وبدت السيدة مهدييف مرتبكة ومضطربة، أثناء شهادتها في جلسة محاكمة ابنها، يوم الجمعة 14 مارس (آذار)، إذ روت تفاصيل مكالمة فيديو أجراها عمروف معها ومع زوجها في وقت ما من عام 2022.
وقالت: "كان زوجي يصلي. تلقينا مكالمة، فغطيت رأسي. تبادلنا التحية، ثم قال: اسمي بولاد. أين ابنك؟ لقد أرسلته لإنجاز مهمة لي".
وأوضحت أن عمروف أخبرها بأن ابنها فشل في تنفيذ المهمة التي كلفه بها، مشيرًا إلى أن محاولة اغتيال مسيح علي نجاد لم تنجح. ونتيجة لهذا الفشل، قال عمروف للسيدة مهدييف إن ابنها "وضع العائلة بأكملها في مأزق".
يذكر أن مسيح علي نجاد عندما لاحظت أن خالد مهدييف كان يتجول حول منزلها في بروكلين، ويتلصص عبر نوافذها ويتابع تحركاتها، أبلغت عنه مكتب التحقيقات الفيدرالي، لأنه كان يطاردها ويراقب كل تحركاتها، بل نام في سيارته أمام منزلها لمدة يومين على الأقل.
تهديدات من عالم الجريمة المنظمة الروسية
بعد ساعات فقط من مكالمة عمروف، تلقت السيدة مهدييف مكالمة أخرى من رقم أميركي غير مألوف في الساعة الثالثة صباحًا. كان ابنها خالد على الخط، لكنها لم تكن تعلم أنه كان في السجن بالفعل.
وخلال شهادتها، قالت السيدة مهدييف، التي تحدثت بالأذرية من خلال مترجم: "هو (عمروف) من دمر حياتنا".
ولم تتوقف التهديدات عند هذا الحد، إذ شهدت السيدة مهدييف بأن أفرادًا من "المافيا" الروسية، التي كان ابنها ينتمي إليها- والمعروفة باسم "فور زاكاني" أو "اللصوص في القانون"- استمروا في مضايقتها وتهديد عائلتها.
وفرّت العائلة من العاصمة الأذربيجانية باكو إلى الريف، خوفًا على سلامتهم، لكن في النهاية، وبمساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي، تم نقلهم إلى الولايات المتحدة.
استجواب الدفاع
خلال الاستجواب المضاد، حاول محامو الدفاع الطعن في مصداقية شهادة السيدة مهدييف. وسألوها عما إذا كانت قدمت طلبًا للحصول على بطاقة "غرين كارد" الأميركية قبل وصولها إلى واشنطن، لكنها نفت ذلك، مؤكدة أن وجودها في الولايات المتحدة كان بسبب التهديدات التي تعرضت لها في أذربيجان.
وسألها الدفاع: "هل تتذكرين قولكِ لابنك خلال مكالمة هاتفية مسجلة في السجن بأنكِ ستسافرين إلى مقدونيا لدخول الولايات المتحدة؟".
فأجابت: "لا أتذكر ذلك".
كما كشف الدفاع أن الحكومة الأميركية قدمت دعمًا ماليًا لعائلة مهدييف، بما في ذلك توفير فرص عمل لزوجها وابنها الأكبر.
وأكدت السيدة مهدييف أنها كانت تعمل كمربية أطفال، لكنها اضطرت لترك وظيفتها لحضور المحاكمة، مما أدى إلى تراكم ديون عليها بقيمة 4000 دولار بسبب الأجور المدفوعة مقدمًا. وفي المجمل، تلقت الأسرة دعمًا حكوميًا بلغ 31 ألفًا و120 دولارًا.
من هي "فور زاكاني"؟
نشأت المافيا الروسية داخل معتقلات الاتحاد السوفياتي، وسرعان ما انتشرت عالميًا بعد انهياره، وتطورت منظمة "فور زاكاني" إلى شبكة إجرامية عابرة للحدود، تنشط في 15 دولة من الجمهوريات السوفياتية السابقة ودول أوروبا الشرقية.
وفي الأثناء، قدمت لويز إيزوبيل شيلي، الخبيرة في الإرهاب والفساد والجريمة العابرة للحدود، شهادتها كمختصة لصالح الادعاء العام يوم أمس الجمعة.
وقالت شيلي إن المافيا الروسية تنفذ عمليات اغتيال نيابة عن جهات حكومية، كما تنخرط في عمليات خطف وابتزاز وغسيل أموال.
وكانت شهادتها مهمة بالنسبة للادعاء، الذي يؤكد أن الحكومة الإيرانية كانت وراء مؤامرة القتل المأجور.
إيران واغتيال المعارضين
وفقًا لما ذكره مساعد المدعي العام الأميركي، جاكوب غوتويليغ، فإن مؤامرة اغتيال مسيح علي نجاد جاءت كجزء من حملة إيران لقمع منتقديها الأكثر نشاطًا.
ومع استمرار المحاكمة، تكشف الشهادات المروعة عن العلاقة المعقدة والخطيرة بين الجريمة المنظمة والدول، في شبكة تمتد من طهران إلى باكو وصولاً إلى شوارع نيويورك.