كامبيز حسيني
"إيران إنترناشيونال"

"إيران إنترناشيونال"

ردّ أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني السابق، علي شمخاني، على موجة الغضب العارمة، التي أثارها حفل زفاف ابنته الباذخ، بعبارةٍ غامضة لكنها شديدة الدلالة: "نحن جميعًا في قاربٍ واحد صاغته تضحيات شهداء الثورة، وسيكون من المؤسف أن تخلق خلافاتنا نقاط ضعف".

تعليق علي شمخاني على انتشار مقطع فيديو من حفل زفاف ابنته بالقول: "نحن جميعاً في سفينة واحدة؛ رغم اختلافاتنا، لا ينبغي أن نثقب السفينة"، يبدو في ظاهره دعوةً إلى الهدوء وتجنّب تصفية الحسابات داخل أروقة السلطة.

أعلن مقرّ "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في محافظة طهران عن إنشاء ما أسماه "غرفة مراقبة العفة والحجاب" بالتعاون مع مؤسسات تنفيذية، ونشر أكثر من 80 ألف عنصر مدرّب على الأمر بالمعروف في العاصمة؛ وهو رقم يعادل في حجمه البشري سعة ملعب آزادي الرياضي.

نشر مقطع فيديو لزفاف ابنة علي شمخاني في الفضاء العام لم يكن صدفة. ففي بلدٍ تخضع فيه أصغر معلومة أو صورة لرقابةٍ أمنيةٍ صارمة، فإن تسريبًا كهذا لا بد أن يكون ذا هدفٍ سياسي واضح.

تحولت قمة شرم الشيخ للسلام إلى رمز جديد لتغير موازين القوى في الشرق الأوسط. حضرها قادة عشرين دولة لمناقشة إنهاء حرب غزة ومسار السلام، باستثناء غائبين كبيرين: بنيامين نتنياهو وممثل إيران.

تقف إيران اليوم عند مفترق بين التفكك وإعادة البناء؛ فالنظام القديم لم يسقط بالكامل بعد، والمجتمع الجديد لم يتشكل بعد بصورة كاملة.

كان 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، يومًا غيّر ميزان القوى في الشرق الأوسط. الهجوم القاتل لحماس على إسرائيل لم يغير المعادلات الإقليمية فحسب، بل تحوّل بالنسبة للنظام الإيراني إلى واحد من أكبر الأخطاء الحسابية في عهد علي خامنئي؛ خطأ قد يكون بداية نهاية النظام الإيراني.

تقف إيران اليوم في نقطة لا تملك فيها القدرة على التقدّم، ولا الإرادة على العودة، ولا أفقًا واضحًا أمامها. بلد كان يمكن أن يسير في طريق التنمية والإصلاح، أصبح الآن متوقفًا في حالة من "التعليق".

الفرق بين اليوم وأمس أنّه لم يعد الأمر مقتصراً على أنّ أميركا وحدها تفرض عقوبات على إيران، بل إنّ النظام الدولي بأكمله توصّل إلى إجماع فيما يخص النظام الإيراني.

الوضع هو أن مسعود بزشكیان في خطابه أمام الجمعية العامة في نيويورك لم يركز على قضايا إيران الداخلية، بل على فلسطين، مدافعًا عن سياسات طهران، ومُضفيًا عليها بعدًا أخلاقيًا من خلال المثل القائل: "ما لا ترضاه لنفسك، لا ترضه لغيرك".

أصدرت جبهة الإصلاحيين في إيران بيانًا جديدًا مليئًا بالشعارات المألوفة، تتحدث فيه مرة أخرى عن "المصالحة الوطنية" و"العودة إلى الشعب".

في وقت يواجه فيه المجتمع الإيراني أزمات متصاعدة مثل نقص المياه والكهرباء، والتضخم الجامح، وشح الأدوية، وتدهور البنية التحتية الحيوية، تنفذ إيران كل عام أحد أكبر مشاريعها اللوجستية، ليس داخل البلاد، بل على الأراضي العراقية؛ مسيرة الأربعين.

تخيل أنك على متن حافلة منذ سنوات تسير في طريق ضيق وملتوٍ، نزولاً على منحدر خطير. السائق يتجاهل تحذيرات الركاب، والفرامل تصدر أصواتاً، وكل منعطف يقرب الركاب خطوة نحو الهاوية.

غداة إسقاط النظام في طهران؛ الشوارع ترتجف من الفرح، أبواق السيارات لا تتوقف، الأعلام ترفرف في الهواء، والناس يعانق بعضهم بعضًا. البلاد تغرق في الاحتفال سبع ليالٍ وثمانية، أيام على الأقل.

"لم نتمكن من فصل شبكة الكهرباء عن بعض الأماكن الحساسة في مناطق سكنية؛ ولذلك لا تُقطع الكهرباء عن تلك المناطق. لكننا نَعِد بأنه في العام المقبل سنقطع الكهرباء عن الجميع بشكل متساوٍ".

يصف النظام الإيراني، منذ سنوات، الإيرانيين المقيمين في الخارج بأوصاف مثل "مخدوعين"، و"مرتبطين بالخارج"، أو حتى "جواسيس".

تتردّد بعض الهمسات مفادها أنه إذا تم السماح للنظام الإيراني بالبقاء، فإنه مستعد لتقديم بعض التنازلات.

بلغت أزمة المياه في إيران مستوى لم يعد معه هناك أي خطة لحلها، ولا حتى إرادة للتغيير. النظام الإيراني، ومنذ سنوات، يتنصل من تحمّل المسؤولية بدلًا من تقديم حلول تنفيذية وعلمية.

خرج أهالي سبزوار إلى الشوارع للّيلة الثانية على التوالي، حيث تجمعوا أمام مبنى قائمقامية المدينة، ورددوا شعارات مثل: "حقوقنا لا تُنتزع إلا من الشارع"، و"الماء، الكهرباء، الحياة... حقوقنا الأساسية". وذلك احتجاجًا على الانقطاعات المتكررة للكهرباء في المنطقة.

تشير الشواهد والمؤشرات الدبلوماسية إلى أن تفعيل "آلية الزناد" لم يعد احتمالاً بعيدًا، بل أصبح واقعًا وشيكًا.

لم يمضِ وقت طويل على الهدنة المؤقتة بين النظام الإيراني وإسرائيل، لكن كل المؤشرات تدل على استمرار المواجهة والحرب، ليس فقط على الجبهة العسكرية، بل أيضًا على الأصعدة السياسية والإعلامية والدينية.

لا يستخدم النظام الإيراني الحرب للدفاع عن الوطن، بل يسيء استخدامها للدفاع عن نفسه؛ لخنق المجتمع، من أجل البقاء. ولتحقيق هذا البقاء، يحتاج إلى استمرار "حالة طوارئ دائمة".

صباحٌ في طهران. شارعٌ مزدحم. فتاةٌ صغيرة تمرّ بحقيبة مدرستها إلى جوار حائط كُتب عليه بالرشّ: "الموت لأميركا". لا تعرف الفتاة شيئاً عن السياسة، ولا صورة في ذهنها عن أميركا. فقط أسئلة بريئة تتشكل في ذهنها: لماذا الموت؟ ما معنى الموت؟ ما المقصود بالموت؟

بدأ النظام الإيراني موجة جديدة من عمليات طرد واعتقال ومصادرة ممتلكات المهاجرين الأفغان؛ وهي حملة لا تقتصر على الترحيل فحسب، بل تشمل أيضًا إغلاق منازلهم، ومصادرة هواتفهم المحمولة، وبثّ اعترافات قسرية على شاشات التلفزيون.

ذكرى وفاة الخميني، في 4 يونيو (حزيران)، تكررت هذا العام أيضًا بالمشاهد المألوفة نفسها..

منذ أيام، يتداول مقطع فيديو قديم للدكتور رضا ملك زاده، وزير الصحة الإيراني الأسبق. في هذا الفيديو، يزعم ملك زاده أن "أعلى معدل لاستهلاك الأفيون في إيران يتركز في مدينة رفسنجان، حيث يستهلك 27 في المائة من سكان المدينة الأفيون، تليها محافظة كلستان بنسبة 18 في المائة".

أكد المرشد علي خامنئي، في لقائه مع وزير الداخلية والمحافظين، أن هناك "فرصًا كثيرة" في الأجواء العامة لإيران، وقال: "لا توجد مشكلة في البلاد"!

جعفر بناهي فاز بسعفة مهرجان "كان" الذهبية عن فيلمه الجديد "حادث بسيط"، وهذا لم يكن إنجازاً شخصياً لبناهي فحسب، بل يُعدّ مكسباً تاريخياً للسينما الإيرانية المستقلة والمعارضة.

مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، بات احتمال اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة بينهما أكثر جدية من أي وقت مضى، وقد أفادت مصادر موثوقة بأن إسرائيل تُعد لهجوم دقيق يستهدف 12 موقعًا نوويًا إيرانيًا، وهو ما قد يحدث إذا فشلت المفاوضات النووية.

في أحدث موقف رسمي له، شكك علي خامنئي، مرشد النظام الإيراني، بنبرة متشائمة، في جدوى المفاوضات النووية، وقال: "في حكومة رئيسي كانت المفاوضات غير مباشرة لكنها بلا نتيجة؛ ولا أظن الآن أنها ستؤدي إلى نتيجة، ولا أدري ما الذي سيحدث".
