بعد نشر قانون "التجسس" الجديد.. قانونيون: السلطات توسع نطاق الإعدام وترهب المجتمع

بعد مرور أكثر من أسبوع على المصادقة النهائية على قانون "تشديد عقوبات التجسس" في مجلس صيانة الدستور الإيراني، تم نشر النص الكامل لأحدث نسخة منه.

بعد مرور أكثر من أسبوع على المصادقة النهائية على قانون "تشديد عقوبات التجسس" في مجلس صيانة الدستور الإيراني، تم نشر النص الكامل لأحدث نسخة منه.
وقد تم الانتهاء من صياغة هذا القانون بعد عدة جولات ذهاب وإياب بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور، ويقوم القانون بتوسيع دائرة تعريف "التجسس" و"التعاون مع العدو" بشكل غير مسبوق.
وفقًا لهذا القانون، يمكن أن يواجه أي اتصال معلوماتي أو إعلامي أو تقني مع أميركا، إسرائيل، أو دول وجماعات "معادية" عقوبة الإعدام.
القانون المعروف باسم "تشديد عقوبات التجسس والتعاون مع النظام الصهيوني والدول المعادية ضد الأمن والمصالح الوطنية" تم إقراره في الجلسة العلنية للبرلمان الإيراني في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي، وتمت المصادقة عليه من قبل مجلس صيانة الدستور بعد ثلاثة أيام، لكن النسخة النهائية نُشرت حديثًا.
يتكون هذا القانون من تسع مواد وسبعة ملاحظات، ويصفه خبراء القانون بأنه أحد أشد القوانين الأمنية صرامة وغموضًا في النظام الإيراني خلال العقود الأخيرة.
في المادة الأولى من هذا القانون، يُعتبر أي عمل عملياتي أو نشاط استخباراتي لصالح الولايات المتحدة، إسرائيل، أو أي دولة وجماعة تُعتبر "معادية"، جريمة تستوجب الإعدام ومصادرة جميع الممتلكات المعلنة.
وتشمل تعريفات "العمل العملياتي" أي إجراء يُعرّض "أمن البلاد للخطر"، بما في ذلك إحداث الرعب العام، تدمير المباني، أو تعطيل البنى التحتية.
توسيع تعريف العدو
ويعرّف القانون الجديد الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل دائم كـ"دول معادية"، ويترك تحديد الدول أو الجماعات المعادية الأخرى للمجلس الأعلى للأمن القومي، وهو الهيئة التي تمتلك أيضًا سلطة القرار بشأن "رفع العداء".
وفقًا للمادة الثانية، أي إجراء اقتصادي، عسكري، مالي أو تقني يؤدي إلى تعزيز أو إضفاء شرعية على إسرائيل، قد يترتب عليه عقوبة الإعدام.
في المادة الثالثة، يُعاقب بالإعدام التعاون في تصنيع أو استخدام الأسلحة، الطائرات المسيرة، الروبوتات، المعدات الذكية، أو تنفيذ هجمات سيبرانية بهدف التعاون مع الدول "المعادية".
حتى استلام أموال أو عملات رقمية من أشخاص مرتبطين بالخدمات الاستخباراتية الأجنبية، إذا وُجد علم بالارتباط، يمكن أن يُعتبر تجسسًا ويؤدي إلى حكم بالإعدام.
في المادة الرابعة، يُعتبر أي نشاط إعلامي، ثقافي أو سياسي يُعتبر "معارضًا للأمن القومي" أو "مسببًا للرعب العام" جريمة.
كما أن إرسال أفلام أو صور لوسائل الإعلام الأجنبية أو الصفحات الافتراضية "المعادية" يُعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات ومنع دائم من الخدمات الحكومية.
وقد كُلفت وزارة المخابرات بإعداد قائمة بالوسائل الإعلامية والصفحات الافتراضية "المعادية" وتحديثها كل ستة أشهر.
حظر استخدام الإنترنت الفضائي
تنص المادة الخامسة على حظر الاستخدام الشخصي لأدوات الاتصال الفضائي مثل "ستارلينك"، مع عقوبة السجن من ستة أشهر إلى سنتين.
إنتاج أو توزيع هذه الأجهزة يُعاقب عليه بالسجن من خمس إلى عشر سنوات، وإذا تم استخدام هذه الأجهزة لأغراض التجسس أو معارضة النظام، يُنظر في الإعدام.
في الظروف الحربية أو الأزمات، التي يحددها مجلس الأمن القومي الأعلى، يمكن رفع العقوبات حتى ثلاث درجات.
وفقًا للمواد السابعة والثامنة، يجب أن تُنظر القضايا المشمولة بهذا القانون خارج الدور المعتاد وفي فروع خاصة بمحكمة الثورة.
تم تقليص المدة القانونية للإبلاغ والاعتراض على الأحكام من 20 يومًا إلى 10 أيام، ويحق للمحاكم استكمال التحقيقات بشكل تعسفي.
حسب المادة التاسعة، يشمل القانون الجرائم التي كانت تعتبر جرائم قبل إقراره.
الأشخاص الذين يُعلنون عن أنفسهم خلال 15 يومًا من تنفيذ القانون قد يحصلون على تخفيف العقوبة؛ وإلا، بالإضافة إلى العقوبة الرئيسية، يُحكم عليهم بالسجن التعزيزي من الدرجة الخامسة (من سنتين إلى خمس سنوات).
ردود الفعل والتقييمات
يقول خبراء القانون والنشطاء المدنيون إن القانون الجديد، بتعريفاته الغامضة، ألغى الحدود بين التجسس والمعارضة السياسية والنشاط الإعلامي، ويفتح الطريق لقمع أوسع للمعارضين السياسيين والصحفيين ومستخدمي الفضاء الافتراضي.
وقد وصف بعض المحللين هذا القانون بأنه "أداة جديدة للهيئات الأمنية"، التي يمكنها من خلاله تفسير أي اتصال أو نشاط في المجال الإعلامي أو التكنولوجي أو حتى الثقافي على أنه "تعاون مع العدو".
ويعتقد الخبراء أن هذا القانون لا يوسّع نطاق عقوبة الإعدام ليشمل المجالات غير العنيفة فحسب، بل يمنح أيضًا سلطة التفسير والتحديد لمجلس الأمن القومي الأعلى ووزارة المخابرات، ما يلغي بشكل عملي الرقابة القضائية المستقلة.
يخلق قانون "تشديد عقوبات التجسس"، من خلال الجمع بين مفاهيم واسعة وعقوبات شديدة، إطارًا قانونيًا لقمع المعارضة السياسية والسيطرة على المجال الإعلامي والتكنولوجي في إيران؛ إطار، بحسب النقاد، يخدم أكثر تثبيت سلطة الهيئات الأمنية والقضائية بدلاً من خدمة الأمن القومي.
بعد نشر النسخة الأولى من هذا المشروع في يوليو (تموز) الماضي، وصف 75 من أساتذة الجامعات والمحامين وخبراء القانون المشروع في بيان بالكارثة للنظام القانوني والقضائي للبلاد، وانتقدوا مشروع البرلمان الإيراني لتشديد عقوبات "التجسس والتعاون مع الدول المعادية".