستمر المخاوف بشأن برنامج طهران النووي، تتزايد التكهنات حول السياسة الجديدة للولايات المتحدة تجاه طهران.
وقبل أيام، علّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على دعم بلاده لإسرائيل في حال هجومها على المواقع النووية الإيرانية قائلاً: "من الواضح أنني لن أجيب على هذا السؤال. علينا أن نرى ما سيحدث".
وأضاف: "آمل أن يُحل هذا الأمر دون الحاجة إلى مثل هذه الإجراءات. سيكون ذلك أمراً جيداً حقاً".

أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف جميع المساعدات الخارجية موجة من القلق بين النشطاء الإيرانيين الذين يخشون أن يؤثر هذا الإجراء على البرامج المتعلقة بإيران، ويؤدي إلى قيام النظام الإيراني بتقييد وصول المواطنين إلى المعلومات أكثر من أي وقت مضى.
وعلمت "إيران إنترناشيونال" أن عددًا من المنظمات الإيرانية لحقوق الإنسان، والبرامج المتعلقة بحرية الإنترنت، والناشطين في مجال الإعلام والمجتمع المدني، تلقوا رسائل تشير إلى تعليق تمويلهم لمدة ثلاثة أشهر.
وفي أول يوم من ولايته الرئاسية الثانية، أصدر دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا علق بموجبه المساعدات الخارجية للولايات المتحدة لمدة 90 يومًا لمراجعة فعاليتها ومدى توافقها مع سياسة "أميركا أولاً".
وأظهرت مذكرة داخلية تم توزيعها بين المسؤولين والسفارات الأميركية أن وزارة الخارجية الأميركية أوقفت معظم برامج المساعدات الخارجية الجارية، وعلقت أيضًا بدء مساعدات جديدة.
ووفقًا للإحصاءات الحكومية الرسمية، تعد واشنطن أكبر مانح للمساعدات الدولية في العالم، حيث أنفقت في السنة المالية 2024 وحدها ما يقرب من 39 مليار دولار في هذا المجال، منها 65 مليون دولار مخصصة لتمويل برنامج "الديمقراطية الإقليمية للشرق الأدنى"، والذي تديره وزارة الخارجية الأميركية.
ووفقًا لتقرير خدمة أبحاث الكونغرس، لعب هذا البرنامج، باعتباره المصدر الرئيسي للمساعدات الخارجية، دورًا مهمًا في دعم الولايات المتحدة لحقوق الإنسان والمجتمع المدني في إيران منذ عام 2009.
وقال أحد متلقّي المساعدات من وزارة الخارجية الأميركية بشأن قرار ترامب الأخير: "تم إبلاغنا كتابيًا بأننا يجب أن نوقف جميع الأنشطة المتعلقة بهذا البرنامج، وعدم تكبد أي نفقات جديدة اعتبارًا من 24 يناير (كانون الثاني) الجاري، وإلغاء التزاماتنا قدر الإمكان".
وأضاف: "لا يبدو أن أي شخص قد فكر في عواقب هذا القرار. الغموض الموجود في الإشعار [بشأن قطع المساعدات] لا يُصدق حقًا. ليس من الواضح كم من الوقت ستستغرق هذه العملية".
ولم ترد وزارة الخارجية الأميركية على طلب للتعليق على هذا القرار.
دعم حرية الإنترنت
من بين متلقي المساعدات الخارجية الأميركية، وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية التي تقدم الأخبار دون رقابة للمواطنين الإيرانيين؛ كما توجد منظمات حقوقية توثق انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، وبالتالي تلعب دورًا مهمًا في مساءلة نظام الجمهورية الإسلامية.
ويتم تخصيص جزء من المساعدات الأميركية أيضًا لتغطية تكاليف خدمات برامج فك الحجب (وي بي إن) التي يستخدمها المواطنون الإيرانيون للتحايل على رقابة النظام الإيراني.
وفي أعقاب قطع المساعدات، ستضطر العديد من هذه الخدمات إلى وقف أنشطتها.
قال خبير أمن سيبراني لـ"إيران إنترناشيونال" في هذا الصدد: "هذا الإجراء خطير للغاية لأن قضية حرية الإنترنت حيوية لكل من الشعب الإيراني وحلفائه في الغرب".
وحذر ناشط في مجال الإنترنت في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال" من أن أمر ترامب الأخير بقطع المساعدات سيحرم 20 مليون إيراني، أي ما يعادل خُمس سكان البلاد، من الوصول إلى خدمات برامج فك الحجب المدعومة من الولايات المتحدة؛ وهي الخدمات التي يستخدمها الشعب الإيراني للتحايل على القيود التي يفرضها النظام الإيراني.
وفي ذروة حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، ارتفع مستوى الاعتماد على برامج فك الحجب للوصول إلى المعلومات في إيران بشكل كبير، حيث استخدمها ثلثا السكان.
وكتب سروش أحمدي، الناشط في مجال الإنترنت، في مقال نشرته مجلة "بيس لاين": "في إيران اليوم، الإنترنت دون برامج فك الحجب لا معنى لها".
ومجلة "بيس لاين" تصدرها منظمة "نشطاء حقوق الإنسان في إيران"، وهي منظمة غير حكومية ومقرها فيرجينيا.
ويُقال إن خدمات برامج فك الحجب المتوفرة في السوق الإيرانية تخضع لسيطرة النظام الإيراني، بل إنها تُقدم من قبل كيانات تابعة للحرس الثوري التي تستغل حاجة الشعب الإيراني إلى الوصول الحر إلى الإنترنت لتحقيق مكاسب مالية.
في عام 2020، خلال فترة ولاية ترامب الأولى، سجلت شركات التكنولوجيا المدعومة من الحكومة الأميركية زيادة في استخدام برامج التحايل على الرقابة في إيران.
وجاء ذلك بعد أن توسعت الجهود لمساعدة المحتجين المناهضين للنظام في إيران على مواجهة رقابة الإنترنت واستخدام تطبيقات المراسلة الآمنة للهواتف المحمولة.
وبعد احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) 2019 في إيران، كثفت واشنطن جهودها لتقديم المزيد من الخيارات للمواطنين الإيرانيين للتواصل مع بعضهم البعض ومع العالم الخارجي.
ونقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" في عام 2020 عن مسؤول في وزارة الخارجية في إدارة ترامب قوله إن هذه الجهود شملت تقديم تطبيقات وخوادم وتقنيات أخرى لمساعدة الناس على التواصل، وزيارة المواقع المحجوبة، وتثبيت برامج مكافحة التتبع، ومكافحة قطع الوصول إلى البيانات.
وقبل تنصيب ترامب في 20 يناير، بدا أن إدارة ترامب الثانية ستتبع نفس النهج تجاه الشعب الإيراني.
"الضغط الأقصى" على الشعب الإيراني أم على النظام؟
وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأميركي: "أي إجراء نتخذه تجاه إيران يجب أن يتم بحذر وواقعية نظراً لطبيعة ذلك النظام، وكذلك الشعب الإيراني؛ لأنهم ليسوا مثل قادتهم".
ومع ذلك، قال خبير في مجال الإنترنت لـ"إيران إنترناشيونال" إن القرار الأخير "يتناقض مع الموقف المعلن لإدارة ترامب في دعم الشعب الإيراني ضد نظام الجمهورية الإسلامية".
وأضاف: "في الواقع، هذه السياسة تفرض ضغطًا أقصى على الشعب الإيراني وليس على النظام.
هذا القرار سيحاصر المواطنين الإيرانيين خلف جدار رقمي، وسيساعد النظام على إنشاء الإنترنت الوطني الذي يريده، وفصل الشعب الإيراني بشكل فعال عن بقية العالم".
أسوأ أنواع العقاب
وواصل خبير الأمن السيبراني حديثه لـ"إيران إنترناشيونال" قائلًا إن التناقض بين تصريحات روبيو والأمر التنفيذي لترامب "يثير تساؤلات جدية في أذهان العديد من الإيرانيين، لأن هذا هو أسوأ أنواع العقاب للشعب الإيراني".
وأضاف محذرا: "في ظل الرقابة والقمع المستمر من قبل النظام الإيراني، إذا اختفى الشكل الحالي لدعم حرية الإنترنت خارج إيران، فسيكون هذا بمثابة أكبر هدية تقدمها إدارة ترامب للطغاة في طهران".
وتابع الخبير الإيراني في مجال الإنترنت: "حركة تلقائية؛ توقيع الأمر التنفيذي لترامب والمذكرة التي نفذها روبيو، حققت شيئًا فشل النظام الإيراني في تحقيقه بعد إنفاق مليارات الدولارات لإنشاء الإنترنت الوطني، وقطع آخر طريق لوصول الإيرانيين إلى الإنترنت العالمي".
وحذر أحمد أحمديان، مدير شركة "هوليستيك رزيليانس" التكنولوجية غير الربحية ومقرها كاليفورنيا، من أن هذا القرار لا يضعف فقط تدفق المعلومات الحرة ووصول الشعب الإيراني إلى الإنترنت الحر، بل "يعطل العديد من أنشطة المجتمع المدني، بما في ذلك الاتصالات الآمنة بين هؤلاء الأفراد التي عززت المجتمع المدني، وأصبحت ضرورية لتنظيم الأنشطة بأمان".
وأضاف: "بالإضافة إلى ذلك، يسمح هذا القرار للنظام الإيراني بإسكات صوت الشعب من خلال قطع وصول المواطنين إلى أدوات المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي التي تخضع للرقابة في إيران، والسيطرة على الرواية العامة".
وتسعى شركة أحمديان إلى تعزيز حرية الإنترنت والخصوصية من خلال البحث في طرق التحايل على الرقابة وتطويرها.
عمالقة التكنولوجيا
في سبتمبر (أيلول) الماضي، عقد البيت الأبيض اجتماعًا مع ممثلي أمازون، وغوغل ألفابت، ومايكروسوفت، وكلاودفلار، ونشطاء المجتمع المدني لحث عمالقة التكنولوجيا الأميركيين على توفير نطاق ترددي رقمي أكبر لتطوير أدوات التحايل على رقابة الإنترنت التي تفرضها الحكومات.
وذكرت وكالة "رويترز" في ذلك الوقت أن استخدام هذه الأدوات في إيران ودول استبدادية أخرى تمارس رقابة صارمة على الإنترنت قد زاد بشكل كبير بدعم من "صندوق التكنولوجيا المفتوحة".
ومع ذلك، يبدو أنه دون مساعدات الحكومة الأميركية، لن يكون أو لن يتمكن عمالقة التكنولوجيا في البلاد من مواصلة دعمهم لأدوات مكافحة الرقابة.
وقال أحمديان في هذا الصدد: "لقد لعب قيادة الحكومة الأميركية دورًا حيويًا في حث الشركات التكنولوجية الكبرى على تقديم خدمات عامة. دون تشجيعات الحكومة الأميركية، لم تكن هذه الشركات لتتخذ المبادرة بمفردها".
وبعد بدء الاحتجاجات الوطنية في إيران عام 2022، قام النظام الإيراني بتقييد وصول المواطنين الإيرانيين إلى الإنترنت على نطاق واسع.
وردًا على هذه القيود، التي شملت قطع الإنترنت بشكل كامل أو مؤقت وخفض سرعته بشكل كبير، أزالت الحكومة الأميركية بعض العقبات أمام تصدير خدمات الإنترنت إلى إيران وسمحت لشركة "سبيس إكس" التابعة لإيلون ماسك بتقديم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في إيران.
وقال مسؤول رفيع في قطاع الصناعة في إيران سابقًا إن عدد مستخدمي الإنترنت عبر الأقمار الصناعية "ستارلينك" في البلاد تجاوز 100 ألف شخص.
تداعيات قرار ترامب على أنشطة حقوق الإنسان
ويحذر النشطاء الإيرانيون من أن عواقب الأمر التنفيذي لترامب لن تقتصر على أدوات التحايل على رقابة الإنترنت.
وقال ناشط في مجال حقوق الإنسان في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال" إنه نتيجة لوقف المساعدات الخارجية الأميركية، ستواجه المشاريع التي تبحث في انتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد الحكومي والعسكري [في إيران] قيودًا؛ "فساد كان له تأثيرات سلبية على الاقتصاد والظروف الاجتماعية في إيران وعمل لصالح الأنشطة الإرهابية الخارجية وغسل الأموال للنظام".
وأشار هذا الناشط، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إلى أن "قرار إدارة ترامب سيكون هدية نظام الجمهورية الإسلامية ومسؤوليه الفاسدين، الحرس الثوري، وشبكات غسل الأموال في الغرب".
وأضاف هذا الناشط الإيراني أن العديد من المؤسسات غير الإيرانية في الولايات المتحدة استخدمت المساعدات الخارجية للحكومة الأميركية للتحقيق في فساد وغسل أموال النظام الإيراني في مجالات البيئة والبناء.
وحذر الناشط: "الآن ستضطر هذه المنظمات إلى وقف أنشطتها".
وأكد العديد من النشطاء الإيرانيين في حديثهم مع "إيران إنترناشيونال" أنه إذا لم يتم إعفاء المشاريع المتعلقة بتعزيز حقوق الإنسان وحرية الإنترنت في إيران من أمر ترامب خلال الشهر المقبل، فإما أنها ستختفي تمامًا أو سيتم تقييدها بشدة.
وحذر أحدهم من أن تأثير قرار الحكومة الأميركية قد لا يكون مرئيًا على الفور، لكن: "ستظهر عواقبه الوخيمة مع مرور الوقت".
وحذر خبراء الإنترنت من أنه حتى إذا استؤنفت مساعدات الحكومة الأميركية بعد ثلاثة أشهر، فإن الضرر الذي سيحدث سيكون لا رجعة فيه، حيث يهاجر العديد من الإيرانيين إلى برامج فك الحجب المحلية الضعيفة، وقد لا يعودوا تمامًا إلى استخدام الخدمات الآمنة المدعومة من الولايات المتحدة.
وحذر الخبير السيبراني: "هذا يعرض حرية المعلومات وأمن الأفراد للخطر".

جو ويلسون، عضو مجلس النواب الأميركي عن الحزب الجمهوري، كتب على منصة "إكس": "النظام الإيراني يقمع شعبه، يهاجم الأميركيين، ويثير الفوضى في الخارج".
وأضاف: "مع نضال الإيرانيين من أجل الديمقراطية، أصبح سقوط نظام الجمهورية الإسلامية أمراً حتمياً. بايدن منح النظام الإيراني فرصة جديدة، لكن ترامب لن يفعل ذلك".

تسببت الزيادة الكبيرة في أسعار الدواء في جعل الأدوية الأساسية بعيدة عن متناول العديد من الإيرانيين، حيث يغادر ما يقرب من 30% من الأشخاص الصيدليات دون الحصول على أدويتهم، وفقًا لجمعية الصيادلة الإيرانية.
وقال هادي أحمدي، عضو مجلس إدارة الجمعية، يوم الأحد 26 يناير (كانون الثاني): "الارتفاع في أسعار بعض الأدوية صدم المواطنين، و3 من كل 10 أشخاص يدخلون الصيدليات يختارون عدم شراء أدويتهم".
وأضاف: "لماذا يجب أن يحدث وضع كهذا حيث يرفض الناس تناول أدويتهم أو يعجزون عن تحمل تكاليف شرائها؟ لقد ارتفعت النفقات التي يدفعها المرضى من جيوبهم للعلاجات الخارجية لتتجاوز الآن 50%".
وسلّطت التقارير الضوء على العبء المالي الناتج عن ارتفاع أسعار الأدوية. ووفقًا لوكالة "تسنيم" للأنباء، قفزت تكاليف الأدوية بنسبة تصل إلى 400% منذ إلغاء دعم العملة الأجنبية.
النشطاء النقابيون والمتقاعدون يحذرون من أن هذه الأسعار الباهظة تجعل العلاجات الأساسية بعيدة المنال للكثيرين، بمن فيهم الأكثر عرضة للخطر، حيث يعيش أكثر من ثلث سكان إيران الآن تحت خط الفقر.
وقال شهرام غفاري، نائب مدير العلاج في منظمة الضمان الاجتماعي، يوم الأحد، إن إدارة الغذاء والدواء نفذت هذه الزيادات لمعالجة النقص ودعم المنتجين.
ومع ذلك، انتقد شهرام غفاري غياب التنسيق مع مقدمي خدمات التأمين، مما أجبر المرضى على تحمل كامل تكلفة الزيادات.
وأوضح قائلاً: "لم يتم تحديث الأسعار في أنظمة التأمين، مما أدى إلى ارتفاع كبير في التكاليف التي يتحملها المرضى من جيوبهم".
يذكر أن ميزانية حكومة مسعود بزشكيان لعام 2025 قلصت مخصصات العملة الأجنبية للسلع الأساسية بنسبة 20%، في حين ترفع سعر الصرف المدعوم بنسبة 35%.
مصنّعو الأدوية، الذين يعانون بالفعل من ارتفاع تكاليف الإنتاج، يواجهون تحديات كبيرة في تأمين الموارد التي يحتاجون إليها.
وقد أدى التدهور الاقتصادي العام إلى تفاقم المشكلة، حيث فقد التومان الإيراني ما يقرب من 40% من قيمته منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، مما زاد من صعوبة قدرة قطاع الأدوية على استيراد المواد الخام.
وقال مهدي بير صالحي، رئيس منظمة الغذاء والدواء، في وقت سابق من يناير (كانون الثاني)، إن الحكومة مدينة بأكثر من 4.47 مليار دولار لشركات الأدوية، بالإضافة إلى ديون متعلقة بالمعدات الطبية.
في حين وعد وزير الصحة محمد رضا زفرقندي بتخفيف العبء عن طريق تعويض شركات التأمين، يرى المعارضون أن هذه التدابير غير كافية.
ويتم إلقاء اللوم على إلغاء الحكومة دعمًا بقيمة 9 مليارات دولار للسلع الأساسية في عام 2022، والذي تم تقديمه لمواجهة أزمات العملة السابقة، في تفاقم التضخم ونقص السلع.
والآن، مع خطط الرئيس پزشكيان لتقليص مخصصات استيراد السلع الأساسية - بما في ذلك المنتجات الزراعية والأدوية والمواد الخام - إلى 12 مليار يورو، كما هو موضح في ميزانية عام 2025 التي أُعلنت في أكتوبر (تشرين الأول)، يستعد كل من المرضى ومقدمي الرعاية الصحية لعام صعب مع اقتراب العام الإيراني الجديد في 20 مارس (آذار) المقبل.