إيران وروسيا والصين: القرار 2231 انتهى.. و"آلية الزناد" غير قانونية

أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني، كاظم غريب آبادي، إرسال رسالة مشتركة من إيران وروسيا والصين إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي.

أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني، كاظم غريب آبادي، إرسال رسالة مشتركة من إيران وروسيا والصين إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي.
وقال غريب آبادي إن هذه الرسالة، أكدت أن تفعيل "آلية الزناد" غير قانوني، وشددت على أن القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن قد انتهى في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
وأضاف أن هذه الرسالة جاءت بعد رسالة سابقة مشتركة من الدول الثلاث إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، أعلنت فيها رسميًا انتهاء العمل بالقرار 2231 في التاريخ نفسه. وقد أرسل سفراء وممثلو إيران وروسيا والصين الدائمون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية الرسالة الجديدة إلى غروسي.
وبحسب غريب آبادي، فقد اعتبرت الرسالة أن إجراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا بإعادة تفعيل "آلية الزناد"، ومِن ثمّ إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، هو إجراء غير قانوني.
وتجدر الإشارة إلى أن إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران جاءت بعد أن فعّلت دول "الترويكا" الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) آلية الزناد المنصوص عليها في الاتفاق النووي السابق.
وأضاف غريب آبادي أن إيران وروسيا والصين أشارت في رسالتها إلى ما وصفته بأنه نهاية تقارير المدير العام للوكالة حول التحقق والرقابة على الأنشطة النووية الإيرانية.
وفي وقت سابق، كان وزير الخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، قد اعتبر تفعيل "آلية الزناد" من قِبل الدول الأوروبية الثلاث غير شرعي، وهدد بأن إيران ستنهي تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذا أُعيدت عقوبات مجلس الأمن.
ومن جهته، أكد المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، في مقابلة مع شبكة "بي بي سي" البريطانية، في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، أن التزامات إيران تجاه الوكالة دائمة وتتجاوز مسألة "آلية الزناد".
وحذر غروسي قائلاً إنه إذا منعت طهران عمليات التفتيش، فستنشأ أزمة جديدة وأكبر.
وأوضح أن لإيران التزامات محددة في إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وهذه الالتزامات تفوق موضوع إعادة تفعيل العقوبات.
وقد هدد مسؤولون إيرانيون في السابق بأنه في حال إعادة العقوبات، ستقوم طهران بتقليص مستوى تعاونها مع الوكالة وفرض قيود أكبر على عمليات التفتيش.
وتؤكد إيران حتى الآن أنها لم تسعَ إلى تصنيع قنبلة نووية، غير أن غروسي صرح، في مقابلة مع صحيفة "نويه تسورشر تسايتونغ" السويسرية يوم الأحد 19 أكتوبر الجاري، بأن القلق بشأن احتمال حصول إيران على مثل هذا السلاح "لم يُزل بالكامل".
كما أعرب غروسي عن دعمه لـ"حل سلمي للنزاع النووي مع إيران"، قائلاً: "إن الجلوس إلى طاولة الحوار يمكن أن يجنّبنا جولة جديدة من القصف والهجمات".
واعتبر غروسي تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التي تحدث فيها عن إمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي مع طهران، بأنها "إشارة مشجعة".

في خطاب حادّ اللهجة، وجّه أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، انتقادات لاذعة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مشبّهًا إياه بهتلر، كما وصفه بأنه "مجرد تاجر" نظم قمّة السلام الخاصة بغزة، التي "سُرّت طهران" بعدم حضورها.
جاء ذلك خلال حضور لاريجاني مراسم إحياء ذكرى أحد القادة الإيرانيين القتلى، في طهران، يوم الخميس 23 أكتوبر (تشرين الأول).
وجاءت تصريحات لاريجاني النارية، وهو أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني، علي خامنئي، خلال كلمة ألقاها في مناسبة إحياء ذكرى أحد القادة الإيرانيين، الذين قُتلوا في الحرب الأهلية السورية عام 2015.
ويُعدّ هذا التصعيد في الخطاب من أشدّ التصريحات التي صدرت عن مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى، في الأشهر الأخيرة، رغم انتهاء الهجمات الأميركية- الإسرائيلية التي انطلقت اندلعت في يونيو (حزيران) الماضي.
وتأتي هذه التصريحات بعد أيام من خطاب للمرشد الإيراني، علي خامنئي، وجّه فيه كلامه مباشرة إلى ترامب قائلاً له إن عليه أن "يواصل أحلامه" بشأن "هراء" تدمير البرنامج النووي الإيراني، في إشارة إلى تصلّب الموقف الإيراني تجاه "العدو الأول"، كما يسميه.
وقال لاريجاني في خطابه: "القول إنك تريد تحقيق السلام من خلال القوة أمر غريب، لأن هتلر قال الشيء نفسه"، في إشارة إلى تصريح ترامب بأن "السلام يتحقق عبر القوة".
وانتقد لاريجاني القمّة، التي عُقدت في منتجع شرم الشيخ المصري في 13 أكتوبر الجاري؛ لإبرام اتفاق وقف إطلاق نار بوساطة أميركية في غزة، واصفًا إياها بأنها "عرض ترامب"، مضيفًا أن الرئيس الأميركي "وصل متأخرًا، وتحدث وحده، ولم يسمح لأحد بالكلام، بل سخر من رؤساء الدول الحاضرين".
وكان ترامب قد وجّه دعوة لإيران للمشاركة في القمة، وأثار الدهشة بخطابه أمام "الكنيست" الإسرائيلي في اليوم نفسه، حين قال إن واشنطن تأمل في "دمج طهران" ضمن إطار أوسع لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
وردّت طهران بحدة على تصريحات ترامب وحلفائه الإسرائيليين، ووصفتها بأنها غير قانونية، مؤكدة أن أنشطتها النووية "سلمية"، ومعربة عن أسفها لأن الحملة العسكرية على غزة بدأت بينما كانت واشنطن وطهران تخوضان محادثات غير مباشرة.
وقال لاريجاني إن القمة "كانت سطحية وضيّقة التمثيل، ولم يكن فيها مكان لإيران الثورية".
ولم يسلم أيضًا تعامل ترامب مع الدول العربية الغنية من انتقادات لاريجاني، السياسي المخضرم الذي يعدّ من أكثر الشخصيات نفوذًا في مؤسسات الأمن والسياسة الإيرانية المعقّدة، إذ قال إن "ترامب مجرد رجل أعمال".
وقد عُيّن لاريجاني أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني عقب انتهاء حرب الـ 12 يومًا مع إسرائيل، وهو الممثل الشخصي لخامنئي في هذا المجلس الحيوي.
وخلال الأشهر الماضية، تجنّب كبار المسؤولين الإيرانيين انتقاد ترامب مباشرة أو التعليق على علاقات الولايات المتحدة بجيران إيران العرب، في ظل مساعي طهران للتقارب مع هؤلاء الجيران وموازنة خطواتها تجاه الحوار مع الغرب.
ولا تزال الأزمة حول الأنشطة النووية الإيرانية تراوح مكانها رغم حرب يونيو، فيما تزداد الخلافات منذ أن فعّلت الدول الأوروبية الشهر الماضي 'آلية الزناد"، والتي أعادت فرض العقوبات الأممية على طهران.
وتسعى الدول الغربية إلى استئناف المحادثات بين واشنطن وطهران، واستئناف عمليات التفتيش التي يجريها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بينما ترفض إيران ما تصفه بـ "شروط واشنطن"، التي تتضمن كبح برنامجها الصاروخي ووقف دعمها لحلفائها المسلحين في الشرق الأوسط.

قال وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصيرزاده، إن بلاده تسعى إلى تعميق التعاون العسكري مع بيلاروسيا، في ظل العقوبات الغربية المشددة المفروضة على كلتا الدولتين.
وأوضح نصيرزاده، يوم الخميس 23 أكتوبر (تشرين الأول)، خلال لقائه رئيس الهيئة الحكومية البيلاروسية للتعاون العسكري الصناعي، ديميتري بانتوس، الذي يزور طهران، أن "إيران ترحب بتوسيع التعاون الدفاعي والصناعي مع الدول الصديقة والمستقلة، وتحتل بيلاروسيا مكانة خاصة في هذا الشراكة"، بحسب ما نقلته وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية.
وتواجه كل من إيران وبيلاروسيا عقوبات اقتصادية وعسكرية قاسية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الأمر الذي دفعهما إلى تعزيز تعاونهما مع روسيا في المجالين الاقتصادي والعسكري. ومع ذلك، تشير تقارير إلى أن أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة التي زودت بها موسكو حلفاءها قد دُمرت في هجمات إسرائيلية العام الماضي.
وقد زوّدت طهران موسكو بطائرات مسيّرة وذخائر لاستخدامها في غزو أوكرانيا، فيما سمحت بيلاروسيا للقوات الروسية باستخدام أراضيها كمنصة لانطلاق الهجمات، واستضافت جنودًا من روسيا على أراضيها.
وترى الحكومتان الإيرانية والبيلاروسية أن تعزيز التنسيق مع روسيا يشكّل توازنًا في مواجهة الضغوط الغربية المتزايدة. وتربط مينسك وموسكو منذ عام 1999 علاقة اتحادية ضمن ما يُعرف بـ "دولة الاتحاد" فوق القومية.
عقوبات أميركية مشددة
تفرض الولايات المتحدة عقوبات واسعة على بيلاروسيا، تشمل حظر التعاملات مع مؤسسات حكومية رئيسة مثل وزارة المالية والبنك التنموي، إضافة إلى قيود على الصادرات وإعادة التصدير.
أما إيران، فما زالت تخضع لعقوبات أميركية شاملة تستهدف قطاعات الطاقة والمال والدفاع، بسبب أنشطتها النووية ونقلها الأسلحة إلى روسيا.
وفي أعقاب الحرب التي اندلعت مع إسرائيل في يونيو (حزيران) الماضي واستئناف العقوبات الأممية، في شهر سبتمبر (أيلول) المنقضي، تسعى طهران إلى إعادة بناء اقتصادها وتعزيز جاهزيتها العسكرية.
ودعت الدول الغربية إيران إلى استئناف الدبلوماسية مع واشنطن والسماح مجددًا بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى منشآتها النووية.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الأسبوع الماضي، إن بلاده ستواصل مساعدة إيران في تلبية احتياجاتها العسكرية، رغم العقوبات الدولية الجديدة التي فرضها الأوروبيون، والتي قيّدت بشدة التجارة مع طهران.
وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية، وتصف الهجمات التي تعرضت لها في يونيو الماضي بأنها "غير قانونية"، مؤكدة أن مطالب الولايات المتحدة بالحد من قدراتها الدفاعية "مرفوضة تمامًا".

أفادت مصادر مطلعة بتسريب قاعدة بيانات شاملة تحتوي على المعلومات الشخصية لطلاب أكاديمية "راوين"، وهي معهد تدريبي سري تابع لوزارة الاستخبارات الإيرانية، كانت قناة "إيران إنترناشيونال" قد كشفت سابقًا هوية أعضائه.
وتعد أكاديمية "راوين"، حسب وصف وزارة الخزانة الأميركية واجهة تجارية تُستخدم لتجنيد وتدريب عناصر تحت الإشراف المباشر لوزارة الاستخبارات الإيرانية، وتقوم- وفقًا للوثائق المنشورة- بتدريب أفراد في مجال الأمن السيبراني، ثم اختيار بعضهم لتوظيفهم في وزارة الاستخبارات.
جاء هذا التسريب قبل أيام قليلة من انعقاد الحدث السنوي المسمّى "أولمبياد التكنولوجيا" التابع للأكاديمية، والذي كان مقررًا عقده من26 إلى 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 في "حديقة تكنولوجيا برديس" بطهران.
وأعلنت الأكاديمية، التي تقدّم نفسها كمؤسسة لتعليم الأمن السيبراني، في بيانٍ ليلي نُشر على قناتها في "تلغرام"، اعترافها بتعرض أحد أنظمتها الإلكترونية لهجوم سيبراني أدى إلى تسرب بيانات بعض المتدربين، بما في ذلك أسماء المستخدمين وأرقام هواتفهم.
وجاء في البيان أن هذا النظام المُستهدف كان مستضافًا خارج شبكة الأكاديمية الداخلية، وأن الحادث وقع بهدف الإضرار بسمعة الأكاديمية والتشويش على مكانة "أولمبياد التكنولوجيا".
وادّعت الأكاديمية أن جزءًا كبيرًا من الأسماء المنشورة "غير حقيقي"، لكنها في الوقت نفسه قدّمت اعتذارًا للمستخدمين الذين تسرّبت بياناتهم.
المعهد السري لوزارة الاستخبارات لتخريج قراصنة إلكترونيين تابعين للنظام
تُعرّف وزارة الخزانة الأميركية "أكاديمية راوين" بأنها واجهة تجارية تُستخدم لتجنيد وتدريب عناصر لصالح وزارة الاستخبارات الإيرانية. ووفقًا للوثائق المنشورة، تُدرّب الأكاديمية الأفراد في مجال الأمن السيبراني، ثم تختار من بينهم عناصر يتم توظيفهم داخل الوزارة.
وكما كشفت قناة "إيران إنترناشيونال" سابقًا، فقد أُسست الأكاديمية في فبراير (شباط) 2020 على يد عضوين شابين في وزارة الاستخبارات، هما مجتبى مصطفوي وفرزين كريمي مزلقانجاي، لتكون غطاءً لإدارة وتوجيه مجموعات القرصنة التابعة للنظام.
وجاء في بيان وزارة الخزانة الأميركية أن مصطفوي وكريمي أسّسا شركة "أكاديمية راوين" تحديدًا لأغراض التوظيف لصالح وزارة الاستخبارات.
ويقع مكتب الأكاديمية في وسط طهران، في شارع مطهري، شارع سليمان خاطر، بين زقاقي مسجد وغروس، رقم 105.
من "مادي واتر" إلى "دارك بِت"
تكشف التقارير الاستخباراتية عن وجود ترابط عملي بين البيئة التدريبية للأكاديمية وعمليات القرصنة النشطة التي تنفذها الوزارة.
كما وثّقت شركة "PwC" وجود تزامنٍ بين المواد التعليمية التي تقدمها "أكاديمية راوين" حول ثغرات محددة وبين استغلال نفس الثغرات لاحقًا في عمليات قرصنة نفذتها مجموعة "ماديواتر".
وفي تقرير سابق لـ"إيران إنترناشيونال" في يونيو (حزيران) 2024، تم التأكيد على أن مجموعة "مادي واتر" تعمل مباشرة لصالح وزارة الاستخبارات، وتشن هجمات سيبرانية على عدد كبير من الدول، من بينها إسرائيل، السعودية، إيطاليا، الإمارات، مصر، الجزائر، بل وحتى دول صديقة للنظام الإيراني مثل روسيا، العراق، تركيا، وباكستان.
وفي أكتوبر 2024، كشفت "إيران إنترناشيونال" أيضًا هوية رئيس مجموعة القرصنة "دارك بِت" التابعة لـ"مادي واتر"، وهو حسين فرد سياهبوش المعروف بالاسم المستعار "بارسا صرافیان"، ويُعد أحد مديري "أكاديمية راوين".
ما الذي تحتويه قاعدة البيانات المسرّبة؟
قام الباحث الأمني الإيراني المقيم في بريطانيا نريمان غريب بنشر قاعدة البيانات المسرّبة على شكل موقع إلكتروني متاح للعموم.
تتضمن القاعدة الرقم التعريفي لكل فرد داخل أنظمة الأكاديمية، أرقام الهواتف، الأسماء الكاملة، والدورات التدريبية التي شارك فيها كل طالب.
ويرى غريب أن الهدف من هذا النشر هو رفع الوعي العام وتحذير الأفراد من الانخراط في مؤسسات مثل "أكاديمية راوين" أو غيرها من الكيانات المرتبطة بوزارة الاستخبارات والهيئات الإيرانية الخاضعة للعقوبات الدولية.
وأضاف أن هذه المؤسسات تستقطب الطلبة والمتدربين تحت غطاء التدريب وتنمية المهارات، لكنها في الواقع تستغل معارفهم لتنفيذ هجمات إلكترونية ضد دول غربية وبنى تحتية حساسة وحتى ضد الشعب الإيراني نفسه.
وأشار إلى أن المشاركة في مثل هذه البرامج يمكن أن تؤدي إلى التعرض لعقوبات دولية أو ملاحقات قانونية جنائية أو تدمير السمعة المهنية بشكل دائم.
هذه التسريبات، بحسب المراقبين، تكشف أن "أكاديمية راوين" تعمل كجزء أساسي من البنية التحتية لعمليات التجسس الإلكتروني التابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية، حيث يُنقل المتفوقون في برامجها مباشرة إلى الحملات السيبرانية الموجهة ضد حكومات أجنبية، منظمات دولية، وأهداف داخل إيران.
ردود فعل غاضبة من المستخدمين
واجه البيان المنشور في قناة الأكاديمية على "تلغرام" موجة من الغضب والسخرية من المستخدمين. وسأل العديد من المعلقين الأكاديمية التي تقدم نفسها كجهة متخصصة في الأمن السيبراني: "كيف لم تتمكن من حماية بيانات طلابها وأنظمتها الخاصة؟".
ويرى محللون أن هذا الفشل يمثل ضربة قاسية لمصداقية الأكاديمية، ويُظهر مفارقة واضحة بين ادعاءاتها حول الخبرة الأمنية وواقعها العملي، كما أنه فضح العديد من الأفراد الذين كانوا يظنون أنهم مسجلون في برامج تدريبية مشروعة.
خلفية العقوبات الدولية
تخضع "أكاديمية راوين" ومؤسسوها حاليًا لعقوبات صادرة عن وزارة الخزانة الأميركية والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، في ضوء اعتراف رسمي بدورها في دعم العمليات الاستخباراتية للنظام الإيراني.
ويُظهر نشر قاعدة البيانات المسرّبة أسماء الأفراد الذين اختاروا الالتحاق بمؤسسة مصنّفة ضمن الكيانات الداعمة للأنشطة التجسسية الإيرانية، مما يتيح أدلة جديدة للمنظمات الحقوقية والصحافيين حول آلية التجنيد التابعة لوزارة الاستخبارات.

قال وزير الخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، اليوم الأربعاء، إنّ بلاده لن تعود إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة ما لم تتخلَّ واشنطن عمّا وصفه بـ"المطالب غير المعقولة والمفرطة".
وأوضح عراقجي، خلال مؤتمر صحافي في مدينة مشهد شمال شرقي البلاد، أنّ إيران ما زالت متمسكة بالدبلوماسية، لكنها لن تساوم على "حقوقها الوطنية"، مضيفًا أنّ خمس جولات من المباحثات غير المباشرة مع واشنطن جرت قبل اندلاع النزاع الذي استمر 12 يومًا في يونيو، وشهد ضربات أميركية وإسرائيلية استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، وأنّ المحادثات اللاحقة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فشلت أيضًا بسبب المطالب الأميركية.
وقال عراقجي: "هذا العام، وبعد خمس جولات من المفاوضات، انضمت الولايات المتحدة إلى الهجوم العسكري الإسرائيلي ضد إيران. وبعد ذلك، في نيويورك، كانت هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق معقول ومفيد للطرفين، لكن مرة أخرى فشلت المحادثات بسبب المطالب المفرطة لأميركا."
وأضاف: "طالما استمر الأميركيون في سياسة التوسع وتقديم مطالب غير منطقية، فإننا لن نعود إلى طاولة المفاوضات."
وتابع: "إيران أظهرت دائمًا أنها تؤمن بالسلام والدبلوماسية. وفي كل موضع يمكن فيه تأمين مصالح البلاد عبر الحوار، لن نتردد في ذلك. لكن الطرف الآخر أثبت مرارًا أنه لا يلتزم بالدبلوماسية."
وجاءت تصريحات عراقجي لدى وصوله إلى مشهد للمشاركة في مؤتمر دبلوماسي إقليمي يستمر يومين، بمشاركة مسؤولين حكوميين كبار ورجال أعمال وسفراء من دول الجوار والدول الآسيوية.
وفي وقت سابق من اليوم نفسه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إنّ على إيران أن تعتمد في آن واحد على قدراتها الصاروخية وعلى الدبلوماسية من أجل حماية مصالحها الوطنية.
وقال بقائي في تصريحات له في مشهد: "يجب أن نستخدم كل الأدوات لحماية حقوق البلاد، سواء من خلال الصواريخ أو عبر الدبلوماسية والتفاوض."
ويأتي انهيار المفاوضات بعد أشهر من تصاعد التوتر بشأن البرامج النووية والصاروخية الإيرانية، بعد إعادة فرض العقوبات الأممية بموجب آلية "العودة التلقائية" المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015.

ذكرت وكالة "رويترز" في تقرير جديد أن إيران تواجه خطر الانهيار الاقتصادي بعد عودة العقوبات الأممية، محذّرة من احتمال دخول البلاد في مرحلة تضخم مفرط مقترن بركود حاد، وهو وضع يهدد معيشة المواطنين واستقرار النظام السياسي.
وقال ثلاثة مسؤولين كبار في النظام الإيراني، طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، إن طهران تعتقد أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين وإسرائيل يسعون، من خلال تشديد العقوبات، إلى تأجيج الاضطرابات الداخلية وتعريض بقاء النظام للخطر.
وبحسب التقرير فقد أوضحت "رويترز" أن عدة اجتماعات طارئة عُقدت في طهران بعد تفعيل آلية الزناد يوم 28 سبتمبر (أيلول) 2025، والتي أعادت تلقائياً عقوبات مجلس الأمن، وذلك بهدف منع الانهيار الاقتصادي، والبحث عن طرق للالتفاف على العقوبات، واحتواء الغضب الشعبي.
وقال أحد المسؤولين الإيرانيين للوكالة: "القيادة تدرك أن الاحتجاجات قادمة لا محالة، المسألة مسألة وقت فقط. المشكلة تكبر يوماً بعد يوم، بينما خياراتنا تتناقص".
وفي حين لا يزال قادة النظام الإيراني متمسكين بسياسة ما يسمى "الاقتصاد المقاوم"، يحذر الخبراء من أن الاعتماد على الصين وروسيا وعدد قليل من دول المنطقة لن يكون كافياً لمنع انهيار اقتصاد بلد يبلغ عدد سكانه 92 مليون نسمة.
وقال أميد شكري، خبير الطاقة والباحث الزائر في جامعة جورج ميسون الأميركية، لـ"رويترز": "تأثير عقوبات مجلس الأمن سيكون شديداً ومتعدد الأوجه، وسيفاقم الأضرار البنيوية والمالية المزمنة في إيران. القطاع المصرفي والتجارة وصادرات النفط أصيبت بالشلل، فيما يتصاعد الضغط الاجتماعي والاقتصادي يوماً بعد يوم".
ورغم أن إيران تمكنت، منذ انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، من تجنّب الانهيار الكامل عبر بيع النفط للصين، إلا أن عودة العقوبات الأممية دفعت الاقتصاد مجدداً نحو منحدر خطر.
ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 1.7 في المائة عام 2025 وبنسبة 2.8 في المائة عام 2026، وهي أرقام أسوأ بكثير من توقعات النمو السابقة التي بلغت 0.7 في المائة في تقرير أبريل الماضي.
وقال مسؤول إيراني آخر لـ"رويترز": "العقوبات الجديدة يمكن أن توقف حتى مبيعات النفط إلى الصين. فإذا أرادت بكين تخفيف التوتر مع إدارة ترامب، فمن المرجح أن تقلل أو توقف شراء النفط الإيراني. كل انخفاض بدولار واحد في سعر النفط يعني خسارة نحو نصف مليار دولار من الإيرادات السنوية لإيران".
انهيار قيمة العملة الإيرانية وانفجار الأسعار
انهارت قيمة التومان الإيراني إلى 1,115,000 ريال مقابل الدولار الواحد (مقارنة بـ920,000 في أغسطس)، فيما يبلغ معدل التضخم الرسمي نحو 40 في المائة، في حين تؤكد مصادر مستقلة أن الرقم الحقيقي يتجاوز 50 في المائة.
وبحسب الإحصاءات الرسمية، ارتفعت أسعار عشرة سلع أساسية مثل اللحوم والأرز والدجاج بنسبة 51 في المائة خلال عام واحد، كما قفزت تكاليف السكن والخدمات البلدية بشكل حاد.
وقد بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من اللحم الأحمر نحو 12 دولاراً، وهو مبلغ أصبح خارج متناول العديد من العائلات.
روايات من الشارع: "نزداد فقراً كل يوم"
وفي السياق، قال عليرضا، موظف حكومي يبلغ من العمر 43 عاماً في طهران، لـ"رويترز": "أتقاضى حوالي 34 مليون تومان شهرياً (نحو 300 دولار). زوجتي بلا عمل بعدما أُغلقت شركتها. لدينا طفلان، ولا نستطيع دفع الإيجار أو مصاريف المدرسة. لا نعرف ماذا نفعل بعد الآن".
وقالت سيما، عاملة في مصنع بمدينة شيراز، وتبلغ 32 عاماً: "الأسعار ترتفع كل يوم. لم نتمكن منذ شهر من شراء اللحم للأطفال. العقوبات الجديدة تعني أن الأمور ستزداد سوءاً".
الخوف من انتفاضات جديدة
وأوضح مسؤول آخر في النظام الإيراني أن النخبة الحاكمة تخشى أكثر من أي وقت مضى تكرار الاحتجاجات الواسعة المشابهة لتلك التي شهدتها البلاد في أعوام 2017 و2019 و2022.
وأضاف أن الاعتماد على مبدأ "الاكتفاء الذاتي" لم يعد يقنع الشارع الإيراني، لأن الفساد البنيوي، واتساع الفجوة الطبقية، وسوء الإدارة العامة قضت على ما تبقى من ثقة لدى المواطنين.
وأشار إلى أن الأسواق والطبقة الوسطى وحتى موظفي الدولة يعانون من الضغوط الاقتصادية نفسها.
وقال تاجر فواكه للتصدير: "مع هذه العقوبات والخوف من الهجمات الإسرائيلية، لا أعلم إن كنت سأتمكن من التصدير الشهر المقبل. وكيف يُفترض أن أواصل عملي؟".
ويحذر الاقتصاديون من أن إيران على أعتاب مرحلة "ركود تضخمي"، أي الجمع بين الركود الاقتصادي والتضخم المفرط، وهي حالة قد تؤدي إلى انهيار العملة الوطنية، وإغلاق المصانع، واندلاع اضطرابات سياسية واسعة النطاق.
ويقول أميد شكري إن التنسيق بين الولايات المتحدة وأوروبا في تنفيذ العقوبات سيجعل التأثير الاقتصادي على طهران مدمّراً، بينما أي تراخٍ من واشنطن قد يمنح النظام الإيراني وقتاً إضافياً للالتفاف على القيود.
ويجمع كثير من المراقبين على أن النظام الإيراني، وفق مصادره الداخلية، يدرك أن انفجاراً اجتماعياً جديداً يقترب، لكن عجزه عن إصلاح الأوضاع الاقتصادية وتراجع خياراته الخارجية يجعلان المواجهة القادمة مسألة وقت لا أكثر.