رئيس "الخبراء" الإيراني: التفاوض مع أميركا ليس حلا.. ونستطيع استعادة كرامتنا بالدعاء



قال كمال خرازي، أحد كبار مستشاري السياسة الخارجية للمرشد الإيراني علي خامنئي، إن إيران ستواصل تحدي أوامر الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتسلطة، مؤكدًا أن طهران مستعدة لإجراء محادثات قائمة على الاحترام المتبادل.
وتبدو تصريحات وزير الخارجية الإيراني الأسبق، كمال خرازي، أمس الأربعاء 26 فبراير (شباط)، إشارة إلى بعض المرونة في موقف إيران تجاه المحادثات مع الولايات المتحدة، وهو ما رفضه خامنئي بشكل صريح هذا الشهر.
ونقلت وكالة "إرنا" الرسمية عن خرازي قوله يوم الأربعاء: "نحن لا نهرب من التفاوض؛ فقد تفاوضنا مرات عديدة من قبل. ومع ذلك، فإن الخضوع للمطالب المفرطة وإملاءات الآخرين لا يتوافق مع روحنا الثورية والإيرانية".
وأضاف: "في الوقت الحالي، لا يوجد خيار سوى التحلي بأقصى درجات الصبر، ما لم تنشأ ظروف يظهر فيها الطرف الآخر استعدادًا حقيقيًا للتفاوض بدلاً من الإملاء".
وقد أعاد ترامب فرض حملة "الضغط الأقصى" من العقوبات التي انتهجها في ولايته الأولى، ولوّح بخيار عسكري ضد برنامج إيران النووي المثير للجدل، مما دفع وزير الخارجية عباس عراقجي إلى التأكيد على أن طهران لن تدخل في محادثات تحت التهديدات والضغوط.
وقال مستشار خامنئي: "أسلوب السيد ترامب يتمثل في فرض إرادته من جانب واحد، وتوقع أن يطيع الآخرون أوامره ببساطة. نحن نشهد هذا النهج حتى فيما يتعلق بأوروبا اليوم".
وتابع: "يجب أن نقاوم حتى يقتربوا منا ليس بالاستعلاء والضغط والعقوبات، بل على أساس مبدأ المساواة والاحترام المتبادل".
ويترأس خرازي المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، وسبق أن ألمح إلى أن إيران قد تتخلى عن موقفها المعلن بشأن عدم السعي لامتلاك أسلحة نووية.
يُذكر أن أعضاء هذا المجلس يتم اختيارهم مباشرة من قبل المرشد خامنئي، وغالبًا ما تُمهّد تقاريره وتوصياته لتحولات كبيرة في سياسة النظام الحاكم.
وكان خرازي قد صرّح العام الماضي بأن إيران قادرة على إنتاج أسلحة نووية، وأن تهديدًا وجوديًا قد يدفع إلى إعادة النظر في فتوى خامنئي بحرمة امتلاكها.

ركزت وزارة الخزانة الأميركية، منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على استهداف "الأسطول المظلم" الإيراني من ناقلات النفط الخام الضخمة جدًا (VLCCs) بسعة 300,000 طن (2 مليون برميل)، رغم أن أحدث العقوبات الأميركية على الناقلات المرتبطة بإيران بدأت في أكتوبر (تشرين الأول).
على سبيل المثال، نصف الناقلات التي فُرضت عليها العقوبات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي كانت من طراز "VLCC"، وفي جولتي العقوبات اللتين فرضتهما إدارة ترامب الجديدة هذا الشهر، كانت 6 من أصل 16 ناقلة مستهدفة من نفس الفئة. لكن لماذا تستهدف العقوبات هذا النوع من الناقلات؟
يمكن للناقلة "VLCC" أن تحمل ما يعادل ضعفين إلى أربعة أضعاف حمولة ناقلة من طراز "أفرا ماكس" أو "بانا ماكس"، وما يصل إلى 8-10 أضعاف ناقلة من طراز "هاندي سايز"، مما يجعلها ضرورية لشحنات النفط الإيرانية غير المشروعة.
ووفقًا لبيانات تتبع ناقلات النفط، وبعد العقوبات الأميركية الأخيرة في فبراير (شباط) الجاري، تم إدراج حوالي 62 في المئة من أصل 126 ناقلة "VLCC" متورطة في تهريب النفط الإيراني في القائمة السوداء.
في الوقت نفسه، تخلى بعض مشغلي هذه الناقلات الضخمة مؤخرًا عن السوق الإيرانية لصالح نقل النفط الروسي بسبب ارتفاع أسعار الشحن للخام الروسي.
وكشف تحقيق أجرته "إيران إنترناشيونال" أن 7 من أصل 13 ناقلة تعرضت للعقوبات في فبراير توقفت عن العمل خارج المحطات النفطية الإيرانية أو الصينية.
طريق إدارة ترامب الطويل
على الرغم من أن العقوبات المشددة زادت من تعقيد عمليات نقل النفط لناقلات "VLCC "الإيرانية، إلا أن القول بأن صادرات إيران النفطية ستتعرض لانخفاض كارثي سيكون مبالغًا فيه.
حددت منظمة "متحدون ضد إيران النووية" (UANI) وجود 503 ناقلات بسعة إجمالية تبلغ 61 مليون طن من النفط (أكثر من 350 مليون برميل)، لكن العقوبات الحالية تغطي أقل من 45% من هذه السعة الإجمالية.
ويشير تحقيق أجرته "إيران إنترناشيونال" إلى أنه للحفاظ على معدل نقل النفط اليومي البالغ 1.3 مليون برميل، كما هو الحال في الأشهر الأخيرة، تحتاج إيران إلى 45 ناقلة "VLCC". ومع ذلك، لا تزال هناك 47 ناقلة "VLCC" مرتبطة بتهريب النفط الإيراني لم تشملها العقوبات حتى الآن.
في غضون ذلك، تجاوز عمر عشرات الناقلات من طراز "VLCC" في العالم 20 عامًا خلال العام الماضي، ويبلغ متوسط سعر كل منها 25 مليون دولار.
وقد يتمكن مشغلو "الأسطول المظلم" من شراء بعض هذه السفن القديمة. ومن الجدير بالذكر أن عدد الناقلات الأجنبية المتورطة في تهريب النفط الإيراني قد ارتفع سبعة أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية.
في يناير (كانون الثاني)، حظرت الصين الناقلات الخاضعة للعقوبات من الرسو في ميناء شاندونغ، وهو أكبر محطة استيراد للنفط الإيراني. ونتيجة لذلك، انخفضت عمليات تفريغ النفط الإيراني إلى 850,000 برميل يوميًا.
ومع ذلك، أدى تحول في السياسة الصينية إلى خصخصة جزء من الميناء، مما سهل استقبال شحنات النفط الخاضعة للعقوبات.
ونتيجة لذلك، قفزت عمليات تفريغ النفط الإيراني في الصين إلى أكثر من 1.7 مليون برميل يوميًا في فبراير (شباط)، وفقًا لشركة "كيبلر" المتخصصة في معلومات الأسواق.
وهذا يشير إلى أن الولايات المتحدة لا تزال أمامها طريق طويل لتحقيق ما وصفه وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت بـ"هدف خفض صادرات النفط الإيرانية بنسبة 90 في المائة".
في وقت سابق، قدرت عدة شركات تتبع ناقلات النفط، في مقابلات مع "إيران إنترناشيونال"، أن صادرات إيران اليومية قد تنخفض بمقدار الثلث في الأشهر المقبلة، لكنهم جميعًا اتفقوا على أن تحقيق هذا السيناريو يعتمد بشكل كامل على تعاون الصين مع الولايات المتحدة.
الوضع الصعب لإيران
بينما يركز المحللون الأجانب ووسائل الإعلام في الغالب على حجم صادرات النفط الإيراني، فإن القضية الأكثر أهمية لإيران- وللولايات المتحدة أيضًا- هي عائدات النفط.
تشير بيانات تتبع الناقلات إلى أن حجم صادرات إيران قد انخفض بنحو 25% في الأشهر الأخيرة. ومع ذلك، تُظهر البيانات المالية الداخلية أن عائدات النفط الإيراني انخفضت إلى النصف، لتصل إلى أقل من 1.8 مليار دولار شهريًا.
وهذا يكشف بوضوح عن التكاليف الباهظة التي تكبدتها إيران للالتفاف على العقوبات الأميركية في الأشهر الأخيرة.
في الوقت نفسه، اعترفت معصومة آقا بور، المستشارة الاقتصادية للرئيس الإيراني، في 25 فبراير (شباط)، أي بعد يوم واحد من فرض أحدث العقوبات الأميركية على الشركات والناقلات المرتبطة بالنفط، بأن البلاد تعاني من نقص حاد في العملات الأجنبية.
وقالت: "لدينا مشكلة في العملات. دعونا نكون صريحين. ترامب لعب دورًا رئيسيًا في سوق العملات لدينا. لقد أصبح الوضع أكثر صعوبة بشكل كبير خلال الأسبوعين الماضيين".
منذ أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي، فقدت العملة الإيرانية نصف قيمتها بسبب التطورات الإقليمية وفوز ترامب في الانتخابات، حيث تعهد بتقليص صادرات النفط الإيرانية بشكل كبير.

يعتقد كثيرون في إيران هذه الأيام، أن البلاد على أعتاب حرب. هذا الاعتقاد، وإن كان قد بدأ يتبلور لدى بعض المحللين السياسيين منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإنه أصبح أكثر جدية عندما صرح الرئيس ترامب، بأن النظام الإيراني سيتم إيقافه بقصف عسكري أو باتفاق مكتوب.
وأكد ترامب في مقابلة مع "فوكس نيوز": "هناك طريقة لإيقافهم [مسؤولي النظام الإيراني]: إما بقصف عسكري وإما من خلال اتفاق مكتوب. أعتقد أن إيران قلقة للغاية ومرعوبة، لأن قدراتها الدفاعية قد تضاءلت تقريبًا".
جاءت هذه التصريحات في وقت أكد فيه مسؤولو النظام مرارًا أنهم غير مستعدين للتفاوض مع الولايات المتحدة، واختاروا طريق "المقاومة" بتأكيد قوي. ومنذ أن أعلن علي خامنئي علنًا معارضته للتفاوض، تحدث المسؤولون الإيرانيون مرارًا عن احتمال الحرب واستعدادهم لمثل هذا الحدث.
بالإضافة إلى الزيادة الكبيرة في ظهور العسكريين في وسائل الإعلام، أصبحت المصطلحات الأمنية أكثر بروزًا في الخطاب الرسمي للنظام. والتركيز المستمر على الحرب لا يتم فقط كخطر وشيك، بل كأداة سياسية واستراتيجية تُستخدم لتعزيز الأجواء الأمنية وقمع الاحتجاجات الشعبية تحت غطاء التهديد الخارجي.
الحرب كأداة للدفاع والتهديد
في خطابات مسؤولي النظام الإيراني، فإن التركيز على الحرب أو رموزها له وظيفة خارجية. فهم ربما يريدون تهديد الخصوم بسبب خوفهم من اندلاع الحرب. وفي كلام المسؤولين، تم تهديد إسرائيل ودول المنطقة، خاصة دول الخليج العربي، مرارًا. كما قال أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجو فضائية في الحرس الثوري: "إذا ضربوا مراكزنا النووية، سيشتعل حريق في المنطقة لا يمكن حساب أبعاده".
كما صرح إبراهيم جباري، مستشار قائد الحرس الثوري، بلغة أكثر حدة: "عملية الوعد الصادق-3 ستكون بالحجم المناسب وستؤدي إلى تدمير إسرائيل وحرق تل أبيب وحيفا".
هذه التهديدات يصاحبها كشف النقاب عن أسلحة جديدة وإجراء مناورات عسكرية. وفقًا لتقرير صحيفة "فايننشيال تايمز"، ضاعفت إيران تقريبًا عدد مناوراتها العسكرية في الأشهر الأخيرة. وتم تنفيذ هذه المناورات في المناطق الغربية والجنوبية من البلاد، بما في ذلك بالقرب من المنشآت النووية في نطنز ومضيق هرمز.
من خلال هذه الإجراءات، تريد إيران التأكيد على قدراتها الصاروخية والهجومية، وفي الوقت نفسه، التأكيد على قوتها الدفاعية. فقد صرح المرشد مؤخرًا بأن إيران تقف على مستوى دفاعي لا يدعو للقلق من التهديدات العسكرية للعدو.
ويمكن اعتبار هذه التصريحات جزءًا من استراتيجية الحرب النفسية للنظام؛ حيث لا يقتصر الهدف على ردع إسرائيل وأميركا فحسب، بل أيضًا على إدارة الرأي العام داخل البلاد. في ظل تزايد المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، فإن خلق أجواء التهديد الخارجي هو وسيلة لتحويل انتباه الناس عن الأزمات الداخلية.
الحرب كأداة للسيطرة
بغض النظر عما إذا كان مسؤولو النظام الإيراني يطرحون الحرب كتهديد أو كدفاع، فإن التكرار المستمر لرموز وخطابات الحرب في الشهر الماضي أصبح أمرًا يوميًا. هذا التركيز المكثف على الأجواء الحربية يتجاوز مجرد رد فعل بسيط على التهديدات الخارجية، بل هو أداة واعية لخلق تماسك إجباري والتحكم في الرأي العام. يحاول النظام من خلال التلميح المستمر باحتمال الحرب دفع المجتمع نحو التوحد والانصياع الإجباري.
ولكن يبدو أن ما تسعى إليه إيران من هذا التوحيد أو الاتحاد هو خلق الخوف ومحاولة السيطرة الداخلية. فقد أشار بهزاد نبوي، أحد وجوه الإصلاح، في مقابلة إلى أن الأجواء الحربية يمكن أن تساعد في خلق وفاق وطني. ويمكن اعتبار هذا الرأي جزءًا من رؤية النظام الذي يريد خلق هذا "الوفاق" من خلال نشر الخوف.
في نفس الوقت، يرى العديد من المسؤولين أن أحد التحديات الرئيسية التي تواجههم هو تدفق المعلومات الحرة على الإنترنت. يقولون إن هناك حربًا معرفية تُشن ضدهم ويجب إنشاء سد لمنعها.
في الواقع، توسيع نطاق الحرب من قبل المسؤولين في أبعاد مختلفة يُظهر محاولة لتعزيز السيطرة ونشر الخوف. ويمكن ملاحظة هذا في كلام أحمد رضا رادان، قائد الشرطة، الذي قال في 23 فبراير مقارنًا بين أيام الحرب العراقية الإيرانية والوضع الحالي: "في تلك الأيام كنا محاصرين في قناة "كميل"، أما اليوم فنحن محاصرون في قنوات الفضاء الإلكتروني، وإذا لم نكن مقاتلين، فسنتراجع بالتأكيد وسنترك الوطن لهم".
الحرب كأداة للبقاء
تواجه إيران مجموعة من الأزمات الداخلية مثل الاقتصاد المنهار، والبيئة المدمرة، والعجز المالي، والفساد المنهجي، مما أثار تساؤلات حول شرعية النظام السياسي الحالي في أذهان الكثير من الناس. نتيجة لهذا الوضع، ومع توقع المزيد من الاحتجاجات، يحذر مسؤولو النظام من أن "فتنة أخرى" قد تندلع، وهو تعبير استُخدم مرارًا لقمع الاحتجاجات.
ولكن هذه المرة، الخطر أكثر واقعية من أي وقت مضى. في مثل هذه الظروف، لم يعد النظام يعتمد فقط على أدوات القمع التقليدية، بل لجأ إلى أزمة أكبر للحفاظ على السلطة: قرع طبول الحرب.
إن خلق أجواء الحرب في الوقت الحالي يجعل السيطرة على الوضع أسهل للنظام. الحرب، أو حتى التهديد المستمر باندلاعها، هي أهم أداة لتحويل انتباه الرأي العام وقمع السخط.
ومن خلال تعزيز أجواء الحرب، يمكن للنظام توسيع نطاق الأجواء الأمنية، وفرض المزيد من السيطرة على وسائل الإعلام، وتقييد الإنترنت، وتكثيف قمع المعارضين تحت ذريعة "الظروف الاستثنائية". في مثل هذه الأجواء، يمكن قمع أي احتجاج بتهمة معارضة "النظام" أو "إثارة الرأي العام" أو "التعاون مع العدو".
ويمكن القول إن الحرب، أو حتى ظلها، هي السلاح الذي يحتاجه النظام الإيراني لإنقاذ نفسه من الانهيار. النظام الحاكم يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى "عدو خارجي" ليوحد المجتمع، ويبقي قواته في حالة تأهب، ويدمر أي احتجاج داخلي. النظام السياسي للبقاء يحتاج إما إلى الحرب، أو إلى التهديد الدائم بها. وفي كلتا الحالتين، سيدفع الشعب الإيراني واقتصاد البلاد واستقرار المنطقة ثمن هذا "البقاء".

ردا على تصريحات رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف بشأن إعادة إعمار لبنان، بعث مواطن إيراني برسالة صوتية لـ"إيران إنترناشيونال"، قائلا: "هل ستعيد بناء لبنان بميراث والدك؟ لقد أخذتم أموال الشعب الإيراني دون إذن وتنفقونها بالقوة كما تريدون".

قال البرلماني الإيراني عمر عليبور أقدم: "ليس من مسؤولية وزير الاقتصاد وحده التحكم في سعر الدولار". وأضاف: "إذا قمنا بإقالة الوزير وتعيين شخص آخر بدلاً منه، فقد يصل الدولار إلى 150 ألف تومان". وتابع: "لقد وقعت على استجواب الوزير، ولكنني الآن أعارض ذلك."