تيار "البكسوات".. هل ستُخدَع إيران مرة أخرى بالإصلاحيين؟

أصدرت جبهة الإصلاحيين في إيران بيانًا جديدًا مليئًا بالشعارات المألوفة، تتحدث فيه مرة أخرى عن "المصالحة الوطنية" و"العودة إلى الشعب".
أصدرت جبهة الإصلاحيين في إيران بيانًا جديدًا مليئًا بالشعارات المألوفة، تتحدث فيه مرة أخرى عن "المصالحة الوطنية" و"العودة إلى الشعب".
هذا البيان، أكثر من كونه يحمل حلولًا، هو مجموعة من الوعود المتكررة؛ تلك التي سُمعت مرات عديدة خلال العقود الأربعة الماضية لكنها لم تتحقق أبدًا.
في الثقافة العامة، يُقصد بـ"البكسوات" دوران عجلات السيارة في مكانها دون فائدة؛ حركة لا تؤدي إلى تقدم، بل تزيد من الانغراس. هذا التعبير يُظهر بوضوح حالة الإصلاحيين في إيران اليوم.
التيار الذي يُطلق عليه اسم "الإصلاحي" ظاهريًا، تحول في الواقع إلى "حزب البكسوات"؛ حزب يستخدم الإصلاحات ليس من أجل التغيير السياسي، بل فقط من أجل البقاء وحفظ النظام الذي هو جزء لا يتجزأ منه.
نشرت جبهة الإصلاحيين بيانها الأخير في 17 أغسطس (آب) بعنوان "المصالحة الوطنية؛ فرصة ذهبية للتغيير والعودة إلى الشعب"، وتضمن في أحد عشر بندًا مطالب مثل "العفو العام، ورفع الحصار، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، وحل المؤسسات الموازية، وخروج العسكريين من الاقتصاد، ورفع التمييز ضد النساء، وحرية الإعلام، وتعليق التخصيب النووي، والتفاوض المباشر مع أميركا".
وتُظهر التجربة التاريخية أن هذه القوائم ليست برنامجًا عمليًا، بل محاولة لإنقاذ النظام وحفظ مصالح هذا التيار.
لم يتمكن الإصلاحيون طوال هذه السنوات من تحقيق ولو مطلب واحد من هذه الشعارات، والآن، في ظل أزمة شرعية نظام طهران، تبدو هذه الوعود أكثر من أي وقت مضى بلا مصداقية.
خامنئي غائب.. أميركا حاضرة!
النقطة المهمة في البيان الأخير هي الغياب التام لاسم المرشد الإيراني علي خامنئي والهياكل الأساسية للسلطة، مثل الحرس الثوري والرقابة التصحيحية؛ تلك العوائق التي جعلت أي إصلاح حقيقي مستحيلًا.
وبدلًا من ذلك، وجد الإصلاحيون الجرأة في طرح "التفاوض المباشر مع أميركا". لكن مشكلة إيران اليوم ليست ترامب أو أميركا؛ إنها الهيكلية التي ساهم الإصلاحيون أنفسهم في بنائها وتثبيتها.
الإصلاحيون ليسوا حزبًا سياسيًا، ولا تيارًا اجتماعيًا، ولا حتى معارضة. إنهم غير قادرين على تنظيم تجمع بسيط، وتحولوا بالنسبة للنظام إلى صمام أمان عديم الفائدة. خلافاتهم الداخلية تمنعهم حتى من أداء هذا الدور الدنيء.
في نظر الرأي العام، لا فرق بين الإصلاحيين والمحافظين، وصراعهما الزائف فقد مصداقيته منذ زمن طويل. شعار "إصلاحي، أصولي، انتهت القصة" ليس مجرد شعار عابر، بل جوهر تجربة الشعب الذي أدرك أن الإصلاح ضمن هيكلية نظام إيران مستحيل أساسًا.
كانت لدى الإصلاحيين سنوات طويلة من الفرص، لكنهم لم يمتلكوا لا الإرادة ولا القدرة على إحداث تغيير حقيقي.
اليوم، بينما يبحث المجتمع الإيراني عن إجابات أكثر جذرية وتجاوز النظام الإيراني، يحاول هذا التيار ببياناته المتكررة وشعاراته النمطية أن يبقي نفسه على قيد الحياة.
الحقيقة هي أن الإصلاحيين، مثل الأصوليين، جزء من المشكلة، وليسوا جزءًا من الحل.