بعنف بدني أو نفسي.. مسلسل وفاة التلاميذ في المدارس الإيرانية يتواصل

تكرّرت حوادث وفاة التلاميذ في المدارس الإيرانية خلال العام الدراسي الجديد، إذ توفيت زهرا كلمکاني، التلميذة البالغة من العمر عشر سنوات في مشهد، بسبب ما وُصف بأنه "سكتة قلبية".

تكرّرت حوادث وفاة التلاميذ في المدارس الإيرانية خلال العام الدراسي الجديد، إذ توفيت زهرا كلمکاني، التلميذة البالغة من العمر عشر سنوات في مشهد، بسبب ما وُصف بأنه "سكتة قلبية".
وذكرت وسائل إعلام إيرانية، اليوم الأربعاء 15 أكتوبر (تشرين الأول)، أن زهرا، وهي تلميذة في الصف الرابع الابتدائي بمدرسة البنات "الشيخ صدوق" في منطقة تبادكان بمدينة مشهد، أصيبت بـ"عارض قلبي مفاجئ أثناء الحصة الدراسية" يوم الاثنين 13 أكتوبر.
وقال محمد رهنما، مدير العلاقات العامة في إدارة التعليم بمحافظة خراسان رضوي، نقلًا عن معلمة الصف، إنه بعد انتهاء الحصة وبدء استراحة التلاميذ، فقدت الطفلة توازنها وسقطت أرضًا.
وأضاف أنه على الفور هرعت المعلمة إلى التلميذة واتصلت بالإسعاف، مشيرًا إلى أن المسعفين أجروا عملية إنعاش قلبي رئوي لها، وتحسّنت حالتها قليلًا: "عندما نُقلت إلى المستشفى كانت لديها مؤشرات حيوية، لكن بعد نصف ساعة، وبحسب تشخيص الأطباء، توفيت نتيجة توقّف القلب".
وفي ما يتعلق باحتمال تعرّض الطفلة لعنف بدني أو توتر نفسي في الصف كسبب لتوقّف القلب، قال رهنما: "لم يحدث أي عقاب بدني أو ضغط نفسي على الإطلاق. وسيُعلن قريبًا مزيد من المعلومات الدقيقة حول هذه التلميذة".
وفيات أخرى
في الأيام الماضية، أثارت وفاة تلميذين آخرين في مدينتي زنجان وآمل، جدلًا واسعًا.
ففي الثاني من أكتوبر، ذكر موقع "ديده بان إيران" أن نيما نجفي، التلميذ البالغ من العمر 14 عامًا من قرية سهرين في زنجان، أُجبر على الركض مرتين حول فناء المدرسة كعقوبة، وعندما حاول الاصطفاف مع زملائه، شعر بالإعياء وسقط أرضًا.
وقال عمّه إن نيما كان يعاني من زيادة في الوزن مقارنة بأقرانه، وهو ما أدى إلى توقّف قلبه.
في المقابل، صرّح علي رضا منادي، رئيس لجنة التعليم والبحوث في البرلمان الإيراني، بأن وفاة هذا التلميذ كانت نتيجة "عقوبة بدنية".
وفي السابع من أكتوبر، أفادت وسائل إعلام إيرانية بوفاة غامضة لتلميذ في الخامسة عشرة من عمره يُدعى طاها نجاتي في مدينة آمل، ورُجّحت فرضية انتحاره بعد مشادة مع مسؤولي المدرسة.
وبعد انتشار هذه التقارير، وصف مرتضى عسكري، مدير إدارة التعليم في آمل، الأخبار المتعلقة بسبب وفاة طاها بأنها "شائعات في مواقع التواصل الاجتماعي" و"عديمة الأساس"، مؤكّدًا أنه "لم تقع أي مواجهة أو توتر بينه وبين العاملين في المدرسة".
أما فريدون كلبادي نجاد، مدير التعليم في محافظة مازندران، فقال إن وفاة هذا التلميذ لم تحدث داخل المدرسة: "طاها تشاجر مع زملائه خارج المدرسة".
كسر الأنف وتمزّق طبلة الأذن بسبب عقوبة المدير
بعد نحو ثلاثة أسابيع من بدء العام الدراسي الجديد في إيران، تتوالى التقارير عن ممارسات العنف الجسدي والنفسي ضد التلاميذ.
فقد ذكرت وكالة أنباء "تسنيم" في 13 أكتوبر أن تصرّفًا عنيفًا من مدير إحدى المدارس في محافظة قزوين تجاه تلميذين في الصف الثامن أدى إلى تمزّق طبلة أذن أحدهما وكسر أنفه.
ووفقًا للتقرير، فقد شاهد المدير التلميذين وهما يمزحان مع أحد المراقبين، فاقتادهما إلى غرفة خالية من الكاميرات وانهال عليهما بالضرب.
وقال والد أحد التلميذين، البالغ من العمر 13 عامًا، إن "أرضية الغرفة كانت مغطاة بدماء ابنه"، وإن المدير لم يتصل بالعائلة أو بالإسعاف، مضيفًا أن المدير، الذي كان قد قدّم نفسه سابقًا على أنه ممارس لفنون قتالية، قال بعد الضرب: "لقد ضربته وسأدفع ديته".
وأضاف أن المدير أنكر لاحقًا وقوع الحادثة من الأساس.
وفي مقابلات منفصلة، نفى كل من حسن علي أصغري، مدير التعليم في محافظة قزوين، وعلي رضا عباسي، مدير العلاقات العامة في الإدارة نفسها، حدوث أي عقوبة بدنية، لكنهما قالا في الوقت نفسه إنه "حتى لو وقع ذلك، فقد كان بسبب سلوك غير لائق وتصرف قبيح جدًا من التلميذ".
وفي الأيام الأخيرة، أعربت عائلة التلميذ عن استيائها من تعامل مسؤولي التعليم مع القضية، ومن التبريرات الرسمية التي قدمها بعض المسؤولين.
يُذكر أن العقوبات الجسدية ضد التلاميذ في المدارس الإيرانية ظاهرة قديمة، وقد نُشرت خلال السنوات الماضية تقارير عديدة توثق تكرار هذه الانتهاكات.

قدّم دونالد ترامب يوم الاثنين 13 أكتوبر في الكنيست الإسرائيلي عرضاً للنظام الإيراني، داعياً إياه إلى تغيير سلوكه والمشاركة في عملية السلام في الشرق الأوسط.
وقال الرئيس الأميركي إنه لا يوجّه هذا العرض من موقع ضعف، بل من موقع قوة، تلك القوة التي تجلّت في قصف منشأة فوردو. فما الذي يمكن أن يكون ردّ خامنئي على هذا العرض؟
في الواقع، عبّر ترامب عن مطالب أميركا الواضحة من النظام الإيراني: وقف تخصيب اليورانيوم، وإنهاء برنامج الصواريخ الباليستية، وقطع الدعم عن شبكة الجماعات الوكيلة التي تزعزع استقرار المنطقة.
ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، فإن هذه المطالب الثلاثة واضحة ويجب القبول بها. وبسبب رفض النظام الإيراني التوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضايا الثلاث، اندلعت "الحرب التي استمرت 12 يوماً"؛ إذ شنت إسرائيل هجمات على منشآت النظام الإيراني النووية والصاروخية واستهدفت قادة في الحرس الثوري والعاملين في البرنامج النووي، كما قصفت الولايات المتحدة منشآت مثل فوردو.
وبعد الحرب، سعت الولايات المتحدة وأوروبا إلى التوصل لاتفاق مع النظام الإيراني. وقد منحت أوروبا مهلة مدتها 45 يوماً، لكن طهران رفضت الاتفاق، وكانت النتيجة إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.
الرسالة الأساسية لترامب هي أنّ الولايات المتحدة لن تترك النظام الإيراني وشأنه. فهو يقول عملياً إنّ طهران لا يمكنها الجلوس جانباً بانتظار تغيّر الأوضاع. أميركا لا تثق بأنّ النظام الإيراني سيتخلى عن مساعيه السرية لتطوير السلاح النووي أو الصواريخ العابرة للقارات أو إعادة بناء شبكاته الوكيلة.
الاستراتيجية التي اختارها ترامب هي عدم المجازفة بترك الأمور للصدفة؛ بل يجب إجبار النظام الإيراني على الاستسلام، وقد استخدم فعلاً عبارة "الاستسلام غير المشروط".
ولا يهمّ ترامب إن كان خامنئي أو النظام الإيراني يرضيان بهذا التعبير أم لا؛ فقد أثبت أنّ استراتيجيته هي استخدام القوة لتحقيق الهدف.
يبدو أن الولايات المتحدة تسعى إلى إجبار النظام الإيراني على الاستسلام، ولن تسمح له بالعودة إلى الوضع السابق من دون اتفاق.
قد تختلف طريقة تعامل واشنطن وأوروبا مع خامنئي عن طريقة إسرائيل؛ فالأولويات ووسائل المواجهة تختلف، لكن في ما يتعلق بالخطر النووي والصاروخي وشبكات الوكلاء، فالموقف واحد.
ويبدو أنّ إسرائيل تفضّل إسقاط النظام الإيراني وإقناع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بشنّ هجوم واسع على برنامجه الصاروخي، بينما تميل أميركا وأوروبا إلى عدم اللجوء إلى ضربة فورية، مفضّلتين أن تؤدي العقوبات إلى إضعاف النظام تدريجياً، مع زيادة الضغط السياسي والإبقاء على تهديد القوة العسكرية قائماً كأداة ضغط إذا لم يوقّع النظام اتفاقاً.
في ظل هذه الظروف، الجميع ينتظر ردّ خامنئي. ويبدو أنه لن يتراجع في ما يتعلق بالقضايا النووية أو الصاروخية أو القوات الوكيلة، ما يعني أنّ التوصل إلى اتفاق شامل لحلّ الأزمات الراهنة غير مرجّح.
رؤية خامنئي ليست رؤية اتفاق، بل مواجهة. فباستعراض خطاباته خلال السنوات الأخيرة، يمكن استنتاج أنّه غير قابل للتغيير؛ فجوهر تفكيره يقوم على معاداة أميركا وإسرائيل. وهو يؤمن بأنّ التخصيب والبرنامج الصاروخي والشبكات الوكيلة أدوات قوة لا يمكن التفاوض عليها.
وعلى الرغم من أن جزءاً كبيراً من وكلاء النظام الإيراني قد تمّ تدميره خلال العامين الماضيين – فقد تلقّى كلّ من حماس وحزب الله ضربات موجعة وسقط الأسد – إلا أنه لا توجد أي مؤشرات على أنّ خامنئي سيتراجع عن مواقفه.
ولو كان ينوي التراجع، لفعل ذلك قبل الحرب، وقبل تدمير منشآته النووية، وقبل إعادة ملف إيران إلى مجلس الأمن. أما الآن، وبعد أن فُقدت هذه الأوراق، فإنّ أي تراجع محتمل سيُضعف مكانته حتى بين أنصاره القلائل المتبقّين.
ولو كان النظام يعتزم التراجع أمام الولايات المتحدة، فلماذا دفع الأمور إلى الحرب وتدمير منشآته النووية؟ ولماذا سمح بعودة الملف إلى مجلس الأمن؟ كلّ ذلك يؤكد أنّ خامنئي لن يتراجع، وأنّ اتفاقاً مع واشنطن غير مطروح.
إضافة إلى ذلك، لو كان خامنئي ينوي إبداء المرونة، لظهرت بوادر ذلك في سلوكه وخطابه. حالياً، خامنئي وقادة الحرس الثوري يمسكون بكلّ مفاصل السلطة. شخصيات مثل شمخاني وقاليباف ولاريجاني – الذين هم إما من خلفيات عسكرية أو قادة سابقون في الحرس – يشاركونه الموقف نفسه، بل إنّ بعضهم أكثر تشدّداً، ويدعون إلى مواقف راديكالية مثل السعي لامتلاك قنبلة نووية.
بناءً على ذلك، سيواصل خامنئي وقادة الحرس الثوري نهجهم القائم على المواجهة مع أميركا وإسرائيل، ولا مؤشرات على أي تغيير جوهري في استراتيجية النظام تجاه الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أوروبا.
شخصيات مثل مسعود بزشکیان وعباس عراقجي لا تملك دوراً حاسماً في السياسة الخارجية؛ فبزشکیان خاضع تماماً لإرادة خامنئي، وعراقجي مجرد منفّذ مطيع للمرشد والحرس الثوري. لذلك، فإنّ احتمال حدوث أي تغيير في السياسة الخارجية للنظام ضعيف جداً.
سيستمرّ خامنئي والحرس في اتباع النهج ذاته، والذي يقود في نهايته إلى حرب أخرى محتملة، وإن كان توقيتها غير معروف وقد يتقدّم أو يتأخر. ربما يفضّل النظام الإيراني حالياً التهدئة وعدم التصرف باستفزاز نتيجة الضغط الشديد من ترامب ونتنياهو، لكن هذا مجرد احتمال، وقد تعود طهران إلى التصعيد مع تقدمها في تصنيع الصواريخ العابرة للقارات، ما يمنح أميركا وإسرائيل ذريعة جديدة للهجوم.
ردّ خامنئي على ترامب واضح: النظام الإيراني لن يتخلى عن تخصيب اليورانيوم، ولن يتراجع عن برنامجه الصاروخي الباليستي، ولن يتوقف عن إعادة بناء شبكاته الوكيلة، ولن يتخلى عن معاداة أميركا أو إسرائيل، والأهم من ذلك، لن يتجه في الداخل نحو تلبية المطالب الحقيقية للشعب الإيراني.
هذا النظام، طالما بقي قائماً، لن يتغيّر جوهرياً. ولا يهمّ من يكون رئيس الجمهورية أو وزير الخارجية؛ فقد تحدث تغييرات سطحية، لكنّ السياسات الجوهرية ستظلّ بيد خامنئي، ولن تتبدّل.

ذكرت مجلة "فورين بوليسي" في تقرير لها أن المرشد الإيراني علي خامنئي يسعى من خلال "استراتيجية مزدوجة" إلى الصمود في وجه الظروف الجديدة وقضاء ما تبقى من فترة رئاسة دونالد ترامب، والتي تمتد ثلاث سنوات أخرى.
ووفق التقرير، تقوم هذه الاستراتيجية المزدوجة على مبدأ "الوحدة في القمة والقمع في القاعدة"، وقد صُممت لكسب الوقت.
وكتبت "فورين بوليسي": "يرى خامنئي أن السنوات الثلاث المتبقية من إدارة ترامب ستكون صعبة، لكن حساباته بسيطة: إذا تمكن النظام من الحفاظ على استقراره الداخلي والسيطرة على الاحتجاجات، فسيكون قادراً على تحمّل الضغوط الخارجية إلى أن تتغير الظروف الجيوسياسية".
وأشار التقرير إلى تدهور الوضع الاقتصادي في إيران بعد تفعيل آلية الزناد، مضيفاً أن عودة العقوبات الأممية لم تكن فقط "هزيمة دبلوماسية كبرى" لطهران، بل أيضاً "عمّقت مشكلاتها الاقتصادية".
ومع انتهاء المهلة البالغة 30 يوماً المحددة في آلية الزناد، أُعيد فرض جميع العقوبات السابقة للأمم المتحدة على إيران اعتباراً من 28 سبتمبر (أيلول) الماضي.
وكان مسؤولون في النظام الإيراني قد تحدثوا في الأسابيع الماضية عن "رد قاسٍ" على عودة العقوبات، ملوّحين بخيارات مثل الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) أو حتى تطوير قنبلة نووية.
مع ذلك، أعلن إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، في 12 أكتوبر أن طهران ستظل ملتزمة بمعاهدة NPT.
وفي 7 أكتوبر، توقع البنك الدولي أن يتراجع النمو الاقتصادي في إيران خلال العام الجاري بنحو 2 %، وأن يستمر هذا الانكماش في العام المقبل أيضاً.
صبر النظام الإيراني.. أقدم استراتيجيات البقاء
تابعت "فورين بوليسي" أنه رغم تصاعد العقوبات، من غير المرجح أن تتجه طهران نحو تصعيد كبير مع الغرب.
ووفق التقرير، يهدف النظام الإيراني إلى تجاوز ما تبقى من فترة رئاسة ترامب، ولتحقيق هذا الهدف "سيعود على الأرجح إلى أقدم استراتيجيات بقائه: الصبر".
وأضافت المجلة: "سيزيد النظام من الطابع الأمني في الداخل، ويستعرض قوته العسكرية، وينتظر الانتخابات الأميركية المقبلة على أمل وصول رئيس جديد أكثر ميلاً إلى التسوية في البيت الأبيض".
وتابعت: "بالنسبة لخامنئي، الذي بات أضعف لكنه ما يزال ممسكاً بالسلطة، فإن ضبط النفس ليس علامة ضعف بل ضرورة حيوية. فهو يفضّل أن يذكره التاريخ كرمز للصمود وبطل مناهض لأميركا، لا كزعيم مهزوم ومُهان خضع لسياسة 'الاستسلام غير المشروط' التي يتبعها ترامب".
وفي 23 سبتمبر، أكد خامنئي مجدداً على استمرار البرنامج النووي الإيراني وتخصيب اليورانيوم داخل البلاد، واعتبر التفاوض مع أميركا "خسارة محضة".
واختتمت "فورين بوليسي" تقريرها بالقول: "بينما تُظهر العقوبات أن إيران في مأزق، ترى طهران أن الوحدة والقمع والصبر كافية لإبقاء النظام صامداً وسط العاصفة. ومن هذا المنظور، فإن مجرد الصمود يُعدّ شكلاً من أشكال النصر".

في الوقت الذي أحيت فيه إيران "يوم تكريم نهر زاينده رود"، يوم الجمعة 10 أكتوبر (تشرين الأول)، تسود محافظة أصفهان، بوسط إيران، حالة من القلق المتزايد، جراء تفاقم أزمة جفاف النهر التاريخي الذي كان يومًا شريان الحياة في وسط البلاد.
ويحذّر خبراء البيئة وناشطوها، وعدد من أعضاء البرلمان الإيراني من كارثة بيئية واقتصادية وحتّى إنسانية؛ إذا استمر الوضع على حاله.
اتهامات لوزارة الطاقة بالتقصير في إدارة الأزمة
وجّه النائب في البرلمان الإيراني عن أصفهان، عباس مُقتدائي، انتقادات حادة إلى وزارة الطاقة الإيرانية، متهمًا إياها بالفشل في إدارة الأزمة المتفاقمة في حوض "زاينده رود".
وقال في تصريحات صحافية: "المشكلات البيئية، من هبوط الأرض والعواصف الغبارية إلى نقص مياه الشرب والزراعة، جميعها نتيجة مباشرة لتقصير وزارة الطاقة".
كما اتهم النائب البرلماني وزير الطاقة الإيراني، عباس علي آبادي، بعدم تقديم خطة واضحة أو تقرير مقنع لحل الأزمة، داعيًا إلى اعتماد نهج علمي وتخطيط دقيق من قبل الجهات البيئية والمزارعين.
اختلال التوازن البيئي بسبب التنمية غير المستدامة
يرى الخبير البيئي، منصور سهرابي، أن الكارثة الحالية ناتجة عن فقدان التوازن في الحوض المائي للنهر. وقال في حديث لـ "إيران إنترناشيونال": "إن التوسع المفرط في الصناعات كثيفة الاستهلاك للمياه، وتوسيع النشاط الزراعي في منطقة جافة، والنمو السكاني السريع، كلها عوامل أدت إلى استنزاف موارد المياه".
وانتقد سهرابي السياسات الحكومية، التي تركز فقط على نقل المياه بين المحافظات دون معالجة الأسباب الجذرية، مؤكدًا أن الترشيد في استهلاك المياه والتخطيط وفق التغيرات المناخية هما السبيلان الوحيدان لتفادي الكارثة.
أزمة تهدد مياه الشرب لملايين السكان
في تحذير آخر، قال البرلماني الإيراني، حامد يزديان، إن السحب غير القانوني للمياه من أعالي النهر في محافظتي أصفهان وجهارمحال وبختياري فاقم من حدة الأزمة.
وأضاف أن تراجع معدلات الأمطار بنسبة 40 في المائة وانخفاض منسوب سد "زايِنده رود" قد يعرض إمدادات المياه لأكثر من خمسة ملايين شخص في أصفهان للخطر خلال الأشهر المقبلة.
مزارعون بلا مياه واحتجاجات متكررة
من جانبه، كشف الأمين التنفيذي لاتحاد نقابات المزارعين في أصفهان، أسفنديار أميني، أن المزارعين لم يتمكنوا من استخدام مياه النهر إلا 176 يومًا فقط خلال السنوات الأربع الماضية، مشيرًا إلى أن التوزيع غير العادل للمياه بين القطاعات الزراعية والصناعية كان السبب الأبرز في الأزمة.
وأوضح أن حجم تخصيص المياه ارتفع من 725 مليون متر مكعب عام 1968 إلى نحو ملياري متر مكعب عام 2013، دون ضوابط واضحة، ما تسبب في استنزاف الحوض المائي وازدياد عمليات الضخ العشوائي.
وشهدت السنوات الأخيرة احتجاجات متكررة للمزارعين، وصلت إلى حد تخريب خطوط نقل المياه إلى محافظة يزد؛ احتجاجًا على ما وصفوه بـ "الحرمان من حقهم التاريخي في مياه زايِنده رود".
دعوات لجعل إحياء النهر أولوية وطنية
في بيان مشترك صدر عشية المناسبة، حذر عدد من الناشطين البيئيين والأكاديميين في أصفهان من تفاقم الوضع في نهر "زاينده رود" وبحيرة "كاوخوني"، داعين الحكومة إلى إدراج مشروع الإحياء ضمن أولوياتها الوطنية.
وقال البيان إن الغبار السام المنبعث من قاع النهر الجاف وبحيرة "كاوخوني" يمتد لمئات الكيلومترات، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للصحة العامة والبيئة.
كما حذر الموقعون من أن تجاهل حقوق المياه البيئية، وخاصة الحصة المخصصة لبحيرة كاوخوني، إلى جانب أزمات مياه الشرب والصرف الصحي، يكشف عن غياب العدالة المائية وسوء إدارة الموارد في البلاد.
"زاينده رود".. نهر الحياة الذي أصبح رمزًا للجفاف
كان نهر "زاينده رود" لعقود رمزًا للجمال والازدهار في أصفهان، لكن اليوم تحوّل مجراه الجاف إلى مرآة لأزمة بيئية متفاقمة تعكس آثار سوء الإدارة، والتغير المناخي، والتوسع الصناعي غير المنظم في إيران.
ويرى خبراء أن إنقاذ هذا النهر لم يعد مجرد مسألة محلية، بل هو تحدٍ وطني واختبار لقدرة الحكومة على إدارة مواردها الطبيعية في ظل أزمة مناخية عالمية متصاعدة.

كشف موقع "هرانا" الحقوقي، في تقرير له، أن ما لا يقل عن 1537 شخصًا تم إعدامهم في إيران، خلال العام الماضي. جاء ذلك بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، الموافق 10 أكتوبر (تشرين الأول).
ومن بين هؤلاء، ثمانية أشخاص أُعدموا علنًا، وبلغ عدد النساء اللاتي تم إعدامهن 49 امرأة، في حين كان ثلاثة من "القُصر" ضمن المعدومين عند ارتكاب الجريمة، أي دون سن الثامنة عشرة.
وأشار التقرير إلى أن هذه الإعدامات نُفذت في الفترة الممتدة بين 10 أكتوبر 2024 و8 أكتوبر 2025، أي خلال عام واحد.
ووفقًا لبيانات "هرانا" المعني بحقوق الإنسان في إيران، فقد شهد العام الماضي زيادة بنسبة 86.7 في المائة مقارنة بـ 823 حالة إعدام في العام الذي سبقه، موضحةً أن الإعدامات في إيران تراجعت نسبيًا بين عامي 2015 و2019، لكنها ارتفعت مجددًا منذ عام 2021 ووصلت إلى ذروتها عام 2025.
أحكام الإعدام والإحصاءات العامة
خلال هذه الفترة، تم توثيق 191 حكمًا بالإعدام، بينها أربعة أحكام بالإعدام العلني و54 حالة تأييد للأحكام السابقة بحق سجناء في إيران.
وبحسب "هرانا" فإن: 48.34 في المائة من الإعدامات كانت بتهم تتعلق بـ "المخدرات"، و43.46 في المائة بتهمة "القتل"، و2.15 في المائة بتهمة "الاغتصاب"، و1.89 في المائة بتهم "غير معلنة"، و1.69 في المائة بتهمة "المحاربة والبغي" (قضايا سياسية وأمنية)، و0.85 في المائة بتهمة "المحاربة غير السياسية"، و0.85 في المائة بتهم "أمنية" مثل التجسس أو الإرهاب أو التفجيرات، و0.52 في المائة بتهمة "الفساد في الأرض"، و0.02 في المائة بتهمة "السرقة المسلحة"، و0.07 في المائة بتهم "عقائدية أو سياسية أو دينية".
أما المحافظات الأكثر تنفيذًا للإعدامات فكانت: البرز بنسبة 14.57 في المائة، وأصفهان بنسبة 8.39 في المائة، وفارس بنسبة 7.87 في المائة.
وفيما يتعلق بالسجون، فقد سجل: سجن "قزل حصار" في كرج أعلى عدد من الإعدامات (183 حالة)، و"دستكرد" في أصفهان (124 حالة)، و"عادل آباد" في شيراز (118 حالة).
الإعدامات السرّية والسياسة الحكومية
أفاد التقرير بأن 94.14 في المائة من الإعدامات نُفذت سرًا دون إعلان رسمي، فيما تم الإعلان عن 5.86 في المائة فقط عبر وسائل الإعلام المحلية، وهو ما يعكس- بحسب "هرانا- محاولة متعمدة من الحكومة لإخفاء الحجم الحقيقي للعنف الممارس.
وسُجلت أعلى معدلات الإعدام خلال الأشهر التالية: سبتمبر (أيلول) 191 حالة، أغسطس (آب) 165، مايو (أيار) 162، نوفمبر (تشرين الثاني) 147، ديسمبر (كانون الأول) 137، أبريل (نيسان) 119.
الإعدام كأداة للسيطرة السياسية
قالت "منظمة نشطاء حقوق الإنسان في إيران": "إن تصاعد الإعدامات في إيران ليس عشوائيًا، بل هو جزء من سياسة ممنهجة للترهيب في ظل الأزمات الاقتصادية، والاحتجاجات الداخلية، وتزايد السخط الشعبي".
وأضافت أن السلطات تستخدم الإعدام كوسيلة للسيطرة وبث الخوف، مشيرةً إلى أن الادعاءات الرسمية بأن الإعدام "رادع للجريمة" لا تستند إلى أدلة علمية، إذ لم تُثبت الدراسات أنه أكثر فاعلية من العقوبات الأخرى.
كما أكدت المنظمة أن العديد من أحكام الإعدام تُصدر بعد محاكمات غير عادلة تستند إلى اعترافات قسرية وانتزاعها تحت التعذيب، وغالبًا من دون تمكين المتهمين من الدفاع القانوني الكافي، ما يتعارض مع التزامات إيران الدولية.
دعوات لوقف الإعدامات ومحاسبة المسؤولين
دعت منظمة "هرانا" إلى الوقف الفوري لتنفيذ أحكام الإعدام، ومحاسبة المسؤولين عن الإعدامات غير القانونية، والسماح للخبراء الأمميين بزيارة البلاد ومراقبة الأوضاع عن قرب، ووصفت الوضع بأنه "لحظة حاسمة للتحرك الدولي".
وطالبت المجتمع الدولي بـ "التحرك العاجل لوقف موجة الإعدامات في إيران"، مؤكدة أن "كل إعدام هو ليس فقط سلبًا غير قانوني للحياة، بل أيضًا وسيلة لقمع المعارضة وتطبيع العنف الرسمي".
كما شددت على ضرورة: دعم لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، وفرض عقوبات حقوقية محددة على المسؤولين عن تنفيذ الإعدامات، وحماية النشطاء المدنيين والصحافيين وعائلات الضحايا الذين يعملون على توثيق هذه القضايا.
موقف الأمم المتحدة
في 29 سبتمبر الماضي، دعا خبراء الأمم المتحدة إلى تعليق رسمي لجميع الإعدامات في إيران وتقديم بيانات شفافة بشأن أحكام الإعدام وتنفيذها، مؤكدين أن على الحكومة الإيرانية أن تتجه نحو إلغاء عقوبة الإعدام بالكامل.
وفي 26 من الشهر ذاته، حذّرت المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، ماي ساتو، من أن الوضع الحقوقي في البلاد يتدهور بشكل خطير، مشيرة إلى أن المواطنين يواجهون قمعًا منظمًا وقيودًا متزايدة على الحريات.
وهناك حاليًا، بالإضافة إلى السجناء المتهمين بجرائم عامة الذين يُعدَمون يوميًا، نحو 70 سجينًا سياسيًا يواجهون خطر تنفيذ حكم الإعدام، وأكثر من 100 آخرين مهددون بإصدار أحكام مماثلة ضدهم.

في السنوات الأخيرة، وصل عدد الطلاب العراقيين في إيران إلى عشرات الآلاف. ووفقًا للتقارير، فإن بين خمسة إلى عشرة آلاف من هؤلاء الطلاب حصلوا على منح دراسية من قبل مؤسسات عسكرية وشبه عسكرية مثل الحرس الثوري و"الحشد الشعبي" بهدف تعزيز الروابط الأيديولوجية مع إيران.
وفي منتصف عام 2025، وصف وزير التعليم العالي العراقي عدد الطلاب العراقيين الدارسين في إيران بأنه رقم قياسي، مشيرًا إلى أن عددهم وصل إلى 100 ألف طالب.
وفي الوقت نفسه، أعلن أوميد رضائي فر، رئيس مركز التعاونات العلمية الدولية بوزارة العلوم الإيرانية، أن 60 ألف طالب عراقي يدرسون في إيران.
وبحسب بعض التقارير، ارتفع هذا الرقم في عام 2025 إلى أكثر من 70 ألف طالب.
وفقًا لمصادر عراقية، تشمل هذه الإحصاءات الطلاب الدارسين في جميع المراحل الجامعية من البكالوريوس إلى الدكتوراه، بالإضافة إلى برامج ما بعد الدكتوراه، في مجموعة واسعة من التخصصات من الهندسة إلى العلوم الإنسانية والطبية.
وبحسب قول ياسر عبد الزهراء الحجاج، المستشار الثقافي للسفارة العراقية في طهران، يشكل العراقيون أكبر عدد من الطلاب الأجانب الدارسين في التخصصات الطبية في جامعات إيران.
كما أشار إلى أن جزءًا كبيرًا من هؤلاء الطلاب العراقيين هم موظفو الحكومة الذين جاؤوا إلى إيران لرفع مستواهم العلمي.
لا يُعرف بالضبط عدد الطلاب المرتبطين بالحشد الشعبي أو الجماعات شبه العسكرية والإيديولوجية المقربة من النظام الإيراني. إلا أن سلوك بعض الطلاب أو ما يُتداول عنهم أثار ردود فعل من ناشطين والمجتمع الطلابي في إيران.
ووفقًا لمقاطع فيديو وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، في أحد هذه الحالات، تجمّع طلاب جامعة بوعلي همدان يوم الاثنين 6 أكتوبر (تشرين الأول) مع مجموعة من السكان احتجاجًا على "وجود الطلاب العراقيين المرتبطين بالحشد الشعبي ومضايقتهم للطالبات"، وطالبوا بطردهم.
وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية حضور مجيد درويشي، قائم مقام همدان، بين المتظاهرين، ونقلت عنه قوله: "نتابع الموضوع دون أي تساهل، وإذا ثبت صحة الأمر، سيتم التعامل مع الموضوع، وسيتم عزل أي مسؤول قصّر في أداء واجبه".
في أي جامعات يدرس العراقيون في إيران؟
يدرس الطلاب العراقيون في إيران في مختلف الجامعات: الحكومية، والجامعات الحرة، وعلوم الطب، والمؤسسات غير الحكومية المعترف بها.
وتصدر وزارة التعليم العالي العراقية كل عام قائمة بالجامعات المعتمدة للدراسة في الخارج، بما فيها إيران. ووفق تقييم الوزارة لعام 2023، اعتُبرت 62 جامعة في إيران صالحة لدراسة الطلاب العراقيين.
ومن بين الجامعات المتميزة المعتمدة من الجانب العراقي: جامعة طهران، وجامعة شريف الصناعية، وجامعة تربيّت مدرس، وجامعة أمير كبير الصناعية، وجامعة علم وصنعت إيران، وجامعة فردوسي مشهد، وجامعة تبريز، وجامعة شيراز، وجامعة شهيد بهشتي وجامعة أصفهان.
وتستقطب هذه الجامعات الطلاب العراقيين الممنوحين للمنح الدراسية، نظرًا لمكانتها في التصنيفات الدولية مثل شانغهاي، وتايمز، وQS.
وبحسب الجانب الإيراني، كانت 23 جامعة للعلوم الطبية في إيران ضمن قائمة الجامعات المعتمدة من العراق لعام 2023، ومن بينها: جامعة طهران للعلوم الطبية، وشهيد بهشتي، وشيراز، وأصفهان، ومشهد، وغيرها من الجامعات الطبية الكبرى التي تُقيّم شهاداتها وتُعترف بها الحكومة العراقية.
وعلى الرغم من أن غالبية الطلاب العراقيين يدرسون في الجامعات الحكومية، إلا أن بعض فروع جامعة آزاد مثل فرع نجف آباد تستضيفهم أيضًا.
وبحسب المستشار الثقافي العراقي، فإن التوزيع الجغرافي للطلاب العراقيين في إيران يعتمد على اعتبارات ثقافية، وخدمية، وقنصلية، ويركز بشكل رئيسي على المدن التي توفر "خدمات ثقافية واجتماعية وقنصلية جيدة"، مثل محافظات مشهد، وقم، وشيراز، وأصفهان وطهران.
مصادر التمويل
وبحسب المستشار الثقافي العراقي، فإن حوالي 90 إلى 95 بالمائة من الطلاب العراقيين في إيران هم طلاب يدفعون الرسوم بأنفسهم، حيث اختاروا جامعاتهم بتكلفة شخصية.
بينما يشمل حوالي 5 إلى 10 بالمائة من الطلاب برامج منح دراسية تمولها الحكومة العراقية أو النظام الإيراني.
وتخصص وزارة التعليم العالي العراقية كل عام حصة من المنح الدراسية لإرسال الطلاب المتميزين إلى الخارج، بما في ذلك إيران، وغالبًا ما تغطي هذه المنح كامل أو جزء كبير من تكاليف الدراسة.
ويعطي العراق الأولوية للمنح الدراسية لأفضل الجامعات الإيرانية، بحيث في عام 2023 تم اختيار الجامعات الإيرانية المصنفة عالميًا ضمن أفضل الجامعات فقط للمنح الدراسية الحكومية.
وفي سبتمبر (أيلول)الماضي، تم توقيع اتفاقية منح دراسية ثنائية لأول مرة بين إيران والعراق، تتضمن تبادل منح دراسية حكومية، حيث التزم الجانب العراقي باستقبال 100 طالب إيراني في أفضل الجامعات العراقية.
بالإضافة إلى منح الحكومة العراقية، تقدم بعض المؤسسات الإيرانية (جامعية وغير جامعية) منحًا أو تخفيضات للطلاب العراقيين، لكنها تشكل أقل من 5 بالمائة من الإحصاءات الإجمالية، إلا أنها مهمة من الناحية السياسية والثقافية.
وتتركز هذه المنح الإيرانية بشكل رئيسي في المؤسسات المرتبطة بالنظام الإيراني والجماعات الحليفة له في العراق.
ومنذ 2020–2021، بدأ الحشد الشعبي العراقي والمؤسسات المرتبطة به إرسال أعضائه وذويهم لإكمال دراستهم في إيران، حيث تتكفل إيران جزئيًا بتمويل هذه المنح.
ووفقًا لتقارير "واشنطن بوست"، أُنشئت قبل عقد من الزمن إدارة باسم "تدريب قوات الحشد الشعبي" لتكريم العراقيين الذين تركوا وظائفهم "لدعم الحشد الشعبي في مكافحة داعش"، وتشمل هذه الإدارة أيضًا الطلاب السابقين الذين تركوا تعليمهم للانضمام للحشد، والمقاتلين الحاليين، وعائلات القتلى، وتعمل كأداة لنشر النفوذ الإيديولوجي للنظام الإيراني.
ويشمل اختيار هؤلاء الطلاب، بالإضافة إلى الكفاءة العلمية، مقابلات إيديولوجية واختبارات ولاء لضمان التزام الطالب بما يسمى "أهداف محور المقاومة".
وفي عام 2020، أعلنت إدارة التدريب بالحشد عن توفير 500 منحة دراسية مجانية لأسر قتلى الحشد للدراسة في البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، ممولة بالكامل من إيران.
وفي أغسطس (آب) 2022، أعلن محمد مقیمي، رئيس جامعة طهران حينها، عن زيادة قبول أعضاء الحشد الشعبي في الجامعة، موضحًا أنهم يدرسون في مجال "الإدارة".
وتغطي هذه المنح غالبًا تخصصات العلوم الإنسانية والعلوم الأساسية، بما في ذلك الرسوم الدراسية كاملة ونفقات الدراسة.
كما أن جامعة المصطفى العالمية في قم، المختصة بتعليم طلاب غير إيرانيين، تلعب دورًا غير مباشر في دعم الطلاب العراقيين، خصوصًا في الدراسات الإسلامية، من خلال تقديم مساعدات مالية.
حجم المنح الدراسية والدعم المالي
تختلف القيمة المالية للمنح حسب نوعها (عراقية أو إيرانية) والمستوى الدراسي، لكنها تشمل في كل الأحوال الإعفاء من الرسوم الجامعية وفي بعض الحالات دعمًا جزئيًا لتكاليف المعيشة.
وللفهم التقريبي، يدفع الطلاب العراقيون في مرحلة البكالوريوس حوالي 1200 يورو لكل فصل دراسي في الجامعات الإيرانية، وفقًا لما صرح به رئيس جامعة طهران في أغسطس (آب) 2024.
وبحسب رسوم جامعة فردوسي مشهد لعام 2023–2024، فإن رسوم الطلاب الدوليين غير الحاصلين على منحة تتراوح في البكالوريوس من 600 إلى 1100 يورو للفصول الإنسانية، ومن 1000 إلى 1500 يورو للفصول الهندسية والعلوم الأساسية والطبية لكل فصل.
وفي الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه)، تتراوح رسوم العلوم الإنسانية بين 900 و1400 يورو، والبقية بين 1300 و1800 يورو لكل نصف سنة دراسية.
وتغطي هذه الرسوم الدراسة فقط، بينما السكن والطعام والمصروفات الأخرى منفصلة.
وبناءً على ذلك، يمكن أن تغطي منحة كاملة للطالب العراقي من 2 إلى 3 آلاف يورو سنويًا من الرسوم الجامعية، وقد تصل لمبالغ أكبر للطلاب في مجال الطب.
الارتباط بالمؤسسات العسكرية والسياسية
يعد أحد الجوانب الحساسة لدراسة الطلاب العراقيين في إيران، هو السياسات والخطط التي ترسل الطلاب عبر مؤسسات سياسية وعسكرية في كلا البلدين، خصوصًا دور الحشد الشعبي العراقي والمؤسسات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
وتشير الأدلة إلى أن بعض الطلاب العراقيين في السنوات الأخيرة كانوا أعضاء أو مرتبطين بجماعات شبه عسكرية، وتم قبولهم في الجامعات الإيرانية بموجب تفاهمات خاصة، أبرزها الاتفاق الرسمي بين جامعة طهران والحشد الشعبي العراقي عام 2023.
وفي يوليو (تموز) 2023، وافقت جامعة طهران على طلب الحشد لمنح فرص دراسية لأعضاء الحشد، حيث يمكنهم الدراسة في بعض التخصصات دون اجتياز اختبار القبول المعتاد.
ومع ذلك، أثار هذا الاتفاق جدلًا كبيرًا، واعترضت بعض جمعيات طلاب جامعة طهران على هذه الخطوة، معتبرين أنها تسعى لتسليح الجامعات، ويمثل دخول عناصر عسكرية إلى الجامعة تهديدًا لاستقلالية التعليم الأكاديمي وزيادة احتمال مشاركتهم في قمع الحركات الطلابية.
وجهة نظر الإعلام والمصادر العراقية
ووفق صحفيين ومحللين عراقيين، يمكن أن تؤثر الدراسة الطويلة في إيران على الطلاب، وتضعهم تحت تأثير القوة الناعمة للنظام الإيراني من حيث الثقافة والسياسة والدين.
وقد وصف تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط" هذه السياسة بأنها ذات "دوافع إيديولوجية وسياسية" لإيران.
بعد احتجاجات عام 2019 في العراق، التي شملت معارضة نفوذ إيران، أصبح المعارضون العراقيون أكثر يقظة وحذرًا تجاه هذه السياسات، معتبرين أن وزارة التعليم العالي، تحت إدارة شخصية مقربة من إيران (الوزير الحالي نعيم العبودي من عصائب أهل الحق)، قد تنفذ ما يشبه "ثورة ثقافية عكسية" لتعزيز النفوذ الإيراني في العراق.
ويرى هؤلاء المعارضون أن إرسال آلاف الطلاب إلى إيران ودخول عناصر شبه عسكرية للجامعات يشكل جزءًا من "مشروع ولاية الفقيه" لاستهداف عقول الشباب العراقي.