بترايوس: الهجوم على إيران سيشمل المنشآت النووية والدفاعات الجوية والقواعد الصاروخ
كشف الجنرال ديفيد بترايوس، القائد السابق للمنطقة المركزية الأميركية ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأسبق، في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال"، أن أي عملية عسكرية أميركية لن تقتصر على استهداف المنشآت النووية، بل ستشمل أيضاً الدفاعات الجوية والقواعد الصاروخية.
أعلن وزير الإعلام في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، مقتل عدد من عناصر الحرس الثوري الإيراني إلى جانب قياديين ميدانيين بارزين في جماعة الحوثي، وذلك خلال الغارات الجوية الأميركية التي استهدفت مواقع الحوثيين المدعومين من إيران، يوم الأول من مارس الجاري.
ونقلت قناة “اليمن” الرسمية، السبت 5 أبريل، عن الإرياني قوله إن الضربات الأميركية استهدفت تجمعاً لمسلحي الحوثي في جنوب منطقة الفازة الساحلية بمحافظة الحديدة، وهو موقع كان يُستخدم ـ بحسب قوله ـ للتخطيط لشنّ هجمات إرهابية ضد السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وأضاف الإرياني، نقلاً عن مصادر ميدانية موثوقة، أن الهجوم أسفر عن مقتل 70 عنصراً من الحوثيين، بينهم قادة ميدانيون بارزون، إلى جانب عناصر من الحرس الثوري الإيراني.
وكان الحوثيون قد أقرّوا في وقت سابق بارتفاع حصيلة قتلى الغارات الأميركية على محافظة الحديدة، التي وقعت مساء الثلاثاء الماضي، مشيرين إلى أن المقاتلات الأميركية استهدفت معسكرات حوثية شرق الحديدة.
كما شنت القوات الأميركية ثلاث غارات أخرى، مساء الثلاثاء، على مواقع في شرق محافظة صعدة.
وقبل ذلك بيومين، أفادت وسائل إعلام حوثية بأن الطيران الحربي الأميركي نفذ 18 غارة جوية على مواقع متعددة في عدة محافظات يمنية، واستهدف اجتماعاً لقيادات حوثية رفيعة في منطقة ساقين شرق مدينة صعدة، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم.
وكان مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض قد أكد سابقاً أن المستشارين العسكريين الإيرانيين ومعداتهم المرتبطة بهجمات الحوثيين على الاقتصاد العالمي، ستكون ضمن أهداف واشنطن المحتملة في ضرباتها العسكرية على اليمن.
قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، لـ"رويترز" اليوم الجمعة 4 أبريل (نيسان)، ردا على تحذيرات دونالد ترامب بشأن هجوم عسكري أميركي على إيران، إن حل هذا الخلاف يتطلب الدبلوماسية، وإن أنقرة لا تريد أن تشهد أي هجوم على جارتها إيران.
وأضاف فيدان أن بلاده لا تريد أي صراع مع إسرائيل في سوريا، حيث أدت الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مواقع عسكرية في ذلك البلد إلى إضعاف قدرة الحكومة السورية الجديدة على ردع التهديدات.
وفي جزء آخر من المقابلة، أضاف فيدان عن تصرفات إسرائيل في سوريا أن الهجمات الإسرائيلية تمهد الطريق لمزيد من عدم الاستقرار في المنطقة. وأنه "إذا كانت الحكومة الجديدة في دمشق تريد التوصل إلى تفاهم مع إسرائيل- التي هي مثل تركيا جارة لسوريا- فهذا الأمر يعود لها".
يأتي ذلك في ظل تواصل الهجمات الإسرائيلية على المواقع العسكرية في سوريا. وتُعدّ حكومة أحمد الشرع، الرئيس المؤقت لسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، من الحلفاء المقربين لتركيا.
ومنذ سقوط نظام الأسد، استهدفت إسرائيل بشكل متكرر مواقع عسكرية داخل سوريا، ما أضعف قدرة الحكومة الجديدة في دمشق على ردع التهديدات الأمنية.
وفي حديثه مع وكالة "رويترز"، يوم الجمعة 4 إبريل (نيسان)، على هامش اجتماع وزراء خارجية حلف الناتو في بروكسل، قال هاكان فيدان: "إن تحركات إسرائيل في سوريا تمهّد الطريق لعدم استقرار مستقبلي في المنطقة".
وفيما يخص العلاقات المستقبلية المحتملة بين دمشق وتل أبيب، أضاف وزير الخارجية التركي: "إذا رغبت الحكومة السورية الجديدة في التوصل إلى تفاهمات مع إسرائيل، وهي جارة مثل تركيا، فذلك شأن يخصها وحدها".
إسرائيل: تركيا تسعى لفرض وصايتها على سوريا
من جانبه، اتّهم وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، تركيا بالسعي لتحويل سوريا إلى "دولة تحت وصايتها".
وقال ساعر، خلال مؤتمر صحافي في باريس، يوم الخميس 3 إبريل: "إنهم يفعلون كل ما في وسعهم لجعل سوريا منطقة خاضعة للوصاية التركية، وهذا واضح تمامًا".
وأضاف: "لا نعتقد أن سوريا، في وضعها كوكيل لإيران، كانت في حالة جيدة، كما أننا نعتقد أنها يجب ألا تخضع للوصاية التركية".
وردًا على هذه التصريحات، أصدرت وزارة الخارجية التركية بيانًا، اتّهمت فيه إسرائيل بـ "تقويض الجهود الرامية إلى استقرار سوريا".
وجاء في البيان: "من خلال هجماتها، التي تستهدف وحدة الأراضي والسيادة الوطنية لدول المنطقة، أصبحت إسرائيل التهديد الأكبر لأمن واستقرار الشرق الأوسط".
تصاعد التوتر بين تركيا وإسرائيل
ازدادت وتيرة التوتر بين تركيا وإسرائيل، في الأيام الأخيرة، تزامنًا مع اندلاع احتجاجات واسعة في تركيا، على خلفية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو.
وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوم السبت 29 مارس (آذار) الماضي، بيانًا جاء فيه: "لا وجود للعدالة أو القانون أو الحرية في تركيا، تحت حكم أردوغان".
كما اتّهمت الخارجية الإسرائيلية، الرئيس التركي بـ "قمع المواطنين بعنف واعتقال المعارضين السياسيين بالجملة".
ويُعتبر اعتقال أكرم إمام أوغلو من قِبل السلطات التركية، الشرارة الكبرى لأكبر موجة احتجاجية تشهدها البلاد منذ أكثر من عقد.
وفي رد فعلها، قامت حكومة أردوغان باعتقال نحو ألفي شخص على خلفية هذه الاحتجاجات.
وكانت العلاقات بين تركيا وإسرائيل متوترة، حتى قبل اندلاع حرب غزة، لكنها ازدادت توترًا مؤخرًا، حيث وجّه أردوغان مرارًا انتقادات حادة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وفي عام 2017، وصف نتنياهو الرئيس التركي بـ "الديكتاتور الوحشي" واتّهمه بدعم "التنظيمات الفلسطينية الإرهابية".
استمرار الغارات الإسرائيلية على سوريا
أفادت وكالة "أسوشيتد برس"، يوم الجمعة 4 أبريل، بأن الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 9 أشخاص في جنوب غرب البلاد.
فيما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن الضحايا من المدنيين، دون تقديم تفاصيل إضافية.
لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، أفاد بأن القتلى هم من المسلحين المحليين في محافظة درعا.
وأفادت تقارير أخرى بأن إسرائيل شنّت يوم الأربعاء الماضي، 2 إبريل الجاري، أكثر من 12 غارة جوية على خمس مدن سورية، بينها مواقع قريبة من قاعدة جوية استراتيجية في مدينة حماة.
وتسعى تركيا، التي تعتبر من الحلفاء الأساسيين للرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، إلى إقامة وجود عسكري في هذه القاعدة، بحسب التقارير.
وأعلنت وزارة الخارجية السورية، في بيان رسمي، أن الهجمات الإسرائيلية "أدت إلى تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري، وإصابة عشرات المدنيين والعسكريين بجروح".
تنتشر القواعد العسكرية الأميركية بشكل واسع في الشرق الأوسط والمحيط الهندي، والمجهزة بأحدث المعدات التكنولوجية في العالم، وتم تصميمها لتكون قوة استباقية، تهدف إلى الردع السريع، وتنفيذ ضربات دقيقة، فضلاً عن بسط النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة.
وبالنسبة للمراقبين، فإن فهم هذه الشبكة من القوة الأميركية هو مفتاح لفهم التهديدات الحالية والتموضعات الاستراتيجية، التي تشكل الوضع الإقليمي الحالي.
ويتناول هذا التقرير مدى انتشار البنية العسكرية الأميركية وهيكلها وتأثيرها، في سياق التوتر القائم بين الولايات المتحدة وإيران:
"دييغو غارسيا".. حاملة طائرات غير قابلة للغرق في المحيط الهندي
تُعد جزيرة "دييغو غارسيا" واحدة من أهم عناصر الانتشار العالمي للجيش الأميركي. تقع هذه الجزيرة، التي تبعد أكثر من 1600 كيلومتر عن السواحل الجنوبية للهند، تحت السيادة البريطانية، وتم تأجيرها للولايات المتحدة منذ الحرب الباردة. تُوصف بأنها "حاملة طائرات غير قابلة للغرق" لأنها تستضيف قاذفات بعيدة المدى، وسفنًا موضوعة مسبقًا، ومحطات أرضية للأقمار الصناعية، ومرافق دعم للبحرية الأميركية.
وفي عام 2024، أكدت صور الأقمار الصناعية تمركز قاذفات الشبح "B-2 Spirit" في "دييغو غارسيا"، وهو مؤشر على تموضع استراتيجي للولايات المتحدة كرد فعل على التوترات الإقليمية.
وتضم القاعدة مدرجًا بطول 12 ألف قدم، مما يتيح لها استقبال أي طائرة عسكرية أميركية بما في ذلك الطائرات النووية تقريبًا.
وقد كانت "دييغو غارسيا" في السابق نقطة انطلاق لعمليات عسكرية في العراق وأفغانستان، ويمكن أن تلعب دورًا مماثلاً في حال وقوع نزاع مع إيران.
قاعدة العِديد الجوية في قطر: قيادة مركزية في قلب الصحراء
تم بناء قاعدة "العديد الجوية" في التسعينيات، وتم توسيعها بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول). وتُعد أكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط، وتضم أكثر من 10 آلاف جندي، وهي مقر القيادة الجوية المشتركة (CAOC) التي تُنسق العمليات الجوية في 21 دولة تحت قيادة القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم).
وتحتوي القاعدة على ملاجئ محصّنة، ومدرج بطول 15 ألف قدم، وبنية تحتية تدعم القاذفات، وطائرات التزود بالوقود، والطائرات المُسيّرة.
وتؤدي القاعدة دورًا لوجستيًا حاسمًا، كما تُعد عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على التفوق الجوي الأميركي، وقد كانت سابقًا نقطة انطلاق لعمليات في سوريا والعراق وأفغانستان، ولا تزال مركزًا للمهام الاستخباراتية والاستطلاعية في المنطقة.
قاعدة الدعم البحري في البحرين: مركز للعمليات البحرية
تقع قاعدة "NSA" في البحرين، التي تُعد مقرًا للأسطول الخامس الأميركي، في صميم العمليات البحرية للولايات المتحدة في المنطقة، ونظرًا لأهمية مضيق هرمز- الذي يمر من خلاله نحو 20 في المائة من النفط العالمي يوميًا- تمثل القاعدة مركز الردع البحري الأساسي.
ويتولى الأسطول الخامس مسؤولية المراقبة على واحد من أكثر المسارات الملاحية ازدحامًا في العالم، ويشمل حاملات طائرات، وغواصات، ومدمرات، وسفن كاسحة ألغام.
ويتيح الحضور الأميركي في هذه المنطقة استجابة سريعة للتهديدات البحرية المحتملة من جانب إيران.
إسرائيل والأردن والإمارات: شبكة من القواعد الصغيرة المتخصصة
إلى جانب القواعد الكبرى، تمتلك الولايات المتحدة قواعد صغيرة أو مشتركة في أنحاء المنطقة، ومنها:
- قاعدة موفق السلطي الجوية (الأردن): تُستخدم لإطلاق طائرات بدون طيار من طراز MQ-9" ريبر".
- صحراء النقب (إسرائيل): تضم رادارات وبنية تحتية للدفاع الصاروخي تحت إشراف أميركي.
- قاعدة الظفرة الجوية (الإمارات): تستضيف مقاتلات شبح من طراز "F-35" وطائرات استطلاع متقدمة.
وتلعب هذه المواقع أدوارًا متخصصة من جمع المعلومات الاستخباراتية إلى الاستعداد لتنفيذ عمليات فورية.
القوة البحرية الأميركية وحاملات الطائرات الهجومية
عندما تدخل حاملات الطائرات الأميركية المياه الخليجية أو بحر عمان، فإن ذلك عادة ما يتم ضمن إطار مجموعات حاملة الطائرات الهجومية (Carrier Strike Groups)، وهي وحدات بحرية تتمركز حول حاملة طائرات نووية وعدد من السفن المرافقة.
وفي أواخر عام 2023، تم إرسال حاملتي الطائرات "جيرالد فورد"، و"آيزنهارو" إلى المنطقة، كرد مباشر على الهجمات، التي استهدفت السفن التجارية في المنطقة.
وتتضمن هذه المجموعات مدمرات مزوّدة بنظام "Aegis" الدفاعي وصواريخ "SM-3" القادرة على اعتراض الصواريخ الباليستية.
ويمثل هذا الانتشار العسكري قرب السواحل الجنوبية لإيران ردعًا دفاعيًا وقدرة على توجيه ضربة هجومية، إذا لزم الأمر.
أنظمة الدفاع الجوي
تعتمد الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة على أنظمة دفاع جوي متعددة الطبقات؛ لمواجهة تهديدات الصواريخ الإيرانية أو وكلائها، ومنها: - منظومة ثاد، وصواريخ باتريوت.
تم دمج هذه الأنظمة مع شبكات رادارية وأقمار صناعية، ما يتيح للقادة الأميركيين رصد التهديدات الجوية واعتراضها لحظة إطلاقها.
الشبكات اللوجستية والاستخباراتية
لا تقتصر القوة العسكرية الأميركية فقط على القواعد أو السفن الحربية المرئية؛ حيث إن العمود الفقري لهذا الانتشار هو اللوجستيات، التي تشمل: مستودعات مملوءة بالوقود والغذاء والذخيرة، وقطع الغيار المنتشرة في أنحاء المنطقة.
كما تقوم طائرات استطلاع مثل "RC-135" والطائرات المُسيّرة بجمع بيانات لحظية.
ويتم تنسيق العمليات عبر القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، ومقرها الرئيسي في تامبا بولاية فلوريدا، ولها مراكز إقليمية نشطة في قطر والبحرين والكويت.
ما الذي يعنيه هذا الانتشار العسكري لإيران؟
من وجهة نظر طهران، قد يُنظر إلى شبكة القواعد الأميركية المحيطة بها كنوع من الحصار.
وتستطيع القاذفات الأميركية الإقلاع من "دييغو غارسيا" دون اكتشافها، كما يمكن إطلاق صواريخ "كروز" من غواصات في بحر العرب، مما يُجبر إيران على النظر إلى التهديدات من كل الاتجاهات، وفي الوقت نفسه، فإن هذا الوجود العسكري يُعتبر وسيلة ردع أيضًا.
ويؤكد القادة الأميركيون أنهم مستعدون للرد، لكن ليس بالضرورة شن هجوم، والرسالة واضحة، وهي أن أي هجوم على القوات الأميركية أو حلفائها سيُقابل برد سريع وحاسم.
القدرات العسكرية الإيرانية والتوازن غير المتكافئ في المنطقة
رد إيران غالبًا لا يكون من خلال مواجهة مباشرة، بل عبر أدوات غير متكافئة: مثل قواعد الصواريخ تحت الأرض، والطائرات الانتحارية المُسيّرة، وتسليح الجماعات الحليفة والميليشيات الوكيلة في المنطقة.
مع ذلك، فإن العديد من التقديرات حول القوة العسكرية الإيرانية- خاصة فيما يتعلق بدقة الصواريخ، والحرب الإلكترونية، والعمق الاستراتيجي- لا يمكن تأكيدها بدقة، وتعتمد غالبًا على المصادر الرسمية أو الإعلام المحلي.
وبينما تملك إيران قدرات ردع مؤثرة في بعض المجالات، فإن ميزان القوى الحقيقي بين إيران والبنية العسكرية الواسعة والمتقدمة للولايات المتحدة يبقى غير متوازن بشكل كبير.
ويرى كثير من المحللين أن إيران تستطيع إلحاق أضرار وخسائر بالقوات الأميركية وحلفائها، لكنها غير قادرة على توجيه ضربة قاصمة أو خوض حرب طويلة الأمد مع قوة مماثلة لها عسكريًا.
إن الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط والمحيط الهندي عميق، ومجهز، ومرن للغاية من الناحية العملياتية. ومن القواعد الجوية في "دييغو غارسيا" إلى السفن الحربية في المياه الخليجية، ومن أنظمة الدفاع الجوي إلى الشبكات اللوجستية، فإن البنية العسكرية الأميركية تحمل رسالة ردع واضحة لإيران.
حذّر المدير السابق لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي، مايكل سينغ، في مقابلة مع وكالة "بلومبرغ"، من أن القصف أو التفاوض مع نظام طهران لن يحققا سوى "نجاح نسبي"، إذ يمكنهما فقط تأجيل البرنامج النووي الإيراني، دون أن يتمكنا من وقفه نهائيًا.
وفي مقال تحليلي نشرته الوكالة بعنوان: "قصف إيران أم عدم قصفها.. هذا هو السؤال الآن"، كتب الصحافي مارك شامبيون أن النظام الإيراني لم يكن يومًا بهذا القدر من الضعف، وفي الوقت نفسه، لم يكن بهذا القرب من امتلاك ترسانة نووية كما هو اليوم. وتابع: "بناءً على هذين العاملين، يُطرح اليوم سؤال جوهري: هل حان وقت القصف أخيرًا؟".
ونقل شامبيون عن مايكل سينغ، الذي شغل منصبه في عهد الرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش (2000-2008م)، قوله: "سواء القصف أو التفاوض، كلاهما قد يحقق نجاحًا نسبيًا فقط، عبر تأجيل البرنامج النووي الإيراني، دون القدرة على إيقافه نهائيًا".
وأشار شامبيون إلى تصريحات علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، الذي قال إن الهجوم العسكري سيدفع إيران للتعجيل بامتلاك ترسانة نووية.
وأشار شامبيون إلى أن التهديد النووي الإيراني لن يزول، إلا إذا قرر نظام طهران نفسه التخلي عن طموحاته النووية.
موقف ترامب والتحركات العسكرية
بحسب شامبيون، فإن موقف دونالد ترامب واضح: يريد اتفاقًا، وإن فشل في تحقيقه، فهو مستعد للحرب. ومن أجل إعطاء التهديد طابعًا جديًا والاستعداد لحالة الطوارئ، بدأ "البنتاغون" بتحركات عسكرية كبيرة في المنطقة، شملت إرسال حاملة طائرات ثانية وقاذفات الشبح " B-2" أما إسرائيل، فهي تنتظر الإشارة، و"إصبعها على الزناد".
وأشار المقال إلى أن طريق الحرب أقصر وأسهل بكثير من طريق الوصول إلى اتفاق مرضٍ لترامب، خصوصًا في ظل التصعيد الإسرائيلي الجديد في غزة.
هشاشة التهديدات الإيرانية
أضاف المقال أنه رغم تهديدات إيران بضرب المصالح الأميركية والانتقام من حلفائها، والتي قد تبدو جوفاء كالهجمات الصاروخية على إسرائيل، فإنه "ليست كل السفارات والقواعد الأميركية محمية بأنظمة الدفاع الجوي المتطورة مثل إسرائيل".
نافذة للمفاوضات مع حكومة بزشكیان
يرى الكاتب أن حكومة مسعود بزشكیان قد تفتح الباب أمام مفاوضات حقيقية، خصوصًا مع تصاعد الضغوط الاقتصادية الناتجة عن العقوبات، والتي قد تؤدي إلى تفكك القاعدة الشعبية للنظام.
وأضاف أن النقاش حول صواب أو خطأ قرار ترامب في ولايته الأولى بالانسحاب من الاتفاق النووي (برجام) لم يعد مجديًا، بل الأهم الآن هو إبرام اتفاق جديد يُصلح ثغرات الاتفاق السابق، وهو ما سيكون أفضل بكثير من خيار الحرب.
لكن هذا يتطلب من ترامب القيام بأشياء لا يميل إليها عادة، مثل الاعتماد على حلفائه الأوروبيين، حتى في ظل النزاعات التجارية معهم.
دور أوروبا والدول الخليجية
أشار التقرير إلى أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا تعمل على الملف النووي الإيراني منذ بداية العقد الأول من الألفية، ولديها، إلى جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، فهم تقني دقيق للموضوع.
وبخلاف الولايات المتحدة، لم تنسحب هذه الدول من الاتفاق النووي، ومِن ثمّ ما زال بوسعها تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات "آلية الزناد". ومن المتوقع أن تبدأ هذه العملية بحلول يونيو (حزيران) 2025، كي تكتمل قبل المهلة النهائية في أكتوبر (تشرين الأول) 2025.
كما أشار المقال إلى الوسطاء الخليجيين، الذين باتوا فاعلين أكثر من أي وقت مضى، حيث دخلوا في تواصل مباشر مع طهران منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق.
وبحسب التقرير، فإن الاتفاق النووي الجديد يجب أن يكون أوسع وأشمل بكثير من الاتفاق السابق.
شروط كل طرف لاتفاق جديد
أضاف شامبيون في مقاله أنه بالنسبة لواشنطن وإسرائيل: يجب أن يتضمن الاتفاق نظام تفتيش صارمًا وطويل الأمد، ويشمل البرنامج النووي والصواريخ الباليستية، واستخدام إيران لوكلائها الإقليميين (مثل حماس وحزب الله والحوثيين).
وبالنسبة للدول الخليجية: يجب إشراكها فعليًا في العملية، بعكس الاتفاق السابق.
وبالنسبة لإيران: يجب توفير ضمانات واضحة لرفع العقوبات، بالإضافة إلى ترتيبات أمنية إقليمية تجعل خيار امتلاك السلاح النووي أقل جذبًا من الناحية الاستراتيجية.
اختتم شامبيون مقاله بالتأكيد أن الخيار العسكري يحمل عواقب غير متوقعة أكثر بكثير من المفاوضات، وأن بدء المفاوضات في أقرب وقت وبشكل جاد سيكون الأفضل للجميع.
تعليق الجنرال دن كين
قال دن كين، الجنرال المتقاعد من سلاح الجو والذي رشحه ترامب لرئاسة هيئة الأركان المشتركة، في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأميركي، في الأول من إبريل (نيسان) الجاري، إن "القوة العسكرية وحدها لن تكون كافية لإجبار إيران على قبول اتفاق نووي جديد أكثر صرامة".
وأكد أن الأمر يتطلب استراتيجية شاملة تشمل الدبلوماسية والحوافز الاقتصادية.
أصدر معهد الأمن القومي اليهودي الأميركي تقريرًا تحليليًا جديدًا يؤكد أن المهلة الحقيقية لتفعيل "آلية الزناد" وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2231 تنتهي بحلول نهاية مايو (أيار) 2025، مشددًا على أن الوقت يوشك على النفاد.
يُذكر أن "آلية الزناد" (Snapback) تتيح، لأي من الدول الموقعة على الاتفاق النووي، إعادة تفعيل العقوبات الأممية تلقائيًا دون الحاجة إلى تصويت جديد، في حال خرق إيران لالتزاماتها.
ويأتي تقرير معهد الأمن القومي اليهودي الأميركي في وقت يقترب فيه موعد انتهاء العمل بقرار مجلس الأمن 2231، الذي صدر بعد التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، والمقرر أن ينتهي في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2025.
وقد كانت فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا قد حذّرت في وقت سابق من أنها قد تلجأ إلى تفعيل "آلية الزناد" وإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، إذا ما واصلت طهران أنشطتها النووية المخالفة.
لكن معهد معهد الأمن القومي اليهودي الأميركي يرى أن الفرصة الفعلية لتنفيذ هذه الخطوة بطريقة ناجحة ومؤثرة هي حتى نهاية مايو، بحسب التقرير الصادر أمس الخميس 3 أبريل (نيسان) 2025 بعنوان: "عقوبات إيران.. وقرار مجلس الأمن 2231.. ومسار تفعيل آلية الزناد."
ضرورة التنسيق مع أوروبا
في التقرير، شدد المعهد على أن الولايات المتحدة يجب أن تقنع الدول الأوروبية الثلاث- فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا- بتفعيل "آلية الزناد" قبل نهاية مايو 2025، لضمان نجاح العملية في الإطار الزمني المناسب.
وقال غابرييل نورونها، عضو المعهد ومعد التقرير: "لا يجب أن يسمح الغرب بانتهاء صلاحية العقوبات الأممية المفروضة على إيران في أكتوبر المقبل."
وأضاف: "كلما بادرت أوروبا بشكل أسرع في تفعيل آلية الزناد، كلما زادت القدرة على فرض ضغوط قانونية واقتصادية على إيران، ومن ثم تحميلها كلفة دعمها للحرب الروسية في أوكرانيا."
لماذا الآن؟ الأسباب الملحة
وفق التقرير، هناك عدة أسباب ملحة تستدعي تنفيذ الخطوة في أقرب وقت:
- الوقت اللازم لاستكمال الإجراءات داخل الأمم المتحدة. - ضرورة تفعيل الآلية خلال فترة رئاسة إحدى الدول الغربية لمجلس الأمن. - أهمية استخدام هذه الآلية كأداة ضغط حاسمة في أي مفاوضات محتملة مع إيران.
وأكد بليز ميجتال، نائب مدير السياسات في المعهد أن "النافذة الزمنية لاستخدام آلية الزناد أصبحت ضيقة جدًا، وأضيق بكثير مما يظنه صناع القرار. هذا يعكس واقعًا صعبًا: لم يعد هناك متسع حقيقي للدبلوماسية مع إيران."
وتابع: "الدور المحوري لكل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا يُظهر مدى أهمية التنسيق الأميركي الأوروبي الوثيق حول هذه المسألة الحساسة."
العقوبات... أداة التفاوض الحاسمة
وفق ما ورد في التقرير، فإن أي مفاوضات مستقبلية ناجحة مع طهران تتطلب أولًا أن يكون الاقتصاد الإيراني تحت ضغط خانق، وأن تكون الميليشيات التابعة له في أضعف حالاتها.
ويرى المعهد أن عدة أشهر ستحتاجها حملة "الضغط الأقصى" التي تنتهجها إدارة ترامب لتؤتي أُكُلها على الاقتصاد الإيراني وميزانية الدولة. ولهذا، فإن أي اتفاق شامل قبل صيف 2025 سيكون صعب التحقيق.
ومن هنا، يؤكد المعهد أن إعادة فرض العقوبات الدولية من خلال "آلية الزناد" يمثل أداة ضغط جوهرية لا بد منها.
وقال بترايوس إن الجيش الأميركي يمتلك منذ نحو 15 عاماً خطة شاملة للهجوم على المنشآت النووية والأهداف العسكرية الحيوية للنظام الإيراني، وهي خطة خضعت لتحديثات مستمرة مع مرور الزمن.
وأشار إلى أن هذه الخطة وُضعت خلال فترة قيادته للمنطقة المركزية الأميركية (سنتكوم)، وأن القوات الأميركية سبق أن أجرت محاكاة عملية لتنفيذها داخل الأراضي الأميركية، ضمن تدريبات عسكرية فعلية استعداداً لأي مواجهة محتملة مع إيران.
• خطة قديمة لكنها لا تزال فعالة
يقول الجنرال ديفيد بترايوس، الذي تولّى قيادة القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) بين عامَي 2008 و2010، إن خطة تدمير البرنامج النووي الإيراني "تم إعدادها منذ سنوات طويلة".
وفي هذا الحوار، أشار بترايوس إلى أن القوات الأميركية وصلت ذات مرة إلى مرحلة "الاستعداد الكامل"، حيث جرى تجهيز جميع الطائرات، والقواعد الجوية، والقنابل، وعمليات التزود بالوقود جواً، وحتى تأمين الطعام والمياه مسبقاً.
وأكد بترايوس- في إشارة إلى ضرورة تنفيذ عملية شاملة- أنه "لا شيء محدودا" في مثل هذه العملية، مضيفاً أن العملية لا تستهدف البنية التحتية النووية الإيرانية فقط، بل يجب أيضاً تدمير أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي الإيرانية، "لأنه لا يمكن إرسال طائرات للتحليق بينما لا تزال هذه الأنظمة نشطة".
كما ذكّر بترايوس بأن إسرائيل كانت قد نجحت سابقاً في إلحاق أضرار كبيرة بمنظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة "S-300" التي تستخدمها إيران، مشيراً بذلك إلى أن دخول الولايات المتحدة في مواجهة عسكرية مع إيران لن يقتصر على استهداف منشآت تخصيب اليورانيوم فحسب، بل إن أنظمة الدفاع والصواريخ الإيرانية، بل وحتى بعض القدرات الهجومية لطهران، ستكون ضمن دائرة أهداف الهجوم المحتمل.
• القنبلة الخارقة العملاقة… سلاح لا تملكه سوى أميركا
من وجهة نظر القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، فإن نشر قاذفات الشبح الاستراتيجية "B-2" في قاعدة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي، وتنفيذها رحلات متكررة إلى المنطقة، لا يُعد فقط رسالة ردع، بل هو جزء من "الاستعدادات المحتملة" لتنفيذ هجوم عسكري.
وهذه القاذفات قادرة على حمل نوعين على الأقل من القنابل الخارقة للتحصينات: اولا: القنبلة الخارقة العملاقة (MOP) التي تزن نحو 14 طناً، والمخصصة لضرب المنشآت المحصنة بشدة في أعماق الأرض. ثانيا: قنبلة أصغر تزن قرابة 2.5 طن، مخصصة لاستهداف المنشآت الواقعة على أعماق أقل.
وأكد بترايوس أن إسرائيل لا تملك مثل هذه القنابل، ولا الطائرات القادرة على حملها، قائلاً: "هذه أسلحة ثقيلة ومدمرة للغاية، ولديها القدرة على إلحاق أضرار هائلة، خاصة وأن كثيراً من المنشآت النووية الإيرانية تقع في مناطق نائية".
وأضاف بترايوس أن إمكانية استخدام هذه القنابل، وخاصة القنبلة (MOP)، ضد البنية التحتية النووية الإيرانية، ليست أمراً وارداً فحسب، بل ستكون ضرورة في حال تنفيذ هجوم عسكري.
• هجوم مشترك أم عملية أميركية منفردة؟
تحدّث الجنرال بترايوس أيضاً في هذا الحوار عن احتمالية التعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل لتنفيذ هجوم محتمل على إيران.
ويرى القائد السابق لـ"سنتكوم" أن واشنطن تملك القدرة الكاملة لتنفيذ عملية عسكرية مستقلة، ولا تحتاج بالضرورة إلى تدخل إسرائيلي.
وبحسب بترايوس، فإن إشراك إسرائيل في مثل هذه العملية قد يحمل بعض الفوائد ضمن سيناريوهاته المختلفة، لكنه في الوقت نفسه حذّر من أن عبور الطائرات للأجواء التابعة لدول ثالثة، والحساسيات الإقليمية، قد تشكّل عائقاً أمام تنفيذ عملية مشتركة واسعة النطاق.
وأشار بترايوس إلى سجلّ الجيش الإسرائيلي في استهداف المنشآت النووية، سواء عبر قصف مفاعل سوريا النووي سابقاً، أو من خلال عملياته المحدودة ضد منشآت إيرانية، قائلاً: "لقد نجحت إسرائيل مرتين في اختراق منظومة الدفاع الجوي الإيرانية، وتمكنت حتى من تدمير منشآت إنتاج محركات الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب".
لكنه أضاف أن مشاركة إسرائيل بشكل مباشر إلى جانب الولايات المتحدة في حال اتخاذ واشنطن قراراً نهائياً بالهجوم، ستظل رهناً بظروف المنطقة وتعقيداتها في ذلك الوقت.
• الرد الإيراني المحتمل
أشار الجنرال ديفيد بترايوس إلى التهديدات الأخيرة من قادة الحرس الثوري الإيراني بشأن استهداف القواعد الأميركية في المنطقة، قائلاً في حواره مع "إيران إنترناشيونال" إن واشنطن تأخذ هذه التهديدات "بشكل جدي للغاية"، وأن الاستعدادات العسكرية الجديدة تم التخطيط لها خصيصاً لمواجهة هذا الخطر.
ومع ذلك، حذر بترايوس في الوقت نفسه من أن إيران موجودة في "منزل زجاجي أكثر منا" مقارنة بالقوات الأميركية، مضيفا: "في رأيي، هم في منزل زجاجي أكثر منا، وإذا قامت إيران بأي خطوة تؤدي إلى مقتل جنود أميركيين أو جنود حلفائنا، فإن الولايات المتحدة ستكون قادرة على إلحاق أضرار أكبر بكثير وأشد بإيران.. وهو رد سيكون شديداً للغاية".
وبحسب بترايوس، في حال حدوث هجوم، فإن أي خطة للانتقام من إيران ستكون جزءاً مهماً من أهداف الهجوم الأميركي، بما في ذلك قواعد الصواريخ الباليستية، وأنظمة الدفاع الجوي، وأي موقع آخر يمكن أن يشكل تهديداً للقواعد والسفن الأميركية وحلفائها.
• الدبلوماسية أم المواجهة العسكرية؟
أشار الجنرال بترايوس إلى أن الرئيس دونالد ترامب، بناءً على ما رأيناه منه، "ينهي الحروب، ويفضل عدم بدء أي صراع جديد"، لكنه أضاف في الوقت نفسه: "لقد أظهر ترامب بوضوح أنه إذا أصبحت الحرب أمراً لا مفر منه، فإنه يمتلك الاستعداد والقدرة للدخول فيها".
وتابع بترايوس بالحديث عن أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد أوضحا مسبقاً أنهما لن يسمحا لإيران بامتلاك سلاح نووي، قائلا: "هناك قلق عميق بشأن مدى اقتراب إيران من بناء سلاح نووي. هم عملياً على بُعد مرحلة واحدة فقط من عملية تخصيب اليورانيوم اللازمة لإنتاج سلاح نووي".
كما أشار بترايوس إلى التعزيزات العسكرية الكبيرة التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى المنطقة، قائلاً: "الرئيس ترامب أكد مراراً أنه لن يسمح أبداً لإيران بامتلاك سلاح نووي، وبالتالي ما نراه اليوم هو استعدادات عسكرية محتملة، وكذلك محاولة لإرسال رسالة ردع إلى إيران، رسالة جادة وواضحة تقول: لا تواصلوا في هذا المسار، لأنه في حال فعلتم ذلك، ستكون الولايات المتحدة مضطرة للتحرك".
وفي الختام، صرح بترايوس بأنه إذا فشلت الطرق الدبلوماسية ولم تتوقف إيران عن التوجه نحو بناء الأسلحة النووية، سيتم تنفيذ خطة الهجوم الأميركية التي كان قد ساهم شخصياً في تصميمها وتحديثها.
• إيران.. وحزب الله وحماس: استراتيجية الوكلاء والهشاشة الإقليمية
في جزء آخر من حواره، أشار الجنرال بترايوس إلى حزب الله اللبناني وحركة حماس باعتبارهما أبرز الجماعات الوكيلة لإيران في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى تأثير الضغوط الأخيرة من إسرائيل والتطورات الإقليمية على هذه القوى المدعومة من طهران.
ويعتقد بترايوس أن جزءاً من القدرة الانتقامية لإيران لا يكمن فقط في قوتها الصاروخية والدفاعية، بل أيضاً في شبكة من الجماعات المتحالفة معها في المنطقة. ومع ذلك، أشار إلى أن التغيرات الميدانية في السنوات الأخيرة قد ألحقَت ضربات قاسية بهذه الجماعات.
• حزب الله اللبناني: أهم وكلاء إيران في المنطقة
أكّد الجنرال بترايوس أن حزب الله اللبناني يُعد "أهم" أداة نفوذ إيرانية في المنطقة، مشيراً إلى أن إسرائيل، بعد "عملية سلسلة الإمداد"، تمكنت من تقليص ترسانة حزب الله من الصواريخ، والقذائف، والطائرات المسيّرة من حوالي 140 ألفا إلى نحو 10 آلاف فقط.
وأوضح بترايوس أن "عملية سلسلة الإمداد" السابقة قد وجهت ضربة قاسية لقادة حزب الله، وأدت إلى شلل مؤقت في قدرات المجموعة الهجومية. وأضاف: "لم تستهدف هذه العملية هيكل القيادة فقط، بل دمرت فعلياً القيادات العليا في الحزب. لم يكن هذا مجرد قطع رأس القيادة، بل كان بمثابة كسر لظهر حزب الله".
كما ذكر بترايوس أن إيران، من أجل الحفاظ على قوة حزب الله، كانت دائماً تسعى لنقل الأسلحة والذخائر عبر سوريا، ولكن التغيرات السياسية والعسكرية في المنطقة، بما في ذلك التغيرات في سوريا، قد خفضت بشكل كبير قدرة إيران على إرسال الأسلحة إلى لبنان.
• دور سوريا في سلسلة الإمداد الإيرانية
من وجهة نظر بترايوس، كانت سوريا في وقت ما الحلقة الأساسية في سلسلة نقل الأسلحة والدعم اللوجستي الإيراني إلى حزب الله اللبناني. إلا أنه أشار إلى أن "سقوط بشار الأسد" والتطورات التي حدثت في مناطق شمال سوريا قد جعلت الطرق البرية والجوية الحيوية لإيران في دعم القوات الوكيلة في لبنان وحماس غير آمنة.
وأشار بترايوس إلى عدة حالات استهدفت فيها إسرائيل- حتى في عمق الأراضي الإيرانية- المنشآت العسكرية الحساسة أو أنظمة الدفاع، ليخلص إلى أن الاستراتيجية الإيرانية القائمة على الوكلاء أصبحت أكثر هشاشة في بيئة الشرق الأوسط الحالية.
وختم بترايوس: "إلى جانب سقوط نظام بشار الأسد… تغيرت الخريطة الجيوسياسية لمنطقة الشمال والشمال الشرقي لإسرائيل بشكل كامل. لم يعد بإمكان إيران استخدام الأراضي السورية بسهولة كطريق لنقل الأسلحة إلى حزب الله اللبناني. كما أن إسرائيل، من جانبها، تستهدف بشكل منهجي البنية التحتية الإيرانية في سوريا".