"وول ستريت جورنال": إيران تشتري مواد أولية من الصين لتأمين وقود الصواريخ الباليستية

أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلًا عن مصادر مطلعة لم تكشف هويتها، بأن طهران تسعى في خضم مفاوضاتها النووية المتوترة مع الولايات المتحدة إلى إعادة بناء قدراتها العسكرية، وطلبت آلاف الأطنان من المواد اللازمة لإنتاج صواريخها الباليستية من الصين.

وذكرت الصحيفة، يوم أمس الخميس 5 يونيو (حزيران)، أن هذه الشحنات تتضمن مادة نترات الأمونيوم، والتي تُعد مكونًا أساسيًا في تصنيع وقود الصواريخ الباليستية ذات الوقود الصلب، وفقًا للمصادر، ومن المقرر أن تصل هذه المواد إلى إيران، خلال الأشهر المقبلة.

وأضافت الصحيفة أن جزءًا من هذه المواد من المرجّح أن يُرسل إلى ميليشيات ووكلاء للنظام الإيراني في المنطقة، ومنها جماعة الحوثيين في اليمن.

وبحسب التقرير، فإن النظام الإيراني يسعى بالتزامن مع المفاوضات النووية المتوترة مع الولايات المتحدة إلى تعزيز حلفائه الإقليميين، وإعادة بناء ترسانته الصاروخية. كما تواصل طهران تطوير مخزونها من اليورانيوم المخصب حتى حدود الاستخدام العسكري، وأعلنت بشكل صريح رفضها التفاوض بشأن برنامجها الصاروخي.

وفي سياق متصل، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الأربعاء 4 يونيو الجاري، إنه تحدث هاتفيًا مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشأن المفاوضات مع إيران، وصرّح قائلًا: "الوقت ينفد أمام إيران لاتخاذ قرار بشأن السلاح النووي".

وأوضحت "وول ستريت جورنال" أن شركة إيرانية تُدعى "پيشگامان تجارت رفيع نوين" قد قدمت في الأشهر الماضية طلبية إلى شركة في هونغ كونغ تُدعى "Line Commodities Holdings".

وقد امتنع مدير هذه الشركة في هونغ كونغ، وممثلو الشركة الإيرانية، ومندوب إيران لدى الأمم المتحدة عن الرد على طلب الصحيفة للتعليق.

ومن جهته، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية للصحيفة إنه لا علم له بهذه الصفقة، مؤكدًا أن "الصين تفرض دائمًا رقابة صارمة على تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج وتلتزم بالتزاماتها الدولية".

وأشار التقرير إلى أن طهران تحاول إعادة بناء "محور المقاومة" بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وحزب الله في لبنان، وحماس في غزة، بفعل الحرب والضربات العسكرية. كما أن الهجمات الأميركية والإسرائيلية على مواقع الحوثيين في اليمن أضعفتهم، رغم استمرار تهديداتهم ضد إسرائيل.

ووفقًا للمصادر المطلعة، فقد نقلت إيران مؤخرًا صواريخ باليستية إلى ميليشيات شيعية في العراق، وهي جماعات سبق لها مهاجمة القوات الأميركية والإسرائيلية. وكانت صحيفة "تايمز" البريطانية قد نشرت تقارير مماثلة في وقت سابق.

ومنذ اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، على يد الولايات المتحدة عام 2020، أطلقت الميليشيات الشيعية في العراق ما لا يقل عن 12 صاروخًا باليستيًا على قاعدة عين الأسد الأميركية.

ويؤكد مسؤولون أميركيون أن إيران تمتلك واحدًا من أضخم برامج الصواريخ الباليستية في المنطقة، وأن مادة نترات الأمونيوم تُعتبر عنصرًا رئيسًا في وقود صواريخها الفعالة.

وفي وقت سابق من هذا العام، قامت سفينتان إيرانيتان كانتا راسيتين في الصين بشحن أكثر من ألف طن من "بيركلورات الصوديوم"، وهي مادة تُستخدم في تصنيع نترات الأمونيوم. وقد وصلت هذه المواد إلى الموانئ الإيرانية في منتصف فبراير (شباط) وأواخر مارس (آذار) الماضيين، وكانت كافية لتأمين وقود نحو 260 صاروخًا قصير المدى، وفقًا للتقديرات.

ووفقًا لأحد المسؤولين، فإن الصفقة الجديدة لاستيراد نترات الأمونيوم، والتي وُقعت على الأرجح قبل اقتراح ترامب في مارس لاستئناف المفاوضات النووية مع المرشد الإيراني، ستكفي لإنتاج وقود لنحو 800 صاروخ.

وفي 29 أبريل (نيسان) الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على ستة أفراد وست مؤسسات في إيران والصين؛ بسبب مشاركتهم في توريد المواد الأولية للصواريخ، ومن بينها بيركلورات الصوديوم. وبعد أسبوعين، فرضت واشنطن عقوبات إضافية على كيانات وأفراد في الصين وهونغ كونغ.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية: "إن الكيانات والأفراد الصينيين قد دعموا البرنامج الصاروخي الإيراني، وساهموا كذلك في تصنيع صواريخ وطائرات مسيّرة لجماعة الحوثي، ولهذا سنواصل التعرف عليهم وفرض العقوبات عليهم".

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، أعلنت البحرية الأميركية أنها احتجزت سفينة في خليج عُمان كانت تحمل أكثر من 70 طنًا من نترات الأمونيوم، في مسار معروف تستخدمه طهران لتزويد الحوثيين بالسلاح.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، استهدفت إسرائيل نحو 12 جهازًا من نوع "الخلاط الكوكبي" تُستخدم في إنتاج وقود الصواريخ، ما ألحق ضررًا كبيرًا بقدرات إيران في تصنيع صواريخ الوقود الصلب.

ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين المطلعين أن إيران بدأت أعمال إصلاح هذه الخلاطات، ولذلك فإن جزءًا من المواد المستوردة سيُستخدم محليًا، بينما سيُرسل جزء منها إلى حلفائها مثل الحوثيين.

واختتمت "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن تخزين هذه المواد القابلة للاشتعال ينطوي على مخاطر عالية. ففي أبريل الماضي، وقع انفجار كبير في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس الإيرانية، وهو أحد أهم موانئ الحاويات في إيران، أسفر عن عشرات القتلى. وقد ذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن الانفجار نتج عن تخزين سيئ للمواد المتفجرة من قِبل وحدة تابعة لفيلق القدس، وقال أحد المسؤولين إن جزءًا من مادة بيركلورات الصوديوم المستوردة قد دُمّر في هذا الانفجار.