حياة خامنئي في يدَي ترامب ونتنياهو

أثارت الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى الولايات المتحدة ولقاؤه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، الكثير من التكهنات بشأن أهداف هذا اللقاء.
أثارت الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى الولايات المتحدة ولقاؤه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، الكثير من التكهنات بشأن أهداف هذا اللقاء.
يرى كثيرون أن هذا الاجتماع جاء لمناقشة نتائج الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران، واتخاذ قرار بشأن كيفية الاستمرار في التعامل معها؛ بما في ذلك احتمال اتخاذ قرار بقتل أو عدم قتل المرشد الإيراني علي خامنئي.
وكان يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، قد صرّح بوضوح عقب الهجوم الصاروخي الإيراني على مبنى سكني في إسرائيل قائلاً: "يجب أن لا يبقى خامنئي على قيد الحياة".
ولفهم الوضع الحالي بشكل أفضل، من المفيد النظر في سوابق الولايات المتحدة وإسرائيل في ملاحقة وتصفيات أعدائهما في الشرق الأوسط.
فبعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 التي قُتل فيها أكثر من ثلاثة آلاف أميركي، أعلنت أميركا أنها ستطارد قادة تنظيم القاعدة، بمن فيهم أسامة بن لادن، أينما كانوا. وقد أدى هذا الالتزام إلى مقتل بن لادن في عام 2011 في باكستان. ولاحقًا، قُتل أيمن الظواهري، خليفته، في كابول عام 2022 بضربة أميركية بطائرة مسيّرة، بينما كان يعتقد أنه في أمان تام.
كما اغتالت إسرائيل، بطلب من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، أبا محمد المصري، أحد القياديين البارزين في تنظيم القاعدة، على الأراضي الإيرانية. وهناك حالات أخرى، مثل مقتل ملا أختر منصور، زعيم طالبان، على الحدود بين إيران وأفغانستان، تمثّل نماذج على القدرات الاستخباراتية والعملياتية الأميركية والإسرائيلية في تصفية أعدائهما.
وفي السنوات الأخيرة، استهدفت إسرائيل العديد من القياديين البارزين في الجماعات التابعة للنظام الإيراني مثل حزب الله وحماس. من عماد مغنية وحسن نصرالله في حزب الله، إلى إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد الضيف في حماس، حيث قُتل معظمهم بعد سنوات من المطاردة.
وكان مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، على يد الولايات المتحدة، نقطة تحول في هذا المسار. فقد كان كثيرون يعتقدون أن أميركا لن تجرؤ على اغتيال شخصية بهذا الحجم، لكن قتله في بغداد أثبت خطأ هذه التقديرات. وفي العملية نفسها، قُتل أيضًا أبو مهدي المهندس، قائد الحشد الشعبي في العراق، وهو شخص كانت أميركا تطارده منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وعلى عكس طهران التي كررت مرارًا تهديداتها بالانتقام دون أن تتمكن من استهداف شخصيات أميركية مثل ترامب أو بومبيو أو بولتون، فقد نجحت أميركا وإسرائيل عمليًا في تصفية عدد من أعدائهما حتى في قلب طهران أو بيروت أو دمشق أو بغداد.
وفي الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يومًا، تمكّنت إسرائيل في ساعاتها الأولى من اغتيال عدد من القادة البارزين في الحرس الثوري. ويعتقد كثيرون أن الحرب بدأت فعليًا منذ لحظة تنفيذ تلك الاغتيالات.
في النهاية، ما تكشفه هذه السوابق هو أن مسألة تصفية زعماء مثل خامنئي تعتمد بالنسبة لأميركا وإسرائيل على القرار والإرادة السياسية أكثر مما تعتمد على القدرة العملياتية.
فعلى الصعيدين الاستخباراتي والعملياتي، أثبتت هاتان الدولتان مرارًا قدرتهما على ملاحقة وتصفيات أهدافهما، حتى بعد مرور عقود. بينما لم تستطع إيران، رغم ما تبديه من نوايا سياسية واضحة لتصفية شخصيات مثل ترامب أو نتنياهو، تحقيق أي من هذه التهديدات.
واليوم، إن قرر نتنياهو وترامب استهداف خامنئي، فحتى إن اختبأ في ملجأ، يبدو أن لديهما الأدوات والقدرات اللازمة لتنفيذ ذلك، سواء من الناحية الاستخباراتية أو العملياتية. ويبقى الأمر متوقفًا على صدور القرار النهائي فقط.